في أول زيارة خارجية له منذ أربع سنوات، استقلّ الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون قطاره الخاص وقصد به روسيا، ليلتقي رئيسها فلاديمير بوتين في قمة عنوانها غير المعلن من الجانبين هو التعاون العسكري.
وذكرت صحيفة «الغارديان» البريطانية أن كيم حل ضيفاً على روسيا برفقة مسؤولين بارزين من الجيش ومتخصصين في صناعة السلاح، مشيرةً إلى صفقة محتملة لتزويد موسكو بالسلاح لدعم موقفها في الحرب الدائرة بأوكرانيا منذ أكثر من عام ونصف، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.
ويقول محللون إن كوريا الشمالية ربما تمتلك عشرات الملايين من القذائف المدفعية والصواريخ المصنوعة وفقاً لتصاميم سوفياتية، ويمكن أن تمنح الجيش الروسي الذي يقاتل في أوكرانيا دفعة قوية، حسبما نقلت صحيفة «إندبندنت» البريطانية.
وقالت الصحيفة إن الزعيم الكوري الشمالي يرافقه مسؤولون مرتبطون بجهود بيونغ يانغ لامتلاك أقمار اصطناعية لأغراض التجسس، وغواصات تعمل بالطاقة النووية ومزوَّدة بصواريخ باليستية. ويرى خبراء أن كوريا الشمالية ستكافح من أجل الحصول على مثل هذه القدرات دون مساعدة خارجية، «على الرغم من أنه ليس واضحاً ما إذا كانت روسيا ستتشارك مثل هذه التكنولوجيات الحساسة»
وأضافت «إندبندنت» أن كيم «بحاجة ماسة للطاقة ومساعدات غذائية». ومن جهتها، ذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء أن قمة بوتين - كيم ربما ستترجَم إلى ذخائر وصواريخ وقاذفات مضادة للدبابات تصل إلى القوات الروسية في أوكرانيا. ورأت الوكالة في الوقت نفسه أن تعزيز التحالف بين روسيا وكوريا الشمالية «سيهدد الاستقرار في كل من أوروبا وآسيا».
ويقول مسؤولون في الاستخبارات الأميركية إن بيونغ يانغ تمتلك مخزونات من قذائف المدفعية من عيار 122 ملم و155 ملم وصواريخ 122 ملم، التي يحتاج إليها الجيش الروسي بشدة، حسبما نقلت «بلومبرغ» التي أضافت أن كوريا الشمالية بإمكانها أيضاً إنتاج طائرات من دون طيار وصواريخ أكثر تقدماً. ورجح المسؤولون أن تكون هذه الأسلحة قد استُخدمت في الحرب الروسية - الأوكرانية بالفعل، حيث تقول واشنطن إن بيونغ يانغ أتمَّت شحنة سلاح مبدئية لمجموعة «فاغنر» العسكرية الروسية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بينما قالت القوات الأوكرانية إنها استخدمت قذائف كورية شمالية، صادرتها في المعارك، ضد القوات الروسية.
ولم تحظَ زيارة زعيم كوريا الشمالية لروسيا باهتمام واسع من الدوائر السياسية في الولايات المتحدة فحسب، وإنما من وسائل الإعلام الأميركية. فأشارت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن بيونغ يانغ لديها واحدة من كبرى ترسانات العالم العسكرية، ما يفتح الباب على مصراعيه أمام موسكو للحصول على الذخائر التي تحتاج إليها قواتها لمواصلة الحرب ضد أوكرانيا، معتبرةً أن لقاء بوتين وكيم «يمكن أن يدشن مرحلة جديدة من التعاون» بين الجانبين. ورأى محللون هذه القمة «تطوراً مهماً» بالنظر إلى أنها تجمع بين زعيمين «يواجهان عزلة متزايدة على الساحة الدولية»، حسبما نقلت شبكة (سي إن إن) الإخبارية الأميركية.
ووصفت صحيفة «واشنطن بوست» قمة بوتين - كيم بأنها «مؤشر على الأهمية المتزايدة لعلاقاتهما». وأشارت إلى أهمية تعزيز التعاون العسكري بين موسكو وبيونغ يانغ حتى يتمكن الرئيس الروسي من تعويض مخزونات الأسلحة التي تستخدمها قواته في ساحات القتال. ولم يَفُت الصحيفة أن تشير إلى مناقشة تكنولوجيا الفضاء، واصفةً هذا الملف بأنه يمثل «أولوية» للزعيم الكوري الشمالي. وأمام التقارير التي تقاطعت قراءاتها في جزئية تعزيز التعاون العسكري وإبرام صفقات لتوريد السلاح للقوات الروسية مقابل الغذاء وتكنولوجيا صناعة الصواريخ لبيونغ يانغ، لوَّحت واشنطن مجدداً بورقة العقوبات. ويبدو أن الرهان في هذه المرحلة من عمر الحرب الروسية - الأوكرانية على النَّفَس الطويل وتوفير الإمدادات الكافية للمعارك.
ففي كلمة له أمام الجلسة العامة لمنتدى الشرق الاقتصادي بمدينة فلاديفوستوك الروسية، أمس (الثلاثاء)، رأى الرئيس الروسي أن الجانب الأوكراني سيبحث عن محادثات السلام بمجرد نفاد الإمدادات التي يزوّده بها الغرب. وأعاد بوتين تأكيد أنه لا نتائج للهجوم الأوكراني المضاد، قائلاً إن كييف فقدت خلاله 71500 ألف عسكري، وانتقد «ازدواجية المعايير الأميركية»، مشيراً إلى أن «البيت الأبيض أعلن من قبل أن استخدام القنابل العنقودية يعد جريمة حرب. الآن يوفرون (الأميركيون) هذه القنابل لأوكرانيا... الولايات المتحدة تفعل كل شيء من أجل مصالحها دون أي اعتبارات أخرى. يوفّرون القنابل العنقودية وذخائر اليورانيوم المنضب ويضربون بعرض الحائط كل المبادئ».
وأضاف بوتين أن «كل هذه الذخائر والأسلحة لم تغيِّر الوضع على الجبهة ولن يغيّر توفير مقاتلات (إف- 16) أي نتائج للعملية العسكرية». وفي الوقت الذي لا تبدو فيه أي مؤشرات على نهاية وشيكة للحرب، وانطلاقاً من مبدأ النصر للأقوى وسعي روسيا وأوكرانيا لحشد ما استطاعتا من عتاد وسلاح، كشف بوتين عن أن بلاده تعمل على تصنيع سلاح «يقوم على مبادئ فيزيائية جديدة وسيكون قريباً قادراً على ضمان الأمن في أي بلد».
وأوضحت وكالة «تاس» الروسية للأنباء أن الأسلحة المبنية على مبادئ فيزيائية جديدة باستخدام التكنولوجيات ومبادئ التشغيل الجديدة نوعياً أو غير المستخدمة سابقاً تشمل على وجه الخصوص أسلحة الليزر والأشعة فوق الصوتية والترددات الراديوية وغيرها. ويرى محللون أن موسكو وبعد أن ظلت طيلة الأشهر الماضية تعتمد على ما تنتجه من أسلحة وذخائر مع الاستعانة بطائرات مسيَّرة إيرانية الصنع، يبدو أنها بدأت في تطوير أدواتها الهجومية، مع عدم استبعاد فرضية الاستعانة بأصدقاء آخرين يقفون في خانة الأعداء بالنسبة إلى الولايات المتحدة.