بريطانيا تتهم روسيا بشن حملة سيبرانية ضد كبار السياسيين

وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون (إ.ب.أ)
وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون (إ.ب.أ)
TT

بريطانيا تتهم روسيا بشن حملة سيبرانية ضد كبار السياسيين

وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون (إ.ب.أ)
وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون (إ.ب.أ)

اتهمت الحكومة البريطانية، اليوم الخميس، أجهزة الأمن الروسية بشنّ حملة تجسس سيبرانية مستدامة ضد كبار المسؤولين السياسيين، على ما قال صحافيون ومنظمات غير حكومية.

وسبق أن حامت شبهات حول روسيا بالتدخل في السياسة البريطانية، ومنها ما يتعلق بالاستفتاء المثير للانقسام على خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي 2016، لكن الحكومة المحافظة واجهت انتقادات لعدم إجرائها تحقيقا في ذلك.

وفي أحدث اتهام، قالت وزارة الخارجية البريطانية إن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي يقف وراء «محاولات غير ناجحة للتدخل في عمليات سياسية في المملكة المتحدة» مضيفة أنها استدعت سفير روسيا في لندن بهذا الخصوص.

وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون في بيان إن «محاولات روسيا التدخل في سياسات المملكة المتحدة غير مقبولة على الإطلاق وتسعى لتهديد مساراتنا الديمقراطية»، وفق ما نقلته وكالة «الصحافة الفرنسية».

وأضاف «بمعاقبة الجهات المسؤولة واستدعاء السفير الروسي اليوم، نكشف محاولاتهم الخبيثة لبسط النفوذ ونسلط الضوء على مثال آخر لكيفية اختيار روسيا العمل على المسرح العالمي».

وقال مكتب كاميرون إن «المركز 18» وهو وحدة داخل جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (إف إس بي)، مسؤول عن «عدد من عمليات التجسس السيبرانية» ضد لندن.

تسريب وثائق

وقالت الحكومة البريطانية إن الجهاز الروسي استهدف برلمانيين من عدة أحزاب سياسية، ونتج عن بعض تلك الهجمات تسريب وثائق في عملية بدأت أقله عام 2015 وامتدت حتى 2023.

وقرصن الجهاز أيضاً مستندات تجارية بريطانية - أميركية سُربت قبل الانتخابات العامة البريطانية في ديسمبر (كانون الأول) 2019، وفق الحكومة.

وقالت الخارجية إن عميلين روسيين فرضت عليهما عقوبات لتورطهما في الإعداد لما يسمى بحملات التصيد الاحتيالي و«أنشطة تهدف إلى تقويض المملكة المتحدة».

وتنطوي عمليات التصيّد الاحتيالي على قيام مقرصن بإرسال روابط ضارة إلى أهداف معينة «لمحاولة حثها على مشاركة معلومات حساسة».

وغالباً ما يقوم المقرصن بـ«نشاط استطلاعي حول هدفه» من أجل تصميم هجماته بشكل أكثر فاعلية، وفقاً للمركز الوطني للأمن السيبراني في المملكة المتحدة.

وعادةً ما يتصل المهاجم بالأهداف عبر البريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الشبكات المهنية، وينتحل صفة جهات اتصال حقيقية لأهدافه، ويرسل دعوات كاذبة إلى مؤتمرات وفعاليات، وروابط ضارة لاجتماعات عبر منصة زووم (Zoom).

استهداف مسؤولين

وفي يناير (كانون الثاني) حذر مسؤولو الأمن السيبراني في المملكة المتحدة من أن روسيا وإيران تستهدفان بشكل متزايد مسؤولين حكوميين وصحافيين ومنظمات غير حكومية بهجمات تصيّد بهدف «الإضرار بأنظمة حساسة».

