دفاعات «حلقات البصل»... كيف تُسقط أوكرانيا الصواريخ الروسية؟

جنود أوكرانيون يقصفون مواقع روسية وسط استمرار الغزو (رويترز)
جنود أوكرانيون يقصفون مواقع روسية وسط استمرار الغزو (رويترز)
TT

دفاعات «حلقات البصل»... كيف تُسقط أوكرانيا الصواريخ الروسية؟

جنود أوكرانيون يقصفون مواقع روسية وسط استمرار الغزو (رويترز)
جنود أوكرانيون يقصفون مواقع روسية وسط استمرار الغزو (رويترز)

أطلقت القوات الروسية وابلاً من 18 صاروخاً على كييف، أمس الثلاثاء، وتؤكد أوكرانيا أنه جرى إسقاطها جميعاً.

باستخدام «حلقات البصل»؛ من الأسلحة والصواريخ المختلفة التي قدَّمها الغرب، أصبحت الدفاعات الجوية الأوكرانية، الآن، ناجحة، بشكل متزايد، في إحباط العمليات الروسية، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز».

من صواريخ «ستينغر»، التي يمكن أن يحملها جندي واحد، إلى أنظمة «باتريوت» المتطورة، تمتلك أوكرانيا، الآن، مجموعة متنوعة من الخيارات للدفاع عن أجوائها.

تحدثت «سكاي نيوز» إلى المحلل العسكري فيليب إنغرام، حول سبب فاعلية الدفاعات الجوية في كييف، الآن، والدعم النفسي الذي يقدمه ذلك للسكان.

لكن لنعد أولاً إلى 24 فبراير (شباط) 2022، والساعات الأولى من الغزو الشامل، عندما أطلقت روسيا أكثر من 100 صاروخ، من البر والبحر. أُطلقت الصواريخ على عدة مدن؛ من بينها كييف، واستهدفت منشآت للدفاع الجوي، وبنية تحتية عسكرية أخرى. انطلقت صفارات الإنذار في أنحاء العاصمة، وسُمع دويّ انفجارات، وسط المدينة، فاجأت الكثيرين.

لقطة تُظهر الدمار الذي تسبَّب به القصف الروسي على أحد مراكز التسوق الأوكرانية (رويترز)

بعد 14 شهراً، أصبحت أوكرانيا أفضل استعداداً. وأطلقت القوات الروسية، ليل أمس الثلاثاء، 6 صواريخ «كينجال»، تفوق سرعتها سرعة الصوت، و9 صواريخ «كاليبر كروز»، و3 صواريخ أرضية، بالإضافة إلى طائرات دون طيار باتجاه أوكرانيا. وقال سلاح الجو في البلاد إنه جرى إسقاطها جميعاً.

أوضح إنغرام، لشبكة «سكاي نيوز»، أن أوكرانيا تُسقط، الآن، حوالي 96 - 98 في المائة من الصواريخ الروسية، بفضل عدد من العناصر الدفاعية التي تعمل معاً.

جندي أوكراني يشارك بتدريبات وسط الغزو الروسي للبلاد (رويترز)

دفاعات «حلقات البصل»

أشار الخبير إلى «أن نظام الدفاع الجوي متعدد الطبقات يشبه سلسلة من حلقات البصل لقدرات الدفاع الجوي».

يقول إنغرام إنه على أدنى مستوى، تمتلك أوكرانيا أسلحة وبعض الصواريخ قصيرة المدى، مثل نظام «Starstreak» المحمول الذي توفِّره المملكة المتحدة.

وتمتلك أوكرانيا، بعد ذلك، عدداً من الأنظمة متوسطة المدى، مثل «إس-300» السوفيتية، وأنظمة أخرى قدَّمها حلفاؤها.

يوفر ذلك قدرة مضادة للطائرات متوسطة المستوى، تعمل أيضاً ضد صواريخ «كروز» والطائرات دون طيار.

ثم في المستوى الأعلى، لديهم نظام «باتريوت»، المقدَّم من الولايات المتحدة وألمانيا.

وأضاف إنغرام: «ننظر إلى ذلك على أنه سلسلة من القباب الواقية التي تصل إلى ارتفاعات مختلفة ونطاقات متعددة، حول الهدف الذي تحاول حمايته».

