اليمين المتطرف في فرنسا يستغل هجوم آنسي في حملته ضد الهجرة

رئيس كتلة حزب «الجمهوريين» أوليفييه مارليكس (أ.ف.ب)
رئيس كتلة حزب «الجمهوريين» أوليفييه مارليكس (أ.ف.ب)
TT

اليمين المتطرف في فرنسا يستغل هجوم آنسي في حملته ضد الهجرة

رئيس كتلة حزب «الجمهوريين» أوليفييه مارليكس (أ.ف.ب)
رئيس كتلة حزب «الجمهوريين» أوليفييه مارليكس (أ.ف.ب)

رغم الدعوات لعدم تسييس الحادثة، استغل اليمين المتطرف واليمين في فرنسا الهجوم الذي شنه لاجئ سوري، أمس (الخميس)، في آنسي (شرق)، للتنديد بـ«نزعة التوحش» الناتجة من «الهجرة الجماعية».

الصدمة الهائلة في فرنسا التي أحدثها الهجوم بسكين على أطفال صغار في متنزه لم تمنع توظيفه سياسياً، ولم تحدث دقيقة الصمت في الجمعية الوطنية فور وقوع المأساة الأثر المرجو.

بينما لا يزال اثنان من الأطفال الأربعة المصابين في «حالة طوارئ حيوية» حتى اليوم (الجمعة)، ومع توجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى آنسي، دعت رئيسة الوزراء إليزابيث بورن، الجميع، إلى «التحلي بالمسؤولية في هذه الظروف»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن (إ.ب.أ)

وحذر المتحدث باسم الحكومة أوليفييه فيران، من «لعبة التفسيرات والتبريرات الضارة»، ودعا وزير الاقتصاد برونو لومير إلى «ترك السياسة جانباً لبعض الوقت».

لكن تلك التصريحات لم تؤد لتهدئة، إذ إن الهجرة موضوع شديد الحساسية ومثير للانقسام في فرنسا.

واغتنم اليمين المتطرف الفرصة في ضوء تقدمه المستمر منذ سنوات حتى صار قاب قوسين من تولي السلطة. وسخرت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن (الجمعة)، من تصريحات المسؤولين قائلة: «هل هناك سلطة عليا يتعين طلب الإذن منها للحديث عن المشاكل؟».

وقالت، عبر إذاعة «أوروبا 1»: «أشعر أنني مضطرة لتقديم إجابات، وأعتقد أن الفرنسيين ينتظرون منا أن نقدم إجابات».

زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن (رويترز)

فور انتشار نبأ الهجوم (الخميس)، استنكر العديد من قادة اليمين واليمين المتطرف ما وصفوه بـ«الهجرة الجماعية»، وتحدث بعضهم عن «النزعة الراديكالية» و«الإرهاب»، قبل أن يتبين أن المهاجم مسيحي وتعلن النيابة العامة أنه تصرف «من دون دافع إرهابي واضح».

واعتبر رئيس حزب «التجمع الوطني» جوردان بارديلا، عبر «تويتر»، أنه «يجب إعادة النظر في سياستنا للهجرة برمتها وعدد من القواعد الأوروبية».

بدوره، قال نائب رئيس الحزب ديفيد راشلين، إن «الهجرة الجماعية لها صلة مباشرة بنزعة التوحش التي تعانيها بلادنا».

مثل الهجوم فرصة ظهور أيضاً لليمين التقليدي الذي يحاول حالياً فرض مقترحاته في المشروع الجديد للهجرة الذي تسعى الغالبية الرئاسية لصياغته.

وقال رئيس كتلة حزب «الجمهوريين» أوليفييه مارليكس، إن «الهجرة الجماعية غير المضبوطة تقتل». وصرح رئيس الحزب إيريك سيوتي (الخميس): «علينا أن نستخلص كل العبر بدون سذاجة وبحزم ووضوح».