وحث المركز الوطني للأمن الإلكتروني التابع لمكاتب الاتصالات الحكومية البريطانية، وهي وكالة استخبارات، على توخي مزيد من اليقظة بشأن التقنيات والتكتيكات المستخدمة بالإضافة إلى نصائح لتخفيف تأثيرها.

وقال إن مجموعتي «سيبورغيوم» ومقرها روسيا و«تي إيه 453» ومقرها إيران استهدفتا عدداً من المنظمات والأفراد في المملكة المتحدة وخارجها طيلة عام 2022.

والعام الماضي، ذكرت صحيفة بريطانية أن عملاء يشتبه في أنهم من الكرملين اخترقوا الهاتف الجوال لرئيسة الوزراء السابقة ليز تراس عندما كانت وزيرة للخارجية.

وبحسب صحيفة «ميل أون صنداي» يُعتقد أنهم تمكنوا من الوصول إلى «اتصالات سرية جداً مع شركاء دوليين».

وقال مصدر للصحيفة إن الهاتف «المخترق» وُضع داخل خزانة مقفلة في موقع حكومي آمن بعد اختراق رسائل تصل إلى عام بما في ذلك «نقاشات حساسة جداً» حول الحرب في أوكرانيا.

واكتُشفت القرصنة في صيف 2022 عندما كانت تراس تقوم بحملتها للفوز بزعامة حزب المحافظين وخلافة بوريس جونسون في رئاسة للوزراء، وفق الصحيفة.


مقالات ذات صلة

محكمة تايلاندية ترفض دعوى ضد شركة إسرائيلية تنتج برنامج «بيغاسوس» لاختراق الهواتف

شؤون إقليمية كلمة «بيغاسوس» تظهر على هاتف ذكي موضوع على لوحة مفاتيح في هذه الصورة التوضيحية الملتقطة في 4 مايو 2022 (رويترز)

محكمة تايلاندية ترفض دعوى ضد شركة إسرائيلية تنتج برنامج «بيغاسوس» لاختراق الهواتف

ألغت محكمة تايلاندية دعوى قضائية رفعها ناشط مؤيد للديمقراطية قال فيها إن برنامج التجسس الذي أنتجته شركة تكنولوجيا إسرائيلية تم استخدامه لاختراق هاتفه.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
أوروبا أحد عناصر جهاز الأمن الأوكراني (قناة المخابرات الأوكرانية عبر «تلغرام»)

أوكرانيا توقف ضابطا كبيرا بتهمة التجسس لصالح روسيا

أعلنت أوكرانيا، الجمعة، توقيف ضابط يقود وحدة قوات خاصة في البلاد بتهمة نقل معلومات إلى روسيا حول عمليات عسكرية سرية تنفذها كييف.

«الشرق الأوسط» (كييف)
شؤون إقليمية البرلمان التركي أقر قانوناً حول التجسس يثير مخاوف من استغلاله لقمع حرية التعبير (موقع البرلمان)

​تركيا: قانون جديد للتجسس يثير مخاوف المعارضة وأوروبا

يثير قانون وافق عليه البرلمان التركي يشدد العقوبات ضد من يثبت تورطه في جمع معلومات لصالح جهات خارجية مخاوف من جانب المعارضة والمنظمات المدنية والاتحاد الأوروبي

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
يوميات الشرق التلفزيون الذكي يراقبك: كيف تنتهك أجهزة المنازل الذكية خصوصيتنا؟

التلفزيون الذكي يراقبك: كيف تنتهك أجهزة المنازل الذكية خصوصيتنا؟

كشف تقرير حديث عن جمع التلفزيونات الذكية البيانات حول ما نشاهده، بل أحياناً حول تفاصيل حياتنا اليومية عبر تقنية «التعرف التلقائي على المحتوى» (ACR).

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا صورة غير مؤرخة لدانيال عابد خليفة قدمتها شرطة لندن (أ.ب)

جندي بريطاني سابق متهم بالتجسس لإيران يقر بذنب الهروب من السجن

اعترف جندي بريطاني متهم بتسريب معلومات حساسة إلى الحرس الثوري الإيراني، اليوم (الاثنين)، بأنه مذنب بالهروب من السجن أثناء انتظار محاكمته.

