تمكّن المحافظون البريطانيون من الاحتفاظ بمقعد رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون، لكنهم هُزموا في دائرتين أخريين في انتخابات فرعية لثلاثة مقاعد جرت الخميس، وتشكل اختباراً للاقتراع العام المقرر العام المقبل.
وقد لا تبشر هذه الانتخابات بالخير للمحافظين؛ لأنهم خسروا أغلبية واسعة في دائرتي سومرتون آند فروم في جنوب غربي إنجلترا، وسيلبي آند أينستي في شمال البلاد.
لكن الحزب احتفظ، وبفارق ضئيل جداً، في دائرة أوكسبريدج آند رايسليب بمقعد جونسون الذي استقال وسط ضجة كبيرة من البرلمان؛ بسبب تبعات فضيحة الحفلات التي أُقيمت في مقر رئاسة الحكومة خلال وباء «كوفيد - 19»، أو «بارتيغيت».
وتشير النتيجة المفاجئة للانتخابات في هذه الدائرة إلى فوز ستيف تاكويل بمقعد أوكسبريدج آند رايسليب (غرب لندن)، بأغلبية 13965 صوتاً مقابل 13470 صوتاً لمرشح حزب العمال، الذي أشارت استطلاعات الرأي قبل الاقتراع إلى أنهم في وضع جيد.
في المقابل، خسر حزب المحافظين بفارق كبير مقعد سومرتون آند فروم. فقد حلت الليبرالية الديمقراطية ساره دايك محل ديفيد واربرتون المتهم بتعاطي الكوكايين. وحصلت دايك على 21187 صوتاً مقابل 10179 صوتاً لواربرتون.
وكان المحافظون يتمتعون بأغلبية تبلغ 19 ألف صوت قبل الانتخابات.
وانتزع حزب العمال مقعد سيلبي آند أينستي في يوركشير، حيث انسحب نايغل آدامز في أوج مشكلات حليفه بوريس جونسون.
وكانت الحكومة تتمتع في هذه الدائرة أيضاً بأغلبية مريحة تبلغ 20 ألف صوت. وانتهى الاقتراع بفوز كير ماثر بـ16456 صوتاً مقابل 12295 صوتاً لحزب المحافظين.
وهذا أكبر تغيير في كفة الأغلبية لحزب العمال في انتخابات فرعية منذ الحرب العالمية الثانية.
«اختبار»
تكشف هذه الانتخابات أفق الفترة الانتخابية المقبلة لكل من الأغلبية التي بلغ التأييد لها أدنى المستويات في استطلاعات الرأي بعد 13 عاماً في السلطة، وللعماليين الذين يبدون في وضع لتولي رئاسة الحكومة في 2024.
وقالت الناخبة ديبورا ويلوت (65 عاماً)، التي التقتها «وكالة الصحافة الفرنسية» أمام مركز اقتراع في إحدى الكنائس، إنها «فرصة للتعبير عن موقفنا بشأن القضايا المحلية».
وأشارت إلى الرسوم على السيارات المسببة للتلوث التي فرضتها بلدية أوكسبريدج آند رايسليب، وإغلاق مركز للشرطة، أو مشروع إقامة مدرج جديد في مطار هيثرو القريب.
أما جوناثان هينز (37 عاماً) الناخب في أوكسبريدج، حيث احتفظ المحافظون بمقعدهم، فيرى أن هذه الانتخابات تشكل «اختباراً لما تشعر به البلاد (...) بعد سنوات من الأزمات في السياسة البريطانية».
وأقرّ رئيس الوزراء ريشي سوناك، أمام نواب حزب المحافظين، (مساء الأربعاء)، بأن هذه الانتخابات ستكون «معركة صعبة»، ودعا قواته إلى رص الصفوف، كما ذكر النائب جوناثان غوليس الذي حضر الاجتماع.
لكن سوناك (43 عاماً)، الذي تولى السلطة في أكتوبر (تشرين الأول) بعد مغادرة بوريس جونسون القسرية بسبب الفضائح، وليز تراس التي أُزيحت في أقل بعد شهرين، تجنب هزيمة كاملة، لكن حصيلة الأداء تبقى سلبية.
ومع أن المصرفي السابق بدا وكأنه يجلب بعض الاستقرار والمهنية في البداية، تراجعت الثقة في أدائه إلى أدنى مستوى له على الإطلاق خلال الأسبوع الحالي، كما تبين من استطلاع للرأي أجراه «معهد يوغوف»، وعبّر فيه 65 في المائة من البريطانيين عن رأي سلبي فيه.
يأتي ذلك بينما أثر التضخم المرتفع، الذي يسجَّل منذ عام، ليبلغ 7.9 في المائة في يونيو (حزيران)، على القوة الشرائية بينما تزامنت انتخابات الخميس مع إضرابَي عمال السكك الحديدية وأطباء المستشفيات.
تعديل حكومي
أشاد سوناك بأداء حكومته، وعبّر عن ارتياحه لحصول 4 قوانين «كبرى» على الموافقة الملكية (الخميس)، لا سيما النصوص المثيرة للجدل حول الهجرة غير الشرعية، وفرض حد أدنى من الخدمة في حالة الإضراب.
وقال رئيس الحكومة في بيان: «عندما يتعلق الأمر بتحسين حياة الناس، فأنا أركز على الأفعال وليس على الأقوال».
وفيما يعزز احتمال هزيمة في الانتخابات التشريعية العام المقبل، أعلن وزير الدفاع بن والاس، الذي يتمتع بشعبية، الأسبوع الماضي، أنه لن يترشح مجدداً على غرار نحو خمسين نائباً آخرين.
وسيغادر الحكومة أيضاً في التعديل الوزاري المقبل الذي يتوقع أن يُجرى في سبتمبر (أيلول)، إلا إذا أجرى سوناك تعديلاً على فريقه هذا الأسبوع لاستعادة زمام المبادرة.
في المقابل، يستعد حزب العمال الذي يأتي في الطليعة في استطلاعات الرأي وبفارق كبير، لتولي السلطة بقيادة كير ستارمر الذي أعاد تنظيم الحزب بعد عهد اليساري المتطرف جيريمي كوربن.
وبعدما أصبح من أشد الدافعين عن المسؤولية الميزانية، أثار غضب بعض أعضاء حزبه خلال الأسبوع الحالي بمعارضته تقديم مساعدة اجتماعية أفضل للعائلات الكبيرة. وهو لا يتمتع بشخصية قوية ولا يلقى شعبية بين البريطانيين.