مؤشرات على اقتراب الهجوم الأوكراني المُنتظر

جنود أوكرانيون يطلقون النار في لفيف (الاثنين) إحياء لذكرى الانتصار على النازية (أ.ف.ب)
جنود أوكرانيون يطلقون النار في لفيف (الاثنين) إحياء لذكرى الانتصار على النازية (أ.ف.ب)
TT

مؤشرات على اقتراب الهجوم الأوكراني المُنتظر

جنود أوكرانيون يطلقون النار في لفيف (الاثنين) إحياء لذكرى الانتصار على النازية (أ.ف.ب)
جنود أوكرانيون يطلقون النار في لفيف (الاثنين) إحياء لذكرى الانتصار على النازية (أ.ف.ب)

إذا كانت الاستراتيجيّة تقوم على ربط الأهداف بالوسائل، شرط التوازن المعقول بينهما؛ فإن للاستراتيجيّة مفارقة خاصة بها. فماذا يعني هذا الأمر؟ في المُطلق، أنا أحدّد استراتيجيّة عدوّي، وهو يُحدد استراتيجيّتي. أنا هدفه، وهو هدفي. أنا أستعلم عنه، والعكس صحيح. أنا أدرس ثقافته الاستراتيجيّة، وهو يدرس ثقافتي. إذاً، ألا يغيب عامل المفاجأة في الحرب هنا؟وإذا كان الأمر كذلك، فهل يمكن القول إن الاستراتيجيّة تُسهّل الحرب أو تُعقدها؟ وهل يمكن القول إن الأقوى في الحرب لا يحتاج استراتيجيّة؟ فموازين القوى كلها معه، فلماذا التخطيط؟ يردّ المفكّر البروسيّ كارل فون كلوزفيتز ليقول بما معناه: «لا تأخذ الحرب معناها الفعليّ إذا كان الخلل في موازين القوى بين المتحاربين كبيراً جدّاً»؛ إذ لا بد من إرادة تقاوم إرادة أخرى بالحدّ الأدنى.

الحرب الأوكرانية

حدّدت أوكرانيا الأهداف الكبرى لها ضدّ روسيا، ألا وهي تحرير كلّ الأراضي الأوكرانيّة. في المقابل حدّد الرئيس بوتين أهدافه في أوكرانيا (غير الموجودة في وعيه وخطابه)، وهي ببساطة إلغاء الكيان الأوكرانيّ. تعكس أرض المعركة اليوم، عدم التوازن الكبير بين الأهداف والوسائل المتوفّرة لكلّ من الفريقين. وفي هكذا حالة لا بد من تحديد الأولويات، وترك غير الممكن تحقيقه اليوم إلى مرحلة لاحقة من الصراع، إن كانت عسكريّة أو دبلوماسيّة. تمثّل الفشل الروسي في الحسابات الخاطئة في أغلب مجالات الحرب، وأبعادها وحتى مبادئها (تمثّل بعضها أخيراً في الموقف السلبيّ لمموّل شركة «فاغنر» تجاه وزارة الدفاع الروسيّة). فالاستراتيجيّة كانت خاطئة. والتنفيذ كان سيّئاً. والوسائل لم تكن كافية. في المقابل، فاجأت أوكرانيا بوتين، كما العالم الغربيّ، في أدائها العسكري. وهنا يمكن استنتاج المعادلة التالية: «خسرت روسيا لأنها لم تربح. وربحت أوكرانيا لأنها لم تخسر».

الهجوم المضاد الأوكرانيّ

هناك مؤشرات تكتيكيّة وعملانيّة كثيرة على المسرح الأوكرانيّ تقول إن هناك شيئاً ما يُحضّر - الهجوم العكسي الأوكرانيّ - وبعض منها:

• استهداف أوكرانيا للمنظومة اللوجستيّة الروسيّة، من سكك حديدية ومخازن للطاقة.

• التصريحات الرسميّة الأوكرانيّة المتكرّرة وعلى كل المستويات والتي تبشّر بالهجوم، لكن تكرار التصريحات بهذا الحجم حول الهجوم، يخلق ما يُسمّى بأزمة المصداقيّة لدى أوكرانيا؛ إذ نفرض هذه المصداقيّة على تنفيذ شيء ما.

• التبشير الغربي، خاصة من أمين عام حلف «الناتو»، على أن الغرب قد جهّز 9 ألوية أوكرانيّة للقتال، مع 1500 مدرّعة تقريباً و230 دبابة قتال ثقيلة.

• استهداف روسيا للعمق الأوكراني خاصة البنى التحتيّة التي ترتكز عليها اللوجستيّة (مدينة اومان في الغرب مثلاً).

• عملية إخلاء السكان من إقليم زاباروجيا، تخوّفاً من الهجوم الأوكراني المرتقب.

• وحسب بعض مراكز الأبحاث، تستعد القوات الروسيّة إلى اتخاذ وضع الدفاع الثابت حيث يجب، والدفاع في العمق حيث يستلزم الأمر. من هنا الجدل العلني والخطير بين «فاغنر» ووزارة الدفاع حول موضوع تزويد الشركة بالذخيرة. فحسب وزارة الدفاع الروسيّة، لا يعتبر استكمال السيطرة على ما تبقّى من بخموت أمراً ذا قيمة استراتيجيّة عالية. الأفضلية اليوم هي في كيفيّة درء مخاطر الهجوم الأوكرانيّ، أو حتى دفنه في مهده.

