تركيا ترفض بيان مجلس الأمن عن المنطقة العازلة في قبرص

وصفته بأنه منفصل تماماً عن الواقع والحقائق

عربة تابعة للأمم المتحدة في قرية بيلا الواقعة على الحدود بين شطري جزيرة قبرص الأحد الماضي (أ.ف.ب)
عربة تابعة للأمم المتحدة في قرية بيلا الواقعة على الحدود بين شطري جزيرة قبرص الأحد الماضي (أ.ف.ب)
TT

تركيا ترفض بيان مجلس الأمن عن المنطقة العازلة في قبرص

عربة تابعة للأمم المتحدة في قرية بيلا الواقعة على الحدود بين شطري جزيرة قبرص الأحد الماضي (أ.ف.ب)
عربة تابعة للأمم المتحدة في قرية بيلا الواقعة على الحدود بين شطري جزيرة قبرص الأحد الماضي (أ.ف.ب)

أعلنت تركيا رفضها بيانا لمجلس الأمن أدان محاولة قبارصة أتراك شق طريق في المنطقة العازلة بين شطري جزيرة قبرص، واعتداءهم على عناصر حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة الجمعة الماضي، ووصفته بأنه «منفصل تماما عن الواقع والحقائق على الأرض».

وحض الرئيس رجب طيب إردوغان بعثة السلام التابعة للأمم المتحدة في قبرص على توفير الاحتياجات الإنسانية بدلاً من زعزعة الاستقرار في الجزيرة المنقسمة منذ عام 1974.

وقالت وزارة الخارجية التركية، في بيان الثلاثاء، إن بيان مجلس الأمن، بشأن شق طريق «بيلا- ييغيتلار»، الذي وصفته بأنه مشروع إنساني يهدف إلى تسهيل الوصول المباشر لمواطني «جمهورية شمال قبرص التركية» (غير معترف بها إلا من تركيا) في قرية بيلا إلى وطنهم في المنطقة العازلة بين شطري جزيرة قبرص، «منفصل تماماً عن الواقع والحقائق على الأرض».

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يتحدث للصحافيين بعد جلسة الحكومة مساء الاثنين (أ.ف.ب)

وفي تعليق على البيان، الصادر الاثنين، والذي وصف إنشاء الطريق و«الاعتداء على عناصر حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة» الأسبوع الماضي، بـ«انتهاك للوضع القائم»، قالت الخارجية التركية: «بدلاً من تقديم أي مساهمة إيجابية في القضية، فإن البيان يجعل العملية أكثر صعوبة، والصياغة المستخدمة في ما يتعلق بأحداث 18 أغسطس (آب) الحالي تشوه الحقائق وتعكس بشكل مضلل ما حدث».

والجمعة الماضي، حاول جنود قوة حفظ السلام الأممية عرقلة مشروع بناء طريق «بيلا - يغييتلار»، قبل أن تتدخل القوات الأمنية لشمال قبرص، وأصيب 4 من أفراد قوة حفظ السلام و8 قبارصة أتراك. وبحسب وزارة خارجية «جمهورية شمال قبرص التركية»، فإن مشروع الطريق تم إعداده لأسباب إنسانية بحتة بهدف توفير وصول سهل من بلادها إلى قرية بيلا الواقعة على الخط الأخضر الخاضع لسيطرة الأمم المتحدة، والتي تتبع قبرص التركية إدارياً، ويسكنها قبارصة أتراك ويونانيون، وتسري فيها قوانين الجانبين.

مسجد في قرية ييغيتلار التابعة لـ«جمهورية شمال قبرص التركية» (أ.ف.ب)

ويعد توسيع الطريق ذا أهمية استراتيجية للسكان لأنه سيوفر لهم المزيد من الخيارات للوصول إلى بيلا، حيث سيتمكن السكان من السفر لمسافات أقصر ولن يضطروا إلى المرور عبر القواعد البريطانية عند العبور إلى الجانب التركي عندما تنتهي أعمال البناء والإصلاح التي يبلغ طولها 11.6 كيلومتر، سيمر أول 7.5 كيلومتر من الطريق عبر ييغيتلار، والثاني 4.1 كيلومتر عبر بيلا.

