ألمانيا تفقد شويبله... السياسي الشغوف و«الديمقراطي المشاكس»

فولفغانغ شويبله مبتسماً خلال جلسة بالبرلمان الألماني في أكتوبر 2017 (رويترز)
فولفغانغ شويبله مبتسماً خلال جلسة بالبرلمان الألماني في أكتوبر 2017 (رويترز)
TT

ألمانيا تفقد شويبله... السياسي الشغوف و«الديمقراطي المشاكس»

فولفغانغ شويبله مبتسماً خلال جلسة بالبرلمان الألماني في أكتوبر 2017 (رويترز)
فولفغانغ شويبله مبتسماً خلال جلسة بالبرلمان الألماني في أكتوبر 2017 (رويترز)

أشاد مسؤولون حاليون وسابقون في ألمانيا بفولفغانغ شويبله، أحد أبرز وجوه السياسة والمالية في البلاد على مدى عقود، الذي رحل ليل الثلاثاء إلى الأربعاء عن 81 عاماً. وتولّى شويبله مناصب وزارية في حكومات المستشارَين السابقين هلموت كول وأنجيلا ميركل، وبقي نائباً في البرلمان حتى وفاته، وأدى دوراً أساسياً في توحيد ألمانيا في عام 1990. ونعى المستشار أولاف شولتس شويبله، مشيراً إلى أنه ساهم في «تشكيل بلادنا على مدى أكثر من نصف قرن». وأضاف، عبر منصة «إكس» («تويتر» سابقاً): «فقدت ألمانيا مفكّراً دقيقاً، سياسياً شغوفاً، وديمقراطياً مشاكساً».

شويبله (يسار) برفقة وزير خارجية ألمانيا الشرقية (يمين) ورئيس حكومتها (وسط) بعد التوقيع على اتفاقية توحيد ألمانيا في أغسطس 1990 (أ.ب)

من جهتها، قالت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك: «بالكاد يوجد سياسي آخر ساهم في تشكيل تاريخنا الألماني الحديث وثقافتنا الديمقراطية بقدر فولفغانغ شويبله»، منوهة بـ«خدماته المتميزة لتوحيد ألمانيا وأوروبا». وأشادت ميركل بـ«شخصية متميّزة... ساهمت في تشكيل بلادنا بطرق عدة».

محاولة اغتيال

برز اسم هذا السياسي المؤيد لأوروبا تحت إدارة هلموت كول، حيث تدرَّج في المناصب إلى أن أصبح مدير مكتب المستشار السابق. ونُظر إليه لفترة طويلة بوصفه خَلَفه المحتمل في المستشارية. وقاد الرجلان عملية إعادة توحيد ألمانيا بعد سقوط جدار برلين، قبل أن يتعرض شويبله، في عام 1990، لمحاولة اغتيال من قبل رجل مختل ذهنياً أدَّت إلى إصابته بجروح بالغة، وألزمته استعمال كرسي نقّال لما تبقى من عمره.

تشدد نقدي

وشغل منصب وزير المال لأعوام عدة في عهد ميركل، واكتسب خلالها سمعة الإدارة الصارمة للميزانية الألمانية، خصوصاً خلال أزمة الديون اليونانية. وشويبله الذي عدّ نفسه شخصاً «بلا رحمة» في إدارته للمالية العامة في ألمانيا، أظهر مقاربة مماثلة لدى التعامل مع الشركاء الأوروبيين، ودافع على الدوام عن الانضباط النقدي، والتشدد في شروط أي حزمة إنقاذ لطرف في الاتحاد الأوروبي يواجه أزمة مالية.

وتسبب له ذلك بنقمة في اليونان، بعد الأزمة المالية التي واجهتها أثينا في 2007 – 2008، وانعكست سلباً على الاتحاد الأوروبي. واتهم وزير المالية اليوناني السابق يانيس فاروفاكيس، شويبله، بالمساهمة في «إفقار اليونان». وكتب على «إكس» الأربعاء أن «التاريخ سيحكم عليه بقسوة، لكنها لن تكون أشد من (قسوة) الذين خضعوا لسياساته المدمّرة».

علاقة معقدة مع ميركل

وُلِد شويبله في عام 1942 بمدينة فرايبورغ، وكان والده من السياسيين الألمان المحافظين. أمضى الفترة الأطول في الغرفة الدنيا للبرلمان الألماني، حيث كان نائباً منذ عام 1972. تولى رئاسة «البوندستاغ» بين 2017 و2021، وبقي نائباً حتى وفاته.

فولفغانغ شويبله وأنجيلا ميركل خلال أدائها القسم في البرلمان في 14 مارس 2018 (رويترز)