كما انتقد سيوتي (الجمعة): «الإدارة الكارثية للجوء في أوروبا»، ودعا إلى عدم «الخضوع للقواعد المفروضة علينا» بعد الآن.

رئيس كتلة حزب «الجمهوريين» أوليفييه مارليكس (أ.ف.ب)

وتشير التصريحات التي تم الإدلاء بها غداة اجتماع أوروبي بشأن الهجرة، إلى الاتفاق على إلزامية التضامن بين الدول الأعضاء في توزيع طالبي اللجوء.

على غرار العديد من دول الاتحاد الأوروبي، اكتسبت قضية الهجرة أهمية متزايدة في النقاش العام، وهو اتجاه يتصاعد بفعل وصول أعداد كبيرة من المهاجرين غير النظاميين إلى أوروبا.

وحسب استطلاع أجراه معهد «إيفوب» ونشرته في نهاية مايو (أيار) صحيفة «لوجورنال دوديمونش»، يؤيد 69 % من الفرنسيين تعديل الدستور لإتاحة عدم التقيد بالقواعد الأوروبية من أجل الحد من الهجرة. بينما يتهم اليمين المتطرف، اليسار الراديكالي، بأنه مؤيد للهجرة الجماعية.

من جهته، أعرب الكاتب الجزائري كمال داود، اليوم (الجمعة)، عن أسفه «لغياب التفريق» بين الهجرة والجريمة في النقاش العام. وقال: «يمكننا أن نحصر الأمر بالقراءة السياسية وتلك المتصلة بالهوية، لكن المأساة الإنسانية أكثر تعقيداً بكثير».


مقالات ذات صلة

الهجرة غير الشرعية تتراجع مع ارتفاع حدة الخطاب الانتخابي الأميركي

الولايات المتحدة​ مهاجرون يستمعون إلى التوجيهات قبل عبور الحدود من المكسيك إلى إل باسو بولاية تكساس الأميركية (أ.ف.ب)

الهجرة غير الشرعية تتراجع مع ارتفاع حدة الخطاب الانتخابي الأميركي

تبدو ضفاف نهر يفصل بين المكسيك وأميركا شبه مهجورة، وغدت ملاجئ مخصصة للمهاجرين شبه خاوية، بعد أن كانت مكتظة سابقاً، نتيجة سياسات أميركية للهجرة باتت أكثر صرامة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا آثار الحريق على أحد المبنيين (أ.ف.ب)

اعتقال سوري في ألمانيا بعد حرائق وصدم محلين تجاريين

أعلنت الشرطة الألمانية اليوم (الأحد)، أنها اعتقلت رجلاً سورياً بعد اندلاع حرائق في مبنيين سكنيَّين، وصدم شاحنة صغيرة محلين تجاريَّين في مدينة إيسن بغرب ألمانيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا مهاجرون ينتظرون النزول من قارب مزدحم بعد رحلة استمرت ثلاثة عشر يوماً من ساحل السنغال في ميناء لا إستاكا بإسبانيا (أ.ب)

إنقاذ 7 سوريين وفقد نحو ‭20‬ شخصاً بعد غرق قارب في البحر المتوسط

فُقد 20 مهاجراً بعد غرق قاربهم في البحر الأبيض المتوسط، قرب جزيرة لامبيدوسا الإيطالية، وفق ما أعلن، اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (روما)
أوروبا مهاجرون خارج عربة إسعاف بعد عملية إنقاذ نفّذها خفر السواحل اليوناني (أرشيفية - أ.ب)

المعارضة اليونانية تطالب بالتحقيق في مزاعم إلقاء مهاجرين في البحر

طالب حزب المعارضة اليوناني بفتح تحقيق بعد تقرير «بي بي سي»، يزعم أن خفر السواحل اليوناني كان مسؤولاً عن وفاة عشرات المهاجرين خلال السنوات الثلاث الماضية.

