ماكرون يستقبل رؤساء البلديات وسط تراجع أعمال الشغب

الرئيس الفرنسي يعدّ أن «ذروة» الاضطرابات قد مرّت

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يخاطب رؤساء بلديات المدن التي تأثرت بموجة الاضطرابات الأخيرة في البلاد (أ.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يخاطب رؤساء بلديات المدن التي تأثرت بموجة الاضطرابات الأخيرة في البلاد (أ.ب)
TT

ماكرون يستقبل رؤساء البلديات وسط تراجع أعمال الشغب

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يخاطب رؤساء بلديات المدن التي تأثرت بموجة الاضطرابات الأخيرة في البلاد (أ.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يخاطب رؤساء بلديات المدن التي تأثرت بموجة الاضطرابات الأخيرة في البلاد (أ.ب)

أبدى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس (الثلاثاء) «حذراً شديداً» حيال العودة إلى الهدوء بعدما شهدت فرنسا 7 ليال متتالية من أعمال شغب أوقعت أضراراً كبرى، لكنه عدّ أن «ذروة» هذه الأعمال قد مرت، وذلك عند استقباله رؤساء بلديات مدن بين الأشد تضرراً.

وقال الرئيس الفرنسي، وفق أحد المشاركين: «هل العودة إلى الهدوء دائمة؟ أتوخى الحذر حيال ذلك، لكن الذروة التي شهدناها في الأيام الماضية قد مرت»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وأضاف: «إنه النظام الجمهوري الدائم الذي نريده جميعاً والذي سنتمسك به. إنه الأولوية المطلقة»، وشكر في الوقت نفسه المسؤولين البلديين وكل الشرطيين وعناصر الدرك والشرطيين البلديين ورجال الإطفاء.

وبعد أسبوع على اندلاع أعمال الشغب بعدما قتل شرطي بالرصاص الفتى «نائل.م» البالغ 17 عاماً خلال عملية تدقيق مروري، شهدت الليلة الماضية عدداً محدوداً من التوقيفات بلغ 72؛ بينهم 24 في باريس وضاحيتها القريبة، في مقابل مئات الأشخاص في أوج أعمال العنف.

ووقعت عمليات تخريب جديدة، وتعرّضت مقار شرطة ودرك لهجمات. ومساء الثلاثاء توقف النقل بالترامواي والحافلات في ضواحي باريس عن العمل بدءاً من الساعة 22:00 (20:00 بتوقيت غرينيتش).

وهذا الإجراء الهادف للحفاظ على أمن المسافرين جرى تأخيره ساعة مقارنة مع الأيام السابقة.

ووفق الأرقام التي نقلتها وزارة الداخلية الفرنسية، فإنّ 3486 شخصاً أوقفوا، وأُحرقت 12.202 سيارة، و تعرضت للحرق أو التخريب 1105 مبانٍ، و209 مراكز للشرطة الوطنية والدرك أو الشرطة البلدية، منذ ليل 27 إلى 28 يونيو (حزيران) الماضي.

وفي مدينة مرسيليا الجنوبية التي شهدت بعض أسوأ أعمال الشغب، فتح مدعون عامون تحقيقاً في وفاة رجل يبلغ 27 عاماً ليلة السبت.

ويعتقد أن الشاب أصيب بنوبة قلبية بعد «صدمة عنيفة» جراء إصابته برصاصة مطاطية في صدره من النوع الذي تستخدمه الشرطة الفرنسية.

وقال مكتب الادعاء العام إنه لم يتضح ما إذا كان الشاب مشاركاً في الاحتجاجات أم من المارة.

«الفهم بالعمق»

وتعرض نحو 60 مدرسة لأضرار كبرى. وقال وزير الاقتصاد، برونو لومير، أمس، إن «أكثر من ألف متجر تعرض للنهب أو لهجمات، أو أحرق»، معلناً عن مساعدة «لكل حالة» للأكبر تضرراً، إلى جانب دعم وعدت به شركات التأمين.

وفي حين بدأ جزء كبير من الشباب الفرنسي عطلة صيفية طويلة، تبقي الحكومة على إمكانات هائلة لحفظ الأمن منذ أسبوع.

