بعد الفشل «عدة مرات»... كيف يحاول «جواسيس الكرملين» تصحيح مسارهم؟

على خلفية الحرب ضد أوكرانيا

نشطت عمليات التجسس الروسية على خلفية الحرب في أوكرانيا (رويترز)
نشطت عمليات التجسس الروسية على خلفية الحرب في أوكرانيا (رويترز)
TT

بعد الفشل «عدة مرات»... كيف يحاول «جواسيس الكرملين» تصحيح مسارهم؟

نشطت عمليات التجسس الروسية على خلفية الحرب في أوكرانيا (رويترز)
نشطت عمليات التجسس الروسية على خلفية الحرب في أوكرانيا (رويترز)

كشف اعتراض محادثة سرية بين ضباط ألمان بشأن المساعدات العسكرية لكييف، التجسس الروسي النشط على خلفية الحرب ضد كييف بعد إخفاق استخبارات الكرملين مرات عدة.

وشهدت السنة الأولى من النزاع في أوكرانيا «حملات طرد جماعي» لجواسيس روس كانوا يعملون تحت غطاء دبلوماسي في أوروبا ويقدر عددهم بالمئات.

وقال الصحافي الاستقصائي أندريه سولداتوف، مؤسس موقع «أغينتورا.رو» (Agentura.ru) إنه «كان لذلك تأثير على العمليات»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأساء جهاز الاستخبارات العسكرية وجهاز الأمن الفيدرالي (إف إس بي) وارث الاستخبارات السوفياتية (كي جي بي) تقدير المقاومة الأوكرانية بعد غزو 24 فبراير (شباط) 2022.

ولم تتوقع أجهزة الاستخبارات الروسية أيضاً محاولة التمرد على موسكو من قبل رئيس مجموعة «فاغنر» للمرتزقة يفغيني بريغوجين في يونيو (حزيران) 2023.

نجاحات لا يمكن إنكارها

وقال أندريه سولداتوف إنهم «تمكنوا مع ذلك من تصحيح وضعهم والآن نشهد المزيد والمزيد من العمليات، التي يتم تنفيذها في أوروبا، للتضليل ولعمليات تصفية أو تسلل لعملاء وتجسس»، عاداً أنه «جهد كبير جداً من جانبهم».

وتصدّرت أجهزة الاستخبارات الروسية عناوين الأخبار في الأسابيع الأخيرة بنجاحات لا يمكن إنكارها.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في نهاية فبراير (شباط) إن روسيا تمكنت من كشف خطط الهجوم الأوكراني المضاد لعام 2023 حتى قبل أن يبدأ. وقد شكل فشله ضربة قاسية لأوكرانيا.

النجاح الآخر للاستخبارات الروسية كان بث اجتماع عبر الفيديو مدته 38 دقيقة في الأول من مارس (آذار) على قناة «فيبيكس» التجارية، بين ضباط ألمان يناقشون إمكان تسليم صواريخ «توروس» بعيدة المدى إلى كييف.

هذه الواقعة أثارت استياء لدى حلفاء ألمانيا وفضيحة على مستوى الدولة الألمانية.

وأوضح وزير الدفاع الألماني أن أحد المشاركين كان في سنغافورة وشارك في الاجتماع عبر «اتصال غير مصرح به»، ما أدى إلى اعتراض أنظمة التنصت الروسية لهذه المناقشات، مشيراً إلى «خطأ فردي».

بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، بقيت الاستخبارات أولوية لدى الكرملين، لا سيما منذ وصول فلاديمير بوتين إلى السلطة، رجل وكالة الاستخبارات السوفياتية (كي جي بي) الذي كان مركزه في ألمانيا الشرقية في ثمانينات القرن العشرين.

وجوه جديدة وشركات وهمية

قال أندريه سولداتوف إن الروس الذين أضعفتهم عمليات الطرد الجماعي من أوروبا «يعتمدون الآن على رعايا أجانب. نرى صرباً وبلغاراً ومواطنين آخرين، وكذلك نمساويين، على سبيل المثال، يشاركون في العمليات الروسية».

ورأى المدير السابق للاستخبارات العسكرية الفرنسية الجنرال المتقاعد كريستوف غومار «أنهم يتكيفون باستمرار، ولا شك في أنهم استغلوا اللاجئين الأوكرانيين والمنفيين الروس ومن بينهم عملاء».

ويقول مركز الأبحاث «رويال يونايتد سرفيسز إنستيتيوت» (RUSI) ومقره لندن إن الاستخبارات العسكرية الروسية أصلحت إدارة عملياتها لتحسين دقة المعلومات وتقييمها. وتقوم بتجنيد وجوه جديدة أحياناً عبر شركات وهمية.

وتفيد هذه الدراسة بأنه بحسب تقليد المخبرين «غير الشرعيين»، لا علاقة لهؤلاء المجندين بالمنظمات الرسمية، ما يجعل من الصعب اكتشاف أمرهم من قبل مكافحة التجسس الغربي.

ويتم تجنيد البعض حتى من الطلاب الأجانب، من البلقان أو أفريقيا أو حتى أميركا اللاتينية.

زمن الحرب وزمن السلم

وبمعزل عن المهمة التقليدية التي تتمثل في جمع معلومات حساسة، الهدف كما يقول خبراء هو زعزعة استقرار المجتمعات الأوروبية وإضعاف الدعم لأوكرانيا والدفع باتجاه انقسام بين الحلفاء، وهذا ما يندرج في إطاره الكشف عن التنصت على الضباط الألمان.