نتيجة الهجوم

من الضروري أن تحقّق أوكرانيا إنجازاً يمكن اعتباره نصراً، يُمكن أن يُسوّق له في الداخل الأوكرانيّ وفي الغرب. والفشل قد يؤدّي إلى وقف الاندفاعة الغربيّة نحو دعم أوكرانيا، لكن للنجاح هناك متطلّبات كثيرة ومتعدّدة، تبدأ بالاستعدادات العسكريّة على كلّ المستويات. فالقتال سيكون قتالاً مشتركاً للأسلحة، من القوة النارية، إلى الحماية الجوّيّة، إلى فرق الهندسة، إلى المدرعات، إلى تكتيك التنفيذ، إلى السيبر والحرب الإلكترونيّة (EW)، وصولاً إلى إيجاد نقطة الضعف الروسيّة والتركيز عليها للخرق، لكن الوصول إلى نقطة الضعف، ومن ثمّ خرقها والتوسّع في مناطق الانتشار الروسيّ، يتطلّب أكثر ما يتطلّب الحماية الجويّة للقوى المُهاجمة. وهنا تكمن المشكلة الكبيرة للجيش الأوكرانيّ.

فهل الدفاعات الجويّة الأوكرانيّة للقوى البريّة مؤمّنة؟ وماذا لو استعمل بوتين سلاحه الجويّ الذي لا يزال سليماً مُعافى؛ إذ يُقدّر السلاح الجويّ الروسي بـ900 طائرة حربيّة مقاتلة، وأكثر من 200 قاذفة من مختلف التصنيفات؟ تقول بعض التحليلات إن أهمّ منطقة يمكن أن تؤدّي إلى خرق مقبول في أوكرانيا، هي عبر بدء الهجوم من زاباروجيا في الجنوب، إلى ميليتوبول، وصولاً إلى بحر آزوف. وهكذا سيُضرب الجسر البرّي الروسيّ الذي يصل القرم بإقليم الدونباس. كما ستُعزل القوات الروسيّة الموجودة في إقليم خيرسون. وبذلك تصبح القوات الأوكرانيّة على مشارف شبه جزيرة القرم، لكن الحرب على الخريطة، هي ليست كما الحرب على أرض الواقع. فعامل المفاجأة في هذه المرحلة مفقود. وهو ليس كما كان قُبيل سقوط مدينة خيرسون وإقليم خاركيف، لكن الأكيد، أن نتيجة الهجوم الأوكراني، إذا كان في نجاحه، أو كان في فشله، هي التي ستحدّد مستقبل أوكرانيا، ومدى استمرار الدعم الغربيّ. إن غداً لناظره قريب.


مقالات ذات صلة

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أوروبا جندي أوكراني على خط المواجهة مع القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أعلنت روسيا، الأحد، أن قواتها سيطرت على بلدات في منطقتين رئيسيتين تقعان على خط الجبهة في شرق أوكرانيا، بينما يتقدم جيشها باتجاه مدينتين استراتيجيتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أرشيفية لأحد مباني مدينة بيلغورود الروسية عقب استهدافها بمسيرة أوكرانية (إ.ب.أ)

 روسيا تعلن تدمير 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل

قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الأحد)، إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمرت 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

زيلينسكي: هناك مزيد من الجنود الكوريين الشماليين يقاتلون في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الجيش الروسي بدأ في نشر المزيد من الجنود الكوريين الشماليين خلال الهجمات على كورسك بالقرب من الحدود الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه أصدر تعليمات لحكومته بإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا بالتعاون مع المنظمات الدولية في أعقاب سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن موسكو بدأت إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

تسرُّب منتجات نفطية من ناقلتين روسيتين في البحر الأسود بسبب الطقس العاصف

صورة مأخوذة من مقطع فيديو يُظهر الناقلة «فولغونفت - 212» متضررة بسبب العاصفة في مضيق كيرتش (أ.ب)
صورة مأخوذة من مقطع فيديو يُظهر الناقلة «فولغونفت - 212» متضررة بسبب العاصفة في مضيق كيرتش (أ.ب)
TT

تسرُّب منتجات نفطية من ناقلتين روسيتين في البحر الأسود بسبب الطقس العاصف

صورة مأخوذة من مقطع فيديو يُظهر الناقلة «فولغونفت - 212» متضررة بسبب العاصفة في مضيق كيرتش (أ.ب)
صورة مأخوذة من مقطع فيديو يُظهر الناقلة «فولغونفت - 212» متضررة بسبب العاصفة في مضيق كيرتش (أ.ب)

نقلت وكالة «إنترفاكس» للأنباء عن الوكالة الاتحادية الروسية للنقل البحري، الأحد، القول إن أضراراً لحقت بناقلتي نفط روسيتين جراء الطقس العاصف في البحر الأسود تسببت في تسرب منتجات نفطية.

وقالت وزارة خدمات الطوارئ الروسية، الأحد، إن سفينتي الشحن تضررتا بسبب سوء الأحوال الجوية في مضيق كيرتش بين البر الرئيسي الروسي وشبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو من أوكرانيا، وطلبت السفينتان المساعدة، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

صورة مأخوذة من مقطع فيديو يُظهر الناقلة «فولغونفت - 212» متضررة بسبب العاصفة في مضيق كيرتش (أ.ب)

وأشارت الوزارة إلى أنه «كان هناك 13 شخصاً على متن الناقلة (فولغونفت - 212) التي تضررت وجنحت، كما انجرف 14 شخصاً على متن السفينة الثانية (فولغونفت - 239) بعد تعرضها لأضرار».

وقالت الوزارة إنه تم نشر أكثر من 50 شخصاً ومعدات، بما في ذلك طائرة هليكوبتر من طراز «Mi-8» وزورق إنقاذ. وقالت الوزارة: «يجري الآن توضيح المعلومات المتعلقة بالتسرب».

وذكرت صحيفة «كوميرسانت» الروسية أن الناقلة «فولغونفت - 212» كانت تحمل نحو 4300 طن من زيت الوقود.