باحث روسي: غلاة الوطنية لا يشكلون تهديداً للكرملين بعد رحيل بريغوجين

بوتين لم يخطئ في تقدير الحالة العامة... إذ لم يكن زعيم «فاغنر» بطلاً شعبياً لمعظم الروس

A portrait of PMC Wagner group chief Yevgeny Prigozhin sits on his grave at the Porokhov cemetery in St Petersburg, Russia, 30 August 2023. (EPA)
A portrait of PMC Wagner group chief Yevgeny Prigozhin sits on his grave at the Porokhov cemetery in St Petersburg, Russia, 30 August 2023. (EPA)
TT

باحث روسي: غلاة الوطنية لا يشكلون تهديداً للكرملين بعد رحيل بريغوجين

A portrait of PMC Wagner group chief Yevgeny Prigozhin sits on his grave at the Porokhov cemetery in St Petersburg, Russia, 30 August 2023. (EPA)
A portrait of PMC Wagner group chief Yevgeny Prigozhin sits on his grave at the Porokhov cemetery in St Petersburg, Russia, 30 August 2023. (EPA)

كان قائد مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة الراحل، يفجيني بريغوجين، يعد حتى وقت قريب سياسياً روسياً بارزاً، حتى أن البعض كان يعتقد أنه يمكن أن يكون منافساً للرئيس فلاديمير بوتين نفسه.

ومن ناحيته، يرى المعلق السياسي الروسي أندريه بيرتسيف في تقرير نشره موقع مؤسسة «كارنيغي» للسلام الدولي، أن وفاة قائد «فاغنر» في ظروف مريبة للغاية الأسبوع الماضي لم تثر الكثير من الاهتمام العام أو الغضب.

صورة لبريغوجين يقدم الطعام لبوتين عام 2011 (أ.ب)

ويرى بيرتسيف أن رد الفعل على اعتقال إيغور جيركين في وقت سابق من هذا العام، وهو ضابط من غلاة الوطنية كان يعمل سابقاً في جهاز الأمن الاتحادي الذي قاد المتمردين الموالين لروسيا في أوكرانيا في عام 2014، كان صامتاً بالمثل. ولم يؤد اختفاء جيركين من الحياة العامة إلى أي غضب عام.

وكان الرجلان رمزين مهمين للراديكاليين المؤيدين للحرب الروسية، لكن اتضح أن معظم الروس العاديين رأوهما على أنهما من المواد سريعة الانتشار على الإنترنت أكثر من كونهما بطلين مشهورين. والواقع أن نفوذ غلاة الوطنية في روسيا كان مبالغاً فيه إلى حد كبير، من أعدادهم واستعدادهم للعمل إلى التهديد الذي يفرضونه على الكرملين، وفقاً لبيرتسيف. ويضيف أن غلاة الوطنية في روسيا، مثل الشخصيات والمدونين المؤيدين بشدة للحرب الذين ينتقدون أحياناً الكرملين لامتناعه على ما يبدو عن شن حرب «شاملة» ضد أوكرانيا، ليسوا قوة متماسكة واحدة ذات وحدة أيديولوجية أو تنسيق وثيق. إنهم أشبه بطاقم متنوع من مجموعات الهواة التي تتجمع حول قادة فرادى طموحين وغيورين وغير قادرين على العمل مع بعضهم. وتدرك السلطات ذلك جيداً.

ووصف بوتين بريغوجين في تعليقات بعد وفاته بأنه «رجل أعمال موهوب». ولم ير الرئيس أنه من المناسب ذكر أن بريغوجين كان أيضاً حاصلاً على أعلى وسام في روسيا وهو «بطل الاتحاد الروسي». ولم يعترف بوتين بالدور البارز لـ«فاغنر» في الحرب في أوكرانيا، ولم يحضر جنازة بريغوجين المتواضعة.

