«السدود» تدخل معادلة الحرب الأوكرانية مع تفجير نوفا كاخوفكا

بدء عمليات إخلاء المناطق القريبة... ولا «خطر» على محطة زابوريجيا النووية

TT

«السدود» تدخل معادلة الحرب الأوكرانية مع تفجير نوفا كاخوفكا

صورة للأقمار الاصطناعية تظهر الدمار في سد نوفا كاخوفكا (أ.ف.ب)
صورة للأقمار الاصطناعية تظهر الدمار في سد نوفا كاخوفكا (أ.ف.ب)

اتخذت الحرب الروسية الأوكرانية خلال الساعات الماضية منحى جديدا مع دخول «السدود» إلى المعادلة العسكرية تزامنا مع تضارب المعطيات من موسكو وكييف حول مسار المعارك على خطوط التماس. وقالت وكالة «تاس» الروسية للأنباء نقلا عن مصدر مطلع لم تذكر هويته، اليوم (الثلاثاء)، إن سد نوفا كاخوفكا الضخم، الواقع في الأجزاء التي تسيطر عليها روسيا من منطقة خيرسون في جنوب أوكرانيا، تدمر وإن المياه غمرت المنطقة. ونقلت الوكالة عن رئيس بلدية نوفا كاخوفكا المعين من جانب موسكو قوله إن الجزء العلوي من السد تدمر نتيجة قصف.

سد نوفا كاخوفكا بعد استهدافه (رويترز)

وتبادل الطرفان الروسي والأوكراني الاتهامات حول تفجير نوفا كاخوفكا، وقالت الرئاسة الأوكرانية إن روسيا مسؤولة عن «تفجير» سد كاخوفكا لتوليد الطاقة لإغراق المنطقة وإبطاء الهجوم الأوكراني الذي تستعد له. وقال مستشار الرئاسة الأوكرانية ميخايلو بودولياك في رسالة موجّهة إلى الصحافيين: «هدف الإرهابيين واضح: وضع عقبات أمام الأعمال الهجومية للقوات الأوكرانية».

وأكد فلادمير ليونتيف، عمدة مدينة نوفايا كاخوفكا، لشبكة «أر تي» الروسية أنه تم تدمير الجزء العلوي من السد نتيجة لهجوم. وأضاف أنه على الرغم من تضرر العديد من بوابات الفيضان بالسد، وانطلاق المياه من دون سيطرة، فإن هيكل السد أسفل المياه تمكن من النجاة من الهجوم.

وأعلن حاكم منطقة خيرسون في أوكرانيا، اليوم، بدء عمليات إخلاء المناطق القريبة من منطقة كاخوفكا في جنوب البلاد. وقال الحاكم أولكسندر بروكودين عبر تطبيق «تلغرام» في الساعة 03:45 بتوقيت غرينتش: «خلال خمس ساعات سيصل منسوب المياه إلى مستوى حرج». ونقلت وكالة «تاس» عن أجهزة الطوارئ قولها إن نحو 80 تجمعا سكنيا ربما تتأثر بدمار سد كاخوفكا.

كما نقلت الوكالة عن مسؤول مدعوم من موسكو بمنطقة زابوريجيا قوله، اليوم، إنه لا يوجد «خطر كبير» حتى الآن على محطة زابوريجيا النووية جراء انهيار السد.

فيضانات تجتاح عدة قرى

وقال رئيس الإدارة العسكرية في خيرسون أولكسندر بروكودين، اليوم، إن فيضانات غمرت عدة قرى «كليا أو جزئيا» عقب الانفجارات التي دمرت قسما من سد كاخوفكا. وأضاف: «هناك نحو 16 ألف شخص في المنطقة الحرجة على الضفة اليمنى لمنطقة خيرسون»، مشيرا إلى فيضانات في ثماني مناطق على طول نهر دنيبرو.

