القمة الأوروبية تدعو إلى الاستعداد لمواجهة كل الأخطار والأزمات

الآراء منقسمة حول استخدام فوائد الأصول الروسية المجمدة في مصارف القارة لدعم أوكرانيا

مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل (رويترز)
مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل (رويترز)
TT

القمة الأوروبية تدعو إلى الاستعداد لمواجهة كل الأخطار والأزمات

مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل (رويترز)
مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل (رويترز)

في اليوم الثاني من القمة الاستثنائية المخصصة لدعم أوكرانيا، وعلى وقع التصعيد الجديد الذي تشهده حيال القتال، ارتفعت حدّة لهجة القيادات الأوروبية التي دعت إلى «الاستعداد لمواجهة كل الأخطار في مشهد متحوّل من التهديدات»، بينما تتقدم المفاوضات حول إصدار سندات خزينة لتمويل تسليح الجيوش الأوروبية.

أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية تتوسط عدداً من قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل (أ.ب)

وجاء في مشروع البيان الختامي للقمة الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط» أن المجتمعات الأوروبية يجب أن تكون جاهزة لمواجهة طائفة من الأخطار المتعددة «التي تنامى وتتسع دائرتها في ضوء تطورات الحرب الدائرة في أوكرانيا واحتمالات استدامتها لفترة طويلة».

وينبّه البيان إلى أن الحرب ليست مقصورة على إطلاق الصواريخ والقصف المدفعي، وأن الأخطار لم تعد عسكرية فحسب، بل أصبحت أبعادها أوسع كثيراً، وتشمل كثيراً من النواحي التي يجب أن يكون المجتمع المدني مستعداً لها.

ويشير البيان إلى «أن المجلس الأوروبي يشدد على الضرورة الملحّة لتحسين وتنسيق الاستعدادات العسكرية والمدنية، والإدارة الاستراتيجية للأزمات». وبينما دعا المستشار الألماني أولاف شولتس إلى إعداد المجتمعات لمواجهة احتمالات أزمة في الصحة العامة، قال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إنه لا بد من توجيه رسالة قوية إلى روسيا، وشدّد على ضرورة تعزيز قدرات الردع الأوروبية وإرساء استراتيجية أوروبية واضحة للدفاع. وأضاف سانتشيز: «الأمن أساس المشروع الأوروبي الذي هو مشروع سلام يقتضي صونه تعزيز القدرات التي تردع الأنظمة الاستبدادية، مثل نظام بوتين، عن مغامرة الاعتداء على مساحات الحرية والديمقراطية التي تمثّلها أوروبا».

رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز عقب مؤتمر صحافي في اليوم الثاني من القمة الأوروبية (أ.ف.ب)

لكن رغم هذه التصريحات الشديدة اللهجة، يتباين الموقف الإسباني، الذي تدعمه الدول الأخرى البعيدة جغرافياً عن روسيا مثل إيطاليا والبرتغال، مع الطرح الذي قدّمه رئيس المجلس شارل ميشال، والذي يدعو إلى تبنّي فكرة «اقتصاد حرب»، ويفضّل تخصيص القسم الأكبر من الموارد للبحوث والتنمية وتعزيز الأمن السيبراني. ودعا سانشيز إلى عدم حصر الاستعدادات المدنية لمواجهة التهديدات في الجانب العسكري، مذكراً بالدروس المستخلصة من جائحة «كوفيد».

ويتضحّ يوماً بعد يوم كيف يتنامى القلق الأوروبي من احتمالات انكفاء الولايات المتحدة عن دعم أوكرانيا، خصوصاً في حال عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض وانحسار مظلّة الدفاع الأميركية فوق الحلفاء الأوروبيين، وتتوالى الدعوات على السنة قيادات الاتحاد لتعزيز الاستعدادات من أجل التصدّي للأزمات وإرساء القواعد النهائية لاستراتيجية دفاعية موحدة.

