مصير مساعدات أوكرانيا معلّق في الكونغرس

زيلينسكي في واشنطن بمهمة شبه مستحيلة

زيلينسكي مع زعيمَي الجمهوريين والديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأميركي 21 سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)
زيلينسكي مع زعيمَي الجمهوريين والديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأميركي 21 سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

مصير مساعدات أوكرانيا معلّق في الكونغرس

زيلينسكي مع زعيمَي الجمهوريين والديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأميركي 21 سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)
زيلينسكي مع زعيمَي الجمهوريين والديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأميركي 21 سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

يواجه الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي، مهمة شبه مستحيلة في واشنطن التي زارها للمرة الثالثة منذ اندلاع الحرب في بلاده، في محاولةٍ لإقناع المشرِّعين بضرورة تمرير المساعدات لكييف.

يسعى زيلينسكي لإقناع معارضين التمويل بإقراره سريعاً (د.ب.أ)

فإصرار الجمهوريين على عدم المساومة على مواقفهم الرافضة لأي مساعدات من دون تسوية على أمن الحدود، بدا واضحاً في تصريحاتهم العلنية التي أكدوا فيها أن زيارة زيلينسكي، رغم أهميتها فإنها لن تُغيّر من مواقفهم. فقال السيناتور الجمهوري جون ثون: «الجمهوريون لن يُغيّروا موقفهم. نريد أن نساعد زيلينسكي لكننا نريد أن يتعامل الديمقراطيون بجدية مع الحدود... الأمر بهذه البساطة»، وهذا ما شدد عليه السيناتور الجمهوري جيمس لانكفورد، الذي يقود جهود التفاوض مع الحزب الديمقراطي على أمن الحدود والتمويل.

لانكفورد شدد على أن أعضاء الكونغرس «يريدون أن يسمعوا من زيلينسكي تفاصيل ما يجري في أوكرانيا» لكنّه أضاف بلهجة مشكِّكة: «لكنْ إنْ طلب منّا الاهتمام ببلاده من دون التركيز على بلادنا، فهذا لن يحصل»، واستبعد لانكفورد أن يتوصل الكونغرس إلى أي تسوية لإقرار التمويل قبل العام المقبل، مشيراً إلى عدم وجود حلحلة في المفاوضات.

زعيم الديمقراطيين في الشيوخ تشاك شومر يصل الى مبنى الكابيتول في 11 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

ارتباك ديمقراطي وهجوم جمهوري

وسعى الديمقراطيون إلى مواجهة هذا التشاؤم الجمهوري، فرأوا أن التوصل إلى تسوية لا يزال وارداً، رغم الصعوبات، فقال زعيم الديمقراطيين في الشيوخ تشاك شومر: «لم نتوصل إلى حلٍّ بعد، لكنّ الديمقراطيين سوف يستمرون في المحاولة كبادرة حُسن نية» وتابع شومر محذراً: «إذا استمر الجمهوريون في الإصرار على تطبيق سياسات دونالد ترمب حول الحدود، حينها سيتحملون المسؤولية لدى انهيار أي اتفاق بشأن المساعدات لأوكرانيا وإسرائيل والمساعدات الإنسانية لغزة».

زيلينسكي يتحدث في مقر صندوق النقد الدولي بواشنطن 11 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

يتحدث شومر هنا عن حزمة التمويل الطارئ التي أرسلها بايدن إلى الكونغرس الشهر الماضي والتي بلغت قيمتها أكثر من 106 مليارات دولار منها قرابة 60 ملياراً لأوكرانيا و14 ملياراً لإسرائيل.





من ناحيته حذّر السيناتور الديمقراطي ديك دربن، من خطورة عدم إقرار المساعدات لأوكرانيا، فقال عن زيلينسكي: «إنها قضية حياة أو موت... رأيت ما يجري هناك واليأس الذي يشعر به، إنه مستعد للموت في سبيل قضيته...». وختم دربن: «إنها قضية دفعته أميركا للاستمرار فيها...».