في موازاة ذلك، أعلنت روسيا، اليوم، أنها أحبطت هجوما أوكرانيا كبيرا آخر في منطقة دونيتسك وألحقت خسائر فادحة بالقوات الأوكرانية في حين أشادت أوكرانيا بتقدم القتال في الشرق، رغم أنه لم يتضح بعد إن كان ذلك يشير لبدء هجوم أوكراني مضاد طال انتظاره. وقالت روسيا، أمس، إن القوات الأوكرانية بدأت ليل الأحد هجوما كبيرا في الجزء الجنوبي من منطقة دونيتسك، وإنها أحبطته أيضا.

ولم يذكر المسؤولون الأوكرانيون أي حملة جديدة واسعة النطاق، غير أن حديث الرئيس فولوديمير زيلينسكي كان مبهما في كلمته الليلية أمس، إذ رحب بالأنباء «التي كنا ننتظرها»، وأشاد بتقدم قواته في مدينة باخموت بمنطقة دوينتسك. وأرسل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قواته لغزو أوكرانيا في 24 فبراير (شباط) من العام الماضي فيما توقع الكرملين أن تكون عملية خاطفة لكن القوات الروسية تكبدت سلسلة من الهزائم وأعادت التجمع في شرق البلاد. وحاصر عشرات الآلاف من القوات الروسية مدينة باخموت لعدة أشهر طوال فصل الشتاء وكانوا على أهبة الاستعداد لهجوم أوكراني مضاد منتظر في محاولة لقطع ما يسمى بالجسر البري لروسيا إلى شبه جزيرة القرم.

وقالت وزارة الدفاع الروسية في أحدث بياناتها إن قواتها ألحقت خسائر بشرية فادحة بالقوات الأوكرانية المهاجمة ودمرت 28 دبابة من بينها ثماني دبابات من طراز ليوبارد و109 مركبات مدرعة. وأضافت أن إجمالي عدد الجنود الأوكرانيين الذين قُتلوا بلغ 1500. وأضافت الوزارة على تطبيق «تلغرام»: «بعدما تكبد خسائر فادحة في اليوم السابق، أعاد نظام كييف تنظيم ما تبقى من الكتيبتين الميكانيكيتين 23 و31 في وحدات مجمعة واصلت العمليات الهجومية». ومضت تقول: «القوات المسلحة والطيران الهجومي والتكتيكي وقوات الصواريخ والمدفعية بالإضافة إلى منظومات قاذفات اللهب ألحقت (بالقوات الأوكرانية) هزيمة كبيرة».

ولم يتسن لوكالة «رويترز» التحقق بشكل مستقل من التقارير. ولم يصدر تعليق حتى الآن من كييف بشأن التأكيدات الروسية. وعادة ما تدعي كل من روسيا وأوكرانيا إلحاق خسائر بشرية فادحة بصفوف الأخرى لكن لا يمكن التحقق من تلك التقارير بصفة مستقلة.

وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن بعض المسؤولين الأميركيين يعتقدون أن الهجوم المضاد بدأ بالفعل لكن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي رفض الإفصاح عما إذا كان يعتقد ذلك. وقال في إفادة صحافية دورية: «لن أتحدث نيابة عن الجيش الأوكراني». وأضاف: «لكن حينما يقررون التقدم، وأيا كان ما سيقررونه، فإن الرئيس جو بايدن واثق من أننا بذلنا كل ما بوسعنا خلال الأشهر الستة أو الثمانية الماضية أو أكثر من ذلك لضمان حصولهم على كل ما يحتاجونه من معدات وتدريب وقدرات من أجل النجاح». وقالت وزارة الدفاع الأوكرانية في مقطع مصور ترويجي نشرته، أول من أمس، ويدعو لعدم إعلان أي تحركات عسكرية: «الخطط تفضل الصمت... البداية لن تكون معلنة».


مقالات ذات صلة

أمين الناتو يحذر ترمب من «تهديد خطير» لأميركا إذا دفعت أوكرانيا إلى اتفاق سلام سيئ

أوروبا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (يمين) والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

أمين الناتو يحذر ترمب من «تهديد خطير» لأميركا إذا دفعت أوكرانيا إلى اتفاق سلام سيئ

حذر الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته في مقابلة مع صحيفة «فاينانشيال تايمز» ترمب من أن الولايات المتحدة ستواجه «تهديداً خطيراً».

