سوناك يعيِّن كاميرون وزيراً للخارجية ويقيل وزيرة الداخلية

تداعيات المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين فرضت تعديلاً وزارياً مبكراً

TT

سوناك يعيِّن كاميرون وزيراً للخارجية ويقيل وزيرة الداخلية

ديفيد كاميرون مغادراً «10 داونينغ ستريت» في لندن الاثنين (إ.ب.أ)
ديفيد كاميرون مغادراً «10 داونينغ ستريت» في لندن الاثنين (إ.ب.أ)

تقاطعت تداعيات حرب غزة والمظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في بريطانيا، مع ضرورة الاستعداد للانتخابات المتوقعة العام المقبل، لتفرض على رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، التسريع بتعديل وزاري أخرج بموجبه وزيرة الداخلية سويلا برافرمان من الحكومة، وأعاد رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون لتولي وزارة الخارجية.

وهذه أحدث مناورة لسوناك الذي يتخلف حزبه بفارق كبير عن حزب العمال قبل الانتخابات المتوقعة العام المقبل. وتشير عودة كاميرون إلى أن سوناك يريد استقطاب عدد أكبر من الوسطيين وأصحاب الخبرة، بدلاً من استرضاء يمين حزبه الذي دعم برافرمان.

كما أن التعديل يثير جدلاً يتسبب في شقاق وانقسامات وخلاف حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذي أثاره كاميرون بإجراء استفتاء في عام 2016، على الرغم من دعمه البقاء في التكتل.

رئيس الوزراء ريشي سوناك خارج مقره في «10 داونينغ ستريت» في لندن الاثنين (رويترز)

وكان كاميرون (57 عاماً) قد استقال من منصب رئيس الوزراء عام 2016، بعدما خسر في استفتاء «بريكست». وتخلى عن مقعده في البرلمان في العام ذاته. وغرق في الفضائح عام 2021 بعدما ضغط على الحكومة البريطانية لصالح مجموعة «غرينسل كابيتال» المالية التي انهارت لاحقاً، في حدث سدد ضربة كبيرة لسمعته.

وأعلن «داونينغ ستريت» أن كاميرون سيحصل على لقب «نبيل» مدى الحياة في مجلس اللوردات، ما يعني أن بإمكانه تولي منصب حكومي. وقال رئيس الوزراء السابق إنه «قبل بسعادة» المنصب، بينما تواجه بريطانيا «مجموعة من التحديات الدولية الصعبة». وأضاف: «بينما كنت بعيداً عن الخطوط الأمامية في السياسة خلال السنوات السبع الأخيرة، آمل بأن تساهم خبرتني بوصفي زعيماً للمحافظين على مدى 11 عاماً ورئيساً للوزراء لست سنوات، في تمكيني من مساعدة رئيس الوزراء على مواجهة هذه التحديات المهمة».

وتعرَّض سوناك لانتقادات من مشرعين معارضين ومطالبات من أعضاء حزب المحافظين الحاكم بإقصاء برافرمان، ومن ثم نفَّذ سوناك في ما يبدو تعديلاً وزارياً كان مزمعاً لوقت لاحق، لاستقطاب حلفاء والتخلص من وزراء شعر بأنهم مقصرون في عملهم. واضطر لتبكير الخطوة حين تحدته برافرمان المثيرة للجدل الأسبوع الماضي، في مقال غير مصرح به، واتهمت فيه الشرطة باتباع «معايير مزدوجة» في الاحتجاجات.

وقال حزب العمال المعارض إن هذا أجج التوتر بين احتجاج مؤيد للفلسطينيين واحتجاج آخر لليمين المتطرف يوم السبت، ما أسفر عن اعتقال نحو 150 شخصاً.

وزيرة الداخلية السابقة سويلا برافرمان تغادر منزلها في لندن الاثنين (رويترز)

ولم تكن إقالة برافرمان مفاجئة؛ لكن تعيين كاميرون أحدث صدمة في حزب المحافظين، مع ترحيب المشرعين الأكثر وسطية، ونفور بعض اليمينيين الذين وصفوا تعيينه بأنه يمثل استسلاماً لتبعات انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وقال كاميرون إنه سعيد بتولي دوره الجديد؛ لأنه في وقت التغيير العالمي «ليس هناك أهم تقريباً لهذا البلد من الوقوف إلى جانب حلفائنا، وتعزيز شراكاتنا والتأكد من أن صوتنا يُسمع».