وتعارض جمهورية قبرص، المعترف بها دولياً والعضو في الاتحاد الأوروبي، وكذلك الأمم المتحدة المشروع، بينما تؤيده تركيا. وعبر مجلس الأمن عن قلقه إزاء «بدء أعمال بناء غير مصرح بها من الجانب القبرصي التركي داخل المنطقة العازلة التابعة للأمم المتحدة بالقرب من بيلا».

لافتة كبيرة للأمم المتحدة في المنطقة الفاصلة بين شطري جزيرة قبرص (أرشيفية: أ.ب)

وقالت الخارجية التركية، في بيانها، إن «الإخطار المتعلق بأعمال الطريق تم تقديمه مسبقا، وفي هذه الحالة، كان التدخل المادي لجنود قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في أعمال بناء الطريق هو سبب التوتر».

وأضافت أن قوة حفظ السلام حاولت «بشكل غير عادل» منع مشروع الطريق، ما يعرض أفرادها وجميع العاملين في بناء الطريق للخطر.

وعبّر البيان عن الأسف لإصابة 4 من أفراد قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في قبرص و8 مواطنين من القبارصة الأتراك نتيجة لـ«السلوك غير المسؤول لقوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في قبرص».

وقال بيان الخارجية التركية: «نحن نفترض أن الدعوة الواردة في البيان الصحافي لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من أجل (إزالة جميع المباني غير المرخصة) موجهة أيضاً إلى الجانب القبرصي اليوناني، الذي قام على مر السنوات ببناء طريق لارنكا - ديكيليا - أيا نابا، التي تمر عبر تركيا».

وأضاف أن الممتلكات القبرصية اليونانية تقع في المنطقة العازلة وقرية بيلا، وطريق بيلا - أوروكليني التي تمر أيضاً عبر المنطقة العازلة، ومبنى الجامعة في بيلا وكثير من المباني الأخرى التي تنتهك المنطقة العازلة.

أعلام تركية في قرية بيلا التابعة لـ«جمهورية شمال قبرص التركية» (أرشيفية: أ.ف.ب)

ودعا البيان قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في قبرص إلى معاملة الجانبين في الجزيرة على قدم المساواة والتصرف بنزاهة، قائلا: «لسوء الحظ، تشير تطورات مثل الحادث الذي وقع الجمعة الماضي إلى أن قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام بدأت تفقد ثقة القبارصة الأتراك وأصبحت جزءا من المشكلة في قبرص».

ولفت إلى أنه «من واجب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة منع هذا الاتجاه والتأكد من أن قوة الأمم المتحدة تُظهر الحياد المتوقع من بعثات حفظ السلام التابعة للمنظمة الدولية». واختتم بأن البيان الصادر عن المجلس الذي يضمّ 15 عضواً «منفصل بالكامل عن الواقع على الأرض، وبدلاً من تقديم أيّ مساهمة إيجابية للقضية، يجعل البيان العملية أصعب».

* إردوغان ينتقد الأمم المتحدة

في السياق ذاته، حض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في قبرص على توفير الاحتياجات الإنسانية بدلا من زعزعة الاستقرار في الجزيرة المنقسمة منذ عام 1974.

وقال، في خطاب متلفز ليل الاثنين - الثلاثاء عقب ترؤسه اجتماع الحكومة التركية في أنقرة: «لا يمكن القبول أبدا بتدخل جنود قوات حفظ السلام الأممية على أراض خاضعة لسيادة جمهورية شمال قبرص التركية... تدخل القوة ضد القرويين، ثم الإدلاء بتصريحات مؤسفة، أخلا بحيادها وألحقا الضرر بسمعتها». وأكد أن «محاولة منع القبارصة الأتراك من الوصول إلى وطنهم خطوة غير قانونية ولا إنسانية»، لافتا إلى أن «التوتر تصاعد مجددا في المنطقة بسبب هذه المواقف التي تتعارض مع القانون الدولي».

وأضاف الرئيس التركي: «لا يمكننا النظر بحسن نية إلى هذا التدخل في وقت نحاول فيه تعزيز علاقاتنا مع جيراننا بشكل متبادل وحل المشكلات بيننا... تركيا كدولة ضامنة لن توافق على فرض أمر واقع وغير قانوني في قبرص، خاصة في المنطقة العازلة... لن نترك أشقاءنا القبارصة الأتراك وحدهم أمام الموقف المتصلب للقبارصة الروم (اليونانيين)، الرامي لفرض مطالب أحادية وظالمة».

