أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الثلاثاء، أنه ليس هناك «خطر نووي آني» في محطة زابوريجيا للطاقة النووية، بعد التفجير الذي دمر قسماً من سد كاخوفكا على نهر دنيبرو في منطقة خيرسون (جنوب) المحتلة جزئياً من روسيا.
وحذرت الوكالة طرفي الصراع في أوكرانيا من «تقويض سلامة» بركة التبريد المجاورة للمنشأة النووية، بعد تعرض السد الذي يزود المنشأة بمياه التبريد إلى القصف. ولم تحدد الوكالة الجهة المسؤولة عن تفجير السد، إلا أن الوفدين الروسي والأوكراني في فيينا تبادلا الاتهامات في استهدافه.
وقال رافائيل غروسي، أمين عام الوكالة، في إحاطة أمام مجلس المحافظين المجتمع طوال هذا الأسبوع، إن التقييم الحالي للوكالة أنه «لا يوجد خطر مباشر على سلامة المنشأة». وأضاف أن السد تعرض «لأضرار جسيمة»، ما أدى لانخفاض كبير في مستوى الخزان المستخدم لتزويد مياه التبريد إلى المنشأة النووية الواقعة تحت سيطرة روسيا.
وحذّر مستشار الرئاسة الأوكرانية، الثلاثاء، من أن خطر وقوع «كارثة نووية» في محطة زابوريجيا للطاقة «يزداد بسرعة». وقال ميخايلو بودولياك في رسالة وجهها إلى صحافيين: «يجد العالم نفسه مرة جديدة على شفير كارثة نووية»؛ لأن المحطة، وهي الأكبر في أوروبا: «فقدت مصدر تبريدها... وهذا الخطر يتفاقم بسرعة حالياً». وقدّرت شركة «أوكريدروانرجو» المشغلة للسدود على نهر دنيبرو أن يكون خزان السد «جاهزاً للعمل خلال الأيام الأربعة المقبلة»، لكن مستوى المياه فيه يتناقص بطريقة مقلقة.
وقال متحدث باسم شركة «روسينيرغواتم» الروسية النووية لوكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء، إن المحطة النووية التي مثل سد كاخوفكا، تقع على نهر دنيبرو، لم تتضرر.
وكتب مدير المحطة يوري تشيرنيتشوك على «تلغرام»: «في الوقت الحالي، ليس هناك أي تهديد لسلامة محطة زابوريجيا للطاقة النووية. منسوب المياه في حوض التبريد لم يتغير»، مضيفاً: «الوضع تحت سيطرة طواقم العمل».
وأشار غروسي إلى أن الوكالة أبلغت موظفيها الذين أرسلتهم إلى المحطة لمراقبتها، ضمن الاتفاق مع روسيا، بالأضرار التي لحقت بالسد، والتي تؤدي حالياً إلى انخفاض يبلغ نحو 5 سم/ ساعة في ارتفاع الخزان. وأشار أمين عام الوكالة إلى أن «الفريق يقوم بمراقبة هذا المعدل وجميع الأمور الأخرى على الموقع». وأوضح أن «خبراء الوكالة» الموجودين في الموقع «يراقبون الوضع من كثب». وتستخدم محطة زابوريجيا مياه النهر الواقع على مسافة 150 كيلومتراً منها لتبريد وقود قلب المفاعل.
وشرح غروسي أن ضخ المياه حسب التقديرات إلى المنشأة: «يجب أن يستمر لبضعة أيام»، عبر الخطوط الرئيسية من الخزان، ولكنه أضاف -محذراً- أن انخفاض المياه في الخزان إلى أقل من 12.7 متر يعني أن ضخ المياه منه «لن يعود ممكناً». وكان ارتفاع المياه في الخزان في الساعة 8 من صباح أمس 16.4 متر. وأكد أن فريق الوكالة في زابوريجيا «يبذل قصارى جهده لضخ أكبر قدر ممكن من المياه في قنوات التبريد والأنظمة ذات الصلة».
ورغم الصورة القاتمة التي رسمها غروسي عن مياه التبريد للمنشأة النووية، فقد أكد أن هناك «عدداً من المصادر البديلة للمياه» لتبريد المحطة، أهمها بركة التبريد الكبيرة بجوار الموقع.
وتبحث إدارة المحطة حالياً عن «مصادر بديلة»، وفق الوكالة التي تحدثت عن وجود «حوض تبريد كبير قريب». وقال غروسي: «كون المفاعلات متوقفة منذ عدة أشهر، قد يكون (هذا الحوض) كافياً لتأمين المياه لعدة أشهر». وشدّد على «ضرورة أن يبقى هذا الحوض سليماً».
وأشار إلى أن هذه البركة يمكن أن تكون كافية لتبريد المنشأة «لبضعة أشهر». ودعا غروسي إلى الحفاظ على سلامة هذه البركة، مضيفاً: «من الضروري أن تظل بركة التبريد هذه سليمة. يجب ألا يتم عمل أي شيء من شأنه أن يقوض سلامتها. وأدعو جميع الأطراف إلى ضمان عدم عمل أي شيء لتقويض ذلك». وكشف غروسي عن توجهه إلى محطة زابوريجيا الأسبوع المقبل، مضيفاً أن هذه الرحلة المخطط لها مسبقاً باتت الآن «ضرورية».
ونفى السفير الروسي لدى المنظمات الدولية في فيينا، ميخائيل أوليانوف، الاتهامات لروسيا بأنها تقف خلف تفجير السد، واصفاً الاتهامات في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بأنها «سخيفة»، وقال: «أنا واثق بأن روسيا لم تقصف السد، نحن لا نحتاج لذلك». وأضاف: «في الواقع، أوكرانيا منذ الصيف الماضي تقصف السد، ومع ذلك أتردد في اتهام أوكرانيا؛ لأنني لست على دراية كاملة بما حصل. وقبل اتهام أحد يجب أن نكون واثقين تماماً من موقفنا». وتابع بأن روسيا «لا نحتاج لقصف السد؛ لأنها هي من يهتم بمنشأة زابوريجيا التي هي تحت سيطرتها». وأضاف متهكماً: «الأوكرانيون يصرون على أن الروس مازوشيين، ودائماً يقصفون أنفسهم».
وقال رداً على دعوة غروسي للطرفين بعدم تعريض برك التبريد للخطر: «كل الجهود ستبذل لتأمين الأمن النووي. والقول إن روسيا تعرض منشآتها النووية للخطر هو أمر سخيف». وأضاف: «نحن أسسنا الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كنا من الدول المؤسسة، وبالطبع دائماً نتعاون مع الوكالة، ونتوقع أن تتعاون الوكالة معنا، وهذا التعاون يحصل بصورة دائمة بخصوص منشأة زابوريجيا». وأكد أوليانوف أنه ينسق مع الفريق المباشر لغروسي «تقريباً يومياً؛ لأن من مصلحتنا المشتركة أن نتأكد من ضمان وأمن هذه المنشأة النووية».