ماكرون يعلن قرب توقيع فرنسا اتفاقاً أمنياً مع أوكرانيا مثلما فعلت بريطانيا

قال إنه سيزور كييف قريباً وإن أخطر تهديد تواجهه أوروبا هو روسيا

ماكرون وسوناك على هامش «قمة العشرين» في نيودلهي (أ.ف.ب)
ماكرون وسوناك على هامش «قمة العشرين» في نيودلهي (أ.ف.ب)
TT

ماكرون يعلن قرب توقيع فرنسا اتفاقاً أمنياً مع أوكرانيا مثلما فعلت بريطانيا

ماكرون وسوناك على هامش «قمة العشرين» في نيودلهي (أ.ف.ب)
ماكرون وسوناك على هامش «قمة العشرين» في نيودلهي (أ.ف.ب)

يوم الجمعة الماضي، أعلن في كييف، بمناسبة الزيارة التي قام بها ريتشي سوناك، رئيس الوزراء البريطاني إلى أوكرانيا، عن توقيع اتفاق أمني غير مسبوق بين لندن وكييف مدته عشر سنوات تلتزم فيه بريطانيا بتقديم كل الدعم، وستكون باكورته دعم أوكرانيا بـ2.5 مليار جنيه إسترليني مساعدات عسكرية لعام 2024 - 2025 بحيث تتخطى قيمتها الإجمالية سقف الـ 12 مليار جنيه.

رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل مؤتمرهما الصحافي في كييف (أ.ب)

والاتفاق المشار إليه يعد ترجمة لما تعهد به قادة مجموعة السبع خلال اجتماعهم العام الماضي في فيلنيوس، على هامش قمة الحلف الأطلسي.

وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا يتحدث مع نظيره الفرنسي ستيفان سيجورنيه خلال زيارة لأوكرانيا (رويترز)

ولأن فرنسا لا تريد أن تكون متأخرة في توفير الدعم المتنوع لأوكرانيا، فإن الرئيس إيمانويل ماكرون أعلن بدوره، بمناسبة المؤتمر الصحافي الذي عقده في قصر الإليزيه مساء الاثنين، أن بلاده تستعد بدورها لتوقيع اتفاق مشابه مع أوكرانيا، وسيتم ذلك الشهر المقبل بمناسبة الزيارة التي سيقوم بها إلى كييف. وسبق لماكرون أن طلب من وزير خارجيته الجديد ستيفان سيجورنيه أن يتوجه إلى كييف في أول مهمة رسمية يقوم بها منذ تعيينه في منصبه، للدلالة على الأهمية التي توليها فرنسا لتوفير الدعم لأوكرانيا في حرب روسيا عليها.

طائرة مقاتلة من طراز «رافال» (أ.ف.ب)

ويأتي القرار الفرنسي، كما القرار البريطاني، وسط مؤشرين يعدان بالغي الخطورة بالنسبة لأوكرانيا، أولهما عجز الاتحاد الأوروبي حتى اليوم عن إقرار توفير 50 مليارا مساعدات لأوكرانيا للسنوات المقبلة. والثاني التخوف من فوز الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية المقبلة وما سيترتب عليه من تغيرات في السياسة الأميركية إزاء أوكرانيا بعد فشل الإدارة الحالية في تمرير مشروع قانون يوفر لكييف 64 مليار دولار من المساعدات المتنوعة.

وبانتظار أن يعلن رسميا تاريخ الزيارة، فإن ماكرون لن يصل إلى كييف خالي الوفاض، إذ أفاد بأن فرنسا سوف تسلم القوات الأوكرانية 40 صاروخا بعيد المدى من طراز «سكالب» وعدة مئات من القنابل ومدافع هاوتزر من طراز «سيزار». وأكد ماكرون أن «اقتصاد الحرب» الذي سرع إنتاج الأسلحة والذخائر سيسمح لفرنسا بأن تقدم لأوكرانيا مزيدا من الأسلحة والذخائر خصوصا من مدافع «سيزار».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مؤتمر افتراضي لقادة «مجموعة السبع» في قصر الإليزيه (أ.ف.ب)

وسبق للمسؤولين الأوكرانيين السياسيين والعسكريين أن أعربوا عن حاجتهم للصواريخ البعيدة المدى وللقنابل الخاصة بالمدفعية خصوصا القذائف من عيار 155 ملم. وقد تعهد الأوروبيون بتوفير مليون قذيفة بنهاية عام 2023. إلا أن النتيجة جاءت بعيدة عن الوعود، إذ إن ما سلم لم يتجاوز الـ300 ألف قذيفة. وبشكل عام، ثمة تخوفات أوكرانية وأوروبية من تراجع الدعم لأوكرانيا بسبب تغير مزاج الرأي العام الغربي إزاء حرب سيكون قد مضى عليها عامان الشهر المقبل، ولا يبدو في الأفق ما يدل على انتهائها قريبا.