وحل جيمس كليفرلي، وزير الخارجية السابق، محل برافرمان. ويُنظر إلى كليفرلي على أنه شخص يُعتمد عليه، وحكيم، وأدلى بتصريح سريع قال فيه إن دوره الجديد هو «الحفاظ على سلامة الناس في هذا البلد».

بريفرمان المثيرة للجدل

بريفرمان قالت بعد إقالتها: «كان عملي وزيرةً للداخلية أكبر امتياز أحصل عليه في حياتي... سأقول المزيد في الوقت المناسب».

وأثارت بريفرمان الجدل خلال عهدها؛ إذ اتّخذت موقفاً متشدداً حيال الهجرة خصوصاً، وتطرقت مراراً إلى ما تعرف بحروب ثقافية تعد مثيرة للانقسامات في أوساط الناخبين. لكن موقفها بات غير مقبول أكثر بعدما كتبت مقالاً مثيراً للجدل في صحيفة الأسبوع الماضي، من دون موافقة سوناك، اتّهمت فيه الشرطة بالانحياز إلى القضايا اليسارية.

وزير الداخلية البريطاني الجديد جيمس كليفرلي مغادراً «10 داونينغ ستريت» في لندن الاثنين (إ.ب.أ)

وتم تحميل المقال مسؤولية إثارة التوتر قبيل احتجاجات نهاية الأسبوع، خرجت للدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة، وتزامنت مع إحياء ذكرى «يوم الهدنة»، ما أثار دعوات لإقالتها. وأفاد معارضون بأن تصريحاتها شجّعت المحتجين اليمينيين المتشددين على تنظيم مظاهرات مضادة على هامش المسيرة الرئيسية، السبت، ما أدى إلى تنفيذ عشرات عمليات التوقيف.

وأطلق «داونينغ ستريت» تحقيقاً بشأن الكيفية التي تم من خلالها نشر المقال من دون موافقته، وهو ما يقتضيه القانون الوزاري. واعتُبرت تصريحات بريفرمان التي تلقفها الجناح اليميني للحزب المحافظ الحاكم محاولة منها للتسويق لنفسها زعيمةً للمحافظين مستقبلاً. وتأتي بعدما وصفت المسيرات الداعية لوقف إطلاق النار في غزة بأنها «مسيرات كراهية»، بعد أيام على إشارتها إلى أن البعض «يختارون (التشرّد) كأسلوب حياة». وهاجمت السياسية اليمينية معارضيها الذين وصفتهم بأنهم «أكلة (التوفو) من أتباع ثقافة (الووك)» بينما أشارت بعد مدة قصيرة من تعيينها إلى أن إرسال طالبي اللجوء إلى رواندا هو «حلم» و«هوس» بالنسبة إليها.

وقد يتركز اهتمام برافرمان بعد إقصائها على الاستعداد لسباق محتمل في المستقبل على زعامة الحزب، إذا خسر المحافظون -كما تشير استطلاعات الرأي- الانتخابات المتوقع إجراؤها العام المقبل.

سوناك يعزز فريقه

وتعد التغييرات التي قام بها سوناك جزءاً من أول تعديل كبير في صفوف أبرز الوزراء، منذ تولى المنصب في أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي. وأفاد المحافظون الذين يتولون السلطة منذ نحو 14 عاماً بأن التغييرات «تعزز فريقه في الحكومة لتطبيق قرارات بعيدة الأمد، من أجل مستقبل مشرق أكثر». ويتوقع أن تكافئ القرارات الجديدة التي سيتم الإعلان عنها خلال اليوم الموالين والنواب الصاعدين الأصغر سناً، في وقت يسعى فيه الحزب جاهداً لكسب الشعبية.

وتقدم حزب العمال باستمرار بنحو 20 نقطة في استطلاعات الرأي، وفشل سوناك في تقليص هذه الفجوة.

ووصف حزب العمال سوناك بأنه ضعيف، منذ نشر مقال برافرمان يوم الأربعاء. وقال مشرعون معارضون إن اليأس هو ما دفعه إلى قرار تعيين كاميرون.


