بلينكن يرى «تقدماً ملموساً» للتطبيع بين أرمينيا وأذربيجان

رعاية أميركية لمحادثات وزيري خارجية البلدين حول ناغورنو كاراباخ

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يرى «تقدماً ملموساً» للتطبيع بين أرمينيا وأذربيجان

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)

أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن أرمينيا وأذربيجان أحرزتا «تقدماً ملموساً» في محادثات السلام التي استضافتها الولايات المتحدة بين الجمهوريتين السوفياتيتين السابقتين اللتين تحاربتا مراراً حول إقليم ناغورنو كاراباخ المتنازع عليه.

وعلى رغم أن المحادثات التي أجراها وزيرا الخارجية الأرميني أرارات ميرزويان والأذربيجاني جيهون بيرموف بضيافة أميركية في ضاحية آرلينغتون القريبة من واشنطن العاصمة لأربعة أيام لم تؤد إلى اتفاق سلام يضع حداً للنزاع المتواصل منذ عقود، فقد أفاد بلينكن بأن «الجانبين ناقشا في الأيام القليلة الماضية مسائل في غاية الصعوبة، وقد حقّقا تقدّماً ملموساً نحو اتفاق سلام مستدام»، آملاً في أن «يلمسا، وأعتقد أنهما على غراري يلمسان، أن هناك اتفاقاً على مرمى البصر وفي متناول اليد»، مشيداً بالجهود المتضافرة من الطرفين سعياً إلى إيجاد أرضية مشتركة. ورأى أن «التوصل إلى ذلك الاتفاق لن يكون باعتقادي تاريخياً فحسب بل سيصب في العمق في مصالح شعبي أذربيجان وأرمينيا، وستكون له آثار إيجابية للغاية حتى خارج بلديهما».

وزير الخارجية الأرميني أرارات ميرزويان خلال المحادثات (أ.ف.ب)

ولاحقاً أشار إلى أن الجانبين «أبديا التزاماً صادقاً» على صعيد تطبيع العلاقات ووضع حد للنزاع. وأوضح أن «أرمينيا وأذربيجان وافقتا مبدئياً على بعض الأمور»، مشيراً إلى أن كل طرف بات «يفهم بشكل أفضل مواقف الآخر من قضايا عالقة». ولفت إلى أنه اقترح على «الوزيرين أن يعودا إلى عاصمتيهما» للتشاور مع حكومتيهما.

وعقدت المناقشات المغلقة بعيداً عن الأضواء في معهد الخدمة الخارجية التابع لوزارة الخارجية الأميركية في شمال فيرجينيا. ولم يتحدث وزيرا الخارجية الأرميني والأذربيجاني، اللذان ترأسا وفديهما، في الحفل الختامي الخميس. غير أن البلدين أصدرا بيانين متطابقين عقب المحادثات أشارا فيهما إلى أنهما عرضا موقفيهما في شأن التطبيع. وإذ أكدا إحراز «تقدّم»، فإنهما أقرا بـ«تباين في المواقف في عدد من المسائل الرئيسية». وأعلنا أن «الطرفين وافقا على مواصلة المحادثات».

وتزامن ذلك مع تصريحات من براغ لرئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان الذي رأى أن أذربيجان هي المسؤولة عن الفشل في التوصل إلى اتفاق سلام دائم.

وردت وزارة الخارجية الأذربيجانية، معتبرة أن باشينيان تفوه «بادعاءات سخيفة». وأضافت أن «على أرمينيا أن تتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية لأذربيجان، وأن تكف عن سياستها العدوانية التي انتهجتها ضدها لسنوات عديدة».

ويمكن أن يُنظر إلى انخراط الولايات المتحدة في تسوية النزاع على أنه تحدٍّ لنفوذ روسيا في منطقة تعتبرها ضمن مجالها الاستراتيجي. وعلى رغم أن موسكو توسطت في آخر صفقة مهمة بين الجانبين وهي تحتفظ الآن بقوات في ناغورنو كاراباخ، فإنها انشغلت أخيراً بالنزاع في أوكرانيا. وعلى رغم كلام بلينكن عن تقدم، لم تكن هناك أي علامة على وجود اتفاق سلام في متناول اليد حول الإقليم الجبلي الذي يحظى بأهمية ثقافية كبيرة لكل من الأرمن والأذريين. وكانت المنطقة تتمتع بدرجة كبيرة من الحكم الذاتي داخل أذربيجان عندما كانت جزءاً من الاتحاد السوفياتي. ولكن عندما انهارت المنظومة السوفياتية، وقعت اضطرابات انفصالية أرمينية. وتحولت الاضطرابات لاحقاً إلى حرب واسعة النطاق بين أرمينيا وأذربيجان.