وحُشد نحو 45 ألفاً من عناصر الشرطة والدرك مساء الاثنين لليلة الثالثة على التوالي في محاولة لوقف العنف الذي بلغ ذروته الأحد مع هجوم بسيارة على منزل رئيس بلدية «لاي لي روز»، فنسان جانبران، في ضاحية باريس الجنوبية حيث اضطرت عائلته إلى الفرار.

ومن خلال التشاور مع المسؤولين البلديين المنتخبين، أراد ماكرون «بدء عمل دقيق وطويل الأمد لفهم الأسباب التي أدت إلى هذه الأحداث بعمق»، وفق ما أعلن مكتبه.

وعلى غرار ما حدث عام 2005، يعبّر مثيرو أعمال الشغب عن «كراهية» حيال الشرطة وعن شعور قوي بأنّهم منبوذون، خصوصاً الشباب المتحدرين من أصول أجنبية، على ما أكد عالم الاجتماع الفرنسي أوليفييه غالان الباحث لدى «المركز الوطني للبحث العلمي في فرنسا (CNRS)».

وقال زميله دوني ميركلن، الأستاذ في «جامعة السوربون الجديدة» والمختص بشؤون أميركا اللاتينية، إنّ «مثيري أعمال الشغب يهاجمون رموز الدولة؛ لأنها موجودة على نطاق واسع في الأحياء الفقيرة خلافاً لمناطق أخرى في العالم هجرتها الدولة».

معاقبة الاهل

وأضاف: «الجميع يكرر ذلك، هناك مشكلة كبرى في علاقة الشرطة بمثل هذا النوع من السكان»؛ خصوصاً «حين يكون الأمر مستمراً منذ 40 عاماً».

واندلعت أعمال الشغب مساء 27 يونيو الماضي بعدما قتل شرطي بالرصاص في اليوم نفسه الفتى «نائل.م» البالغ 17 عاماً خلال عملية تدقيق مروري في نانتير قرب باريس، وجرى تصوير الواقعة في شريط فيديو.

والأحد، دعت جدة الشاب إلى الهدوء ووقف أعمال التخريب. ووفق حصيلة لوزارة التعليم الوطني، فإن «نحو 60 مدرسة تعرضت لأضرار كبرى؛ بينها نحو 10 مؤسسات دمرت أو دمرت جزئياً».

قضائياً، جاءت الاستجابة سريعة على أعمال النهب والتخريب؛ وتجري محاكمة 374 شخصاً يمثلون أمام المحاكم منذ الجمعة، وفق وزارة العدل.

وأعاد الرئيس ماكرون وحكومته طرح الفكرة التي تحدث عنها اليمين تكراراً وهي معاقبة الأهالي مالياً.

وقال ماكرون خلال زيارة إلى ثكنة للشرطة في العاصمة مساء الاثنين: «يجب عند وقوع أول مخالفة التمكن من معاقبة العائلات مالياً وبسهولة. نوع من رسم بالحد الأدنى فور ارتكاب أول هفوة».


مقالات ذات صلة

باكستان تغلق الطرق الرئيسية وتنشر قوات الأمن لمنع احتجاجات معيشية

آسيا قوات الأمن تعتقل ناشطين من «حزب الجماعة الإسلامية» في أثناء احتجاجهم على التضخم بإسلام آباد في 26 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

باكستان تغلق الطرق الرئيسية وتنشر قوات الأمن لمنع احتجاجات معيشية

أغلقت السلطات الباكستانية، الجمعة، الطرق الرئيسية المؤدية إلى العاصمة إسلام آباد، ونشرت آلافاً من قوات الأمن لمنع الاحتجاجات ضد زيادة التضخم.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
آسيا مسيرة في بنغلاديش اليوم للاحتجاج على عمليات القتل العشوائية والاعتقال الجماعي في دكا (أ.ف.ب)

شرطة بنغلاديش تعتقل قادة الحركة الطلابية

اعتقلت الشرطة في بنغلاديش زعيم الحركة الرئيسية التي تنظّم الاحتجاجات المناهضة لحصص توزيع الوظائف الحكومية في بنغلاديش ناهد إسلام واثنين آخرين من مستشفى في دكا.