رئيسة المفوضية الأوروبية في مقر الاتحاد الأوروبي مع المستشار الألماني ورئيسة الوزراء الإيطالية (رويترز)

ومع اشتداد رياح الحرب الباردة الجديدة كلّفت المفوضية الأوروبية الرئيس الفنلندي السابق سولي نينيستو وضع تقرير حول كيفية تحسين الدفاعات المدنية الأوروبية، حيث إن بلاده التي تتقاسم مع روسيا حدوداً يزيد طولها على 1000 كيلومتر، لديها استراتيجية متينة للدفاع المدني تشمل الاستعداد لمواجهة الأزمات العسكرية والتهديدات الهجينة والكوارث الطبيعية.

ويخشى الأوروبيون التعرّض لهجمات سيبرانية تتسبّب في شلّ الخدمات الأساسية، أو لاعتداءات على منشآت الطاقة وكابلات الاتصالات، أو لحملات تضليل إعلامي كثيفة.

وكانت الاستخبارات الألمانية قد حذّرت من أن روسيا يمكن أن تشنّ هجوماً على بلد عضو في الاتحاد الأوروبي عام 2026، كما صدرت تحذيرات مماثلة عن بلدان أخرى مثل السويد وإستونيا والدنمارك التي ستبدأ بتفعيل الخدمة العسكرية للنساء، بينما قررت بلجيكا العودة إلى تطبيق نظام الاحتياط.

وفي ظل المرحلة التقشفية الراهنة والبحث عن مصادر جديدة لتمويل جهود التسليح، اقترحت إستونيا إصدار سندات خزينة أوروبية بقيمة 100 مليار يورو لدعم أوكرانيا والصناعات العسكرية الأوروبية.

جوزيب بوريل لدى وصوله إلى بروكسل الخميس (أ.ف.ب)

ويحظى هذا الاقتراح بدعم من فرنسا وبولندا ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، لكنه ما زال يواجه معارضة من ألمانيا وهولندا والدنمارك. ومن البدائل التمويلية الأخرى المطروحة للنقاش على مائدة القمة الأوروبية، تعديل السياسة الإقراضية لبنك الاستثمار الأوروبي بما يسمح بتمويل الصناعات الحربية، على أن تقتصر في المرحلة الأولى على إنتاج المسيّرات والرادارات وغيرها من المعدات التي يمكن استخدامها أيضاً لأغراض مدنية.

ومن البدائل الأخرى التي يناقشها القادة الأوروبيون منذ فترة، اللجوء إلى استخدام الفوائد الناشئة عن الأصول الروسية المجمدة في المصارف الأوروبية، لكن ما زالت الآراء منقسمة حول هذه الفكرة، من ناحية لتداعياتها السلبية المحتملة على مستقبل الاستثمار الخارجي في أوروبا، وخشية من ردة الفعل الروسية في حال تطبيقها.


مقالات ذات صلة

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا القوات الروسية تتقدم بأسرع وتيرة بأوكرانيا منذ بدء الغزو في 2022 (تاس)

تقارير: روسيا تقيل قائداً عسكرياً في أوكرانيا بسبب تقارير مضللة

قال مدونون ووسائل إعلام روسية إن موسكو أقالت جنرالاً كبيراً في أوكرانيا لتقديمه تقارير مضللة عن تقدم في الحرب، بينما يحاول وزير الدفاع إقصاء القادة غير الأكفاء.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

وزير يحذّر: بوتين مستعد لشل بريطانيا بحرب سيبرانية

أفاد تقرير صحافي اليوم (الأحد) بأن وزيراً في الحكومة البريطانية سيحذر من أن روسيا مستعدة لشن موجة من الهجمات الإلكترونية على بريطانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

يمثل الصعود العسكري النووي للصين هاجساً قوياً لدى دوائر صناعة القرار والتحليل السياسي والاستراتيجي بأميركا في ظل التقارب بكين وموسكو.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