«الشرق الأوسط» (لندن)

موسكو تؤكد عزمها الرد على التصعيد الأميركي «غير المسبوق»

صحافيون يلتقطون صوراً لبقايا صاروخ استهدف منطقة دنيبرو في مركز لتحليل الطب الشرعي بمكان غير محدد بأوكرانيا الأحد (أ.ب)
صحافيون يلتقطون صوراً لبقايا صاروخ استهدف منطقة دنيبرو في مركز لتحليل الطب الشرعي بمكان غير محدد بأوكرانيا الأحد (أ.ب)
TT

موسكو تؤكد عزمها الرد على التصعيد الأميركي «غير المسبوق»

صحافيون يلتقطون صوراً لبقايا صاروخ استهدف منطقة دنيبرو في مركز لتحليل الطب الشرعي بمكان غير محدد بأوكرانيا الأحد (أ.ب)
صحافيون يلتقطون صوراً لبقايا صاروخ استهدف منطقة دنيبرو في مركز لتحليل الطب الشرعي بمكان غير محدد بأوكرانيا الأحد (أ.ب)

أكدت موسكو، الأحد، عزمها الرد على ما سمّته التصعيد الأميركي «غير المسبوق»، فيما دعا الرئيس الأوكراني إلى تعزيز الدفاعات الجوية لبلاده بعدما أسقطت وحدات الدفاع الجوي 50 من إجمالي 73 طائرة مسيّرة أطلقتها روسيا ليل السبت - الأحد فوق كثير من المناطق.

وقال الكرملين في بيان إنه يتعين على روسيا أن ترد على التصعيد غير المسبوق الذي أثارته الإدارة الأميركية بسماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى يمكن أن تصل إلى قلب روسيا. وأضاف أن الولايات المتحدة تتخذ «خطوات متهورة» بشكل زائد مما يثير توترات بشأن الصراع في أوكرانيا. وذكّر الكرملين بأن «العقيدة النووية المحدثة لروسيا بمثابة إشارة إلى الغرب».

وخففت روسيا الأسبوع الماضي من القيود المفروضة على العقيدة النووية ليصبح من الممكن عدّ أي هجوم تقليدي بمساعدة بلد يمتلك قوة نووية هجوماً مشتركاً على روسيا.

«أضرار بالغة خلال دقائق»

وفي وقت لاحق، حذّر نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري ميدفيديف الولايات المتحدة من أن روسيا ستزود أعداء أميركا بتقنيات نووية إذا أقدمت واشنطن على تزويد كييف بأسلحة نووية. ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء عن ميدفيديف قوله: «صاروخ أوريشنيك الروسي يمكنه إلحاق أضرار بالغة بالعواصم الغربية خلال دقائق»، داعياً أوروبا إلى التوقف عن الدعم العسكري لأوكرانيا. وأضاف ميدفيديف، في منشور عبر تطبيق «تلغرام»: «تتساءل أوروبا عن الضرر الذي يمكن أن يسببه نظام (أوريشنيك) إذا كان مزوداً برؤوس نووية، وما إذا كان من الممكن إسقاط هذه الصواريخ ومدى سرعة وصولها إلى عواصم العالم القديم»، بحسب ما ذكرته وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء. وقال ميدفيديف إن «الضرر سيكون بالغاً، ومن المستحيل إسقاط الصاروخ بالوسائل الحديثة، نحن نتحدث عن دقائق»، مشيراً إلى أن «الملاجئ لن تساعد في شيء، وأن الأمل الوحيد هو أن تقدم روسيا على إصدار تحذير مسبق قبل عمليات الإطلاق... ولذلك من الأفضل للعواصم الغربية التوقف عن دعم الحرب في أوكرانيا». وكان المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف قد أكد أن المواجهة الحالية يتم إشعالها من قبل الدول الغربية، مشيراً إلى أن المرسوم الخاص بتحديث العقيدة النووية لروسيا يمكن عدّه إشارة للغرب.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث خلال مؤتمر دولي في كييف السبت (د.ب.أ)

