لماذا تدخّل حلف الناتو بحرب كوسوفو قبل 25 عاماً؟

نصب تذكاري مخصص لحلف شمال الأطلسي في بريزرن (أ.ف.ب)
نصب تذكاري مخصص لحلف شمال الأطلسي في بريزرن (أ.ف.ب)
TT

لماذا تدخّل حلف الناتو بحرب كوسوفو قبل 25 عاماً؟

نصب تذكاري مخصص لحلف شمال الأطلسي في بريزرن (أ.ف.ب)
نصب تذكاري مخصص لحلف شمال الأطلسي في بريزرن (أ.ف.ب)

في 24 مارس (آذار) 1999، أطلق حلف شمال الأطلسي (ناتو) حملة قصف جوي استمرت 11 أسبوعا على يوغوسلافيا سابقا لإجبارها على إنهاء حربها الدموية ضد الانفصاليين الألبان في كوسوفو.

وكانت هذه العملية أول تدخل عسكري لحلف شمال الأطلسي ضد دولة ذات سيادة خلال 50 عاما من تاريخ الناتو، وما زالت تشكّل مصدر استياء للصرب.

فيما يأتي عودة إلى الحملة التي قادتها الولايات المتحدة:

لِمَ قصف الناتو صربيا؟

كانت أوروبا ما زالت تحت تأثير تداعيات الصراعات التي عصفت بالجمهوريتين اليوغوسلافيتين السابقتين البوسنة وكرواتيا بين عامَي 1991 و1995، عندما أرسل الرئيس الصربي سلوبودان ميلوشيفيتش قوات إلى كوسوفو، المقاطعة الصربية ذات الأغلبية الألبانية، لسحق المتمردين المؤيدين للاستقلال مطلع العام 1998.

قدّم ميلوشيفيتش «جيش تحرير كوسوفو» على أنه منظمة إرهابية تسعى إلى طرد الصرب من مقاطعة يعتبرونها مهدا لعقيدتهم المسيحية الأرثوذكسية.

أودت حملته ضدهم بحياة نحو 13 ألف شخص، معظمهم من الألبان، وأدت إلى تشريد مئات آلاف الأشخاص، ما دفع الناتو إلى اتهامه بالتطهير العرقي.

بعد محادثات سلام فاشلة، أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي وقتها خافيير سولانا في 23 مارس 1999 أن الناتو «ليس لديه خيار... سوى القيام بعمل عسكري».

ماذا كان رد فعل العالم؟

رفضت روسيا والصين، حليفتا صربيا والعضوان الدائمان في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، التدخل العسكري الذي تم تنفيذه دون تفويض من الأمم المتحدة.

وقال الرئيس الروسي بوريس يلتسين عن عمليات القصف الجوي «من الناحية الأخلاقية، موقفنا الآن أفضل من أميركا».

في صربيا وجمهورية مونتينيغرو اليوغوسلافية السابقة التي استُهدفت أيضا بحملة القصف الجوي، اعتُبر الناتو المعتدي الرئيسي حتى من جانب معارضي ميلوشيفيتش.

وفي كل أنحاء أميركا اللاتينية وآسيا وأفريقيا والشرق الأوسط، كان لمنتقدي الإمبريالية الأوروبية والتدخل الأميركي رأي مماثل، ما أدى إلى اندلاع مظاهرات حاشدة مناهضة لحلف شمال الأطلسي.

وتساءل رئيس الوزراء الهندي أتال بيهاري فاجبايي «هل مهمة حلف شمال الأطلسي هي منع الحرب أم تأجيجها؟».

ماذا كانت الأهداف؟

بدأ القصف على العاصمة الصربية بلغراد وعاصمة كوسوفو بريشتينا ومدن وبلدات أخرى مساء 24 مارس.

وخلال حملة «القوة المتحالفة» التي استمرت 11 أسبوعا، نفّذ حلف شمال الأطلسي 38 ألف طلعة جوية و10 آلاف عملية قصف.

وبعد الانتهاء من الأهداف العسكرية والأهداف التابعة للنظام، تحول تركيز الناتو إلى البنى التحتية مثل محطات النفط والطاقة والطرق والسكك الحديدية.

واستهدفت واحدة من الضربات الجوية التي أثارت جدلا هيئة الإذاعة الصربية «آر تي إس» التابعة للدولة.

قُتل 16 موظفا في تلك الضربة الجوية التي برّرها الناتو بأن الإذاعة كانت جزءا من آلة ميلوشيفيتش الدعائية.

ماذا كان رد فعل ميلوشيفيتش؟

كان حلف شمال الأطلسي يأمل في أن تعيد بضعة أيام من القصف الجوي ميلوشيفيتش إلى طاولة المفاوضات.

وبدلا من ذلك، صعّد حملته ضد ألبان كوسوفو، ما أدى إلى تفاقم أزمة اللاجئين.

من جهة أخرى، تسببت أخطاء فادحة ارتكبها الناتو، مثل قصف السفارة الصينية في بلغراد بسبب خلل في الخرائط التي وفرتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) والذي خلف ثلاثة قتلى، والهجوم على قافلة لاجئين ألبان أسفر عن مقتل العشرات، إلى زيادة المعارضة العالمية للحملة.

كيف انتهت الحرب؟

بعد 78 يوما من القصف الجوي، استسلم ميلوشيفيتش بشكل غير متوقّع.

في 10 يونيو (حزيران) 1999، أمر قواته بالانسحاب من كوسوفو التي سيطر عليها عمليا المجتمع الدولي.

