تركيز أوروبي على المساعدات العسكرية لأوكرانيا بعد إقرار حزمة الـ50 مليار يورو

تغلبوا على عقبة رئيس وزراء المجر بمنحه «جائزة ترضية»

قادة أوروبيون في اجتماع تشاوري في بروكسل الخميس بحضور فيكتور أوروبان رئيس وزراء المجر (أ.ف.ب)
قادة أوروبيون في اجتماع تشاوري في بروكسل الخميس بحضور فيكتور أوروبان رئيس وزراء المجر (أ.ف.ب)
TT

تركيز أوروبي على المساعدات العسكرية لأوكرانيا بعد إقرار حزمة الـ50 مليار يورو

قادة أوروبيون في اجتماع تشاوري في بروكسل الخميس بحضور فيكتور أوروبان رئيس وزراء المجر (أ.ف.ب)
قادة أوروبيون في اجتماع تشاوري في بروكسل الخميس بحضور فيكتور أوروبان رئيس وزراء المجر (أ.ف.ب)

نجح قادة الدول الأوروبية الـ26 في قمتهم الاستثنائية التي عقدت الخميس في بروكسل، في ليّ ذراع فيكتور أوروبان، رئيس وزراء المجر، في دفعه للموافقة على منح أوكرانيا مساعدات مالية تبلغ 50 مليون يورو للسنوات الأربع «2024 - 2027». كذلك نجحوا في التغلب على الشرط الرئيسي الذي وضعه والذي يجعل الاستمرار في منح المساعدة لكييف رهناً بمراجعة وبموافقة سنوية تخضع لعملية تصويت.

المستشار الألماني شولتز مصافحاً رئيس الوزراء المجري فيكتور أوروبان الخميس في بروكسل بمناسبة القمة الأوروبية المخصصة لأوكرانيا (أ.ف.ب)

ولو توفر له ذلك، لأمسك بورقة تتيح له، عاماً بعد عام، إيقاف تدفق المساعدات على كييف استناداً لقاعدة الإجماع المعمول بها داخل الاتحاد. بالمقابل، وصفت مصادر فرنسية ما جرى في بروكسل بأن أوروبان حصل على «جائزة ترضية»؛ فمن جهة، قبل الأوروبيون بأن تجري مناقشة سنوية حول كيفية استخدام كييف للأموال الأوروبية، وإمكانية مراجعة الاتفاق على صعيد المجلس الأوروبي بعد عامين من بدء العمل به بناء على طلب من المفوضية الأوروبية، من جهة أخرى.

ما حققه الأوروبيون، سريعاً، قبل ظهر الخميس سبق أن أخفقوا في الحصول عليه في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وخلال الأيام والأسابيع الماضية، خضع أوروبان لضغوط قوية من نظرائه الأوروبيين الذين هددوا بالتخلي عن مبدأ الإجماع والسير بآلية مختلفة لمساعدة أوكرانيا. وجاءت أقوى الضغوط، الخميس، من المستشار الألماني أولاف شولتز، الذي دعا حال وصوله إلى مقر الاتحاد، إلى «موافقة بالإجماع» على المساعدات لأوكرانيا، قائلاً إنه «حان الوقت لاتخاذ قرار... سأعمل جاهداً للتوصل إلى اتفاق يشمل الدول الست والعشرين».

وتتمتع برلين بـ«الأوزان الثقيلة» داخل الاتحاد وهي الأكثر انخراطاً في دعم أوكرانيا على الصعيدين المالي - الاقتصادي والعسكري. وليس سراً أن أوروبان يحتفظ بعلاقات بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو يعتبر أن المساعدات لأوكرانيا «ستطيل فقط أمد الحرب».

