ماذا نعرف عن «جيش أوكرانيا المعلوماتي» الذي يتصدى لروسيا؟

يقاتل «على الجبهة الرقمية» لمواجهة مقرصنين روس

موقع «جيش أوكرانيا المعلوماتي» على شاشة «لابتوب» (أرشيفية- أ.ف.ب)
موقع «جيش أوكرانيا المعلوماتي» على شاشة «لابتوب» (أرشيفية- أ.ف.ب)
TT

ماذا نعرف عن «جيش أوكرانيا المعلوماتي» الذي يتصدى لروسيا؟

موقع «جيش أوكرانيا المعلوماتي» على شاشة «لابتوب» (أرشيفية- أ.ف.ب)
موقع «جيش أوكرانيا المعلوماتي» على شاشة «لابتوب» (أرشيفية- أ.ف.ب)

أدرك أرتيم منذ الأيام الأولى من الغزو الروسي لأوكرانيا أواخر فبراير (شباط) 2022، أنه لا يسعه «الوقوف مكتوف اليدين»، وبما أنه يفتقر إلى أي خبرة عسكرية، انضم إلى القتال في مجالٍ يتقنه، فالتحق بشبكة أنشئت حديثاً على منصّة «تلغرام» تحت تسمية «جيش أوكرانيا المعلوماتي».

وهذه الشبكة التي انطلقت استجابة لدعوة من وزير التحول الرقمي، ميخايلو فيدوروف، هي واحدة من مجموعات كثيرة من القراصنة المعلوماتيين انتشرت في أوكرانيا للتصدي لروسيا، وتنشط منذ ذلك الحين في مساحة قانونية شديدة الغموض.

وإن كانت هذه المجموعات الفتية مستقلة رسمياً عن الدولة، فإن ثلاثاً منها أقرت، رداً على أسئلة «وكالة الصحافة الفرنسية» بأنها تقيم روابط مع السلطات، وبعضها ينفذ في العلن عمليات مشتركة مع أجهزة الاستخبارات.

ويبدي أرتيم الذي لم يشأ كشف كنيته لأسباب أمنية، قناعته بأنه يقاتل «على الجبهة الرقمية» بمواجهة مقرصنين روس باتوا معروفين لإتقانهم هذا المجال.

ويخصص الناشط الثلاثيني العامل في مجال المعلوماتية قسماً كبيراً من وقت فراغه للمجموعة.

وأوضح جالساً في مقهى في كييف: «نلحق أضراراً معنوية واقتصادية بالدولة المعتدية».

ونجحت هذه المجموعات المؤلّفة من متطوّعين لا يتقاضون أي أجر، في بلبلة معايير الحرب، من خلال وضع المدنيين في صلب العمليات.

ورأت «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» أن من «المقلق» ضلوع هؤلاء المقرصنين المستقلين بصورة متزايدة في النزاعات؛ لا سيما في أوكرانيا، مشيرة إلى أن القانون الدولي لا يحظر نشاطهم؛ لكنه يفرض عليه قواعد، كعدم استهداف منشآت مدنية.

الأوكراني أرتيم (31 عاماً) العضو في «جيش أوكرانيا المعلوماتي» (أرشيفية- أ.ف.ب)

ويؤكد أرتيم أن مجموعته تلتزم بالمعايير الأخلاقية، مشدداً على أنه «مقرصن ناشط وليس مقرصناً» لأن هدفه ليس «سرقة» أي شيء.

وقال: «بلادنا في حرب، وأعتقد أن من حقنا الدفاع عنها على كل الجبهات».

«خطّ أحمر»

ويقول المتحدث باسم «جيش أوكرانيا المعلوماتي» إن مهاجمة هيئات إنسانية أو منشآت صحية تشكل «خطاً أحمر» لمجموعته.

في المقابل، فإن الجيش والبنى التحتية والمنشآت المالية تعد أهدافاً مشروعة، حتى لو أنها ترتب عواقب على المدنيين.

وأوضح أن «الحرب المعلوماتية هي حرب ضد الاقتصاد» موازياً بين العمليات التي يقوم بها والعقوبات التي أقرها الغرب بحق روسيا.

ورأى أنه يجدر اعتماد تشريعات أكثر صرامة؛ لكنه أضاف: «بصراحة، أي عقوبة يمكن أن نفرضها على روسيا إذا لم تلتزم بها؟ لا شيء إطلاقاً».