وزير الخارجية الأذربيجاني جيهون بيرموف (أ.ف.ب)

وطرد معظم السكان الأذربيجانيين مع نهاية القتال عام 1994، حين سيطرت القوات العرقية المدعومة من أرمينيا ليس فقط على إقليم ناغورنو كاراباخ نفسه، ولكن على مناطق أذربيجانية محيطة به.

وعلى مدى ربع القرن التالي، كانت ناغورنو كاراباخ «نزاعاً مجمّداً»، ولكن القوات الأرمينية والأذربيجانية تتواجه عبر منطقة خالية من البشر. وفي سبتمبر (أيلول) 2020، شنت أذربيجان هجوماً واسع النطاق للسيطرة على المنطقة، في حرب استمرت 6 أسابيع، ثم انتهت بهدنة توسطت فيها روسيا، واستعادت بموجبها أذربيجان السيطرة على أجزاء من ناغورنو كاراباخ وجميع الأراضي المحيطة التي احتلها الأرمن في السابق. وأرسلت روسيا قوة حفظ سلام من ألفي جندي للحفاظ على النظام، بما في ذلك ضمان استمرار فتح ممر لانشين الذي يربط ناغورنو كاراباخ بأرمينيا.

وفي منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بدأ أذربيجانيون - يزعمون أنهم نشطاء بيئيون - إغلاق الطريق، مدعين أنهم يحتجون على التعدين غير المشروع من الأرمن. وتعلن يريفان أن أذربيجان تنسق هذه الاحتجاجات. وتدعي باكو بدورها أن أرمينيا تستخدم الممر لنقل الألغام الأرضية إلى ناغورنو كاراباخ في انتهاك لشروط الهدنة.

وقبل المحادثات قرب واشنطن، أفاد مسؤول أميركي بأنها ترمي فقط إلى تطبيع العلاقات وليس التوصل إلى اتفاق سلام. وقال إن «هدفنا الحرص على تمكّن الوزيرين من الجلوس معاً والتحاور».



رغم تجميد المساعدات... أوكرانيا «مصممة» على التعاون مع أميركا

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (يسار) يتحدث مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب (وسط) ونائب الرئيس الأميركي جي دي فانس (يمين) بالمكتب البيضاوي بالبيت الأبيض (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (يسار) يتحدث مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب (وسط) ونائب الرئيس الأميركي جي دي فانس (يمين) بالمكتب البيضاوي بالبيت الأبيض (إ.ب.أ)
TT

رغم تجميد المساعدات... أوكرانيا «مصممة» على التعاون مع أميركا

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (يسار) يتحدث مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب (وسط) ونائب الرئيس الأميركي جي دي فانس (يمين) بالمكتب البيضاوي بالبيت الأبيض (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (يسار) يتحدث مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب (وسط) ونائب الرئيس الأميركي جي دي فانس (يمين) بالمكتب البيضاوي بالبيت الأبيض (إ.ب.أ)

أعلنت أوكرانيا، الثلاثاء، أنها «مصممة» على مواصلة التعاون مع الولايات المتحدة، ولا تزال تريد ضمانات أمنية ذات «أهمية وجودية» بالنسبة إليها، على الرغم من تجميد المساعدات العسكرية الأميركية.

وأكدت حكومتها استعدادها للتوقيع على اتفاق مع الولايات المتحدة «في أي وقت» يمنحها وصولاً تفضيلياً إلى المعادن الأوكرانية والموارد الطبيعية، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال رئيس الوزراء الأوكراني دنيش شميغال في مؤتمر صحافي إن «أوكرانيا مصممة تماماً على مواصلة التعاون مع الولايات المتحدة»، مضيفاً أن واشنطن «شريك مهم وعلينا المحافظة على ذلك».

وقال مستشار الرئاسة الأوكرانية ميخائيلو بودولياك: «بالطبع، لا نتغاضى عن إمكان إجراء مفاوضات مع نظرائنا الأميركيين» بشأن المساعدات العسكرية التي أعلنت واشنطن تعليقها الاثنين.

