دعم أوكرانيا وتحديات الأمن والدفاع على جدول أعمال القمة الأوروبية في بروكسل

مصادر رئاسية فرنسية: المطلوب من القمة تحديد «الجهة الدقيقة» لاستخدام عائدات الأصول الروسية المجمدة

مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل (رويترز)
مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل (رويترز)
TT

دعم أوكرانيا وتحديات الأمن والدفاع على جدول أعمال القمة الأوروبية في بروكسل

مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل (رويترز)
مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل (رويترز)

قالت مصادر رئاسية فرنسية إن موضوعين رئيسيين سيهيمنان على أعمال القمة الأوروبية التي تلتئم في بروكسل ليومين، وهما: تعزيز الدعم متعدد الأشكال لأوكرانيا وتحديات الأمن والدفاع التي تواجهها دول الاتحاد.

مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل (أ.ب)

ومن الناحية المبدئية، فإن القادة الأوروبيين الـ27 يريدون توجيه رسالة إلى الأوكرانيين بالطبع ولكن أيضا لروسيا، وقوامها عزمهم على «مواصلة تقديم الدعم الكثيف لأوكرانيا طيلة الفترة التي تحتاج إليه وما دام ذلك ضروريا».

عامل يرتّب أعلام الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قبل قمة اليوم في بروكسل (أ.ب)

وتأتي القمة في وقت تحقق القوات الروسية بعض التقدم في أوكرانيا، مستغلة معاناة كييف من نقص الذخيرة، لا سيما في ظل تعليق الدعم الأميركي بسبب خلافات سياسية داخلية في واشنطن بين الديمقراطيين والجمهوريين.

وتؤكد المصادر الفرنسية أن ما سيصدر عن القمة الراهنة سيكون تتمة لما صدر عن القادة الأوروبيين في قمة فبراير (شباط)، حيث قرروا منح أوكرانيا مساعدات اقتصادية بقيمة 50 مليار يورو حتى عام 2027 بالتوازي مع «الدعم العسكري الضروري لمنع روسيا من تحقيق نصر ميداني» ترى فيه أوروبا خطرا على أمنها واستقرارها. وتمثل ذلك في ضخ 5 مليارات يورو في «المرفق الأوروبي للسلام» والمخصصة لتعزيز الإنتاج الدفاعي الأوروبي وللمشتريات الجماعية للأسلحة والذخائر من داخل الاتحاد الأوروبي ومن خارجه.

ماكرون السباق في المطالبة بـ«الاستقلالية الاستراتيجية» (إ.ب.أ)

ويريد الأوروبيون، وفق المصادر الرئاسية الفرنسية، «إحراز تقدم عملي لجهة تعبئة المصادر المالية لدفع الصناعات الدفاعية الأوروبية إلى الأمام ورفع قدراتها الإنتاجية في إطار السعي لتعزيز قدرات القارة الذاتية وخفض اعتمادها الاستراتيجي (على الخارج الأوروبي) والتحضر للمستقبل». وفي هذا السياق، أشار الإليزيه إلى توفير 1.5 مليار يورو لدعم القاعدة الصناعية الدفاعية الأوروبية.

وبينما ترى كثير من الأطراف الأوروبية وعلى رأسها فرنسا السباقة في الدعوة إلى التوصل إلى ما يسميه الرئيس إيمانويل ماكرون «الاستقلالية الاستراتيجية» والمقصود بها التخفيف من الاعتماد على الولايات المتحدة الأميركية، أن تقدم الأوروبيين يبدو بطيئا للغاية، فإن أحد المقترحات المقدمة يقوم على اللجوء إلى الاقتراض المشترك لتمويل الإنفاق الدفاعي على شاكلة ما قام به الاتحاد الأوروبي لمواجهة جائحة كوفيد19. والحال أن ألمانيا ومعها هولندا والدنمارك ودول أخرى تعارض هذا التوجه، ما يعني أن هذا الملف سيكون موضع مناقشة حادة خلال القمة.

رئيسة المفوضية الأوروبية في مقر الاتحاد الأوروبي مع المستشار الألماني ورئيسة الوزراء الإيطالية (رويترز)

حقيقة الأمر أن الأوروبيين يبحثون عن مصادر تمويلية جديدة نظرا لكلفة الدعم المرتفعة لأوكرانيا ولأوضاعهم الاقتصادية والمالية. من هنا تأتي أهمية اللجوء إلى استخدام عائدات وفوائد الأصول الروسية المجمدة في المؤسسات المالية الأوروبية وأهمها في بروكسل.