«الشرق الأوسط» (دكا)
الولايات المتحدة​ اتساع المظاهرات المؤيدة لغزة في الجامعات الأميركية

مظاهرات ضد برنامج تلفزيوني نظم احتجاجاً مزيفاً بجامعة أميركية

اجتمعت مجموعة من المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في حرم كلية «كوينز»، احتجاجاً على تصوير مشهد درامي وهمي نظمته دراما بوليسية تُبث على قناة «CBS».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
آسيا الشيخة حسينة باكية بين مرافقيها لدى تفقدها محطة المترو التي لحقت بها أضرار كبيرة خلال الاحتجاجات في دكا (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تطالب بالتحقيق في «قمع» المظاهرات ببنغلاديش

دعت الأمم المتحدة الخميس بنغلاديش إلى الكشف فوراً عن تفاصيل قمع المظاهرات الأسبوع الماضي وسط تقارير عن «أعمال عنف مروعة».

«الشرق الأوسط» (دكا)
الولايات المتحدة​ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لدى إلقاء خطابه أمام الكونغرس في واشنطن أمس (أ.ف.ب)

إلقاء يرقات داخل فندق نتنياهو في واشنطن (فيديو)

أطلق ناشطون مؤيدون لفلسطين آلاف اليرقات وديدان الطحين والصراصير داخل فندق ووترغيت في واشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

أوروبا ترفض دواء لألزهايمر وافقت عليه أميركا بسبب أعراضه الجانبية

المقر الرئيسي للشركة الأميركية «بايوجين» (Biogen) في ماساتشوستس التي ساهمت في ابتكار دواء «ليكيمبي» مع شركة «إيساي» اليابانية (أ.ب)
المقر الرئيسي للشركة الأميركية «بايوجين» (Biogen) في ماساتشوستس التي ساهمت في ابتكار دواء «ليكيمبي» مع شركة «إيساي» اليابانية (أ.ب)
TT

أوروبا ترفض دواء لألزهايمر وافقت عليه أميركا بسبب أعراضه الجانبية

المقر الرئيسي للشركة الأميركية «بايوجين» (Biogen) في ماساتشوستس التي ساهمت في ابتكار دواء «ليكيمبي» مع شركة «إيساي» اليابانية (أ.ب)
المقر الرئيسي للشركة الأميركية «بايوجين» (Biogen) في ماساتشوستس التي ساهمت في ابتكار دواء «ليكيمبي» مع شركة «إيساي» اليابانية (أ.ب)

اتخذت وكالة الأدوية الأوروبية أمس (الجمعة) قراراً برفض طرح دواء لداء ألزهايمر في الاتحاد الأوروبي يهدف إلى الحد من التدهور المعرفي للمرضى؛ إذ اعتبرت أن هذا العقار المرتقب جداً غير آمن.

ورأت الوكالة الناظمة أن النتائج التي يحققها الدواء المطروح باسم «ليكيمبي» (Leqembi) والمُجاز له في الولايات المتحدة «غير متوازنة مع خطر الآثار الجانبية الخطيرة المرتبطة به»، وأبرزها «احتمال حصول نزف في أدمغة المرضى».

وتوقع الخبراء «خيبة أمل» لدى عدد كبير من المرضى من هذا الرأي الذي تأخذ به عادة المفوضية الأوروبية صاحبة القرار النهائي.

وأكدت شركة الصناعات الدوائية اليابانية «إيساي» (Eisai) التي ابتكرت «ليكيمبي» بالتعاون مع الأميركية «بايوجين» (Biogen) أنها ستتقدم بطلب لـ«إعادة النظر في رأي» وكالة الأدوية الأوروبية، معربةً عن «خيبة أمل شديدة».

ونقل بيان عن المديرة السريرية في «إيساي» لين كرايمر قولها إن «ثمة حاجة كبيرة لا تتم تلبيتها لخيارات علاجية جديدة ومبتكرة تستهدف السبب الكامن وراء تطور المرض».

ورخّصت إدارة الغذاء والدواء الأميركية في مايو (أيار) 2023 لعقار «ليكيمبي» الذي يشكل ليكانيماب (lecanemab) مكوّنة للمرضى الذين لم يصلوا إلى مرحلة متقدمة من المرض. وأشارت «إيساي» إلى أنه يباع أيضاً في اليابان والصين.

وفشل الباحثون طوال عقود في إحراز تقدّم فعلي في محاربة مرض ألزهايمر الذي يصيب عشرات الملايين من الناس في كل أنحاء العالم.

