موسكو تهاجم موقف واشنطن من عملية «كروكوس» وتعده «متحيزاً» وهدفه حماية كييف

محققون روس يدرسون طلباً للنظر في ضلوع الغرب في «تنظيم وتمويل وتنفيذ أعمال إرهابية» ضد روسيا

محققان روسيان داخل قاعة الحفلات الموسيقية المحترقة في ضاحية موسكو السبت (إ.ب.أ)
محققان روسيان داخل قاعة الحفلات الموسيقية المحترقة في ضاحية موسكو السبت (إ.ب.أ)
TT

موسكو تهاجم موقف واشنطن من عملية «كروكوس» وتعده «متحيزاً» وهدفه حماية كييف

محققان روسيان داخل قاعة الحفلات الموسيقية المحترقة في ضاحية موسكو السبت (إ.ب.أ)
محققان روسيان داخل قاعة الحفلات الموسيقية المحترقة في ضاحية موسكو السبت (إ.ب.أ)

يدرس محققون روس حكوميون طلباً من نواب برلمانيين بالتحقيق فيما سموه «تنظيم وتمويل وتنفيذ أعمال إرهابية» ضد روسيا من جانب الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، فيما أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن موسكو تعد أن الموقف الأميركي من التحقيقات في هجوم «كروكوس سيتي هول» الإرهابي «متحيز»، مشيرة إلى أن واشنطن تريد حماية كييف.

أعضاء الحكومة الروسية برئاسة رئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين يقفون حداداً على ضحايا «هجوم كروكوس» (رويترز)

وقالت زاخاروفا: «لقد كشفوا عن أنفسهم (تقصد الأميركيين) حيث بدأوا بالشجب ولم يدعوا إلى إجراء تحقيق، ولكنهم شرعوا في إبعاد الشبهات عن أوكرانيا. إن تحيزهم وتورطهم في هذا الأمر واضح»، وفق ما ذكرته وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء. وأضافت زاخاروفا: «لو لم تكن هناك شبهات، لكانت التصريحات الأولية (للجانب الأميركي) متعلقة بالحاجة إلى إجراء تحقيق وكشف الحقائق».

الدمار الذي لحق بصالة «كروكوس سيتي هول» للحفلات في موسكو بسبب الهجوم (إ.ب.أ)

وأعلنت لجنة التحقيق الروسية ارتفاع عدد الضحايا الذين عثر على جثثهم خلال فحص حطام مجمع «كروكوس سيتي هول» إلى 139 قتيلاً، فيما ذكرت رئيسة تحرير المجموعة الإعلامية «روسيا سيجودنيا» مارغريتا سيمونيان، كما نقلت عنها «رويترز»، أن عدد القتلى جراء الهجوم ارتفع إلى 143 شخصاً، فيما أعلنت وزارة الطوارئ الروسية أن عدد مصابي الهجوم بلغ 180 شخصاً.

وقال مدير جهاز الأمن الاتحادي الروسي الثلاثاء إنه يعتقد بضلوع أوكرانيا، إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا، في الهجوم. وكتب وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون على منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي إن «ادعاءات روسيا بشأن الغرب وأوكرانيا في الهجوم على قاعة مدينة كروكوس هي محض هراء». وأعلن «تنظيم داعش» مسؤوليته عن إطلاق النار في موسكو. كما تعد سلطات الأمن والخبراء الغربيون هذا ذا مصداقية، ويشتبهون في أن «تنظيم داعش - خراسان» من يقف وراء الهجوم. وقالت واشنطن وباريس إن لديهما معلومات استخباراتية تؤكد مسؤولية التنظيم عن الهجوم.

وسخر السفير الأوكراني لدى ألمانيا أوليكسي ماكييف، الأربعاء، من المزاعم الروسية بتورط بلاده في هجوم موسكو. وقال ماكييف: «نعم أستبعد هذا»، وذلك لإذاعة دويتشلاند فونك العامة صباح الأربعاء، مضيفاً أن هذه «مزاعم سخيفة». وتابع أن روسيا تحاول اتهام أوكرانيا بالإرهاب لصرف الانتباه عن الإرهاب الروسي.

