وزير الدفاع الألماني يسعى لإنشاء قوات «قادرة على الحرب»

جنود بالقرب من طائرة مسيرة تستخدمها قوات ألمانية ضمن مهمة لحلف شمال الأطلسي في بابراد بليتوانيا في 7 يونيو 2022 (رويترز)
جنود بالقرب من طائرة مسيرة تستخدمها قوات ألمانية ضمن مهمة لحلف شمال الأطلسي في بابراد بليتوانيا في 7 يونيو 2022 (رويترز)
TT

وزير الدفاع الألماني يسعى لإنشاء قوات «قادرة على الحرب»

جنود بالقرب من طائرة مسيرة تستخدمها قوات ألمانية ضمن مهمة لحلف شمال الأطلسي في بابراد بليتوانيا في 7 يونيو 2022 (رويترز)
جنود بالقرب من طائرة مسيرة تستخدمها قوات ألمانية ضمن مهمة لحلف شمال الأطلسي في بابراد بليتوانيا في 7 يونيو 2022 (رويترز)

أعلن وزير الدفاع الألماني، اليوم (الخميس)، عن خطة لإعادة تنظيم القيادة العسكرية للجيش الألماني كجزء من الجهود الرامية إلى جعل القوات المسلحة لأحد أكبر أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) «قادرة على الحرب»، حسبما أفادت وكالة «أسوشييتد برس».

وقرر المستشار أولاف شولتس زيادة كبيرة في الإنفاق العسكري بعد فترة وجيزة من الغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا في أوائل عام 2022، الذي وصفه بأنه «نقطة تحول». وتولى وزير الدفاع بوريس بيستوريوس العام الماضي مهمة إصلاح الجيش الألماني بعد سنوات من الإهمال، ودعا في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى إعادة النظر في هيكلية الجيش.

وأشار بيستوريوس إلى خطر وقوع هجوم روسي محتمل في المستقبل على إحدى دول الناتو. وقال مراراً وتكراراً إن الجيش الألماني يجب أن يصبح «قادراً على الحرب»، وهو اختيار للكلمات يجده البعض في ألمانيا متناقضاً نظراً لحالة الحذر العسكري الطويلة لهذا البلد بعد الحرب العالمية الثانية.

وقال بيستوريوس للصحافيين في برلين، تعليقاً على كلامه عن العمل لإنشاء جيش «قادر على الحرب»: «أنا مقتنع بأنها (عبارة «قادر على الحرب») إحدى الكلمات القليلة التي تصف بشكل صحيح الضرورة هنا». وأضاف: «أنا أحترم حقيقة أن الآخرين يجدون صعوبة في فهم هذه العبارة، ولكنني ألاحظ أيضاً أن معظم الذين لديهم مشكلة ليست لديهم مشكلة مع الجوهر الكامن وراءها».

وتتصور خطة وزير الدفاع الألماني الإصلاحية «قيادة عسكرية عملياتية» واحدة، التي يأمل أن تمكن من اتخاذ قرارات سريعة والقضاء على الازدواجية في اتخاذ القرارات.

ولدى الجيش الألماني حالياً مركزان للقيادة؛ أحدهما مسؤول عن تخطيط وإدارة عمليات الانتشار في الخارج، والآخر للدفاع عن ألمانيا نفسها. وسيتم توسيع قسم «الأمن الإلكتروني والمعلومات» الحالي، الذي تشمل مسؤولياته صد الهجمات السيبرانية، وحماية البنية التحتية الإلكترونية وتحليل التهديدات الهجينة مثل المعلومات المضللة، ليصبح القسم رسمياً ذراعاً رابعة للجيش إلى جانب الجيش (البري) والقوات الجوية والبحرية.

وفي معرض حديثه بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس حلف الناتو، أكد بيستوريوس على «التحدي المتمثل في إعادة ضبط الجيش الألماني لمواجهة التحدي الجديد والقديم، وهو الدفاع عن البلاد والتحالف».