لكنّ لهجة التعاطف هذه لم تتردد على لسان أغلبية الجمهوريين، على العكس، فقد هاجم البعض منهم زيلينسكي واتهموه بالتدخل في الشؤون الداخلية الأميركية، وقال السيناتور الجمهوري جاي دي فانس: «زيلينسكي أسقط نفسه في الجدل الداخلي السياسي حول حدودنا. هو ليس هنا ليقول لنا أيَّ أمر جديد لم نسمعه من قبل، إنه هنا ليوبِّخ وليُرهب رئيس مجلس النواب والجمهوريين لإسقاط مفاوضاتهم حول الحدود وإعطائه شيكاً آخَرَ على بياض...».

رئيس مجلس النواب مايك جونسون بعد اجتماعه مع الجمهوريين في 11 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

إلا أن رئيس مجلس النواب بعيد كل البعد عن كتابة هذا الشيك على بياض، إذ قال في مقال كتبه في صحيفة «وول ستريت جورنال»: «أفهم ضرورة الحرص على عدم تفوق بوتين في أوكرانيا وأوروبا... لكني أقول لزيلينسكي إنه رغم أني أفهم هذا فإن موقفي واضح منذ اليوم الذي تسلمت فيه رئاسة المجلس، وهو أنه علينا أن نهتم بحدودنا أولاً وببلادنا...».



تصريح واضح وصريح، نتيجته شبه محسومة: مصير المساعدات لأوكرانيا معلّق حتى إشعار آخر، والأرجح أن زيلينسكي، رغم مساعيه الحثيثة لإقناع المشرعين بضرورة إقرار التمويل، يعلم أن مهمته لن تُكلَّل بالنجاح من دون اتفاق على أمن الحدود، وهو قال في خطاب بـ«جامعة الدفاع الوطني» في واشنطن قبيل اجتماعاته بأعضاء الكونغرس وبالرئيس الأميركي جو بايدن، إن تأخير المساعدات العسكرية لبلاده هو «تحقيق لأحلام» الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وذلك في أول موقف علني له حول الجدل الأميركي المرتبط بإقرار التمويل. وختم زيلينسكي برسالة مبطنة للأميركيين: «يجب أن يخسر بوتين... يمكنكم الاعتماد على أوكرانيا، ونأمل أن نتمكن من الاعتماد عليكم بالدرجة نفسها».


مقالات ذات صلة

بوتين يحذر أميركا من أزمة صواريخ شبيهة بالحرب الباردة

أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يجلس أمام وزير الدفاع وقائد البحرية بمناسبة الاحتفالات بيوم البحرية في سان بطرسبرغ الأحد (رويترز)

بوتين يحذر أميركا من أزمة صواريخ شبيهة بالحرب الباردة

حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأحد، الولايات المتحدة من أنه في حال نشرها صواريخ طويلة المدى في ألمانيا، فإن روسيا ستضع صواريخ مماثلة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أوراق نقدية من فئة 20 و50 يورو (د.ب.أ)

الاتحاد الأوروبي يحول لأوكرانيا 1.5 مليار يورو من عائدات الأصول الروسية

أعلن الاتحاد الأوروبي تأمين 1.5 مليار يورو (1.6 مليار دولار) لدعم أوكرانيا، وهي أول دفعة من الأموال المكتسبة من الأرباح على الأصول الروسية المجمدة.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يدعو إلى «معاقبة» الساعين لـ«تقسيم» روسيا

شجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المحققين الروس على التصدي لأي خطر يتسبب بانقسام المجتمع في روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم وزير الخارجية الصيني وانغ يي (إلى اليمين) يصافح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال اجتماع وزاري على هامش الاجتماع الـ57 لوزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) والاجتماعات ذات الصلة في فينتيان 25 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

بدء محادثات بين روسيا والصين على هامش اجتماع «آسيان»

التقى وزيرا خارجية روسيا والصين، الخميس، في فينتيان عاصمة لاوس، على هامش اجتماع إقليمي وغداة لقاء الوزير الصيني نظيره الأوكراني في الصين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
رياضة عالمية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)

زيلينسكي: مشاركة أوكرانيا في الأولمبياد إنجاز في زمن الحرب

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم (الأربعاء)، إن مجرد مشاركة بلاده في دورة الألعاب الأولمبية تمثل إنجازاً في زمن الحرب.