وأكدت المصادر الفرنسية، في معرض تقديمها للقمة ولملفاتها، أن المسألة الأهم في اللجوء إلى الأصول الروسية تكمن في توفير «الغطاء القانوني» لمصادرة العائدات الروسية.

وكانت أوكرانيا وبريطانيا ودول شرق أوروبا تدعو إلى مصادرة الأصول كافة، وهو ما رفضته برلين وباريس باعتبار أن عملا كهذا «سيطيح مبدأ الحصانة الخاصة بممتلكات الدول وضربا لمبدأ حق الملكية». وتبين الأرقام المتوافرة أن هناك 280 مليارا من الأصول الروسية المجمدة منها 210 مليارات في العواصم الأوروبية وغالبيتها (190 مليار يورو) موجودة لدى المؤسسة المالية البلجيكية «أوروكلير».

جوزيب بوريل لدى وصوله إلى بروكسل الخميس (أ.ف.ب)

وتقترح المفوضية الأوروبية تخصيص 90 بالمائة من العائدات المقدرة بـ3 مليارات يورو سنويا لتسديد قيمة الأسلحة الأوروبية المعطاة لأوكرانيا و10 بالمائة لدعم قدرات الإنتاج الدفاعي لكييف. بيد أن دولا مثل آيرلندا والنمسا تطرح تساؤلات حول وجهة استخدام هذه الأموال التي تم الاتفاق أساسا على تخصيصها لإعادة إعمار ما هدمته الحرب فيما المقترح الأوروبي يدعو لرصدها لمشتريات السلاح. وقالت المصادر الرئاسية الفرنسية إن المطلوب من القمة «تحديد الوجهة الدقيقة» لاستخدام هذه الأموال.

رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بروكسل الخميس (إ.ب.أ)

وكانت روسيا قد سارعت للتنديد بالإجراء الأوروبي واصفة إياه بـ«السرقة الموصوفة». وقال الكرملين الخميس إن روسيا ستتخذ إجراءات انتقامية بما يتفق مع مصالحها وستوظف كل آلية قانونية تحت تصرفها إذا استخدم الاتحاد الأوروبي أرباح الأصول الروسية المجمدة لشراء أسلحة لأوكرانيا. وأدلى المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف بهذه التصريحات قبل اجتماع مقرر لزعماء الاتحاد الأوروبي لمناقشة الخطوة. وقال بيسكوف للصحافيين: «بطبيعة الحال، سنستخدم كل الآليات القانونية الممكنة، المتاحة حاليا، والتي ستتاح في المستقبل». وأضاف: «وفيما يخص المعاملة بالمثل، لن نرد بالمثل، بل سنختار أساليب مختلفة بما يتوافق مع مصالحنا الخاصة». وسبق للاتحاد الأوروبي أن قدم مساعدات عسكرية لأوكرانيا تصل إلى 33 مليار يورو منذ بدء عام 2022.

وتنعقد القمة الأوروبية وسط مخاوف من تراجع الدعم الأميركي لكييف وخسائر ميدانية لحقت بالقوات الأوكرانية في الأسابيع الأخيرة فيما القوات الروسية تواصل هجماتها شرق البلاد وتنجح في تحقيق بعض التقدم الميداني.

المستشار الألماني أولاف شولتس متوجهاً إلى قاعة الاجتماعات للمشاركة في قمة الاتحاد الأوروبي (إ.ب.أ)

ولإظهار التحديات التي تواجهها أوروبا، حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل قبل القمة من أنه «إذا توجب على أوكرانيا الاستسلام، حينها سيتمّ تنصيب نظام صُوري في كييف، وسحق الشعب الأوكراني». وتابع: «سيكون الجيش الروسي على حدودنا ونحن واثقون بأنه لن يتوقف عندها». وبعد فوزه بولاية رئاسية جديدة من ستة أعوام بنتيجة انتخابات جرت الأسبوع الماضي في غياب أي معارضة، عدّ بوتين أن ما تحقّق في الداخل هو «مقدمة» للانتصار في أوكرانيا.