ويعاني نحو ثمانية ملايين شخص في الاتحاد الأوروبي شكلاً من أشكال الخرف، ويمثل مرض ألزهايمر أكثر من نصف هذه الحالات، وفقاً لموقع «ألزهايمر أوروبا». ولا يتوافر إلى اليوم أي دواء يحقق الشفاء.

أعراض جانبية مثيرة للجدل

ولم يتوصل الطب بعد إلى فهم وافٍ للسبب الدقيق لمرض ألزهايمر، إلّا أن مراقبة أدمغة المرضى تُظهر وجود لويحات أميلويد تتشكل حول الخلايا العصبية وتدمرها على المدى البعيد.

ويؤدي ذلك إلى فقدان الذاكرة الذي يُعدّ أبرز تجليات المرض. وفي المراحل الأخيرة منه، لا يعود المرضى قادرين على القيام بالمهام والأنشطة الحياتية اليومية أو على الانخراط في أحاديث.

ويتيح دواء «ليكيمبي» الذي يؤخَذ عن طريق الوريد مرة كل أسبوعين، تقليل عدد لويحات الأميلويد، وفق ما أظهرت التجارب السريرية. لكن الرأي السلبي لوكالة الأدوية الأوروبية لاحظ «بشكل خاص الظهور المتكرر في الصور الطبية لتشوهات مرتبطة بالأميلويد (...) من بينها تورم ونزف محتمل في أدمغة المرضى».

ورأت اختصاصية التنكس العصبي بجامعة أدنبره البروفيسورة تارا سبايرز جونز أن هذا الرأي الذي أصدرته وكالة الأدوية الأوروبية «سيكون مخيباً لآمال الكثيرين». لكنّها اعتبرت في بيان أن «ثمة أسباباً تدعو إلى الاستمرار في التفاؤل»؛ إذ أظهر ليكانيماب أنه «من الممكن إبطاء تطور المرض». وأضافت: «نحن الآن بحاجة إلى تكثيف جهودنا لاكتشاف أدوية جديدة وأكثر أماناً»، حسبما أفاد تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

«فوارق ثقافية»

أما الأستاذ في مستشفى «يو سي إل» الجامعي في لندن بارت دي ستروبر، فرأى أن قرار وكالة الأدوية الأوروبية «مؤسف ولكنه ليس غير متوقع». واعتبر أن «هذه النتيجة تُظهر التباين الثقافي الكبير في الطريقة التي يُنظر بها إلى المخاطر والابتكار في مختلف المناطق»، ملاحظاً أن «أوروبا تميل إلى النظر لنصف الكوب الفارغ، في حين تنظر دول كالولايات المتحدة والصين واليابان إلى النصف الممتلئ».

وأعطت إدارة الغذاء والدواء الأميركية الضوء الأخضر مطلع شهر يوليو (تموز) الفائت لطرح دواء جديد آخر لمرض ألزهايمر توصلت إليه شركة «إلاي ليلي» الأميركية يتوقع أن يبطئ تطور المرض.

وباتت القرارات المتعلقة بالأدوية ضد مرض ألزهايمر تخضع لمراقبة من كثب منذ الجدل في شأن «أدوهيلم» (Aduhelm) الذي جرت الموافقة عليه في يونيو (حزيران) 2021، وابتكرته أيضاً شركتا «إيساي» و«بايوجين» ويستهدف لويحات الأميلويد كذلك.

وكان «أدوهيلم» أول دواء معتمد في الولايات المتحدة ضد المرض منذ عام 2003. إلا أنّ هذا العلاج أحدث جدلاً كبيراً؛ إذ عارضت وكالة الأدوية الأميركية رأي لجنة خبراء اعتبروا أن العلاج لم يثبت فاعليته بشكل كافٍ خلال التجارب السريرية. وقيّدت الوكالة في وقت لاحق استخدامه، حاصرة إياه بالأشخاص الذين يعانون حالات خفيفة من المرض.

وأكّد تقرير للكونغرس الأميركي أخيراً أنّ سعر الدواء مرتفع (56 ألف دولار في السنة)، في حين أعلن نظام التأمين الصحي الفيدرالي «ميديكير» المخصص لكبار السن، أنه لن يغطي تكاليفه إلا إذا أُخذ في إطار تجارب سريرية.