هجوم بـ73 مسيّرة

بدوره، قال الرئيس الأوكراني إن بلاده بحاجة إلى تعزيز دفاعاتها الجوية لحماية المدنيين بعدما أسقطت وحدات الدفاع الجوي 50 من إجمالي 73 طائرة مسيّرة أطلقتها روسيا الليلة الماضية فوق كثير من المناطق. وأضاف عبر تطبيق «تلغرام» أنه «تم إطلاق إنذارات من هجمات جوية بشكل يومي تقريباً في أنحاء أوكرانيا هذا الأسبوع». وتابع قائلاً إن روسيا استخدمت خلال الأسبوع الماضي أكثر من 800 قنبلة جوية موجهة ونحو 460 طائرة مسيّرة هجومية، وما يزيد على 20 صاروخاً من أنواع مختلفة. وذكر أن «أوكرانيا ليست أرضاً لتجربة الأسلحة فيها. أوكرانيا دولة ذات سيادة ومستقلة. لكن روسيا لا تزال تواصل مساعيها لقتل شعبنا ونشر الخوف والذعر وإضعافنا».

«إقالة» قائد عسكري روسي

في سياق متصل، قال مدونون موالون لروسيا ووسائل إعلام روسية إن موسكو أقالت جنرالاً كبيراً لتقديمه تقارير مضللة عن تقدم في الحرب، بينما يحاول وزير الدفاع أندريه بيلوسوف إقصاء القادة غير الأكفاء. ونقلت وسائل إعلام روسية عن مصادر لم تحددها قولها إن الكولونيل جنرال جينادي أناشكين قائد الجيش في المنطقة الجنوبية أقيل من منصبه. لكن لم يصدر بعد تأكيد رسمي.

واشتكى مدونون روس معنيون بالحرب منذ فترة طويلة من طريقة قيادة العمليات حول سيفيرسك، إذ قالوا إن الوحدات الروسية هناك يزج بها في معارك طاحنة دون دعم مناسب، مقابل ما بدا أنها مكاسب تكتيكية ضئيلة. وقال ريبار، وهو مدون مؤيد لروسيا يحظى باحترام: «فقط الكسالى لم يكتبوا عن المشاكل هناك... بشكل عام، استغرق الأمر من النظام نحو شهرين حتى يستجيب للأمر بالشكل المناسب». وأضاف ريبار: «أقيل أناشكين من منصبه بسبب تقارير كاذبة عن جبهة سيفيرسك»، مستخدماً الاسم الذي تطلقه روسيا على المنطقة، حسبما نقلت عنه وكالة «رويترز».

ونقلت صحيفة «آر بي سي» عن مصدر لم تذكر اسمه في وزارة الدفاع قوله إن أناشكين نُقل ضمن عمليات «تغيير مناصب مخططة» للقادة. وفي تقاريره عن تغيير القيادات، نقل المدون الحربي البارز المؤيد لروسيا يوري بودولياكا عن وزير الدفاع بيلوسوف قوله: «يمكن أن ترتكب الأخطاء لكن الكذب مرفوض».

وقبل حلول فصل الشتاء، تقدمت القوات الروسية بأسرع وتيرة في أوكرانيا منذ بدء الغزو في 2022، رغم أن التقدم جاء أبطأ بكثير في بعض المناطق، خصوصاً حول سيفيرسك في منطقة دونيتسك في الشرق. وإذا تمكنت روسيا من السيطرة على منطقة سيفيرسك، فيمكنها بعد ذلك التقدم نحو كراماتورسك وهي مدينة رئيسة في المنطقة.