«الشرق الأوسط» (كييف)

أوروبا ترفض دواء لألزهايمر وافقت عليه أميركا بسبب أعراضه الجانبية

المقر الرئيسي للشركة الأميركية «بايوجين» (Biogen) في ماساتشوستس التي ساهمت في ابتكار دواء «ليكيمبي» مع شركة «إيساي» اليابانية (أ.ب)
المقر الرئيسي للشركة الأميركية «بايوجين» (Biogen) في ماساتشوستس التي ساهمت في ابتكار دواء «ليكيمبي» مع شركة «إيساي» اليابانية (أ.ب)
TT

أوروبا ترفض دواء لألزهايمر وافقت عليه أميركا بسبب أعراضه الجانبية

المقر الرئيسي للشركة الأميركية «بايوجين» (Biogen) في ماساتشوستس التي ساهمت في ابتكار دواء «ليكيمبي» مع شركة «إيساي» اليابانية (أ.ب)
المقر الرئيسي للشركة الأميركية «بايوجين» (Biogen) في ماساتشوستس التي ساهمت في ابتكار دواء «ليكيمبي» مع شركة «إيساي» اليابانية (أ.ب)

اتخذت وكالة الأدوية الأوروبية أمس (الجمعة) قراراً برفض طرح دواء لداء ألزهايمر في الاتحاد الأوروبي يهدف إلى الحد من التدهور المعرفي للمرضى؛ إذ اعتبرت أن هذا العقار المرتقب جداً غير آمن.

ورأت الوكالة الناظمة أن النتائج التي يحققها الدواء المطروح باسم «ليكيمبي» (Leqembi) والمُجاز له في الولايات المتحدة «غير متوازنة مع خطر الآثار الجانبية الخطيرة المرتبطة به»، وأبرزها «احتمال حصول نزف في أدمغة المرضى».

وتوقع الخبراء «خيبة أمل» لدى عدد كبير من المرضى من هذا الرأي الذي تأخذ به عادة المفوضية الأوروبية صاحبة القرار النهائي.

وأكدت شركة الصناعات الدوائية اليابانية «إيساي» (Eisai) التي ابتكرت «ليكيمبي» بالتعاون مع الأميركية «بايوجين» (Biogen) أنها ستتقدم بطلب لـ«إعادة النظر في رأي» وكالة الأدوية الأوروبية، معربةً عن «خيبة أمل شديدة».

ونقل بيان عن المديرة السريرية في «إيساي» لين كرايمر قولها إن «ثمة حاجة كبيرة لا تتم تلبيتها لخيارات علاجية جديدة ومبتكرة تستهدف السبب الكامن وراء تطور المرض».

ورخّصت إدارة الغذاء والدواء الأميركية في مايو (أيار) 2023 لعقار «ليكيمبي» الذي يشكل ليكانيماب (lecanemab) مكوّنة للمرضى الذين لم يصلوا إلى مرحلة متقدمة من المرض. وأشارت «إيساي» إلى أنه يباع أيضاً في اليابان والصين.

وفشل الباحثون طوال عقود في إحراز تقدّم فعلي في محاربة مرض ألزهايمر الذي يصيب عشرات الملايين من الناس في كل أنحاء العالم.

ويعاني نحو ثمانية ملايين شخص في الاتحاد الأوروبي شكلاً من أشكال الخرف، ويمثل مرض ألزهايمر أكثر من نصف هذه الحالات، وفقاً لموقع «ألزهايمر أوروبا». ولا يتوافر إلى اليوم أي دواء يحقق الشفاء.