وأوضح: «نحن نناقش الخيارات مع شركائنا الأوروبيين»، فيما كشف الاتحاد الأوروبي عن خطة حول «إعادة تسليح أوروبا» التي تتيح تقديم دعم عسكري «فوري» لأوكرانيا.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في رسالة عرضت فيها الخطة على قادة الاتحاد الأوروبي: «تواجه أوروبا خطراً واضحاً وحاضراً بحجم لم يشهد أي منا مثله في حياتنا».

وعرضت فون دير لاين في الرسالة خطة من خمسة أجزاء لتخصيص حوالي 800 مليار يورو للدفاع الأوروبي، مشيرة إلى «أن مستقبل أوكرانيا حرة ذات سيادة وأوروبا آمنة ومزدهرة، على المحك».

وتهدف القمة الأوروبية التي تعقد في بروكسل الخميس إلى التباحث حول أوكرانيا والأمن الأوروبي ومناقشة هذه الخطة الجديدة.

«الوضع خطير جداً»

وقال مسؤول في البيت الأبيض لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، شرط عدم الكشف عن هويته: «نجمّد ونراجع مساعداتنا للتأكّد من أنّها تساهم في التوصّل إلى حلّ» يوقف الحرب بين موسكو وكييف.

جاءت الخطوة بعد أيام على مشادّة علنية صادمة بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ونظيره الأميركي دونالد ترمب الذي يسعى إلى وضع حد للحرب في أسرع وقت.

وقال المسؤول في وقت متأخر الاثنين إن «الرئيس أوضح أنّه يركّز على السلام. نحن بحاجة لأن يلتزم شركاؤنا أيضاً بتحقيق هذا الهدف».

وقال رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك الثلاثاء إن أثر الإجراء الذي اتخذته الولايات المتحدة بدأ يظهر في المركز البولندي جيسيونكا لدعم أوكرانيا لوجيستياً.

كما أعربت وزارة الخارجية البولندية عن أسفها لاتخاذ قرار «ذي أهمية سياسية كبيرة»، وذلك «من دون أي معلومات أو تشاور» مع حلفاء الولايات المتحدة، عادّةً أن «الوضع خطير جداً».

وأكد وزير الخارجية الإستوني مارغوس تساهكنا، من جانبه، أنه يتعين على أوروبا زيادة وتسريع مساعداتها لأوكرانيا لملء الفراغ بعد القرار الأميركي.

واقترح الرئيس الفنلندي ألكسندر ستوب أن تصبح أوكرانيا تلقائياً عضواً في حلف شمال الأطلسي إذا انتهكت روسيا وقف إطلاق النار في المستقبل.

وأكدت بريطانيا أيضاً التزامها بدعم أوكرانيا بعد القرار، إذ أوضحت أنغيلا راينر، نائبة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، أنه «يركّز بشدة» على ضمان تحقيق السلام في أوكرانيا.

وفي باريس، عدّ وزير الشؤون الأوروبية الفرنسي بنيامين حداد أن قرار ترمب «يدفع (السلام) بعيداً لأنه لن يؤدي إلا إلى تعزيز قوة المعتدي على الأرض، وهي روسيا».

في المقابل، عدّ الكرملين أن تجميد المساعدات الأميركية لأوكرانيا «أفضل مساهمة» في السلام.

«وقف الحرب»

في واشنطن، واصل الرئيس الأميركي هجومه على نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي بدأه عند لقائهما في المكتب البيضاوي الجمعة، وتحوّل إلى مشادّة علنية صادمة.

وصعّد، الاثنين، تهديداته ضد زيلينسكي، متهماً إياه بأنه «لا يريد السلام» مع روسيا.

لكن الرئيس الأميركي عدّ أن الاتفاق بشأن الوصول إلى المعادن الأوكرانية الذي كان من المفترض أن يوقعه زيلينسكي في واشنطن الجمعة، لا يزال من الممكن إبرامه.

وقال نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس في مقابلة أجرتها معه شبكة «فوكس نيوز» إن زيلينسكي «أبدى رفضاً واضحاً للانخراط في عملية السلام».

وقال الرئيس الأوكراني عبر منصات التواصل الاجتماعي: «من الأهمية بمكان أن نسعى إلى جعل دبلوماسيتنا جوهرية لإنهاء هذه الحرب في أسرع وقت».

وميدانياً، أعلن مسؤولون أوكرانيون سقوط قتلى جراء ضربة صاروخية روسية على منشأة تدريب عسكري على بعد حوالي 130 كيلومتراً من خط الجبهة.