في عام 2022، تعهد المستشار الألماني أولاف شولتس بزيادة الإنفاق الدفاعي الألماني إلى هدف الناتو للإنفاق الدفاعي المتمثل في 2 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة طالما فشلت ألمانيا في تحقيقها، إلى جانب كثير من البلدان الأخرى في التحالف التي فشلت هي أيضاً في بلوغ هذه النسبة من الإنفاق. وأنشأ شولتس عام 2022 صندوقاً خاصاً بقيمة 100 مليار يورو (108 مليارات دولار) لتحديث الجيش الألماني.

وقال وزير الدفاع الالماني بيستوريوس: «لدينا (إنفاق) 2 في المائة هذا العام، وسنبلغ هذا الرقم في السنوات المقبلة أيضاً... حتى نتمكن من الوفاء بمسؤوليتنا ودورنا في حلف شمال الأطلسي».

ولا تزال تفاصيل كيفية وصول ألمانيا إلى نسبة 2 في المائة (من الناتج المحلي للإنفاق الدفاعي) بمجرد استنفاد الصندوق العسكري الخاص، على الأرجح في عام 2027، غير واضحة. وعلى الرغم من التقدم الذي تم إحرازه فيما يتعلق بطلبات المعدات العسكرية الجديدة، فإن المفوض البرلماني للجيش الألماني قال الشهر الماضي إن الجيش الألماني «لا يزال لديه القليل جداً من كل شيء».


مقالات ذات صلة

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

العالم نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

عبر جعل التهديد النووي عادياً، وإعلانه اعتزامه تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، نجح بوتين في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية حول العالم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أوروبا صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب) play-circle 01:12

أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي بعد استهدافها بصاروخ باليستي روسي

أعلن الرئيس الأوكراني، الجمعة، أن بلاده تطلب من حلفائها الغربيين تزويدها بأنظمة حديثة للدفاع الجوي، بعدما استهدفتها روسيا، هذا الأسبوع، بصاروخ باليستي فرط صوتي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يأمر بـ«اختبارات» في الوضع القتالي للصاروخ «أوريشنيك»

أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإنتاج كمية كبيرة من الصاروخ الباليستي الجديد فرط الصوتي «أوريشنيك» ومواصلة اختباره في الأوضاع القتالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب) play-circle 00:58

ماذا نعرف عن الصاروخ «أوريشنيك» الذي أطلقته روسيا على أوكرانيا؟

أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، بإطلاق بلاده صاروخاً جديداً فرط صوتي على مصنع أوكراني. وهذا السلاح استخدمته روسيا للمرة الأولى.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (د.ب.أ)

زيلينسكي: الضربة الروسية بصاروخ جديد تمثل تصعيداً واضحاً

ذكر الرئيس الأوكراني، الخميس، أن الهجوم الروسي على أوكرانيا بنوع جديد من الصواريخ الباليستية يمثّل «تصعيدا واضحا وخطيرا» في الحرب، ودعا إلى إدانة عالمية قوية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

شولتس مرشح حزبه للانتخابات المبكرة في ألمانيا

أولاف شولتس يتحدث بعد اختياره مرشحاً للانتخابات المبكرة في برلين الاثنين (رويترز)
أولاف شولتس يتحدث بعد اختياره مرشحاً للانتخابات المبكرة في برلين الاثنين (رويترز)
TT

شولتس مرشح حزبه للانتخابات المبكرة في ألمانيا

أولاف شولتس يتحدث بعد اختياره مرشحاً للانتخابات المبكرة في برلين الاثنين (رويترز)
أولاف شولتس يتحدث بعد اختياره مرشحاً للانتخابات المبكرة في برلين الاثنين (رويترز)

اختار الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا رسمياً، الاثنين، المستشار أولاف شولتس مرشحاً له للانتخابات المبكرة المقررة في فبراير (شباط) على رغم تراجع شعبيته إلى مستويات غير مسبوقة بعد انهيار ائتلافه الحكومي.

وقال مصدر مقرب من الحزب اليساري الوسطي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن قيادته عبّرت «بالإجماع» عن تأييدها شولتس. وسيصادق أعضاء الحزب على الترشيح خلال مؤتمر في 11 يناير (كانون الثاني).

وكان شولتس (66 عاماً) قد أعلن رغبته في الترشح عن حزبه بعد انهيار ائتلافه الحكومي مع حزب الخضر والليبراليين في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني)، وواجه ضغوطاً داخل حزبه لترك منصبه لوزير الدفاع بوريس بيستوريوس الذي يتمتع بشعبية.