مقالات ذات صلة

40 ألف وظيفة... خسائر لندن بعد «بريكست»

الاقتصاد منظر عام لمدينة لندن من موقع بناء «بيسوبغيت 22» (رويترز)

40 ألف وظيفة... خسائر لندن بعد «بريكست»

قال عمدة مدينة لندن مايكل ماينلي إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كلّف المركز المالي في لندن نحو 40 ألف وظيفة وهو تأثير يفوق بكثير التقديرات السابقة

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه خلال مناقشة حول العلاقات المستقبلية بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا في الجلسة العامة للبرلمان الأوروبي في بروكسل 18 ديسمبر 2020 (إ.ب.أ)

من هو ميشال بارنييه الذي عيّنه ماكرون رئيساً للحكومة الفرنسية؟

ميشال بارنييه سياسي وسطي ومستشار لحزب «الجمهوريين»، تولى مناصب عديدة بالاتحاد الأوروبي وفي الداخل الفرنسي، عُيّن لمفاوضات «بريكست» واشتهر بأنّه مفاوض جيّد.

شادي عبد الساتر (بيروت)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ)

بوتين: علاقات «بريكس» تتطور بنجاح كبير و30 دولة ترغب في التعاون أو الانضمام

أكد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الخميس، أن أكثر من 30 دولة أبدت استعدادها للتعاون مع مجموعة «بريكس»، وبعضها يريد الانضمام إلى المنظمة.

«الشرق الأوسط»
أوروبا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ)

كير ستارمر يمد يده للأوروبيين في ألمانيا بعيداً عن «بريكست»

المستشار الألماني أولاف شولتس يستقبل رئيس الوزراء البريطاني وأعلنا عن العمل على معاهدة استثنائية خلال الأشهر المقبلة للتوقيع عليها مطلع العام

راغدة بهنام (برلين)
أوروبا أولاف شولتس وكير ستارمر في برلين (رويترز)

شولتس وستارمر يعتزمان إبرام معاهدة «تعيد تحديد» العلاقة البريطانية الأوروبية

أعلن المستشار الألماني أولاف شولتس ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن معاهدة ثنائية غير مسبوقة سيوقعها البلدان بهدف إعادة تحديد العلاقات الثنائية بعد بريكست.

«الشرق الأوسط» (برلين)

«البنتاغون»: حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بـ988 مليون دولار

جندي أوكراني يحضر قذائف مدفعية قرب الجبهة في زابوريجيا (رويترز)
جندي أوكراني يحضر قذائف مدفعية قرب الجبهة في زابوريجيا (رويترز)
TT

«البنتاغون»: حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بـ988 مليون دولار

جندي أوكراني يحضر قذائف مدفعية قرب الجبهة في زابوريجيا (رويترز)
جندي أوكراني يحضر قذائف مدفعية قرب الجبهة في زابوريجيا (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، السبت، عن حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 988 مليون دولار، في حين تسابق واشنطن الوقت لتقديم دعم لكييف، قبل تولي الرئيس المنتخب دونالد ترمب منصبه.

وجاء في بيان لـ«البنتاغون» أن الحزمة تشمل مسيّرات وذخيرة لمنصات إطلاق الصواريخ الدقيقة «هيمارس (HIMARS)» ومعدات وقطع غيار لأنظمة المدفعية والدبابات والآليات المدرّعة، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأكدت إدارة الرئيس جو بايدن المنتهية ولايتها دعمها لكييف قبل تسلُّم الرئيس المنتخب دونالد ترمب السلطة في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، الذي انتقد علناً المساعدات العسكرية لأوكرانيا.

وقال الجنرال باتريك رايدر المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، في بيان، الأسبوع الماضي: «الخلاصة أنه بناءً على توجيهات الرئيس، سننفق كل دولار خصصه الكونغرس لأوكرانيا وتجديد مخزوناتنا»، مؤكداً على «تفهُّم الوضع العاجل في أوكرانيا وتوجيهات الرئيس، وسنواصل بذل كل ما في وسعنا لضمان حصول أوكرانيا على المساعدة التي تحتاج إليها».