عُرِف بحنكته اللاذعة والتزامه بالواجب، ووصفه كاتب سيرته الذاتية بيتر شويتس بأنه «الرجل الأكثر صدقاً» الذي يعرفه، وإن «لم يكن دائماً الأكثر سحراً». ابتعد شويبله، وهو أب لأربعة أولاد، عن الساحة السياسية في التسعينات، لكنه عاد في 2002. وفي حين امتنعت ميركل عن دعمه لرئاسة الدولة، سمّته وزيراً للداخلية في 2005، وهو منصب تعرّض فيه لانتقادات على خلفية تقييد الحريات في مواجهة خطر هجمات الإرهابيين. وفيما عُدّ مكافأة له، سمّته ميركل في 2009 وزيراً للمال في حكومتها. لكن العلاقة بين الخصمين المحافظين ميركل وشويبله لم تكن يوماً سهلة. وفي أواخر 2022، وجّه إليها انتقادات لاذعة على خلفية العلاقة الوثيقة مع روسيا، وعدّها غير مؤهلة لتُصنّف ضمن «المستشارين الكبار» في تاريخ البلاد. ووصفت رئيسة «المصرف المركزي الأوروبي»، كريستين لاغارد، شويبله بـ«أحد أكثر القادة الأوروبيين تأثيراً في جيله». وأضافت عبر منصة «إكس»: «عرفت شخصياً التزامه حيال أوروبا، صرامته الفكرية وحنكته السياسية». وحيّا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأربعاء، التزام «صديق لفرنسا»، بينما رأت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين وفاته بمثابة «خسارة كبيرة لألمانيا وأوروبا». ووفق صحيفة «بيلد»، عانى شويبله من السرطان على مدى الأعوام الماضية. وفي مقابلة حديثة أجرتها معه مجلة «در شبيغل»، أقر شويبله بأنه يشعر بـ«الوحدة»، بعدما توفي العديد من أقرانه، لكن بدا أن ذلك لا يزعجه. وأوضح: «يمكنني أن أراقب حياتي وهي تقترب من نهايتها... أرى أن مراقبة نفسي أمر مثير للاهتمام».



قتلى وجرحى في هجمات روسية على خاركيف وكييف

مبنى دمرته الغارة الروسية في خاركيف (رويترز)
مبنى دمرته الغارة الروسية في خاركيف (رويترز)
TT

قتلى وجرحى في هجمات روسية على خاركيف وكييف

مبنى دمرته الغارة الروسية في خاركيف (رويترز)
مبنى دمرته الغارة الروسية في خاركيف (رويترز)

قُتل 3 أشخاص على الأقلّ في وقت باكر اليوم (الثلاثاء)، في هجوم جوّي على خاركيف، حسبما أفاد رئيس بلدية ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا.

وقال إيغور تيريخوف على «تلغرام»: «في الساعة 02:51 (00:51 بتوقيت غرينيتش)، كانت خاركيف هدفاً لهجوم جوّي» ضرب منطقة أوسنوفيانسكي «على الأرجح عن طريق قنبلة جوّية».

وأضاف أنه بعد التأكّد من سقوط قتيلين، «عُثِر على جثة شخص ثالث تحت الأنقاض».

وتابع: «دُمّر منزلان وتعرّض نحو 20» مسكناً آخر لأضرار متفاوتة، مشيراً إلى أن المسعفين يبحثون عن ضحايا آخرين محتملين.

وتتعرّض خاركيف، المدينة الكبيرة الواقعة في الشمال الشرقي على بعد 30 كيلومتراً من الحدود الروسية، لقصف منتظم من جانب الجيش الروسي الذي يشن هجوماً في أوكرانيا منذ 24 فبراير (شباط) 2022.

وأعلنت أوكرانيا، الاثنين، أن الجيش الروسي قصف مبنى رمزياً بُني على الطراز السوفياتي في خاركيف، ما أدى إلى إصابة 6 أشخاص على الأقل وتضرر مبنى طبّ، بحسب ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكتب الحاكم المحلي أوليغ سينيغوبوف على «تلغرام»: «سُجِّلت ضربة مباشرة على مبنى ديرجبروم»، وهو اسم هذا المبنى الذي بني عام 1928، مرفقاً صوراً تظهر ثقباً في الواجهة ونوافذ محطمة وأجزاء داخلية مدمّرة.

وأضاف الحاكم أنه من خلال هذا الهجوم الذي نُفّذ بحسب المعلومات الأولية بقنابل موّجهة، «ضرب المحتلّون رمزاً للمدينة»، مندداً بـ«الإرهاب الروسي».

وهذا الموقع مرشح ليتم إدراجه في لائحة «اليونيسكو» للتراث العالمي. وكان المبنى تعرض لأضرار طفيفة جراء ضربة صاروخية في يناير (كانون الثاني) من هذا العام.

وفي سياق متصل، قال رئيس بلدية العاصمة الأوكرانية كييف اليوم، إن حطام طائرة مسيرة روسية مدمرة أصاب شخصين وأشعل النار في مبنى سكني بالمدينة.

حريق في موقع مبنى سكني تضرر خلال غارة روسية بمسيرة بكييف (رويترز)

وقال فيتالي كليتشكو على قناته بـ«تلغرام»، إن أحد المصابين جراء الحطام في منطقة سولوميانسكي بكييف نُقل إلى المستشفى. وأضاف أن النيران اشتعلت في عدة سيارات أيضاً.

ورأى شاهد من وكالة «رويترز» للأنباء دخاناً يتصاعد فوق المنطقة السكنية الواقعة بغرب كييف. وأظهرت صور نشرتها الإدارة العسكرية في كييف على قناتها بـ«تلغرام»، مبنى سكنياً وسيارات قريبة منه تحترق في الظلام.

وقالت الإدارة إن وحدات الدفاع الجوي الأوكرانية كانت تحاول صد هجوم بطائرات روسية مسيرة على المدينة، وإن حطام طائرة مسيرة سقط أيضاً على منطقة سفياتوشينسكي بغرب كييف، لكن لم ترد تقارير عن وقوع أضرار.

ولم يصدر تعليق بعد من روسيا بشأن الهجوم. وتنفي موسكو استهداف المدنيين في الحرب.

وأدت الحرب المستمرة منذ عامين ونصف العام، إلى مقتل الآلاف من الأشخاص، الغالبية العظمى منهم من الأوكرانيين، وتحويل مدن وقرى إلى أكوام من الأنقاض.