في حين أن الدفاعات كانت، بالتأكيد، فعالة في إسقاط الصواريخ، إلا أن هذا لا يعني أنه لم يكن هناك تأثير على الأرض، كما يقول المحلل. الحطام الناجم عن الصواريخ المعترضة يسقط من السماء، ويمكن أن يصيب الناس في الأسفل.

عناصر من الجيش الأوكراني يقصفون مواقع روسية في منطقة دونيتسك (رويترز)

كيف تنتقل أوكرانيا من اكتشاف صاروخ إلى إسقاطه؟

قال إنغرام: «لذا فإن تسلسل الأحداث هو أن المخابرات الغربية ترصد إطلاق صاروخ - هناك آلية لتكون قادرة على نقل ذلك في الوقت الحقيقي مباشرة إلى الأوكرانيين... ستحدد بيانات الإطلاق في الوقت الفعلي (من أين جرى إطلاق الصواريخ، وما الصاروخ المحتمل والمسار الذي يعمل فيه)».

مقدار الوقت الذي يتعيّن على الأوكرانيين الرد فيه - من دقائق إلى أكثر من ساعة - اعتماداً على نوع الصاروخ. ويمكن للمسؤولين عن الدفاع الجوي، بعد ذلك، اتخاذ قرار بشأن أفضل مسار للعمل والاشتباك مع الصاروخ، قبل أن يصيب هدفه.

يقول إنغرام إن «طبقات الدفاع المتعددة هذه، تحت نظام قيادة وتحكم واحد مستنير من المعلومات الاستخباراتية التي تأتي في كل وقت، تجعلها فعالة جداً»

جنديان أوكرانيان يتجهزان لقصف مواقع للقوات الروسية وسط استمرار القتال (رويترز)

ماذا يعني ذلك بالنسبة للجهود الحربية لأوكرانيا؟

يوضح إنغرام «إنه نجاح آخر للأوكرانيين في معركة معقدة جداً وصعبة، بالنسبة لهم، بينما يحاولون إنقاذ وطنهم».

ويضيف أن الأمر مهم أيضاً من الناحية النفسية؛ لأنه يحمي السكان، أثناء وجود الجنود في الخطوط الأمامية.


مقالات ذات صلة

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أوروبا جندي أوكراني على خط المواجهة مع القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أعلنت روسيا، الأحد، أن قواتها سيطرت على بلدات في منطقتين رئيسيتين تقعان على خط الجبهة في شرق أوكرانيا، بينما يتقدم جيشها باتجاه مدينتين استراتيجيتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أرشيفية لأحد مباني مدينة بيلغورود الروسية عقب استهدافها بمسيرة أوكرانية (إ.ب.أ)

 روسيا تعلن تدمير 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل

قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الأحد)، إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمرت 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

زيلينسكي: هناك مزيد من الجنود الكوريين الشماليين يقاتلون في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الجيش الروسي بدأ في نشر المزيد من الجنود الكوريين الشماليين خلال الهجمات على كورسك بالقرب من الحدود الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه أصدر تعليمات لحكومته بإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا بالتعاون مع المنظمات الدولية في أعقاب سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن موسكو بدأت إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

ميلي يدعو من روما إلى إقامة تحالف يميني عالمي

ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
TT

ميلي يدعو من روما إلى إقامة تحالف يميني عالمي

ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)

دعا الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي إلى توحيد قوى اليمين العالمية في منظمة جامعة لـ«محاربة اليسار والاشتراكية، تكون مثل الكتائب الرومانية قادرة على دحر جيوش أكبر منها».

جاء ذلك في الخطاب الناري الذي ألقاه، مساء السبت، في روما، حيث لبّى دعوة رئيسة الحكومة الإيطالية جيورجيا ميلوني، ليكون ضيف الشرف في حفل اختتام أعمال المهرجان السياسي السنوي لشبيبة حزب «إخوان إيطاليا»، الذي تأسس على ركام الحزب الفاشي. وقدّمت ميلوني ضيفها الذي يفاخر بصداقته لإسرائيل والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بوصفه «قائد ثورة ثقافية في دولة صديقة، يعرف أن العمل هو الدواء الوحيد ضد الفقر».

