مستشار لجنة التحقيق البرلمانية: لندن لم تكن مستعدة جيداً للوباء

بدء جلسات الاستماع حول استجابة الحكومة لجائحة «كوفيد»

صورة أرشيفية لبريطانيين قرب مركز لقاحات ضد كوفيد في لندن (رويترز)
صورة أرشيفية لبريطانيين قرب مركز لقاحات ضد كوفيد في لندن (رويترز)
TT

مستشار لجنة التحقيق البرلمانية: لندن لم تكن مستعدة جيداً للوباء

صورة أرشيفية لبريطانيين قرب مركز لقاحات ضد كوفيد في لندن (رويترز)
صورة أرشيفية لبريطانيين قرب مركز لقاحات ضد كوفيد في لندن (رويترز)

بدأت لجنة تحقيق برلمانية في بريطانيا بشكل رسمي تحقيقاتها، الثلاثاء، في الأحداث التي صاحبت جائحة فيروس «كورونا» المستجد (كوفيد - 19)، وذلك بسماع أصوات بعض الذين عانوا أكثر من غيرهم بسبب الجائحة. فيما وقفت العائلات الثكلى التي لم تدع للإدلاء بشهاداتها في الخارج، حاملةً صوراً لأولئك الذين فقدتهم في أثناء الوباء. وقد أودت الجائحة بحياة أكثر من 227 ألف شخص في المملكة المتحدة، وهي واحدة من أكثر الدول تضرراً في أوروبا.

اتُّهم بوريس جونسون، رئيس حكومة المحافظين آنذاك، بالتأخر جداً في الاستجابة وعدم فرض حجر صحي على الفور. لكن منذ ذلك الحين، انهالت الانتقادات من معارضي الإغلاق المتكرر الذي فُرض خلال الوباء، وكانت هذه الانتقادات حادة في الصحافة المحافظة.

تجمع لعائلات خسروا أقارب لهم بسبب كوفيد خارج «دورلاند هاوس» حيث تعقد جلسة التحقيق اجتماعاتها في لندن اليوم (أ.ب)

ويحدد الجزء الأول من التحقيق الذي تجريه هذه اللجنة برئاسة القاضية السابقة هيذر هاليت، ما إذا «كان التخطيط للاستجابة للجائحة صحيحاً وما إذا كانت المملكة المتحدة مستعدة بشكل كافٍ لهذا الاحتمال». وقال المستشار القانوني للجنة التحقيق الرسمية بشأن فيروس «كورونا» فى بريطانيا، هوغو كيث، إن المملكة المتحدة ربما لم تكن «مستعدة جيداً على الإطلاق» للتعامل مع جائحة «كورونا».

وتساءل كيث عما إذا كانت الدولة قد تمتعت بالتجهيزات الكافية وقتئذ لتوفير حماية كبيرة للشعب كما وعد القادة.

وقال كيث إنه قرب بداية الوباء في مارس (آذار) 2020، نشرت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية البريطانية، جنباً إلى جنب مع الحكومات الثلاث المفوضة في أسكوتلندا وويلز وآيرلندا الشمالية، خطة عمل «كوفيد - 19»، «تحدد كيف خططوا لمواجهة تفشي فيروس «كورونا»». وأشار كيث إلى أن «الخطة نصت على أن المملكة المتحدة كانت مستعدة جيداً للرد بطريقة توفر حماية كبيرة للجمهور»، موضحاً أنه سيتم فحص ما إذا كان هذا هو الحال بالفعل في الجزء الأول من التحقيق. وأضاف أنه «حتى في هذه المرحلة قبل الاستماع إلى الأدلة، من الواضح أننا ربما لم نكن مستعدين جيداً على الإطلاق».

كما تساءل: كيف حدث الوباء بعد فترة وجيزة من خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي (بريكست). وقال: «من الواضح أن تخطيط خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي اعتباراً من عام 2018 أدى إلى منع بعض أو ربما غالبية التحسينات» التي كانت مطلوبة للتخطيط لحالات الطوارئ والاستعداد لها.

بريطانية أمام الجدار التذكاري لضحايا كوفيد في لندن اليوم (إ.ب.أ)

وسيتم الاستماع إلى عشرات الشهود، من الشخصيات السياسية والخبراء، على مدى 6 أسابيع. وستكون جلسات الاستماع مفتوحة أمام الجمهور كما سيتم بثها مباشرة على موقع «يوتيوب». وبدأت الجلسة بالرئيس هاليت الذي قال إن التحقيق سيكون «مهمة ضخمة»، وفق ما نقلت شبكة «بي بي سي» التي ذكرت أيضاً أن المحامي الرئيسي في التحقيق، هوغو ميث، قال في بداية جلسات التحقيق إن «جزءاً بسيطاً من التفكير أُعطي بشأن الأثر الذي يمكن أن يُحدثه الإغلاق الوطني قبل انتشار الوباء»، وأضاف أنه كان هناك فشل في التفكير في العواقب على التعليم والاقتصاد. وتساءل محامي العائلات المتضررة: «لماذا لم تكن هناك خطة شاملة؟ لماذا لم يكن لدى المخططين نصائح كافية؟ ولماذا لم يكن هناك وزير بمسؤولية شاملة؟ ولماذا لم تكن هناك موارد مناسبة؟».