وأكد «جيش أوكرانيا المعلوماتي» أنه عطّل خدمات للدفع في روسيا عشية رأس السنة، مسبباً خسائر اقتصادية، وشل مطارات روسية في أكتوبر (تشرين الأول).

وتتم الهجمات بصورة رئيسية من خلال «حجب الخدمة»، وهي وسيلة بسيطة نسبياً تقضي بتعطيل نظام من خلال إغراقه بالطلبات.

وترى مجموعات أخرى أنه من الأجدى التركيز على جمع معلومات سرية.

وعلى سبيل المثال، أوضح «الفوج السيبراني» الذي يقول إنه يعدّ نحو 50 عضواً، أنه «ساعد القوات الأوكرانية على تحديد موقع عشرات الكتائب الروسية وتدميرها»، وهي مزاعم لا يمكن لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» التثبت من صحتها.

أوكراني يزور موقع «جيش أوكرانيا المعلوماتي» (أرشيفية- أ.ف.ب)

لا مدفوعات

ويؤكد سيرغي لابا وميخايلو كونينتس، مؤسسا المجموعة، أنها لا تتلقى «أوامر» من السلطات التي لديها فرقها المتخصصة؛ بل اقتراحات أهداف وطلبات مساعدة.

وقال لابا: «في نهاية المطاف، هدفنا هو نفسه»، معتبراً أن المقاتلين السيبرانيين في مجموعته هم بمثابة «أيادٍ إضافية» على غرار متعاقدين، بوجه خصم قوي لا يمكن للدولة أن تتصدى له بمفردها.

وتحدث نيكيتا كنيش من مجموعة «هاكيورمام» عن نمط مماثل من التعاون. وقال: «هل يدفعون لي؟ لا. هل أزوّدهم بمعلومات؟ نعم»، موضحاً أنه عمل لحساب أجهزة الأمن الأوكرانية قبل الحرب. وأضاف: «إن كنتم تحسنون القرصنة المعلوماتية، فمن المستحيل ألا تعملوا مع الأجهزة الأمنية، من المحتم أن ترغب في الاستعانة بكم».

وتحدث تيد من «جيش أوكرانيا المعلوماتي» عن علاقات «غير رسمية» وعمليات مشتركة من دون أجر.

وتبنت المجموعة -على سبيل المثال- في مطلع فبراير، هجمات نُفذت بالتعاون مع الاستخبارات العسكرية على برنامج للسيطرة على مُسيَّرات روسية.

لكن المتحدث أشار إلى أن الحكومة «تعد أنه ما دامت العمليات تجري ضمن منطقة رمادية، فلا يمكنهم دعمنا بصورة كاملة» تفادياً لعواقب قانونية محتملة.

ولم تشأ وزارة التحول الرقمي التعليق على المسألة، رداً على أسئلة «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويأمل المتحدث أن تتمكن مجموعته في نهاية المطاف من احتلال موقع في «الفضاء القانوني»، وأن يحظى مقاتلو الظل هؤلاء ببعض الاعتبار. وقال: «الأفراد الذين خصصوا كثيراً من وقتهم للقيام بكل ذلك، يرغبون على الأقل في اعتراف رسمي».


مقالات ذات صلة

ترمب يثير الجدل حول استعادة قناة بنما ولقاء محتمل مع بوتين

الولايات المتحدة​ الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب يتحدث خلال حفل ترنيج بوينت السنوي في فينيكس، بولاية أريزونايوم الاحد (ا.ف.ب)

ترمب يثير الجدل حول استعادة قناة بنما ولقاء محتمل مع بوتين

أبدى الرئيس المنتخب دونالد ترمب، استعداده للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أقرب وقت مؤكداً قدرته على إنهاء الحرب الروسية ضد اوكرانيا.