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في طريقه الخميس إلى الانضمام للقادة الأوربيين المجتمعين في مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل (أ.ف.ب)

ويعد أوروبان من «المشاغبين» أوروبياً، لا، بل ثمة من لا يتردد في اتهامه بالسعي لـ«ابتزاز» الاتحاد من أجل الحصول على أموال مجمدة مخصصة لبلاده بسبب ما يعده الأوروبيون «تجاوزات» في أداء دولة القانون في المجر.

وسارع القادة الأوروبيون وكذلك السلطات الأوكرانية للتعبير عن ارتياحهم لـ«الإنجاز» الذي تحقق في العاصمة البلجيكية. وما يضاعف من أهميته أنه يحل مشروع المساعدة الأميركية لأوكرانيا البالغة 61 مليار دولار الذي تقدمت به إدارة الرئيس بايدن منذ شهرين، والذي ما زال عالقاً في الكونغرس حيث يربط أعضاء من مجلس الشيوخ المنتمين للحزب الجمهوري والقريبين من الرئيس السابق دونالد ترمب السير به بموافقة الإدارة على تخصيص مبالغ إضافية لمحاربة الهجرات المتدفقة على البلاد عبر الحدود الأميركية - المكسيكية.

رئيس الوزراء المجري فيكتور أوروبان يصافح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)

تنقسم المساعدة المالية الأوروبية إلى قسمين: 33 مليار يورو من القروض التي يتعين على كييف إيفاؤها، و17 ملياراً من الهبات. وبحسب المعلومات التي توافرت في بروكسل، فإن هذه الأموال التي تدخل فيما سمي «تسهيلات لأوكرانيا» لن تخصص للأغراض العسكرية، ولكن «لتعزيز الاستقرار المالي للبلاد وتسهيل إنهاض اقتصادها وتحديثه من خلال التركيز على الإصلاحات الأساسية في إطار انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي».

كذلك يريد الأوروبيون أن تساهم في توجه أوكرانيا نحو «الاقتصاد الأخضر» عديم الكربون وتمكينها من الالتحاق بالمعايير الأوروبية. واتفق الأوروبيون كذلك على استخدام الفوائد الناتجة عن تجميد الأصول الروسية في الدول الأوروبية من أجل تدعيم الاقتصاد الأوكراني وإعادة إعمار ما تهدم بسب الحرب. ويعد الأوروبيون استخدام هذه الأموال «رداً على النتائج الكارثية التي تسببت بها الحرب العدوانية الروسية على السكان وعلى الاقتصاد والبنى التحتية الأوكرانية». بيد أن العمل بهذا المبدأ لن يبدأ فوراً، بل يحتاج إلى إعداد وتحضير قبل الشروع فيه.

بيد أن اهتمام الأوروبيين لا ينحصر فقط في الجوانب المالية – الاقتصادية، لا، بل إن اهتمامهم الأول ينصب على توفير مقومات النجاح للقوات المسلحة الأوكرانية.

وقد سارع جوزيب بوريل، مسؤول السياستين الخارجية والدفاعية في الاتحاد، الأربعاء، إلى القول إن أوكرانيا يمكن أن تأمل بالحصول على مساعدات عسكرية أوروبية في العام الحالي بحدود الـ21 مليار يورو، ما يعني أنه يتعين على الأوروبيين أن يفعلوا المزيد على الصعيد الدفاعي. وتبدو ألمانيا، التي تقدر مساهمتها الدفاعية لصالح أوكرانيا، منذ انطلاق الحرب قبل عامين، بحدود الثمانية مليارات يورو، أنها تشعر بالإزعاج بسبب «اتكال» الأوروبيين عليها، وهذا ما برز في كلام شولتز، الخميس، حيث عبر عن استيائه من أن الشركاء الآخرين بالاتحاد الأوروبي متحفظون بشكل مبالغ فيه في تعهداتهم بتقديم مساعدات أسلحة لأوكرانيا. وفهم أنه يغمز من قناة دول أوروبية كبرى تتمتع باقتصادات قوية؛ مثل فرنسا وإيطاليا وإسبانيا.

