اليونان تشهد أكبر عملية إجلاء في تاريخها وسط استمرار الحرائق

شركات طيران تلغي رحلاتها إلى رودس و«الخارجية» تنشئ خلية أزمة

TT

اليونان تشهد أكبر عملية إجلاء في تاريخها وسط استمرار الحرائق

عرقلت الرياح عملية إطفاء الحرائق في رودس الأحد (إ.ب.أ)
عرقلت الرياح عملية إطفاء الحرائق في رودس الأحد (إ.ب.أ)

عرقلت الرياح العاتية في اليونان، الأحد، جهود رجال الإطفاء لاحتواء حريق كبير في جزيرة رودس السياحية، تسبب بأكبر عملية إجلاء سكان على الإطلاق في هذا البلد شملت نحو 30 ألف شخص.

ويجتاح حريق كبير الجزيرة لليوم السادس على التوالي، وأرغم حوالي 30 ألف شخص على مغادرة منازلهم وفنادقهم في شرق الجزيرة الواقعة في أرخبيل دوديكانيسا، في وسط الموسم السياحي، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. ومن المتوقّع أن تستغرق مساعي حصر النيران عدة أيام بحسب السلطات.

أطول موجة قيظ

كثّفت السلطات اليونانية جهود إجلاء سكان القرى المتأثرة بالحرائق. وكان آخرها قرية لايرما، حيث حاصرت النيران المنازل والكنيسة وتضرر العديد من الفنادق جراء الحريق الذي بلغ أحياناً الشواطئ.

وأوردت وكالة الأنباء اليونانية، نقلاً عن الشرطة، أنه تم إجلاء حوالي 19 ألف شخص من باب الاحتياط، بينهم 16 ألفاً نقلوا برّاً و3 آلاف بحراً. كما تم إخلاء 12 بلدة أخرى، من بينها ليندوس إحدى القبلات السياحية الرئيسية في الجزيرة.

عرقلت الرياح عملية إطفاء الحرائق في رودس الأحد (إ.ب.أ)

واشتدت الحرائق في ثلاثة مواقع الأحد، بما في ذلك سواحل جنوب شرقي الجزيرة، حيث حاول رجال الإطفاء منع الحريق من تجاوز جدول مياه. وتلقوا المساعدة جوّاً عن طريق مروحيات وطائرات زراعية. وتتركز الجهود حالياً على منع الحريق من التمدد شمالاً إلى الغابات الكثيفة. وقاربت الحرارة، الأحد، 44 درجة وأورد مرصد الأحوال الجوية الوطني أن البلاد تواجه «على الأرجح» أطول موجة قيظ في تاريخها.

إلغاء الرحلات وإجلاء السياح

أجلت السلطات اليونانية آلاف السياح من المناطق المتأثرة بالحرائق، فيما ألغت شركات طيران رحلاتها إلى جزيرة رودس. ونُقل السياح وبعض السكان إلى صالات رياضية ومدارس ومراكز مؤتمرات في فنادق على الجزيرة، حيث أمضوا الليل، بينما يكافح رجال الإطفاء الحريق. وذكرت وكالة أنباء أثينا أن 3 عبارات رست في ميناء رودس لإيواء بعض من تم إجلاؤهم.

حافلات شركة «توي» للسفر ساهمت في عملية إجلاء السياح من رودس الأحد (أ.ب)

وكانت شركة «توي» العملاقة للسفر، وشركة «إيزي جت» للطيران، من أبرز الجهات التي ألغت كل الرحلات المتجهة إلى الجزيرة اليونانية. وأكدت متحدثة باسم «توي» لوكالة الصحافة الفرنسية أن الشركة «لديها حالياً نحو 40 ألف سائح على جزيرة رودس، تأثر منهم 7800 جراء الحرائق وتعين نقلهم إلى مراكز الاستقبال أو الفنادق». وأكدت أنه «حتى الثلاثاء (المقبل)، لن يتم نقل أي سياح جدد» إلى الجزيرة، مشيرة أن هناك طائرات فارغة تتوجه إلى هناك للمساعدة في إجلاء آلاف السياح.

خلية أزمة

عقدت وزارة الخارجية اليونانية اجتماعاً طارئاً وأنشأت خلية أزمة لتسهيل نقل السياح الأجانب إلى بلادهم. كما تقوم الخارجية اليونانية والسفارات في اليونان بإنشاء محطة في مطار رودس لمساعدة السياح الذين فقدوا وثائق السفر الخاصة بهم خلال عمليات الإجلاء. وطلب منظمو الرحلات والجولات السياحية أيضاً المزيد من الطائرات المستأجرة للهبوط في رودس، من أجل نقل المسافرين الراغبين في المغادرة.