أعراض جانبية مثيرة للجدل

ولم يتوصل الطب بعد إلى فهم وافٍ للسبب الدقيق لمرض ألزهايمر، إلّا أن مراقبة أدمغة المرضى تُظهر وجود لويحات أميلويد تتشكل حول الخلايا العصبية وتدمرها على المدى البعيد.

ويؤدي ذلك إلى فقدان الذاكرة الذي يُعدّ أبرز تجليات المرض. وفي المراحل الأخيرة منه، لا يعود المرضى قادرين على القيام بالمهام والأنشطة الحياتية اليومية أو على الانخراط في أحاديث.

ويتيح دواء «ليكيمبي» الذي يؤخَذ عن طريق الوريد مرة كل أسبوعين، تقليل عدد لويحات الأميلويد، وفق ما أظهرت التجارب السريرية. لكن الرأي السلبي لوكالة الأدوية الأوروبية لاحظ «بشكل خاص الظهور المتكرر في الصور الطبية لتشوهات مرتبطة بالأميلويد (...) من بينها تورم ونزف محتمل في أدمغة المرضى».

ورأت اختصاصية التنكس العصبي بجامعة أدنبره البروفيسورة تارا سبايرز جونز أن هذا الرأي الذي أصدرته وكالة الأدوية الأوروبية «سيكون مخيباً لآمال الكثيرين». لكنّها اعتبرت في بيان أن «ثمة أسباباً تدعو إلى الاستمرار في التفاؤل»؛ إذ أظهر ليكانيماب أنه «من الممكن إبطاء تطور المرض». وأضافت: «نحن الآن بحاجة إلى تكثيف جهودنا لاكتشاف أدوية جديدة وأكثر أماناً»، حسبما أفاد تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

«فوارق ثقافية»

أما الأستاذ في مستشفى «يو سي إل» الجامعي في لندن بارت دي ستروبر، فرأى أن قرار وكالة الأدوية الأوروبية «مؤسف ولكنه ليس غير متوقع». واعتبر أن «هذه النتيجة تُظهر التباين الثقافي الكبير في الطريقة التي يُنظر بها إلى المخاطر والابتكار في مختلف المناطق»، ملاحظاً أن «أوروبا تميل إلى النظر لنصف الكوب الفارغ، في حين تنظر دول كالولايات المتحدة والصين واليابان إلى النصف الممتلئ».

وأعطت إدارة الغذاء والدواء الأميركية الضوء الأخضر مطلع شهر يوليو (تموز) الفائت لطرح دواء جديد آخر لمرض ألزهايمر توصلت إليه شركة «إلاي ليلي» الأميركية يتوقع أن يبطئ تطور المرض.

وباتت القرارات المتعلقة بالأدوية ضد مرض ألزهايمر تخضع لمراقبة من كثب منذ الجدل في شأن «أدوهيلم» (Aduhelm) الذي جرت الموافقة عليه في يونيو (حزيران) 2021، وابتكرته أيضاً شركتا «إيساي» و«بايوجين» ويستهدف لويحات الأميلويد كذلك.

وكان «أدوهيلم» أول دواء معتمد في الولايات المتحدة ضد المرض منذ عام 2003. إلا أنّ هذا العلاج أحدث جدلاً كبيراً؛ إذ عارضت وكالة الأدوية الأميركية رأي لجنة خبراء اعتبروا أن العلاج لم يثبت فاعليته بشكل كافٍ خلال التجارب السريرية. وقيّدت الوكالة في وقت لاحق استخدامه، حاصرة إياه بالأشخاص الذين يعانون حالات خفيفة من المرض.

وأكّد تقرير للكونغرس الأميركي أخيراً أنّ سعر الدواء مرتفع (56 ألف دولار في السنة)، في حين أعلن نظام التأمين الصحي الفيدرالي «ميديكير» المخصص لكبار السن، أنه لن يغطي تكاليفه إلا إذا أُخذ في إطار تجارب سريرية.