الكرملين: عقيدتنا النووية المحدَّثة إشارة إلى الغرب

قال الكرملين، الأحد، إن موسكو يجب أن ترد على التصعيد غير المسبوق الذي أثارته واشنطن، بسماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى يمكن أن تصل إلى قلب روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

«المافيا» تهدد على طريقة فيلم «العراب»... رأس حصان وبقرة ممزقة يرعبان صقلية

منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)
منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)
TT

«المافيا» تهدد على طريقة فيلم «العراب»... رأس حصان وبقرة ممزقة يرعبان صقلية

منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)
منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)

هزَّ العثور على رأس حصان مقطوع، وبقرة حامل ممزقة وعجلها الميت بداخلها ملطخين بالدماء، جزيرة صقلية الإيطالية، وتعاملت السلطات مع الحادث باعتباره تهديداً من قبل المافيا.

وقالت الشرطة لشبكة «سي إن إن» إنه تم اكتشاف الحيوانات النافقة في ملكية أحد مقاولي البناء في بلدة ألتوفونتي، بالقرب من باليرمو. ووفق الشبكة الأميركية، فالمشهد «المروّع» يذكّر بفيلم «العراب» أو «The Godfather» الذي عُرض عام 1972، إذ يستيقظ شخصية بالفيلم ليجد رأس حصان مقطوعاً في سريره.

وقال المقاول، الذي لم يتم الكشف عن اسمه لحمايته أثناء التحقيق الجاري، للشرطة، إنه لم يتلق أي تهديدات قبل اكتشاف الماشية النافقة، التي تم الاحتفاظ بها في عقار مجاور.

ولا تزال صناعات البناء من أبرز قطاعات الأعمال المرتبطة بالمافيا في صقلية، وفقاً لتقرير حديث صادر عن مديرية مكافحة المافيا.

وكثيراً ما كان المقاول المُستهدف ينفذ أعمال البناء لصالح البلدية المحلية، التي بذلت قصارى جهدها لمنع الشركات المرتبطة بالمافيا من الفوز بعطاءات، لكنه أخبر الشرطة أنه لم تتواصل معه أي مجموعة تطالبه بالمال أو الخدمات.

وقال متحدث باسم الشرطة لشبكة «سي إن إن» إن الحادث يتم التعامل معه على أنه أسلوب تخويف من قبل المافيا.

وقد يكون الحادث مرتبطاً بالإفراج مؤخراً عن 20 من أعضاء المافيا من السجون المحلية، الذين انتهت مدة عقوباتهم، و«ربما يسعون للانتقام» وفقاً لرئيس مديرية مكافحة المافيا، موريزيو دي لوسيا.

وقال دي لوسيا في سبتمبر (أيلول): «لا يمكننا أن نتخلى عن حذرنا، فالحرب ضد المافيا أصبحت أكثر صعوبة مع إطلاق سراح هؤلاء الرجال».

وقالت عمدة ألتوفونتي، أنجيلا دي لوسيا، إنها شعرت بالرعب عندما سمعت الأخبار. وأضافت لوسائل الإعلام المحلية: «لا أستطيع أن أفهم مثل هذه الوحشية... يبدو أن هذا الفعل يعيدنا إلى العصور الوسطى».

ويعد استخدام الحيوانات الميتة، وفي كثير من الأحيان الكلاب وليس الخيول، تكتيك ترهيب شائعاً في الجزيرة الواقعة بجنوب إيطاليا، وفق «سي إن إن».

وتم الإبلاغ عن العديد من الحوادث المماثلة التي تنطوي على رؤوس حيوانات مقطوعة من قبل رجال الأعمال المحليين في صقلية، ففي عام 2023 تم العثور على رأس خنزير مقطوع معلقاً في مركز الشرطة المحلي، بينما عثر مقاول أعمال محلي على رأس مقطوع لأحد عنزاته في حديقته.