جدد الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية المنتهية ولايته، تأكيدات وزير القوات الجوية الجنرال فرانك كيندال، حول الدور المحدود الذي يمكن أن تلعبه طائرات «إف-16»، في الحرب الأوكرانية الدائرة اليوم. لكنه أكد أن روسيا «لن تكسب الحرب، كما أنه من غير المرجح أن يتم دحر كل القوات الروسية في أي وقت قريب».
وقال ميلي، في ختام أعمال اجتماع افتراضي لمجموعة الاتصال الدفاعية الأوكرانية، إن تسليم تلك الطائرات، لن يكون «سلاحا سحريا» يقلب المعادلات في ساحات المعارك بين القوات الأوكرانية والروسية.
وقال في مؤتمر صحافي مع وزير الدفاع لويد أوستن، في البنتاغون، الخميس، إنه في بداية الصراع، ركزت الولايات المتحدة ودول مجموعة الاتصال الأخرى على الدفاع الجوي الأرضي، باعتباره أفضل وأسرع طريقة لحرمان روسيا من التفوق الجوي على أوكرانيا. وقال إن 10 طائرات من طراز «إف-16» تبلغ قيمتها مليار دولار مع مليار دولار إضافية تكاليف صيانة واستمرارية.
وقال: «إذن، أنت تتحدث عن ملياري دولار لعشر طائرات. لدى الروس الآلاف من مقاتلات الجيلين الرابع والخامس. لذلك، إذا كنت ستواجه روسيا في الجو، فستحتاج إلى عدد كبير من مقاتلات الجيلين الرابع والخامس. وإذا نظرت إلى منحنى التكلفة والقيام بالتحليل، فإن أذكى ما فعلناه هو بالضبط ما فعلناه حتى اليوم، وهو توفير قدر كبير من الدفاع الجوي المتكامل لتغطية ساحة المعركة وحرمان الروس من المجال الجوي. وهذا بالضبط ما حدث».
وأضاف ميلي أن إنفاق الأموال على الأسلحة قصيرة المدى، بدلا من الطائرات الحربية باهظة الثمن مع احتياجاتها اللوجستية المعقدة، كان مجديا. وقال: «إذا تم إرسال الطائرات عاجلاً، سيكون التمويل على حساب القدرات الأخرى التي وضعت أوكرانيا في المقدمة». وأضاف: «لا توجد أسلحة سحرية في الحرب، وطائرات (إف-16) ليست كذلك ولا أي شيء آخر». وقال ميلي إن طائرات «إف-16» لها دور في المستقبل، لكن «الأمر سيستغرق وقتا طويلا لبناء قوة جوية بهذا الحجم والنطاق، الذي سيكون ضروريا أيضا».
وكان وزير القوات الجوية، الجنرال فرانك كيندال، قد أعلن في ندوة دفاعية يوم الاثنين، أن حصول أوكرانيا على تلك الطائرات من «غير المرجح أن يكون قادرا على إحداث تغيير دراماتيكي لقواعد اللعبة». وتعد الطائرات المقاتلة معدات أغلى بكثير من قذائف المدفعية والمدرعات، والتي ركز الحلفاء الغربيون على تزويد أوكرانيا بها للمساعدة في التصدي لهجمات القوات الروسية.
من جهة أخرى، قال ميلي إن روسيا لن تحقق نصرا عسكريا في أوكرانيا، مثلما أنه من غير المرجح أيضا أن يتم دحر كل القوات الروسية في أي وقت قريب. وقال للصحافيين: «لن تكسب روسيا عسكريا هذه الحرب». وأضاف أن «الشعب الأوكراني ما زال صامدا، وخيب آمال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تحقيق نصر سريع». وأشار ميلي إلى أن «الأوكرانيين يستخدمون نظام باتريوت ونظام جافلين بنجاعة عالية». وردا على أسئلة الصحافيين، قال ميلي إن الولايات المتحدة طلبت منذ فترة طويلة من أوكرانيا عدم استخدام معدات عسكرية قدمتها لها واشنطن لشن هجمات داخل الأراضي الروسية. وأضاف أن مكتبه يدقق في صور تظهر مركبات يُزعم أنها استخدمت في هجوم على منطقة بيلغورود الحدودية الروسية.
من ناحيته، قال وزير الدفاع لويد أوستن، إن تدريب الطيارين الأوكرانيين على استخدام تلك الطائرات، سوف يستغرق بعض الوقت لتزويد أوكرانيا بقدرة قابلة للحياة. لكنه أضاف أنه «مثال مهم على التزامنا طويل الأمد بأمن أوكرانيا». وقال إن الدنمارك وهولندا تتصدران التحالف المشترك لتدريب الطيارين الأوكرانيين على طائرات مقاتلة حديثة. وأضاف أن النرويج وبلجيكا وبولندا والبرتغال تعهدت أيضا بالمشاركة في التدريب. وأشار أوستن إلى أن الولايات المتحدة «ليست في حالة حرب مع روسيا»، مشددا بالقول: «هذه معركة أوكرانيا».
رجح مصدران مطلعان أن ترسل هولندا مقاتلات «إف-16» إلى أوكرانيا، بعد الانتهاء من تدريب الطيارين الأوكرانيين على هذه الطائرات. ونقلت وكالة بلومبرغ للأنباء عن أحد المصادر قوله إن هولندا والدنمارك تقودان الدول المتحالفة لإعداد الطيارين بدعم من بريطانيا وبلجيكا، وإن الحكومة الهولندية تبحث بالفعل، وتتباحث مع حلفائها، بشأن خطط النشر المحتملة للطائرات.
وذكرت «بلومبرغ» أنه رغم استعداد الحكومة الهولندية للمساعدة في تعزيز الدفاعات الجوية الأوكرانية «بأسرع ما يمكن»، فإن تدريب الطيارين وإعداد خطط النشر واللوجستيات قد يستغرقان عدة أشهر. وجدير بالذكر أن هولندا تمتلك حاليا 42 طائرة مقاتلة طراز إف-16، من بينها 24 طائرة يستخدمها الجيش الهولندي في الوقت الحالي، ولا يمكن إرسالها إلى أوكرانيا حتى منتصف 2024، كما أن 12 من المقاتلات الـ 18 المتبقية من المقرر بيعها إلى شركة دراكن إنترناشونال الأمريكية للخدمات الجوية، وإن كانت حكومة أمستردام قد أرجأت تسليم الطائرات للشركة حتى ديسمبر (كانون الأول) المقبل، دون الكشف عن الأسباب، بحسب «بلومبرغ».
هذا ويخطط التحالف لتدريب ما يقرب من 20 طياراً أوكرانياً في البداية، على الرغم من أن العدد الدقيق سيعتمد على قدرة الدول على دعم المشروع، وفقاً لمتحدث باسم الحكومة البريطانية. وقال إن أوكرانيا ستحتاج إلى «خط أنابيب» من الطيارين، لمعرفة أساسيات الطيران، قبل الانتقال بعد ذلك إلى تشغيل تلك الطائرات. ولتحقيق هذه الغاية، ستركز المرحلة الأولى على التدريب الأساسي الأرضي للطيارين، الذين سيكونون مستعدين بعد ذلك لتعلم خصائص الطائرات المحددة، مثل «إف 16» وغيرها. ولم يوضح أوستن وميلي، ما هي الجهة التي ستقوم بتسليم طائرات «إف 16» أو غيرها لكييف، وما هو دور الولايات المتحدة في هذه العملية، بخلاف إعطاء الضوء الأخضر لنقل الطائرات من دول الطرف الثالث إلى أوكرانيا.