ومن جانبه، كتب شارل ميشال، رئيس المجلس الأوروبي، في رسالة الدعوة لحضور القمة: «على مدى عقود، لم تستثمر أوروبا ما يكفي في أمنها ودفاعها». وأضاف: «الآن ونحن نواجه أكبر تهديد أمني منذ الحرب العالمية الثانية، فقد حان الوقت لاتخاذ خطوات جذرية وملموسة لنكون جاهزين للدفاع ونجعل اقتصاد الاتحاد الأوروبي على استعداد للحرب».

ماكرون مع شولتس وأوربان (إ.ب.أ)

ثمة ملفات أخرى سيناقشها القادة الأوروبيون ومنها، في ما خص المسألة الأوكرانية، فرض عقوبات إضافية على روسيا تكمل 13 سلة من العقوبات التي فرضت منذ اندلاع الحرب قبل ما يزيد قليلا على العامين. كذلك سيخصص القادة الـ27 بعض الوقت لملف الحرب في غزة خصوصا الملف الإنساني والضرورة المطلقة لتوفير المساعدات الغذائية لسكان القطاع الذين وصلوا إلى حافة المجاعة وفق التقارير الصادرة عن المنظمات التابعة للأمم المتحدة.

ووصفت المصادر الفرنسية الوضع في القطاع بأنه «لا يمكن تبريره ولا يمكن القبول به». ورغم أن الأوروبيين اتفقوا على فرض عقوبات على مجموعة غير محددة من المستوطنين بسبب بالعنف الذي يمارسونه ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، وذلك بعد أن تراجعت المجر عن رفضها لهذا الإجراء، فإن السير بهذه العقوبات لن يبدأ قبل أن يفرض الأوروبيون عقوبات على «حماس». كذلك سينظر الأوروبيون بالوضع في البحر الأحمر ومسار العملية الأوروبية المسماة «أسبيديس» وبالتصعيد القائم على الحدود بين لبنان وإسرائيل.


مقالات ذات صلة

حريق بمستودع نفط في كورسك الروسية بعد هجوم بمسيرات أوكرانية

أوروبا عمال إطفاء يحاولون إخماد حريق منشأة نفطية في كورسك بعد قصفها من قبل أوكرانيا في 15 فبراير (شباط) 2024 (أ.ف.ب)

حريق بمستودع نفط في كورسك الروسية بعد هجوم بمسيرات أوكرانية

النيران اندلعت في 3 خزانات بمستودع للنفط في المنطقة نتيجة هجوم بطائرات مسيرة شنته أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
آسيا وزيرا خارجية الصين وأميركا خلال لقائهما على هامش اجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان السبت (أ.ف.ب)

محادثات «صريحة ومثمرة» بين وزيري خارجية أميركا والصين

أجرى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن محادثات «صريحة ومثمرة» أجراها مع نظيره الصيني، وانغ يي، في لاوس.

«الشرق الأوسط» (فينتيان (لاوس))
أوروبا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مشاركته باجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان الجمعة (رويترز)

لافروف: تصريحات كييف في شأن مفاوضات السلام «متناقضة»

رأت روسيا أن تصريحات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ووزير خارجيته ديمتري كوليبا حول مفاوضات السلام تنم عن تناقض.

«الشرق الأوسط» (فينتيان (لاوس))
أوروبا القوات الروسية دمرت 7 مسيّرات أوكرانية فوق أراضي مقاطعة ريازان (رويترز)

روسيا: تدمير 21 مسيّرة أوكرانية خلال الليل وصباح اليوم

أعلنت وزارة الدفاع الروسية اليوم (السبت) تدمير 21 طائرة دون طيار أوكرانية خلال ساعات الليل والصباح في عدد من مقاطعات البلاد.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (قناة الكرملين عبر «تلغرام»)

الكرملين يعترف بأزمة ديموغرافية «كارثية» ويدعو لزيادة المواليد

لفت الكرملين النظر إلى أن الحالة الديموغرافية «كارثية على مستقبل الأمة»، في حين عجزت السياسات المختلفة المنفّذة في روسيا منذ ربع قرن عن زيادة معدل المواليد.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