«الشرق الأوسط» (لندن )
المشرق العربي أشخاص ورجال إنقاذ سوريون يقفون بالقرب من أنقاض مبنى في موقع غارة جوية على حي في مدينة إدلب التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة في شمال سوريا، 2 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

أوكرانيا تحمّل روسيا وإيران مسؤولية «تدهور الوضع» في سوريا

قالت أوكرانيا، الاثنين، إن روسيا وإيران تتحملان مسؤولية «تدهور الوضع» في سوريا، حيث سيطرت «هيئة تحرير الشام» وفصائل حليفة لها على مساحات واسعة من الأراضي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحافي في أثينا 26 أكتوبر 2020 (رويترز)

لافروف يتهم الغرب بالسعي إلى وقف إطلاق النار لإعادة تسليح أوكرانيا

اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الدول الغربية، الاثنين، بالسعي إلى تحقيق وقف لإطلاق النار في أوكرانيا بهدف إعادة تسليح كييف بأسلحة متطورة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف في صورة مع أحد الجنود الأوكرانيين الذين أصيبوا في الحرب (د.ب.أ)

شولتس في كييف بعد طول غياب... واتهامات باستغلاله الزيارة لأغراض انتخابية

زار المستشار الألماني أوكرانيا بعد عامين ونصف العام من الغياب وفي وقت تستعد فيه بلاده لانتخاب عامة مبكرة، واتهمته المعارضة باستغلال الزيارة لأغراض انتخابية.

راغدة بهنام (برلين)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس لدى وصوله إلى أوكرانيا (حسابه عبر منصة إكس)

شولتس في زيارة مفاجئة لأوكرانيا... ويعلن عن مساعدات عسكرية جديدة

وصل المستشار الألماني أولاف شولتس إلى أوكرانيا، الاثنين، في زيارة لم تكن معلنة مسبقاً للتأكيد على دعم برلين لكييف في حربها ضد روسيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)

أمين الناتو يحذر ترمب من «تهديد خطير» لأميركا إذا دفعت أوكرانيا إلى اتفاق سلام سيئ

الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (يمين) والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)
الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (يمين) والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)
TT

أمين الناتو يحذر ترمب من «تهديد خطير» لأميركا إذا دفعت أوكرانيا إلى اتفاق سلام سيئ

الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (يمين) والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)
الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (يمين) والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

حذر الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، في مقابلة مع صحيفة «فاينانشيال تايمز»، الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب من أن الولايات المتحدة ستواجه «تهديداً خطيراً» من الصين وإيران وكوريا الشمالية إذا تم دفع أوكرانيا إلى توقيع اتفاق سلام بشروط مواتية لموسكو.

وقال روته إن «تعميق العلاقات بين خصوم الولايات المتحدة يعرض أميركا للخطر».

وأشار روته إلى المخاطر التي قد تترتب على قيام روسيا بتزويد كوريا الشمالية بتكنولوجيا الصواريخ، والأموال لإيران، وفي إشارة واضحة إلى تايوان، قال إن الرئيس الصيني شي جينبينغ «قد يفكر في شيء آخر في المستقبل إذا لم يكن هناك اتفاق جيد لأوكرانيا».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره الصيني شي جينبينغ (رويترز)

وقال روته لـ«فاينانشيال تايمز» في أول مقابلة له بصفته زعيماً للتحالف العسكري الغربي: «لا يمكن أن نسمح لزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون والرئيس الروسي وشي وإيران بالتصفيق احتفالاً بأننا توصلنا إلى اتفاق ليس جيداً لأوكرانيا، لأنه على المدى الطويل سيكون ذلك تهديداً أمنياً خطيراً، ليس فقط لأوروبا، ولكن أيضاً للولايات المتحدة».

وذكر أنه أوضح هذه النقطة لترمب في اجتماعهما في فلوريدا في 22 نوفمبر (تشرين الثاني)، في جزء من الجهود المبذولة لإقناع الرئيس الأميركي المنتخب بالبقاء على اتصال مع الحلفاء الغربيين ومواصلة الدعم الأميركي لأوكرانيا.