وما زالت حصيلة حملة القصف موضع خلاف حتى اليوم. أعلنت السلطات الصربية أن عدد القتلى بلغ 2500 مدني فيما قدر تقرير لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» في العام 2000 إلى أن حصيلة القتلى بنحو 500.

بعد الحرب، تعرّض العديد من صرب كوسوفو لضغوط للفرار أو الانعزال في جيوب.

أطيح بميلوشيفيتش في انتفاضة عام 2000 وأرسل إلى لاهاي حيث حوكم بتهم الإبادة الجماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في حروب البلقان. توفي في زنزانته عام 2006 عن 64 عاما.

أعلنت كوسوفو استقلالها عام 2008، وهي خطوة ما زالت صربيا والصين وروسيا ترفض الاعتراف بها.

من جهتها، انضمت مونتينيغرو التي حصلت على استقلالها عام 2006 إلى حلف شمال الأطلسي في 2017.


مقالات ذات صلة

لقاء جنيف... الخلاف يتسع بين أوروبا وإيران

خاص مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة بمنشأة «نطنز» في أغسطس 2005 (أ.ب)

لقاء جنيف... الخلاف يتسع بين أوروبا وإيران

اعترف دبلوماسي أوروبي رفيع لـ«الشرق الأوسط» بأن «مدى الخلافات» مع إيران يتسع، وذلك بعد لقاءات أوروبية - إيرانية عقدت في جنيف لمناقشة مسائل خلافية.

راغدة بهنام (برلين)
أوروبا البرلمان الأوروبي يدين نشر قوات من كوريا الشمالية للمشاركة في حرب روسيا وأوكرانيا (أ.ف.ب)

البرلمان الأوروبي: نشر قوات من كوريا الشمالية مرحلة جديدة في حرب أوكرانيا

أدان البرلمان الأوروبي، الخميس، نشر قوات من كوريا الشمالية للمشاركة في حرب روسيا وأوكرانيا، وانتقد الصين لمساعدتها موسكو.

«الشرق الأوسط» (ستراسبورغ (فرنسا))
أوروبا صورة تجمع بين علمي جورجيا والاتحاد الأوروبي (موقع تابع للتكتل الأوروبي)

جورجيا تجمّد مباحثات الانضمام للاتحاد الأوروبي... وتتهمه بـ«الابتزاز»

جمّدت جورجيا، اليوم (الخميس)، مباحثات الانضمام للاتحاد الأوروبي لمدة أربع سنوات، متهمة التكتل الأوروبي بـ«الابتزاز»، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس» للأنباء.

«الشرق الأوسط» (تبليسي)
شؤون إقليمية صورة في بروكسل في 9 ديسمبر 2021 تُظهر الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

بوريل: المجتمع الإسرائيلي «مستعمر من الداخل» عبر متطرفين

قال جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، إن المجتمع الإسرائيلي «مستعمر من الداخل» عبر متطرفين يتسمون بالعنف.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
شؤون إقليمية المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني (موقع جماران)

طهران: مستعدون للتفاوض مع واشنطن

أكدت الحكومة الإيرانية، أمس (الثلاثاء)، استعدادها للتفاوض مع واشنطن ودول غربية، لكنها حددت لذلك شرطي «إثبات الثقة» و«الالتزام بأوامر المرشد» علي خامنئي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بوتين: بايدن يحاول خلق صعاب لترمب

ترمب وكيلوغ خلال لقاء سابق عام 2017 (أ.ف.ب)
ترمب وكيلوغ خلال لقاء سابق عام 2017 (أ.ف.ب)
TT

بوتين: بايدن يحاول خلق صعاب لترمب

ترمب وكيلوغ خلال لقاء سابق عام 2017 (أ.ف.ب)
ترمب وكيلوغ خلال لقاء سابق عام 2017 (أ.ف.ب)

أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس (الخميس)، بالرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، وعبر عن اعتقاده أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تحاول خلق صعاب له مع روسيا.

ووصف بوتين في تصريحات للصحافيين بعد قمة في كازاخستان، ترمب بأنه سياسي محنك وذكي، وتساءل عما إذا كان آمناً بعد محاولات اغتياله.

وذكر بوتين، من جهة أخرى، أن بلاده ستستخدم كل الأسلحة المتاحة لديها في مواجهة أوكرانيا إذا حصلت كييف على سلاح نووي. وجاء هذا التصريح بعدما أفادت صحيفة «نيويورك تايمز» الأسبوع الماضي بأن بعض المسؤولين الغربيين الذين لم تحدد أسماءهم، أشاروا إلى أن الرئيس بايدن قد يمنح أوكرانيا أسلحة نووية قبل تركه الرئاسة.

ميدانياً، انقطعت الطاقة عن أكثر من مليون أوكراني في ظلّ تدنّي درجات الحرارة إلى حدّ التجمّد بعدما أطلقت روسيا نحو 200 صاروخ «كروز» وطائرة مسيّرة على بنى تحتية مرتبطة بالطاقة في أنحاء أوكرانيا. وندّد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس، بما سمّاه «التصعيد الحقير» لموسكو، متهماً الجيش الروسي باستهداف شبكة الطاقة داخل بلاده بـ«الذخائر العنقودية» في هجوم ليلي كبير. ودعا زيلينسكي حلفاء بلاده إلى «ردّ حازم» على «ابتزاز» نظيره الروسي الذي هدّد قبل ساعات من ذلك بضرب كييف بصاروخ «أوريشنيك» الاستراتيجي الجديد. وقال زيلينسكي إنّ «أيّ ابتزاز من جانب روسيا يجب أن يُقابَل بردّ حازم».