وأعرب أهالي الضحايا عن أسفهم لعدم دعوتهم للإدلاء بشهاداتهم في الجزء الأول من التحقيق. وقالت باربرا هيرفيرت، من مجموعة «عائلات ضحايا كوفيد»، إنه «من دون الإحاطة بتجارب أعضائنا، كيف يمكن للتحقيق تقييم القرارات التي اتخذها المسؤولون بشكل صحيح؟».

بريطانيون يحملون صور أقارب لهم ماتوا بسبب كوفيد خارج «دورلاند هاوس» في لندن اليوم (أ.ب)

كما أن المناخ السياسي المحيط بالعملية متوتر أيضاً. ففي إطار التحقيق، طلبت هاليت من الحكومة تزويدها بالكثير من الوثائق، من ضمنها تبادل رسائل على تطبيق «واتساب» بين جونسون وعدد من السياسيين ومسؤولين في الصحة. لكن هذا الطلب أثار جدلاً، ورفضت حكومة ريشي سوناك تنفيذه معتبرة أنها عناصر «لا علاقة لها بعمل» لجنة التحقيق. وهي تخشى بذلك من حدوث سابقة تجعل من الممكن الكشف عن جميع المراسلات الداخلية بين الفرق الحكومية.

وأشارت الحكومة إلى أنها تعتزم اللجوء للقضاء لتحديد ما إذا كان طلب لجنة التحقيق محُقاً أم لا. وقال جونسون، من جانبه، إنه ليس لديه ما يخفيه، مؤكداً أنه مستعد لتسليم رسائله للجنة بنفسه.

جونسون في مؤتمر صحافي افتراضي لإطلاع البريطانيين على تطورات مكافحة كوفيد في 4 يناير 2022 (أ.ف.ب)

وفي غضون ذلك، قال وزير الدولة السابق في وزارة الصحة اللورد بيثيل، لشبكة «سكاي نيوز»، إنه كان يجب أن نضرب الوباء «بقوة أكبر وقبل ذلك». وكان جونسون قد أقال اللورد بيثيل من منصبه في سبتمبر (أيلول) 2021 بسبب الجدل المثار حول استخدامه البريد الإلكتروني الشخصي في أمور تخص الوزارة. وقال إن الإصابات في دور الرعاية كانت نتيجة «نقص الاستثمار» بدلاً من نهج الحكومة تجاه الوباء، موضحاً أن صانعي القرار كانوا حذرين بقدر ما كان يمكن أن يكونوا دون خلق «فوضى».

ورداً على سؤال حول ما إذا كان قد تم وضع حلقة واقية حول دور الرعاية في أثناء الوباء، قال اللورد بيثيل: «لقد بذلنا قصارى جهدنا لحماية الرعاية الاجتماعية. لم تكن هذه مؤامرة. كان هذا يتعامل مع إرث فترة طويلة من نقص الاستثمار».

وبالانتقال إلى الأخبار التي من المقرر أن ينتهي التحقيق فيها في عام 2026، قال إن الانتظار «طويل جداً» لإعداد البلاد لوباء «محتمل» في المستقبل، «لقد أخذنا مرافق الاختبار والبنية التحتية الخاصة بنا إلى أسفل، ومراقبتنا ليست جيدة بما فيه الكفاية... ليست لدينا خطة جائحة جيدة». وكان جونسون قد اضطر إلى الاستقالة الصيف الماضي بعد سلسلة من الفضائح، وبخاصة تنظيم حفلات في «داونينغ ستريت» في أثناء فترة الإغلاق، وهو ما أطلق عليه اسم «بارتي غيت».

ولطالما نفى جونسون انتهاك أي قواعد عن عمد. وتم تكليف لجنة برلمانية منفصلة عن لجنة التحقيق التي بدأت جلسات الاستماع، الثلاثاء، لتحديد ما إذا كان جونسون قد كذب على البرلمان عندما قال مراراً إن كل القيود الصحية المتعلقة بكوفيد قد احتُرمت داخل «داونينغ ستريت». وكان جونسون يواجه تعليق مهامه أو حتى إجراء انتخابات جديدة في حال خلص التحقيق إلى أنه كذب، لكنه قدم استقالته (الجمعة) بشكل مفاجئ من البرلمان بعد أن تسلم استنتاجات اللجنة. ومن المتوقع الإعلان عن النتائج في الأيام المقبلة.



ماذا نعرف عن الصاروخ فرط الصوتي الروسي الذي أُطلق على أوكرانيا؟

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)
صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)
TT

ماذا نعرف عن الصاروخ فرط الصوتي الروسي الذي أُطلق على أوكرانيا؟

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)
صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، بإطلاق بلاده صاروخاً جديداً فرط صوتي على مصنع أسلحة أوكراني. وهذا السلاح، غير المعروف حتى الآن، استخدمته روسيا للمرة الأولى ضد أوكرانيا ولتحذير الغرب.