رجل يكافح النيران في منطقة كيوتاري برودس الأحد (رويترز)

وروى سائح بلجيكي، يدعى سيدريك غيسيه، تجربة إجلائه لإذاعة «آر. تي. بي. إف» العامة، وقال إنه اضطر إلى مغادرة فندقه مشياً من دون أن تحدد له وجهة بعدما تلقى رسائل نصية على هاتفه المحمول. وتابع: «حملنا فقط بطاقات هوياتنا وبعض الماء وما يمكننا استخدامه لتغطية وجوهنا ورؤوسنا».

ومنذ اللحظة التي انطلق فيها إنذار الإخلاء في وقت مبكر من بعد الظهر، توجه السياح إلى الشاطئ وهم يجرون أمتعتهم. وأظهرت لقطات فيديو بعضهم يدفعون عربات أطفال تحت أشعة الشمس الحارقة. وسعى أكثر من 200 رجل إطفاء خلال الليل لإخماد النيران. بينما قطعت الكهرباء عن جزء كبير من الجزيرة، مع إغلاق الشركة العامة للطاقة محطة الكهرباء في الجنوب لأسباب تتعلق بالسلامة العامة. وأعلنت الرئاسة اليونانية إلغاء عطلة وطنية الاثنين «نظراً للظروف الاستثنائية في البلاد بسبب الحريق».


مقالات ذات صلة

بايدن في زيارة غير مسبوقة للأمازون

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال جولته في الأمازون (أ.ف.ب)

بايدن في زيارة غير مسبوقة للأمازون

يزور جو بايدن الأمازون ليكون أول رئيس أميركي في منصبه يتوجه إلى هذه المنطقة، في وقت تلوح فيه مخاوف بشأن سياسة الولايات المتحدة البيئية مع عودة دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (أمازوناس)
الولايات المتحدة​ امرأة وزوجها وسط أنقاض منزلهما الذي أتى عليه الحريق في كاماريللو (أ.ب)

حرائق كالفورنيا «تلتهم» أكثر من 130 منزلاً

أكد عناصر الإطفاء الذين يعملون على إخماد حريق دمّر 130 منزلا على الأقل في كالفورنيا أنهم حققوا تقدما في هذا الصدد الجمعة بفضل تحسن أحوال الطقس.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
الولايات المتحدة​ رجل إطفاء يوجه خرطوم مياه نحو النار في منزل دمّره حريق «ماونتن فاير» قرب لوس أنجليس (أ.ف.ب)

السيطرة على حرائق غابات مدمّرة قرب لوس انجليس

بدأ رجال الإطفاء السيطرة على حريق غابات استعر قرب مدينة لوس انجليس الأميركية وأدى إلى تدمير ما لا يقل عن 132 مبنى.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
المشرق العربي زراعة 3 آلاف غرسة في غرب حمص أواخر العام الماضي قام بها طلبة متطوعون (مواقع)

موجة حرائق تلتهم مساحات واسعة من قلب سوريا الأخضر

صور الحرائق في سوريا هذه الأيام لا علاقة لها بقصف حربي من أي نوع تشهده البلاد وجوارها، بعيدة عن الاهتمام الإعلامي وقريبة من ساحات الحرب.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الولايات المتحدة​ رجال الإطفاء يخمدون حريقاً  ألحق أضراراً بالعديد من المباني في أوكلاند بكاليفورنيا (رويترز)

كاليفورنيا: المئات يخلون منازلهم بسبب حريق غابات

أعلن مسؤول في إدارة الإطفاء الأميركية إنه تم إصدار أوامر للمئات من سكان شمال ولاية كاليفورنيا بإخلاء منازلهم في أحد أحياء مدينة أوكلاند بسبب حريق ينتشر سريعاً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

المخابرات البريطانية: روسيا تنفّذ حملة تخريب «متهورة» في أوروبا

مدير جهاز الاستخبارات البريطاني ريتشارد مور (رويترز - أرشيفية)
مدير جهاز الاستخبارات البريطاني ريتشارد مور (رويترز - أرشيفية)
TT

المخابرات البريطانية: روسيا تنفّذ حملة تخريب «متهورة» في أوروبا

مدير جهاز الاستخبارات البريطاني ريتشارد مور (رويترز - أرشيفية)
مدير جهاز الاستخبارات البريطاني ريتشارد مور (رويترز - أرشيفية)

اتهم رئيس جهاز المخابرات الخارجية البريطاني (إم آي 6) روسيا، الجمعة، بإطلاق «حملة متهورة للغاية» للتخريب في أوروبا بالإضافة إلى تكثيف تهديداتها النووية لتخويف دول أخرى، وثنيها عن دعم أوكرانيا.