«الشرق الأوسط» (أثينا)
شمال افريقيا دورية لخفر السواحل الجزائري في البحر المتوسط (وزارة الدفاع الجزائرية)

قلق في الجزائر بسبب تفاقم الهجرة السرية مع بداية الصيف

وصول 160 مهاجراً جزائرياً إلى سواحل إسبانيا خلال الأسبوع الحالي، تزامناً مع قلق السلطات الجزائرية من تفاقم الهجرة السرية مع بداية الصيف.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

«تهيمنان على برامج التصفح على الهواتف»... بريطانيا تحقق بشأن «أبل» و«غوغل»

شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)
شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)
TT

«تهيمنان على برامج التصفح على الهواتف»... بريطانيا تحقق بشأن «أبل» و«غوغل»

شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)
شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)

قالت هيئة المنافسة والأسواق في المملكة المتحدة، اليوم الجمعة، في تقرير إن شركتي «أبل» و«غوغل» لا توفران للمستهلكين خياراً حقيقياً لبرامج التصفح على الإنترنت للهواتف المحمولة، وأوصت بإحالتهما إلى تحقيقٍ بموجب القواعد الرقمية الجديدة في المملكة المتحدة، والتي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ العام المقبل.

ووجهت هيئة المنافسة والأسواق انتقادات لشركة «أبل»، قائلة إن تكتيكات الشركة المصنعة لهاتف آيفون تعيق الابتكار عن طريق منع المنافسين من منح المستخدمين ميزات جديدة مثل تحميل صفحات الإنترنت بشكل أسرع.

وأفاد تقرير الهيئة بأن شركة «أبل» تفعل ذلك من خلال تقييد تطبيقات الويب المتطورة، والتي لا يتطلب الأمر تنزيلها من تطبيق لمتجر التطبيقات، ولا تخضع لعمولات تطبيق متجر التطبيقات.

وقالت هيئة المنافسة والأسواق البريطانية إن «هذه التطبيقات غير قادرة على الانطلاق بشكل كامل على الأجهزة التي تعمل بنظام تشغيل (آي أو إس) الذي طورته شركة (أبل)»، وجاء ذلك في تقرير مؤقت للهيئة عن تحقيقها بشأن برامج تصفح الهواتف المحمولة، والذي شرعت فيه بعد أن خلصت دراسة أولية إلى أن شركتي «أبل» و«غوغل» لديهما سيطرة فعالة على «الأنظمة البيئية المحمولة».

وتوصل تقرير هيئة المنافسة والأسواق أيضاً إلى أن شركتي «أبل» و«غوغل» تتلاعبان بالخيارات المقدمة لمستخدمي الهواتف المحمولة؛ لجعل برامج التصفح الخاصة بهما هي «الخيار الأكثر وضوحاً أو سهولة».

وقالت الهيئة إن اتفاقاً لتقاسم الإيرادات بين شركتي التكنولوجيا الكبيرتين في الولايات المتحدة «يقلل بشكل كبير من حوافزهما المالية» للتنافس في مجال برامج تصفح الهواتف المحمولة على نظام التشغيل «آي أو إس» الذي تصنعه شركة «أبل» لأجهزة آيفون.

وقالت الشركتان إنهما «ستتعاونان بشكل بناء» مع هيئة المنافسة والأسواق.

وذكرت شركة «أبل» أنها لا توافق على نتائج تقرير الهيئة، وأعربت عن قلقها من أن تؤدي التوصيات إلى تقويض خصوصية وأمن المستخدم.

وأشارت شركة «غوغل» إلى أن انفتاح نظام تشغيل «آندرويد» للأجهزة المحمولة الخاص بها «ساعد في توسيع الاختيار وخفض الأسعار، وأتاح الوصول إلى الهواتف الذكية والتطبيقات»، وأنها «ملتزمة بالمنصات المفتوحة التي توفر الإمكانيات للمستهلكين».