فرنسا: اضطراب متواصل في حركة القطارات السريعة غداة الهجوم

راكبان في قطار مترو بباريس يشيران إلى برج إيفل (رويترز)
راكبان في قطار مترو بباريس يشيران إلى برج إيفل (رويترز)
TT

فرنسا: اضطراب متواصل في حركة القطارات السريعة غداة الهجوم

راكبان في قطار مترو بباريس يشيران إلى برج إيفل (رويترز)
راكبان في قطار مترو بباريس يشيران إلى برج إيفل (رويترز)

تواصَل، السبت، الاضطراب في حركة القطارات السريعة الفرنسية غداة إعلان شركة السكك الحديدية عن تعرّضها «لهجوم ضخم» أتى قبل ساعات من حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الصيفية باريس 2024، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وسجّلت حركة القطارات السريعة تحسناً، السبت، لكن الاضطرابات ما زالت قائمة.

وسيشهد الخطان الشمالي الغربي والجنوبي الغربي تشغيل قطارين سريعين من ثلاثة، بينما سيشهد الخط الشمالي 80 في المائة من الحركة المعتادة للقطارات السريعة، وفق تقديرات شركة السكك الحديدية «إس إن سي إف».

وأوضحت أن الحركة عبر الخط الشرقي ستجري كالمعتاد، مرجحة أن تستمر الاضطرابات، الأحد، على الخط الشمالي، وأن يشهد الخط الأطلسي تحسّناً.

إلا أن شركة «إس إن سي إف» أكدت أن «كل عمليات النقل للفرق والمعتمدين» للمشاركة في أولمبياد باريس، مؤمّنة.

وتعرضت الشركة إلى «هجوم ضخم» ليل الخميس – الجمعة، ما تسبب باضطراب كبير في حركة القطارات أثّر على 800 ألف مسافر قبل حفل الافتتاح. وقالت، الجمعة، إن «العديد من الأعمال الخبيثة المتزامنة» أثرت على خطوطها الأطلسية والشمالية والشرقية.

وفتحت النيابة العامة في باريس تحقيقاً في الهجمات. وأفاد مصدر مقرب من التحقيق بأن العملية كانت «محضّرة بشكل جيد»، وتقف خلفها «الهيكلية ذاتها»، بينما أكد مصدر مقرّب من الملف أن أي طرف لم يعلن مسؤوليته.

وأوضحت الشركة، الجمعة، أن «حرائق متعمدة» أُضرمت في محطات الإشارات في كورتالين على بعد نحو 140 كيلومتراً جنوب غربي باريس، وفي كرواسي على بعد 200 كيلومتر شمال العاصمة، وبايني سور موزيل على بعد 300 كيلومتر إلى الشرق، متحدثة عن «هجوم واسع النطاق».

على خط الجنوب الشرقي، تمكن عمال السكك الحديدية من «إحباط عمل خبيث» في أثناء قيامهم بعمليات صيانة ليلية في فيرجيني، على بعد نحو 140 كيلومتراً جنوب شرقي باريس. ورصد العمال أشخاصاً وأبلغوا قوات الدرك، ما دفعهم إلى الهروب، وفق جان بيار فاراندو، رئيس مجلس إدارة الشركة.

وأعلن فاراندو، الجمعة، أن «الهجوم الضخم» على شبكة القطارات السريعة يؤثر على 800 ألف راكب.

وأضاف: «من المتوقع أن يستمر الوضع طوال عطلة نهاية الأسبوع على الأقل في أثناء إجراء الإصلاحات»، موضحاً أن الحرائق استهدفت أنابيب «تمر عبرها العديد من الكابلات المستخدمة في محطات الإشارات» و«علينا إصلاح الكابل تلو الآخر».

وندد الوزير المنتدب للنقل باتريس فيرغريت بـ«عمل إجرامي مشين».

وقع الهجوم قبيل حفل افتتاح الألعاب الأولمبية، حيث كان العديد من المسافرين يعتزمون التوجه إلى العاصمة، كما أنه سبق عطلة نهاية أسبوعٍ تشهد حركة واسعة في وسائل النقل في موسم العطل الصيفية.

ولجأ موظفو شركة السكك الحديدية إلى إجراءات استثنائية داخل محطات القطار لتسهيل الحركة، مثل السماح بصعود عدد من الركاب يفوق عدد المقاعد، أو عدم التأكد من حيازة كل منهم تذكرة.