وقال إردوغان إن هناك دولاً (لم يسمها) تستعد لفتح ممثليات لها في جمهورية شمال قبرص التركية، مؤكداً أن تركيا ستواصل نضالها إلى أن يقبل العالم بمساواة السيادة والمكانة الدولية لجمهورية شمال قبرص التركية في الجزيرة.


مقالات ذات صلة

«التحالف» يسعى لوقف النار بين أنقرة و«قسد»

المشرق العربي عناصر من قوات «قسد» تتمركز في أحد ميادين الرقة (أ.ب)

«التحالف» يسعى لوقف النار بين أنقرة و«قسد»

يكثف التحالف الدولي بقيادة أميركا جهوده لوقف إطلاق النار بين تركيا والفصائل الموالية لها و«قسد» في شمال شرقي سوريا وسط تصعيد مستمر.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم سيدة هايتية تبكي ضابط شرطة قضى خلال مواجهته مسلحي إحدى العصابات في العاصمة بورت أو برنس (رويترز)

الأمم المتحدة: أكثر من 200 قتيل بمذبحة في هايتي مرتبطة بالسحر

أمر زعيم العصابة مونيل "ميكانو" فيليكس بشن هجمات على الضاحية بعد مرض طفله، متهما سكانها بالتسبب فيه عبر ممارسة عقيدة الفودو المرتبطة بالسحر والأرواح.

«الشرق الأوسط» (الأمم المتحدة)
المشرق العربي من شبه المستحيل إدخال حتى ولو جزء بسيط من المساعدات الضرورية إلى الأراضي الفلسطينية المحاصرة (إ.ب.أ)

الأمم المتحدة: نشهد انهيار القانون والنظام في قطاع غزة والنهب المسلح لإمداداتنا

حذر المنسق الجديد للشؤون الإنسانية الطارئة التابع للأمم المتحدة، توم فليتشر، من انتشار الجريمة الخارجة عن السيطرة في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
العالم بلغت نسبة الضحايا المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 % من مجموع القتلى المسجلين لدى وكالات الأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة: 40 % من ضحايا الحروب نساء... و30 % أطفال

يرسم تقرير أممي صورة قاتمة جداً لما عانته النساء في الأزمات المسلحة خلال عام 2023، فقد شكّلن 40 % من مجموع القتلى المدنيين؛ أي ضعف النسبة في 2022.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا مظاهرات أوكرانية في كييف تطالب بتبادل الأسرى (أ.ف.ب)

أوكرانيا: القوات الروسية أعدمت 5 من أسرى الحرب

قال مفوض البرلمان الأوكراني لحقوق الإنسان، ديميترو لوبينيتس، اليوم الأحد، إن القوات الروسية أعدمت 5 من أسرى الحرب الأوكرانيين.

«الشرق الأوسط» (كييف)

ألمانيا تحقق في ثغرات أمنية محتملة بعد هجوم سوق عيد الميلاد

أشخاص يمرون أمام سيارات شرطة متوقفة بمنطقة للمشاة بدورتموند الثلاثاء عقب الهجوم على سوق الكريسماس في ماغديبورغ (د.ب.أ)
أشخاص يمرون أمام سيارات شرطة متوقفة بمنطقة للمشاة بدورتموند الثلاثاء عقب الهجوم على سوق الكريسماس في ماغديبورغ (د.ب.أ)
TT

ألمانيا تحقق في ثغرات أمنية محتملة بعد هجوم سوق عيد الميلاد

أشخاص يمرون أمام سيارات شرطة متوقفة بمنطقة للمشاة بدورتموند الثلاثاء عقب الهجوم على سوق الكريسماس في ماغديبورغ (د.ب.أ)
أشخاص يمرون أمام سيارات شرطة متوقفة بمنطقة للمشاة بدورتموند الثلاثاء عقب الهجوم على سوق الكريسماس في ماغديبورغ (د.ب.أ)

عكفت ألمانيا، يوم الاثنين، على البحث عن إجابات بشأن ثغرات أمنية محتملة بعد هجوم دهس في سوق لهدايا عيد الميلاد، أسفر عن مقتل خمسة أشخاص على الأقل، وأعاد تسليط الضوء على الأمن والهجرة قبل انتخابات مبكرة.