وفي حين أن وفاة بريغوجين كانت أهم الأخبار لوسائل الإعلام العالمية، إلا أن وسائل الدعاية الروسية عدتها أقل أهمية كثيراً. وفي أحد التقارير الإخبارية الأسبوعية على القناة الأولى المملوكة للدولة، ذكر مقطع قصير عن حادث تحطم الطائرة الخاصة الذي توفي فيه ببساطة اسم بريغوجين دون سرد سيرته الذاتية أو دوره في الحرب.

ومن خلال صياغة صورة بعد وفاته تقترب من عدم أهمية بريغوجين، أثبت الكرملين أنه لا ينوي الخضوع لوسائل الإعلام المغالية في الوطنية والمدونين في البلاد الذين كان بريغوجين بطلاً لهم. ويبدو أن الكرملين لم يخطئ في تقدير الحالة العامة. وعلى الرغم من المحادثات التي لا نهاية لها حول مدى غضب الراديكاليين المؤيدين للحرب الذين يمكن أن يشكلوا تهديداً للنظام، فإنهم في النهاية لم يتمكنوا حتى من المطالبة بإجراء تحقيق مناسب في وفاة بريغوجين.

وظهرت النصب التذكارية العفوية لبريغوجين في بعض المدن الروسية، وخصوصاً في مسقط رأسه سانت بطرسبرغ، لكنها كانت كلها صغيرة، وزارها إلى حد كبير أفراد مجموعة «فاغنر» وعائلاتهم.

ولم يكن بريغوجين بطلاً شعبياً لمعظم الروس. وكان لديه جمهور كبير، لكن معظمهم انجذبوا إلى مقاطع على الإنترنت من صراخه الصريح للغاية، مثل مطالبته بمزيد من الذخيرة من وزير الدفاع ورئيس الأركان العامة. وكانت الرقابة في زمن الحرب تعني أن الاستماع إلى بريغوجين كان فرصة لمعرفة شيء ما حول ما كان يحدث بالفعل في الجبهة.

ويقول بيرتسيف إنه من الآن فصاعداً، يبدو من المرجح أن يظل الجزء المؤيد للحرب من المجتمع الروسي مخلصاً للسلطات وبوتين. إنهم ليسوا في عجلة من أمرهم للذهاب والقتال بأنفسهم، ولم يتحمسوا قط لأفكار بريغوجين وجيركين للتعبئة الشاملة أو تحويل روسيا إلى كوريا شمالية أخرى من أجل هزيمة أوكرانيا.

ويواجه غلاة الوطنية مشكلة واضحة وهي أن جمهورهم إما خائف من الراديكالية، وإما مستعد فقط لأن يكون راديكالياً في الأقوال، وليس الأفعال. وحتى أولئك الذين يدعمون التصعيد في أوكرانيا ينظرون أولاً وقبل كل شيء إلى الكرملين، وعندما لا يحصلون على دعم الكرملين، فإن أكثر ما يفعلونه هو التذمر.

قبر يفغيني بريغوجين في مقبرة بوروخوف في سان بطرسبرغ (إ.ب.أ)

ولم تنبع شعبية بريغوجين من تصريحاته المؤيدة للحرب، بل من انتقاده للنخبة وقادة روسيا. وكانت قوته أنه كان الشعبوي الوحيد في البلاد الذي يمتلك الموارد المالية والأصول الإعلامية وجيشه الخاص. وبما أنه لا يوجد بريغوجين ثانٍ في الأفق، فإن غلاة الوطنية في روسيا أصبحوا الآن أضعف كثيراً. وبالنظر إلى هذا الضعف، من المرجح أن يكثف المسؤولون الضغط على أولئك الذين ينتقدون السلطات من موقف راديكالي مؤيد للحرب. وفي الوقت نفسه، يشكل غلاة الوطنية المفككون دعامة مريحة للسلطات. إن اتجاهاتهم الراديكالية تجعل الكرملين يبدو معتدلاً نسبياً، في حين أن القمع ضد أولئك الذين يدعون إلى التعبئة الكاملة يطمئن الأشخاص العاديين.