فيما يلي ما نعرفه عن هذا الصاروخ التجريبي الذي أُطلق عليه اسم «أوريشنيك»:

آلاف الكيلومترات

حتى استخدامه يوم الخميس، لم يكن هذا السلاح الجديد معروفاً. ووصفه بوتين بأنه صاروخ باليستي «متوسط المدى»، يمكنه بالتالي بلوغ أهداف يتراوح مداها بين 3000 و5500 كيلومتر، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي قبل إطلاقه (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

وحسب الرئيس الروسي، فإن إطلاق الصاروخ كان بمثابة تجربة في الظروف القتالية؛ مما يعني أن هذا السلاح لا يزال قيد التطوير. ولم يعطِ أي إشارة إلى عدد الأنظمة الموجودة، لكنه هدّد بإعادة استخدامه.

تبلغ المسافة بين منطقة أستراخان الروسية التي أُطلق منها صاروخ «أوريشنيك»، الخميس، حسب كييف، ومصنع تصنيع الأقمار الاصطناعية بيفدينماش الذي أصابه الصاروخ في دنيبرو (وسط شرق أوكرانيا)، تقريباً 1000 كيلومتر.

وإذا كان لا يدخل ضمن فئة الصواريخ العابرة للقارات (التي يزيد مداها على 5500 كيلومتر) يمكن لـ«أوريشنيك» إذا أُطلق من الشرق الأقصى الروسي نظرياً أن يضرب أهدافاً على الساحل الغربي للولايات المتحدة.

وقال الباحث في معهد الأمم المتحدة لأبحاث نزع السلاح (Unidir) في جنيف، بافيل بودفيغ، في مقابلة مع وسيلة الإعلام «أوستوروزنو نوفوستي»، إن «(أوريشنيك) يمكنه (أيضاً) أن يهدّد أوروبا بأكملها تقريباً».

وحتى عام 2019 لم يكن بوسع روسيا والولايات المتحدة نشر مثل هذه الصواريخ بموجب معاهدة القوى النووية متوسطة المدى الموقّعة في عام 1987 خلال الحرب الباردة.

لكن في عام 2019 سحب دونالد ترمب واشنطن من هذا النص، متهماً موسكو بانتهاكه؛ مما فتح الطريق أمام سباق تسلح جديد.

3 كلم في الثانية

أوضحت نائبة المتحدث باسم «البنتاغون»، سابرينا سينغ، للصحافة، الخميس، أن «(أوريشنيك) يعتمد على النموذج الروسي للصاروخ الباليستي العابر للقارات RS - 26 Roubej» (المشتق نفسه من RS - 24 Yars).

وقال الخبير العسكري إيان ماتفييف، على تطبيق «تلغرام»، إن «هذا النظام مكلف كثيراً، ولا يتم إنتاجه بكميات كبيرة»، مؤكداً أن الصاروخ يمكن أن يحمل شحنة متفجرة تزن «عدة أطنان».

في عام 2018، تم تجميد برنامج التسليح «RS - 26 Roubej»، الذي يعود أول اختبار ناجح له إلى عام 2012، حسب وكالة «تاس» الحكومية، بسبب عدم توفر الوسائل اللازمة لتنفيذ هذا المشروع «بالتزامن» مع تطوير الجيل الجديد من أنظمة «Avangard» التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، ويُفترض أنها قادرة على الوصول إلى هدف في أي مكان في العالم تقريباً.

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي على متن شاحنة مدولبة (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

حسب بوتين فإن الصاروخ «أوريشنيك» «في تكوينه غير النووي الذي تفوق سرعته سرعة الصوت» يمكن أن تصل سرعته إلى 10 ماخ، «أو 2.5 إلى 3 كيلومترات في الثانية» (نحو 12350 كلم في الساعة). وأضاف: «لا توجد أي طريقة اليوم للتصدي لمثل هذه الأسلحة».

عدة رؤوس

أخيراً، سيتم تجهيز «أوريشنيك» أيضاً بشحنات قابلة للمناورة في الهواء؛ مما يزيد من صعوبة اعتراضه.

وشدد بوتين على أن «أنظمة الدفاع الجوي المتوفرة حالياً في العالم، وأنظمة الدفاع الصاروخي التي نصبها الأميركيون في أوروبا، لا تعترض هذه الصواريخ. هذا مستبعد».

وأظهر مقطع فيديو للإطلاق الروسي نُشر على شبكات التواصل الاجتماعي، ست ومضات قوية متتالية تسقط من السماء وقت الهجوم، في إشارة -حسب الخبراء- إلى أن الصاروخ يحمل ست شحنات على الأقل. يقوم هذا على تجهيز صاروخ بعدة رؤوس حربية، نووية أو تقليدية، يتبع كل منها مساراً مستقلاً عند دخوله الغلاف الجوي.