ولا يزال الدافع المحتمل لتنفيذ المشتبه به المحتجز حالياً للهجوم، مجهولاً. والمشتبه به طبيب نفسي سعودي يبلغ من العمر 50 عاماً، وله تاريخ من الخطاب المناهض للإسلام والتعاطف مع حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف.

أشخاص يمرون أمام سيارات شرطة متوقفة بمنطقة للمشاة بدورتموند الثلاثاء عقب الهجوم على سوق الكريسماس في ماغديبورغ (د.ب.أ)

وتعلو التساؤلات حول ما إذا كان من الممكن بذل مزيد من الجهود وما إذا كان بوسع السلطات التصرف بناءً على التحذيرات، وذلك وسط حالة من الحزن تعمّ البلاد، وإقبال مواطنين على وضع باقات الزهور وإضاءة الشموع في ماغديبورغ حيث وقع الحادث يوم الجمعة.

ودعت وزيرة الداخلية الاتحادية نانسي فيزر، إلى اعتماد قوانين أكثر صرامة للأمن الداخلي، تشمل قانوناً جديداً لتعزيز قوات الشرطة بالإضافة إلى إدخال المراقبة بالمقاييس الحيوية.

وقالت فيزر لمجلة «دير شبيغل»: «من الواضح أننا يجب أن نبذل قصارى جهدنا لحماية الشعب الألماني من مثل هذه الأعمال المروعة من العنف. ولتحقيق هذه الغاية، تحتاج سلطاتنا الأمنية إلى كل الصلاحيات اللازمة ومزيد من الأفراد».

أشخاص يمرون أمام سيارات شرطة متوقفة بمنطقة للمشاة بدورتموند الثلاثاء عقب الهجوم على سوق الكريسماس في ماغديبورغ (د.ب.أ)

وأعلن نائب رئيس لجنة الأمن في البرلمان الألماني (البوندستاغ) أنه سيدعو لجلسة خاصة، وتساءل عن سبب عدم التحرك وفقاً للتحذيرات السابقة بشأن الخطر الذي شكَّله المشتبه به الذي تم تحديد هويته فقط على أنه «طالب.ع» الذي يعيش في ألمانيا منذ 2006.

ودعا حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المعارض الرئيسي إلى تعزيز أجهزة المخابرات. ومن المتوقع أن يشكل الحزب الحكومة المقبلة بعد انتخابات ستُجرى في فبراير (شباط).

وقال جونتر كرينغز، المتحدث باسم الحزب، لصحيفة «هاندلسبلات»: «لم يعد بوسعنا أن نرضى بحقيقة قدوم المعلومات حول المجرمين والإرهابيين في كثير من الأحيان من أجهزة المخابرات الأجنبية فقط».

وأضاف: «ولهذا السبب تحتاج سلطاتنا الأمنية الألمانية إلى مزيد من الصلاحيات المشابهة لتلك الأجهزة حتى تتمكن من اكتساب مزيد من المعرفة التي تملكها تلك الأجهزة، لا سيما في المجال الرقمي».

وتعد قواعد حماية البيانات في ألمانيا من بين الأكثر صرامة في الاتحاد الأوروبي، وهو ما تقول الشرطة الاتحادية إنه يمنعها من اللجوء إلى المراقبة بالمقاييس الحيوية حتى الآن.

وقالت الشرطة في مدينة بريمرهافن، شمال غربي ألمانيا، اليوم، إنها ألقت القبض على رجل هدد في مقطع فيديو على تطبيق «تيك توك» بارتكاب «جرائم خطيرة» في السوق المحلية لهدايا عيد الميلاد. وذكر الرجل في الفيديو أنه سيستهدف الأشخاص الذين يبدو مظهرهم كالعرب أو كشعوب البحر المتوسط في يوم عيد الميلاد.

وقال هولغر مونش، رئيس مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية للقناة الثانية في التلفزيون الألماني (زد دي إف)، مطلع الأسبوع، إن ألمانيا تُراجع التدابير الأمنية في أسواق هدايا عيد الميلاد وستعالج أي نقاط ضعف.

وذكر أيضاً أن ألمانيا تلقت تحذيراً من السعودية في 2023 عن المشتبه به في هجوم ماغديبورغ، وهو تحذير حققت فيه السلطات الألمانية لكنها وجدته غير واضح.