مقالات ذات صلة

وزير الدفاع الأميركي: نريد من إسرائيل تقليل ضرباتها في بيروت ومحيطها

العالم وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال مؤتمر صحافي في مقر حلف «ناتو» ببروكسل (إ.ب.أ)

وزير الدفاع الأميركي: نريد من إسرائيل تقليل ضرباتها في بيروت ومحيطها

قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إن الولايات المتحدة تريد أن تقلل إسرائيل ضرباتها في العاصمة اللبنانية بيروت ومحيطها.

شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان والمستشار الألماني أولاف شولتس خلال مؤتمر صحافي في إسطنبول السبت (الرئاسة التركية)

اتفاق تركي - ألماني على تعزيز التعاون حول الهجرة وصناعات الدفاع

اتفقت تركيا وألمانيا على تطوير التعاون فيما بينهما في قضايا الهجرة والتجارة والصناعات الدفاعية ومكافحة الإرهاب، بينما تبايت مواقفهما حول الوضع في الشرق الأوسط.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا الجيش الأوكراني يستخدم كشافات ضوئية في أثناء بحثه عن طائرات من دون طيار في سماء كييف (رويترز)

باريس تتعهد بدعم خطة أوكرانيا «للنصر» لإنهاء الغزو الروسي

تعهد وزير الخارجية الفرنسي بدعم خطة أوكرانيا للنصر، وإنهاء الحرب المستمرة مع روسيا، وقال من كييف، السبت، إنه سيعمل لضمان دعم دول أخرى للاقتراح.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا كوريا الشمالية تفجر أجزاء من طريق تربطها بجارتها الجنوبية (أ.ف.ب)

هل يمكن أن تساعد روسيا كوريا الشمالية في برنامجها النووي والصاروخي؟

يرى المحلل سيجفرايد هيكر أن العلاقات المزدهرة بين كوريا الشمالية وروسيا أكثر بكثير من مجرد زواج

«الشرق الأوسط» (واشنطن) «الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (يسار) ونظيره الأوكراني أندريه سيبيها يظهران خلال جولة في كييف (إ.ب.أ)

فرنسا: مشاركة كوريا الشمالية في الحرب الأوكرانية ستمثل تصعيداً خطيراً

أكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو ونظيره الأوكراني أندريه سيبيها أن مشاركة قوات من كوريا الشمالية في الغزو الروسي ستمثل تصعيداً.

«الشرق الأوسط» (باريس)

بوريل بعد مقتل السنوار: الحروب في غزة والضفة ولبنان يجب أن تتوقف

TT

بوريل بعد مقتل السنوار: الحروب في غزة والضفة ولبنان يجب أن تتوقف

مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل (أ.ف.ب)
مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل (أ.ف.ب)

أعلن مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، السبت، أن وقف إطلاق النار يمثل أولوية في الشرق الأوسط، وأن مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» يحيى السنوار على يد القوات الإسرائيلية قد يزيد فرص تحقيقه، وفقاً لوكالة «رويترز».

وأضاف بوريل في تصريحات للصحافيين في اجتماع لوزراء دفاع مجموعة السبع في نابولي بإيطاليا «بعد مقتل السنوار أصبح هناك مشهد جديد، وعلينا استغلاله للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن (الإسرائيليين) المتبقين والبحث عن أفق سياسي».

وأشار أيضاً إلى أنه من الممكن تعزيز مهمة قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، بعد أن تعرضت لإطلاق نار في الاشتباكات بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية.

وتابع قائلاً: «يجب أن تحظى قوات الأمم المتحدة بالاحترام في أنحاء العالم... ربما يتعين مراجعة مهمة قوة (اليونيفيل)، لكن أول شيء يجب فعله هو وقف إطلاق النار»، مضيفاً أن الأمر متروك لمجلس الأمن الدولي لاتخاذ قرار بشأن «اليونيفيل».