وقال روته إنه أخبر ترمب: «انظر إلى الصواريخ التي يتم إرسالها الآن من روسيا إلى كوريا الشمالية، والتي تشكل تهديداً خطيراً ليس فقط لكوريا الجنوبية واليابان، ولكن أيضاً للبر الرئيسي للولايات المتحدة».

الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (أرشيفية - أ.ب)

وأضاف: «إيران تحصل على أموال من روسيا مقابل الصواريخ، وتكنولوجيا الطائرات من دون طيار، والأموال تُستخدم لدعم (حزب الله) و(حماس)، ولتوجيه الصراع خارج المنطقة».

وتابع: «لذا فإن حقيقة أن إيران وكوريا الشمالية والصين وروسيا تعمل معاً بشكل وثيق تعني أن هذه الأجزاء المختلفة من العالم حيث يوجد صراع، أصبحت متصلة بشكل متزايد».

وأضاف، في إشارة واضحة إلى المخاوف من أنه إذا سُمح لروسيا بالاستيلاء على أجزاء كبيرة من أوكرانيا، فقد يشعر شي جينبينغ بالجرأة لاستخدام القوة ضد تايوان.

وقالت الصحيفة إن ترمب تعهد خلال حملته الانتخابية بإنهاء الحرب في أوكرانيا في «24 ساعة». وقد اختار مبعوثاً خاصاً له لأوكرانيا وروسيا الجنرال السابق كيث كيلوغ الذي دعا إلى تجميد خطوط المعركة الحالية وإجبار كييف وموسكو على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.

وقد تولى روته منصبه في أكتوبر (تشرين الأول) بسجل قوي من العمل بنجاح مع ترمب خلال رئاسته الأولى.

وكان رئيس الوزراء الهولندي السابق جزءاً لا يتجزأ من حملة عام 2018 لحلفاء الناتو لإنفاق المزيد على الدفاع من أجل درء تهديد ترمب بسحب الدعم الأميركي للتحالف.

وقال عن ترمب: «لدينا علاقة قوية، لقد أحببنا بعضنا عندما كنت في منصبي السابق عندما كان رئيساً، وأشعر أننا نستطيع العمل من الأساس نفسه، ومن دواعي سروري حقاً العمل معاً».

الرئيس السابق دونالد ترمب أثناء حضوره محاكمته المدنية في نيويورك في تهم المخالفات المالية وتضخيم ثروته (إ.ب.أ)

وسيرأس روته اجتماعاً لوزراء خارجية الناتو في بروكسل الثلاثاء، وهو اجتماع استبقه وزير الخارجية الأوكراني بمناشدة المشاركين فيه منح البلاد دعوة رسمية للانضمام إلى التحالف، مع أن الولايات المتحدة وألمانيا على وجه الخصوص استبعدتا حصول ذلك في المستقبل القريب.

وقال الأمين العام إن زيادة الدعم العسكري للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل أي محادثات سلام محتملة كانت أكثر أهمية من مناقشة موعد تقديم العضوية.

وقال روته: «الأمر الأكثر أهمية الآن هو التأكد من أنه كلما قرر زيلينسكي الدخول في محادثات السلام، يمكنه القيام بذلك من موقف قوة، وهذا بالنسبة لي هو الأولوية رقم واحد الآن».

وأضاف أن ترتيب محادثات السلام ودعوة عضوية الناتو «أمران يتشاور الحلفاء بشأنهما بوضوح؛ ما هي أفضل خطوة تالية وكيفية العمل على هذا، لكن ما أقوله لهم دائماً عندما يسألونني: أقول، حسناً، هذا جيد جداً ونحن بحاجة إلى إجراء هذه المناقشات، ولكن في المستقبل القريب أهم شيء هو إدخال مساعداتكم العسكرية إلى أوكرانيا، وخاصة الدفاع الجوي، وأيضاً الأنظمة الهجومية التي يحتاجونها لخوض الحرب».