هبة القدسي (واشنطن)
أوروبا بوتين يلقي كلمة خلال تدشين مشاريع بنى تحتية عن بعد، أمس (إ.ب.أ)

بوتين يتوعَّد أوكرانيا بمزيد من «الدمار» بعد هجوم قازان

توعَّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس (الأحد)، بإلحاق مزيد من «الدمار» بأوكرانيا، عقب هجوم بطائرات مُسيَّرة طال برجاً سكنياً في مدينة قازان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم بلغت نسبة الضحايا المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 % من مجموع القتلى المسجلين لدى وكالات الأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة: 40 % من ضحايا الحروب نساء... و30 % أطفال

يرسم تقرير أممي صورة قاتمة جداً لما عانته النساء في الأزمات المسلحة خلال عام 2023، فقد شكّلن 40 % من مجموع القتلى المدنيين؛ أي ضعف النسبة في 2022.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا مظاهرات أوكرانية في كييف تطالب بتبادل الأسرى (أ.ف.ب)

أوكرانيا: القوات الروسية أعدمت 5 من أسرى الحرب

قال مفوض البرلمان الأوكراني لحقوق الإنسان، ديميترو لوبينيتس، اليوم الأحد، إن القوات الروسية أعدمت 5 من أسرى الحرب الأوكرانيين.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أحد عناصر الإطفاء يحاول إخماد حريق في روسيا (خدمة الطوارئ الروسية عبر تلغرام)

روسيا تشهد موجة من الحرائق المتعمدة

شهدت روسيا سلسلة محاولات لإشعال حرائق بشكل متعمد استهدفت مصارف ومراكز تسوق ومكاتب بريد ومباني حكومية خلال الأيام الثلاثة الماضية وفق وسائل إعلام

«الشرق الأوسط» (موسكو)

رئيس الوزراء الفنلندي: روسيا تشكل «تهديداً دائماً» للاتحاد الأوروبي

أوربو وكريسترسون وميلوني وكالاس وميتسوتاكيس خلال اجتماعهم في فنلندا اليوم (أ.ف.ب)
أوربو وكريسترسون وميلوني وكالاس وميتسوتاكيس خلال اجتماعهم في فنلندا اليوم (أ.ف.ب)
TT

رئيس الوزراء الفنلندي: روسيا تشكل «تهديداً دائماً» للاتحاد الأوروبي

أوربو وكريسترسون وميلوني وكالاس وميتسوتاكيس خلال اجتماعهم في فنلندا اليوم (أ.ف.ب)
أوربو وكريسترسون وميلوني وكالاس وميتسوتاكيس خلال اجتماعهم في فنلندا اليوم (أ.ف.ب)

عَدَّ رئيس الوزراء الفنلندي بيتيري أوربو، اليوم الأحد، أن روسيا تشكل «تهديداً دائماً وخطراً» للاتحاد الأوروبي، مشدداً على الحاجة إلى زيادة الإنفاق الدفاعي الأوروبي ودعم أوكرانيا، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».

واستضاف أوربو قمة حول الأمن والهجرة، بمشاركة مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، ورئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس.

وقال رئيس الحكومة الفنلندي، للصحافيين بعد القمة، إن «الوضع الأمني تغيّر»، مضيفاً «روسيا تشكّل تهديداً دائماً وخطراً للاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية».

وأكد أوربو وجوب تعزيز القوة العسكرية للدفاع عن أوروبا «بكل الوسائل الممكنة»، مع «استكشاف جميع الخيارات المالية»، دون ذكر أي خطط ملموسة لزيادة الميزانيات الدفاعية.

ووافقته كالاس قائلة إن «روسيا تشكل تهديداً مباشراً للأمن الأوروبي»، لافتة إلى أن «الأمن يشمل عناصر مختلفة».

وتابعت: «نشهد في جميع أنحاء أوروبا هجمات هجينة مختلفة، سواء أكانت أعمال تخريب أم هجمات إلكترونية، إضافة إلى أسطول ظل خطراً وتشويشاً على نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس)، وإلحاق أضرار بالكابلات، وأيضاً استخدام الهجرة سلاحاً».

واتهمت فنلندا موسكو بتدبير موجة هجرة في خريف عام 2023، بعد وصول نحو ألف مهاجر دون تأشيرات إلى حدودها الشرقية مع روسيا، والتي يبلغ طولها 1340 كيلومتراً.

وقال أوربو إن ضمان أمن حدود فنلندا مع روسيا، والتي أشار إليها بكونها أيضاً حدود الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي «ناتو»، «مسألة وجودية لفنلندا ولدول الاتحاد الأوروبي وحلفاء الناتو».

كما أشار إلى أن الدول «يجب أن تستمر في تقديم الدعم لأوكرانيا ما دامت هناك حاجة، ومهما طال ذلك».