ومن هنا جاءت تصريحات الرئيس الروسي التي أكد فيها أن روسيا تعرف جيداً المنفذين، ولكن ما يهمها هو من يقف وراء المنفذين، وأنها لن تتسرع في استخلاص الاستنتاجات، وسوف تنتظر التحقيقات للوقوف على المخطط الحقيقي للعملية الإرهابية.

رغم كل شيء كانت هناك تلميحات من روسيا بأنه لا يراودها أدنى شك في تورط جهات أوكرانية في الحادث، وذلك رغم إصرار الدول الغربية وإلحاحها في التأكيد على أن «تنظيم داعش» هو من يقف وراء هذه العملية، وهذا الإلحاح قد أدى إلى هفوات في تصريحات بعض المسؤولين، بما في ذلك المستشار السابق للرئيس الأوكراني ألكسي أريستوفيتش الذي خرج ليفند الشكوك الروسية، ولكنه في غضون ذلك صرح بأن عدد ضحايا المركز الترفيهي ربما يتناسب مع عدد الضحايا الذين يتساقطون كل يوم في أوكرانيا، وفي غضون ذلك استخدم عبارة «من قتلناهم في المركز يتناسب مع من تقتلهم روسيا كل يوم»، حتى وإن عاد ليصحح ما قاله بإضافة: «من قتلناهم أو لم نقتلهم أو من قتلوا».

جنديان روسيان يقومان بتأمين منطقة خارج محكمة مقاطعة باسماني في موسكو (أ.ف.ب)

ويقول مراقبون إن العملية الإرهابية ستلقي بلا شك بظلالها على النزاع الروسي - الأوكراني لفترة طويلة، ناهيك عن تأثيرها على الجهات التي تقدم الدعم بحماس للدولة الأوكرانية.

وعارض السفير الأوكراني ماكييف في المقابلة أيضاً التصريحات الصادرة عن زعيم الكتلة الاشتراكية الديمقراطية البرلمانية رولف موتزينيش بشأن «تجميد» الحرب. وحث ماكييف أيضاً على سرعة إيصال الأسلحة والذخيرة لبلاده. وأكد السفير على «أننا لسنا بحاجة إلى هذا غدا ولا بعد غد ولكن اليوم».

وتقول الوكالة الألمانية في تحليلها إن الحادث خلف كثيراً من التساؤلات التي تحوم حول ملابسات العملية، وملاحظات مهمة تتصل بالحادث سواء في مراحل سبقته وفي أثنائه وما بعده.

ومن أهم الملاحظات التي تتصل بهذه العملية هو أن المنفذين لم يحاولوا ارتداء أقنعة لحجب هويتهم، ذلك أنه رغم نجاحهم في تنفيذ العملية والهرب بكل سهولة، فإنه ساعد كشف وجوههم بطبيعة الحال الجهات الأمنية في روسيا في التعرف عليهم، والأمر الثاني هو اتجاههم للهرب من خلال الحدود مع أوكرانيا، وهو أمر صعب للغاية؛ نظرا لظروف الحرب ويقظة السلطات الروسية في هذه المناطق.

الملاحظة الأخرى والأكثر خطورة، هي أن المستهدف من هذه العملية كان هو المركز التجاري - الترفيهي «كروكوس»، وهو واحد من أهم المراكز الترفيهية في روسيا، وهو ما يعني أن هذا المركز يحظى بمستوى عال من التأمين، وبصفة خاصة أنه في وقت تنفيذ العملية كان هناك حفل غنائي مهم في هذا المركز، وهو ما يتطلب إجراءات أمنية إضافية، فكيف تمكن الإرهابيون من الدخول وتسريب الأسلحة والذخيرة وتنفيذ عمليتهم بكل أريحية، ثم تبديل ملابسهم والهرب دون أن يجدوا من يتصدون لهم بالشكل اللائق.

كل هذا يؤكد، كما تقول «وكالة الأنباء الألمانية» في تحليلها، أن هذه العملية لا تقتصر على الأربعة المنفذين، وإنما كان يعاونهم آخرون سواء من داخل المركز أو من خارجه، وهؤلاء المعاونون عددهم ليس بقليل، وربما مراكز عملهم ليست بسيطة.