وفي مؤتمره الصحافي، أشار ماكرون إلى أن فرنسا «تضع اللمسات الأخيرة على اتفاق» أمني مع كييف، وأنها مع الاتحاد الأوروبي قد يضطران إلى «اتخاذ قرارات جديدة في الأسابيع والأشهر المقبلة لعدم السماح بانتصار روسيا».

يعد ماكرون أن الخطر الأكبر الذي يهدد أوروبا يتمثل في الحرب التي تقوم بها روسيا ضد أوكرانيا. ولذا فإنه يدعو بالتالي إلى قيام «أوروبا قوية» تكون بمثابة «قطب استقرار» إلى جانب القطبين المتنافسين اللذين هما الولايات المتحدة والصين. وقراءة ماكرون الاستراتيجية لحرب أوكرانيا ولتبعاتها أن تمكين روسيا من الانتصار في حربها يعني ببساطة «التخلي عن القواعد التي تتحكم بالنظام الدولي وجعل أوروبا بمتناول التهديد الروسي».

متطوعون روس يتأهبون لركوب الطائرة الأربعاء في مطار غروزني بعد تلقيهم التدريب العسكري في الشيشان للالتحاق بمواقعهم على الجبهة الروسية الأوكرانية (رويترز)

ويلفت ماكرون النظر إلى أن دولا مثل بلدان البلطيق أو بولندا ومولدوفا ودول القوقاز ستكون في وضع لا يطاق بسبب التهديد الروسي. وهذا التهديد يراه ماكرون العامل الرئيسي الذي يفرض على الأوروبيين أن يتعبأوا لتجنب هذا النوع من المخاطر. والخطوة الرئيسية لذلك تكمن، بطبيعة الحال، في توفير الدعم لأوكرانيا لتمكينها من الوقوف بوجه روسيا ومنع موسكو من تحقيق النصر في الحرب الدائرة حاليا بين الطرفين.

الرئيس الأوكراني يصافح نظيره الليتواني ويبدو الرئيس الأميركي وعدد من القادة الأوروبيين خلال اجتماع «مجلس أوكرانيا - الناتو» في فيلنيوس الشهر الماضي (أ.ف.ب)

وأظهر تقرير برلماني نشر في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أن المساعدات العسكرية الفرنسية لأوكرانيا بلغت 3.2 مليار يورو، ما يضع فرنسا في أعلى لائحة الدول التي تدعم أوكرانيا وإلى جانب ألمانيا وبريطانيا. وجاء في التقرير أن فرنسا «ساهمت في مد أوكرانيا بالوسائل التي مكنتها من الوقوف بوجه الجيش الروسي». ويسرد التقرير البرلماني أنواع الأسلحة التي قدمت للقوات الأوكرانية، ومنها وسائط الدفاع الجوي ومدافع «سيزار» والعربات المصفحة والعربات المخصصة للاستعلام الميداني من طراز «آي إم إكس» ومئات الصواريخ أرض - جو من طراز «ميسترال» وبطاريات الصواريخ «كروتال» وعدد غير محدد من صواريخ «سكالب» بعيدة المدى وصواريخ «ميلان» المضادة للدبابات وقوارب «زودياك فوتورا» للعمليات المائية ومناظير للرؤية الليلية، وغيرها الكثير من الأسلحة والعتاد.

سوناك إلى جانب بايدن (أ.ب)

بيد أن التقرير يوضح أن المبلغ الإجمالي لا يتطابق مع القيمة الفعلية للأسلحة والعتاد الذي سلم للقوات الأوكرانية، بل يعني ما سيتعين على باريس أن تخصصه لاستبدال الأسلحة والمعدات التي سلمت. وثمة جدل حول ترتيب لائحة الدول الأكثر انخراطا في تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا. وفي بعضها تحل فرنسا بعد بولندا وحتى السويد. والواضح بحسب الخبراء العسكريين أنه من غير الدعم الأميركي، فإن أوكرانيا لن تكون قادرة على الصمود بوجه القوات الروسية التي تستند إلى قاعدة صناعية نجحت السلطات الروسية في توجيهها نحو «اقتصاد الحرب».