فيكتور أوروبان «الشريك المشاغب» في بروكسل صباح الخميس قبل بدء القمة الأوروبية (رويترز)

وتبدو برلين عازمة على مواصلة احتلال المرتبة الأولى أوروبياً، والثانية بعد الولايات المتحدة الأميركية، لجهة تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا، حيث إن سياستها إزاءها تحولت، مع مرور أشهر الحرب، من التحفظ إلى أقصى درجات الانخراط في دعم المجهود العسكري الأوكراني. وسيكون على الأوروبيين في الأسابيع القليلة المقبلة، أن يرسموا صورة وأشكال الآليات الخاصة بدفع المساعدات العسكرية لكييف إلى الأمام.


مقالات ذات صلة

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب) play-circle 01:12

أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي بعد استهدافها بصاروخ باليستي روسي

أعلن الرئيس الأوكراني، الجمعة، أن بلاده تطلب من حلفائها الغربيين تزويدها بأنظمة حديثة للدفاع الجوي، بعدما استهدفتها روسيا، هذا الأسبوع، بصاروخ باليستي فرط صوتي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يأمر بـ«اختبارات» في الوضع القتالي للصاروخ «أوريشنيك»

أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإنتاج كمية كبيرة من الصاروخ الباليستي الجديد فرط الصوتي «أوريشنيك» ومواصلة اختباره في الأوضاع القتالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

ماذا نعرف عن الصاروخ فرط الصوتي الروسي الذي أُطلق على أوكرانيا؟

أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، بإطلاق بلاده صاروخاً جديداً فرط صوتي على مصنع أوكراني. وهذا السلاح استخدمته روسيا للمرة الأولى.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا سكان أمام منزل متضرر بهجوم طائرة مسيّرة في منطقة أوديسا جنوب أوكرانيا (أ.ف.ب)

موسكو حذرت واشنطن قبل 30 دقيقة من إطلاق صاروخ «أوريشنيك» متوسط ​​المدى

قالت وزارة الدفاع الروسية إنها استخدمت صاروخاً «باليستياً» متوسط ​​المدى من طراز «أوريشنيك» لأول مرة في أعمال قتالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو) «الشرق الأوسط» (كييف)

أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي بعد استهدافها بصاروخ باليستي روسي

TT

أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي بعد استهدافها بصاروخ باليستي روسي

صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)
صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم الجمعة، أن بلاده تطلب من حلفائها الغربيين تزويدها بأنظمة حديثة للدفاع الجوي، بعدما استهدفتها روسيا، هذا الأسبوع، بصاروخ باليستي فرط صوتي.

وقال زيلينسكي، في مقطع مصوَّر نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إن «وزير الدفاع الأوكراني قام بالتواصل مع شركائنا من أجل (الحصول على) أنظمة جديدة للدفاع الجوي، وتحديداً نوع من الأنظمة يمكنه أن يحمي الأرواح في مواجهة أخطار جديدة».

كذلك، عَدَّ الرئيس الأوكراني أن روسيا تسخر من دعوات حليفها الصيني إلى ضبط النفس، حين تطلق صاروخاً من الجيل الجديد على أوكرانيا.

وقال، في المقطع نفسه: «من جانب روسيا، هذا الأمر يشكل سخرية من مواقف دول مثل الصين (...) وبعض القادة الذين يدعون، في كل مرة، إلى ضبط النفس»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، بإنتاج كمية كبيرة من الصاروخ الباليستي الجديد فرط الصوتي «أوريشنيك»، ومواصلة اختباره في الأوضاع القتالية، وذلك بعد استخدامه لضرب أوكرانيا.

وقال بوتين، خلال اجتماع مع مسؤولين عسكريين بثَّ التلفزيون وقائعه: «سنواصل هذه الاختبارات، وخصوصاً في الأوضاع القتالية، وفقاً لتطور الوضع وطبيعة التهديدات التي تستهدف أمن روسيا».