وزير الدفاع بوريس بيستوريوس الذي يتمتع بشعبية داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي (أ.ف.ب)

وقرر الاشتراكيون الديمقراطيون دعم أولاف شولتس رغم عدم تحسن حظوظ الحزب، الذي تظهر استطلاعات الرأي حصوله على نحو 15 في المائة فقط من نوايا التصويت.

وحصل ائتلاف الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي المعارض المحافظ على أكثر من ضعف هذه النسبة (33 في المائة)، كما يتقدم «حزب البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف على حزب شولتس حاصداً 18 في المائة من نوايا التصويت.

وكتبت مجلة «دير شبيغل» الألمانية أن أولاف شولتس هو «على الأرجح المرشح الأكثر ضعفاً وأقل شخصية مناسبة لتولي منصب المستشار رشحها الحزب الاشتراكي الديمقراطي على الإطلاق».

انهار الائتلاف الحكومي الألماني بزعامة شولتس، الذي تولى السلطة منذ نهاية عام 2021، بعد إقالة المستشار وزير المال الليبرالي كريستيان ليندنر إثر خلافات عميقة حول الميزانية والسياسة الاقتصادية التي يجب اتباعها، في خضم معاناة أكبر اقتصاد في أوروبا من أزمة صناعية.

«مستشار السلام»

ويكرر شولتس الهادئ الطباع قناعته بقيادة حزبه إلى النصر مرة أخرى، مذكراً بفوزه في انتخابات عام 2021 بخلاف كل التوقعات؛ إذ استفاد إلى حد كبير من انقسامات في المعسكر المحافظ.

المستشار أولاف شولتس ووزير الدفاع بوريس بيستوريوس بعد إعلان فوز الأول بترشيح الحزب ببرلين الاثنين (رويترز)

وتتمثل استراتيجيته هذه المرة، في تقديم نفسه على أنه رجل ضبط النفس في الدعم العسكري لأوكرانيا على أمل الاستفادة من النزعة إلى السلام المتجذرة لدى الألمان منذ الفظائع النازية، ومن أصوات المؤيدين لروسيا.

وأشار استطلاع حديث أجراه التلفزيون العام «آي آر دي» ARD، إلى أن 61 في المائة ممن شملهم يؤيدون قرار شولتس بعدم تزويد أوكرانيا بصواريخ «توروس» القادرة على ضرب عمق الأراضي الروسية.

ويتناقض هذا الموقف مع موقف حلفاء ألمانيا الرئيسين، الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.

وفي السياق نفسه، أثار الاتصال الهاتفي الذي أجراه شولتس مؤخراً مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الاستياء خصوصاً في كييف.

كما اتهمته المعارضة في ألمانيا، بالمساهمة في الـ«دعاية» الروسية وبالقيام بمناورة انتخابية تقدمه على أنه «مستشار السلام» قبل انتخابات خطيرة.

«خبرة كبيرة»

ولا يخفي المحافظون ارتياحهم لترشيح المستشار. وقال النائب ماتياس ميدلبرغ إن القرار «جيد بالنسبة لنا»، مضيفاً أن «بيستوريوس كان سيسبب إزعاجاً أكبر لائتلاف الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي» المعارض المحافظ.

لكن أظهر شولتس مرات عدة قدرته على تحدي التوقعات، وهو سياسي مخضرم شغل منصب رئيس بلدية مدينة هامبورغ (شمال)، ونائب المستشارة أنجيلا ميركل (2005 - 2021) في حكومتها الأخيرة متولياً حقيبة المال.

وفي 2021، فاز من خلال تقديم نفسه على أنه الوريث الحقيقي للمستشارة المحافظة.

وينوي هذه المرة أيضاً أن يطمئن الناخبين من خلال تجربته، في خضم سياق جيوسياسي عالمي متوتر وغارق في المجهول بعد انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة.

وشددت رئيسة الحزب الاشتراكي الديمقراطي ساسكيا إسكين في تصريحات للإذاعة البافارية، الاثنين، على أن شولتس يتمتع بـ«خبرة كبيرة جداً، وبقدرة على المناورة، لا سيما على المستوى الدولي».