مقالات ذات صلة

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تحليل إخباري الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)

تحليل إخباري الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

لبنان: الأوراق المتاحة لفرنسا للرد على إسرائيل لإزاحتها من مساعي الحل ولجنة الإشراف على وقف النار .

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في ريو دي جانيرو (د.ب.أ)

ماكرون يندد بموقف روسيا «التصعيدي» إزاء أوكرانيا ويدعو بوتين «للتعقّل»

ندّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الثلاثاء، بموقف روسيا «التصعيدي» في الحرب في أوكرانيا، داعياً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى «التعقّل».

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بوينس أيرس (أ.ف.ب)

ماكرون: بوتين «لا يريد السلام» في أوكرانيا

أوضح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن نظيره الروسي فلاديمير بوتين «لا يريد السلام» مع كييف و«ليس مستعداً للتفاوض».

«الشرق الأوسط» (بوينس أيرس)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)

«الإليزيه»: ماكرون يزور السعودية بين 2 و4 ديسمبر القادم

يزور الرئيس إيمانويل ماكرون السعودية في الفترة بين الثاني والرابع من ديسمبر المقبل، حسبما أعلن قصر الإليزيه.

«الشرق الأوسط» (باريس)

«تهيمنان على برامج التصفح على الهواتف»... بريطانيا تحقق بشأن «أبل» و«غوغل»

شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)
شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)
TT

«تهيمنان على برامج التصفح على الهواتف»... بريطانيا تحقق بشأن «أبل» و«غوغل»

شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)
شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)

قالت هيئة المنافسة والأسواق في المملكة المتحدة، اليوم الجمعة، في تقرير إن شركتي «أبل» و«غوغل» لا توفران للمستهلكين خياراً حقيقياً لبرامج التصفح على الإنترنت للهواتف المحمولة، وأوصت بإحالتهما إلى تحقيقٍ بموجب القواعد الرقمية الجديدة في المملكة المتحدة، والتي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ العام المقبل.

ووجهت هيئة المنافسة والأسواق انتقادات لشركة «أبل»، قائلة إن تكتيكات الشركة المصنعة لهاتف آيفون تعيق الابتكار عن طريق منع المنافسين من منح المستخدمين ميزات جديدة مثل تحميل صفحات الإنترنت بشكل أسرع.

وأفاد تقرير الهيئة بأن شركة «أبل» تفعل ذلك من خلال تقييد تطبيقات الويب المتطورة، والتي لا يتطلب الأمر تنزيلها من تطبيق لمتجر التطبيقات، ولا تخضع لعمولات تطبيق متجر التطبيقات.

وقالت هيئة المنافسة والأسواق البريطانية إن «هذه التطبيقات غير قادرة على الانطلاق بشكل كامل على الأجهزة التي تعمل بنظام تشغيل (آي أو إس) الذي طورته شركة (أبل)»، وجاء ذلك في تقرير مؤقت للهيئة عن تحقيقها بشأن برامج تصفح الهواتف المحمولة، والذي شرعت فيه بعد أن خلصت دراسة أولية إلى أن شركتي «أبل» و«غوغل» لديهما سيطرة فعالة على «الأنظمة البيئية المحمولة».

وتوصل تقرير هيئة المنافسة والأسواق أيضاً إلى أن شركتي «أبل» و«غوغل» تتلاعبان بالخيارات المقدمة لمستخدمي الهواتف المحمولة؛ لجعل برامج التصفح الخاصة بهما هي «الخيار الأكثر وضوحاً أو سهولة».

وقالت الهيئة إن اتفاقاً لتقاسم الإيرادات بين شركتي التكنولوجيا الكبيرتين في الولايات المتحدة «يقلل بشكل كبير من حوافزهما المالية» للتنافس في مجال برامج تصفح الهواتف المحمولة على نظام التشغيل «آي أو إس» الذي تصنعه شركة «أبل» لأجهزة آيفون.

وقالت الشركتان إنهما «ستتعاونان بشكل بناء» مع هيئة المنافسة والأسواق.

وذكرت شركة «أبل» أنها لا توافق على نتائج تقرير الهيئة، وأعربت عن قلقها من أن تؤدي التوصيات إلى تقويض خصوصية وأمن المستخدم.

وأشارت شركة «غوغل» إلى أن انفتاح نظام تشغيل «آندرويد» للأجهزة المحمولة الخاص بها «ساعد في توسيع الاختيار وخفض الأسعار، وأتاح الوصول إلى الهواتف الذكية والتطبيقات»، وأنها «ملتزمة بالمنصات المفتوحة التي توفر الإمكانيات للمستهلكين».