«مسؤولية تاريخية»

ميلوني لدى استقبالها ميلي في قصر شيغي بروما الجمعة (إ.ب.أ)

قال ميلي إن القوى والأحزاب اليمينية في العالم يجب أن تكون في مستوى «المسؤولية التاريخية» الملقاة على عاتقها، وإن السبيل الأفضل لذلك هي الوحدة وفتح قنوات التعاون على أوسع نطاق، «لأن الأشرار المنظمين لا يمكن دحرهم إلا بوحدة الأخيار التي يعجز الاشتراكيون عن اختراقها». وحذّر ميلي من أن القوى اليمينية والليبرالية دفعت ثمناً باهظاً بسبب تشتتها وعجزها أو رفضها مواجهة اليسار متّحداً، وأن ذلك كلّف بلاده عقوداً طويلة من المهانة، «لأن اليسار يُفضّل أن يحكم في الجحيم على أن يخدم في الجنة».

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الأرجنتين خافيير ميلي في مارالاغو 14 نوفمبر (أ.ف.ب)

ليست هذه المرة الأولى التي يطلق فيها ميلي مثل هذه الفكرة، التي سبق وكررها أكثر من مرة في حملته الانتخابية، وفي خطاب القَسَم عندما تسلّم مهامه في مثل هذه الأيام من العام الماضي. لكنها تحمل رمزية خاصة في المدينة التي شهدت ولادة الحركة الفاشية العالمية على يد بنيتو موسوليني في عشرينات القرن الماضي، وفي ضيافة أول رئيسة يمينية متطرفة لدولة مؤسسة للاتحاد الأوروبي تحاول منذ وصولها إلى السلطة عام 2022 الظهور بحلة من الاعتدال أمام شركائها الأوروبيين.

جدل الجنسية الإيطالية

قال ميلي: «أكثر من شعوري بأني بين أصدقاء، أشعر أني بين أهلي» عندما أعلنت ميلوني منحه الجنسية الإيطالية، لأن أجداده هاجروا من الجنوب الإيطالي مطلع القرن الفائت، على غرار مئات الألوف من الإيطاليين. وأثار قرار منح الجنسية للرئيس الأرجنتيني انتقادات شديدة من المعارضة الإيطالية التي تطالب منذ سنوات بتسهيل منح الجنسية للأطفال الذين يولدون في إيطاليا من أبوين مهاجرين، الأمر الذي تُصرّ ميلوني وحلفاؤها في الحكومة على رفضه بذريعة محاربة ما وصفه أحد الوزراء في حكومتها بأنه «تلوّث عرقي».

ميلوني قدّمت الجنسية الإيطالية لميلي (رويترز)

وكان ميلي قد أجرى محادثات مع ميلوني تناولت تعزيز التعاون التجاري والقضائي بين البلدين لمكافحة الجريمة المنظمة، وتنسيق الجهود لمواجهة «العدو اليساري المشترك»، حسب قول الرئيس الأرجنتيني الذي دعا إلى «عدم إفساح أي مجال أمام هذا العدو، لأننا أفضل منهم في كل شيء، وهم الخاسرون ضدنا دائماً».

وانتقدت المعارضة الإيطالية بشدة قرار التلفزيون الرسمي الإيطالي بثّ خطاب ميلي مباشرةً عبر قناته الإخبارية، ثم إعادة بث مقتطفات منه كان قد دعا فيها إلى «عدم اللجوء إلى الأفكار لاستقطاب أصوات الناخبين» أو إلى عدم إقامة تحالفات سياسية مع أحزاب لا تؤمن بنفس العقيدة، «لأن الماء والزيت لا يمتزجان»، وشنّ هجوماً قاسياً على القوى السياسية التقليدية التي قال إنها «لم تأتِ إلا بالخراب». وأنهى ميلي كلمته، إلى جانب ميلوني وسط هتافات مدوية، مستحضراً شعار الدفاع عن «حرية وحضارة الغرب» الذي أقام عليه موسوليني مشروعه الفاشي لاستعادة عظمة الإمبراطورية الرومانية.