لاحظ أولكسندر دانيليوك أحد واضعي التقرير أن الروس «جيدون جداً لأن الغربيين كانوا ساذجين منذ 1991 (سنة انهيار الاتحاد السوفياتي). فهم لا يفهمون التهديد الروسي، ويفتقرون إلى الخبراء والموظفين الناطقين بالروسية».

وقال الجنرال غومار إن «المشكلة الحقيقية للغربيين اليوم هي أنهم لا يدركون المخاطر جيدا ويظهرون ثقة مفرطة وكسلا، ما أدى إلى اعتراض (محادثة) الألمان» بسبب عدم استخدامهم وسائل مشفرة ومحمية اختراقها أقل سهولة.

وعدّ أندريه سولداتوف أن العامل الرئيسي لتفسير ذلك نفسي. وقال إن «الجيش الروسي يعيش في حالة حرب، بينما يعيش الأوروبيون تقنياً في وقت سلم».

وأضاف أن «تغيير ثقافة عسكرية في وقت السلم أمر صعب جداً».


مقالات ذات صلة

القوات الروسية تعتقل رجلاً بريطانياً يقاتل مع أوكرانيا في كورسك

أوروبا مدنيون أوكرانيون يرتدون زياً عسكرياً خلال تدريبات عسكرية نظمها الجيش الأوكراني في كييف (أ.ف.ب)

القوات الروسية تعتقل رجلاً بريطانياً يقاتل مع أوكرانيا في كورسك

قال مصدر أمني لوكالة الإعلام الروسية إن القوات الروسية ألقت القبض على بريطاني يقاتل مع الجيش الأوكراني في منطقة كورسك.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا كالين جورجيسكو المرشح لمنصب الرئيس يتحدث لوسائل الإعلام في بوخارست (أ.ب)

مرشح مُوال لروسيا يتصدر الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في رومانيا

أثار مرشح مؤيد لروسيا مفاجأة في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية برومانيا، بحصوله على نتيجة متقاربة مع تلك التي حققها رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا.

«الشرق الأوسط» (بوخارست)
العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا صحافيون يلتقطون صوراً لبقايا صاروخ استهدف منطقة دنيبرو في مركز لتحليل الطب الشرعي بمكان غير محدد بأوكرانيا الأحد (أ.ب)

موسكو تؤكد عزمها الرد على التصعيد الأميركي «غير المسبوق»

أكدت موسكو، الأحد، عزمها الرد على ما سمّته التصعيد الأميركي «غير المسبوق»، فيما دعا الرئيس الأوكراني إلى تعزيز الدفاعات الجوية لبلاده بعدما أسقطت وحدات الدفاع…

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا القوات الروسية تتقدم بأسرع وتيرة بأوكرانيا منذ بدء الغزو في 2022 (تاس)

تقارير: روسيا تقيل قائداً عسكرياً في أوكرانيا بسبب تقارير مضللة

قال مدونون ووسائل إعلام روسية إن موسكو أقالت جنرالاً كبيراً في أوكرانيا لتقديمه تقارير مضللة عن تقدم في الحرب، بينما يحاول وزير الدفاع إقصاء القادة غير الأكفاء.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

مرشح مُوال لروسيا يتصدر الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في رومانيا

كالين جورجيسكو المرشح لمنصب الرئيس يتحدث لوسائل الإعلام في بوخارست (أ.ب)
كالين جورجيسكو المرشح لمنصب الرئيس يتحدث لوسائل الإعلام في بوخارست (أ.ب)
TT

مرشح مُوال لروسيا يتصدر الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في رومانيا

كالين جورجيسكو المرشح لمنصب الرئيس يتحدث لوسائل الإعلام في بوخارست (أ.ب)
كالين جورجيسكو المرشح لمنصب الرئيس يتحدث لوسائل الإعلام في بوخارست (أ.ب)

أثار مرشح مؤيد لروسيا مفاجأة، في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في رومانيا، بحصوله على نتيجة متقاربة مع تلك التي حققها رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا مارسيل شيولاكو، وفق ما أظهرت نتائج جزئية.

فبعد أن أعطته استطلاعات الرأي أقل من 10 في المائة من نيات التصويت، في بادئ الأمر، حصل كالين جورجيسكو (62 عاماً)، المنتمي إلى اليمين المتطرف والمؤيد لروسيا، على ما يقرب من 22 في المائة من الأصوات، في مقابل 21.1 في المائة لمنافسه شيولاكو، بعد فرز 90 في المائة من الأصوات.

وإذا ما تأكّد هذا الاتجاه، فسيتواجه الرجلان في الجولة الثانية المقررة 8 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

وحلّت إيلينا لاسكوني (52 عاماً)، وهي رئيسة بلدية مدينة صغيرة تترأس حزباً من اليمين الوسط، في المركز الثالث بحصولها على 16.6 في المائة من الأصوات، أمام المرشح القومي جورج سيميون الذي حصل على 14.5 في المائة.

ويرى خبراء أن اليمين المتطرف استفاد من مناخ اجتماعي وجيوسياسي متوتر في هذه الدولة المُوالية للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، والواقعة على حدود أوكرانيا. ويشكل ذلك زلزالاً سياسياً في هذا البلد البالغ عدد سكانه 19 مليون نسمة.

وأدلى الرومانيون بأصواتهم، الأحد، في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية، وسط ارتفاع التضخم ومخاوف بسبب الحرب في أوكرانيا المجاورة.