وقال ريتشارد مور رئيس الجهاز إن أي تراخٍ في دعم أوكرانيا أمام الغزو الروسي الشامل الذي بدأ منذ 2022 سيمنح الجرأة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحلفائه، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وذكر مور أن أوروبا وشركاءها على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي لا بد أن يصمدوا في مواجهة ما قال إنه عدوان متزايد، وذلك فيما يبدو أنها رسالة إلى إدارة الرئيس الأميركي المقبل دونالد ترمب وبعض الحلفاء الأوروبيين الذين يشككون في الدعم المتواصل لأوكرانيا في الحرب الضارية.

زيادة الضغط على الغرب

قال مور في خطاب في باريس: «كشفنا في الآونة الأخيرة حملة متهورة للغاية للتخريب الروسي في أوروبا، حتى مع لجوء بوتين ومساعديه إلى التهديد النووي لنشر الخوف من تبعات مساعدة أوكرانيا».

وأضاف: «تكلفة دعم أوكرانيا معلومة جيداً، لكن تكلفة عدم دعمها ستكون أعلى بشكل أكبر بكثير. إذا نجح بوتين، فستقيّم الصين التداعيات، وستكتسب كوريا الشمالية الجرأة، وستصبح إيران أخطر».

وقال مور في سبتمبر (أيلول) إن أجهزة المخابرات الروسية أصبحت «جامحة بعض الشيء» في أحدث تحذير من حلف شمال الأطلسي ومن رؤساء آخرين لأجهزة مخابرات غربية مما يصفونها بأنها أفعال روسية عدائية تتنوع من هجمات متكررة عبر الإنترنت إلى إحراق ممتلكات عمداً.

وتنفي موسكو مسؤوليتها عن جميع الحوادث على هذا النحو. ولم ترد السفارة الروسية في لندن بعد على طلب من وكالة «رويترز» للتعليق على تصريحات مور.

وقال رئيس جهاز المخابرات الداخلية (إم آي 5) في بريطانيا، الشهر الماضي، إن جهاز المخابرات العسكرية الروسي يسعى إلى إحداث «فوضى». وقالت مصادر مطلعة على معلومات مخابراتية أميركية لـ«رويترز» إن موسكو على الأرجح ستكثف حملتها على أهداف أوروبية لزيادة الضغط على الغرب بسبب دعمه كييف.

انتظار رئاسة ترمب

ركز مور في معظم حديثه على أهمية تضامن الغرب، قائلاً إن القوة الجماعية لحلفاء بريطانيا ستفوق بوتين الذي ذكر مور أن ديونه للصين وكوريا الشمالية وإيران تزداد.

وعبّر ترمب وجمهوريون آخرون في الولايات المتحدة عن تحفظاتهم بشأن دعم واشنطن الاستراتيجي القوي وإمداداتها بالأسلحة الثقيلة لكييف. وتعهد ترمب بإنهاء الحرب في أوكرانيا سريعاً، إلا أنه لم يوضح الكيفية.

وقال مور: «إذا سُمح لبوتين بالنجاح في تحويل أوكرانيا إلى دولة تابعة لها، فلن يتوقف عند ذلك. سيتعرض أمننا للخطر في بريطانيا وفرنسا وأوروبا والجانب الآخر من المحيط الأطلسي».

وأضاف مور أن العالم يشهد بصورة عامة أخطر أوضاعه خلال 37 عاماً من عمله في المخابرات، إذ يعود تنظيم «داعش» إلى الظهور، وتظل طموحات إيران النووية تهديداً متواصلاً، بالإضافة إلى عدم التيقن بشكل تام حتى الآن من الأثر المترتب على هجمات حركة «حماس» الفلسطينية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) على إسرائيل على صعيد النزعة للتطرف.

وقال نيكولا ليرنر رئيس المخابرات الخارجية الفرنسية إن أجهزة المخابرات الفرنسية والبريطانية تعمل جنباً إلى جنب «لمواجهة ما يمثل دون شك أحد أكثر التهديدات خطورة، ما لم يكن الأخطر على الإطلاق، في الشهور المقبلة وهو الانتشار النووي الإيراني المحتمل». ودأبت طهران على نفي سعيها إلى تصنيع أسلحة نووية.