صور للمشتبه بهم الأربعة في تنفيذ الهجوم نُشرت مع بدء محاكمتهم بموسكو (أ.ف.ب)

الملاحظة التالية تخص العناصر التي تم اختيارها لتنفيذ العملية، وهم أربعة من الطاجيك الذين تتراوح أعمارهم ما بين 19 و 33 عاماً، وجميعهم باستثناء الأصغر لديهم زوجات وأبناء، وبطبيعة الحال لديهم مشاكل مادية واجتماعية ومشاكل في الإقامة والعمل في روسيا، ناهيك عن الانتماء العقائدي، وكلها عناصر تجعل هؤلاء الأفراد تحت مجهر دوائر الأمن الروسية، ومع ذلك نجحت جهات في تجنيدهم وتدريبهم، والدفع بهم لتنفيذ العملية في غفلة من دوائر الأمن.


مقالات ذات صلة

أوستن: قوات كوريا الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك في الحرب «قريباً»

أوروبا وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (ا.ب)

أوستن: قوات كوريا الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك في الحرب «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، اليوم (السبت)، أن بلاده تتوقع أن الآلاف من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال ضد أوكرانيا

«الشرق الأوسط» (سيدني)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب) play-circle 01:12

أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي بعد استهدافها بصاروخ باليستي روسي

أعلن الرئيس الأوكراني، الجمعة، أن بلاده تطلب من حلفائها الغربيين تزويدها بأنظمة حديثة للدفاع الجوي، بعدما استهدفتها روسيا، هذا الأسبوع، بصاروخ باليستي فرط صوتي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يأمر بـ«اختبارات» في الوضع القتالي للصاروخ «أوريشنيك»

أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإنتاج كمية كبيرة من الصاروخ الباليستي الجديد فرط الصوتي «أوريشنيك» ومواصلة اختباره في الأوضاع القتالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

ماذا نعرف عن الصاروخ فرط الصوتي الروسي الذي أُطلق على أوكرانيا؟

أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، بإطلاق بلاده صاروخاً جديداً فرط صوتي على مصنع أوكراني. وهذا السلاح استخدمته روسيا للمرة الأولى.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

بوتين يأمر بـ«اختبارات» في الوضع القتالي للصاروخ «أوريشنيك»... وإنتاج كمية كبيرة منه

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
TT

بوتين يأمر بـ«اختبارات» في الوضع القتالي للصاروخ «أوريشنيك»... وإنتاج كمية كبيرة منه

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، بإنتاج كمية كبيرة من الصاروخ الباليستي الجديد فرط الصوتي «أوريشنيك» ومواصلة اختباره في الأوضاع القتالية، وذلك بعد استخدامه لضرب أوكرانيا.

وقال بوتين، خلال اجتماع مع مسؤولين عسكريين بث التلفزيون وقائعه: «سنواصل هذه الاختبارات، وخصوصاً في الأوضاع القتالية، بحسب تطور الوضع وطبيعة التهديدات التي تستهدف أمن روسيا».

وأطلقت روسيا صاروخاً باليستياً فرط صوتي على منطقة دنيبرو في وقت مبكر الخميس. وأمر بوتين بإنتاج الصاروخ الذي يحلق بسرعة 10 ماخ؛ أي 10 أضعاف سرعة الصوت، بشكل تسلسلي. وأضاف أن روسيا تطور أنظمة متقدمة مماثلة.

وتابع، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحن بحاجة إلى البدء بالإنتاج التسلسلي. القرار اتُّخذ فعلياً»، مشيداً بـ«القوة الخاصة لهذا السلاح».

وأضاف: «نظام الأسلحة الذي تم اختباره أمس هو ضمانة أخرى صادقة لوحدة أراضي روسيا وسيادتها».

وبحسب بوتين، فإنه لا يوجد دولة أخرى في العالم تملك تكنولوجيا صواريخ مماثلة. ولكنه أقر بأن دولاً أخرى ستطورها قريباً.

وتابع: «سيكون ذلك غداً، بعد عام، أو عامين. ولكن لدينا هذا النظام الآن. وهذا مهم».

وجاء اجتماعه المقرر مع وزير الدفاع والمسؤولين عن تطوير الصاروخ، في نهاية أسبوع شهد تصعيداً سريعاً للنزاع في أوكرانيا.

وأعلن الرئيس الروسي أن إطلاق الصاروخ «أوريشنيك» كان رداً مباشراً على استخدام قوات كييف للصواريخ التي زودتها بها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ضد الأراضي الروسية لأول مرة.