اعتراف واشنطن بفوز المعارضة في فنزويلا يفاقم الضغوط على مادورو

«أدلة دامغة» على تفوّق غونزاليز في السباق الرئاسي... ودعوات للكشف عن نتائج الاقتراع

زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو ومرشح المعارضة إدموندو غونزاليس أوروتيا خلال احتجاج على نتائج الانتخابات الرئاسية في كاراكاس، في 30 يوليو (أ.ب)
زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو ومرشح المعارضة إدموندو غونزاليس أوروتيا خلال احتجاج على نتائج الانتخابات الرئاسية في كاراكاس، في 30 يوليو (أ.ب)
TT

اعتراف واشنطن بفوز المعارضة في فنزويلا يفاقم الضغوط على مادورو

زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو ومرشح المعارضة إدموندو غونزاليس أوروتيا خلال احتجاج على نتائج الانتخابات الرئاسية في كاراكاس، في 30 يوليو (أ.ب)
زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو ومرشح المعارضة إدموندو غونزاليس أوروتيا خلال احتجاج على نتائج الانتخابات الرئاسية في كاراكاس، في 30 يوليو (أ.ب)

بعد خمسة أيام على إعلان الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو فوزه بولاية ثالثة، في الانتخابات التي أجريت يوم الأحد الماضي، وكانت نتائجها موضع تشكيك واسع، أعلنت الولايات المتحدة اعترافها بفوز مرشح المعارضة إدموندو غونزاليس أوروتيا رئيساً جديداً لفنزويلا.

ودعت واشنطن، مادورو، إلى مغادرة السلطة، وتجنيب البلاد المزيد من الصدامات التي تسببت حتى الآن بوقوع عشرات القتلى ومئات الجرحى بين المدنيين الذين يحتجون على النتائج.

ويواجه مادورو اتهامات مباشرة بتزوير عملية الفرز وإخفاء نتائج الاقتراع، وتلقّى دعوات إقليمية ودولية كي يعترف بهزيمته، ويُسلّم الحكم لمرشح المعارضة، أو إجراء انتخابات جديدة بإشراف مراقبين محايدين.

اعتراف أميركي... وأرجنتيني

وفي بيان صادر مساء الخميس عن الخارجية الأميركية، قال أنتوني بلينكن إنه «من الواضح بالنسبة للولايات المتحدة، والأهم من ذلك بالنسبة للفنزويليين، أن إدموندو غونزاليس أوروتيا هو الفائز في الانتخابات الرئاسية التي أجريت يوم الأحد الماضي، وذلك استناداً إلى أدلة دامغة وقرائن لا تترك مجالاً للشك». وحذت الأرجنتين حذو الولايات المتحدة في الاعتراف بفوز المعارضة. وقالت وزيرة الخارجية الأرجنتينية، ديانا موندينو: «يمكننا جميعنا أن نؤكد من دون أدنى شك أن الفائز الشرعي والرئيس المنتخب هو إدموندو غونزاليس».

ويُعد البيان الأميركي أقسى تصريح يصدر حتى الآن عن الإدارة الأميركية بشأن الانتخابات الفنزويلية، التي شككت في عملية فرز نتائجها جهات إقليمية ودولية عديدة، من منظمة البلدان الأميركية إلى مجموعة الدول الصناعية السبع والاتحاد الأوروبي ومركز كارتر الذي كانت الحكومة الفنزويلية قد سمحت له بمراقبة عملية الاقتراع وفرز الأصوات.

وكان المجلس الوطني الانتخابي قد سارع، بعد ساعات قليلة من إقفال صناديق الاقتراع، إلى إعلان فوز مادورو بنسبة 51 في المائة من الأصوات مقابل 44 في المائة لمرشح المعارضة، ما أثار موجة من الانتقادات والشكوك حول العملية الانتخابية، فيما كانت أوساط المعارضة تؤكد أن بحوزتها 84 في المائة من كشوفات مكاتب الاقتراع التي تبيّن فوز مرشحها بفارق كبير على مادورو.

وقال بلينكن إن هذه الوثائق تُظهر فوز مرشّح المعارضة بفارق يستحيل تجاوزه، معرباً عن تهنئته لغونزاليز على الحملة الانتخابية الناجحة. وأضاف الوزير الأميركي: «حان الوقت لكي يشرع الطرفان في محادثات حول الانتقال السلمي للسلطة، وفقاً للقوانين الفنزويلية المرعية واحتراماً لإرادة الشعب الفنزويلي».

اشتبك معارضو حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو مع شرطة مكافحة الشغب خلال احتجاج في حي كاتيا بكاراكاس، 29 يوليو (أ.ف.ب)

تأتي هذه التصريحات الأميركية غداة الاجتماع الاستثنائي الذي عقدته منظمة البلدان الأميركية، ومقرها في واشنطن، لمناقشة الوضع في فنزويلا، وبعد ساعات قليلة من كشف النظام الفنزويلي عن مذكرة التفاهم الموقعة بين الحكومتين الأميركية والفنزويلية حول المفاوضات التي دارت بينهما في قطر العام الماضي. وكان مساعد الخارجية الأميركية لشؤون أميركا اللاتينية، برايان نيكولز، قد صرّح في اجتماع منظمة البلدان الأميركية بأن ثمة «أدلّة دامغة» على فوز مرشح المعارضة بفارق ملايين الأصوات. وأضاف أن «عدم الاعتراف بفوز غونزاليس في الانتخابات يعني السماح لمادورو ومن يمثله بارتكاب عملية تزوير ضخمة، وضرب عرض الحائط بسيادة القانون والمبادئ الديمقراطية».

سلامة رموز المعارضة

وأدان بلينكن في تصريحاته التهديدات التي صدرت عن مسؤولين في الحكومة الفنزويلية باعتقال زعيمة المعارضة ماريا كورينا، التي كانت المحكمة الانتخابية قد نزعت عنها أهلية الترشح للانتخابات الرئاسية، بعد أن أظهرت جميع الاستطلاعات ارتفاعاً كبيراً في شعبيتها.

وبعد الاتهامات التي صدرت عن قياديين في النظام يصفونها فيها بأنها «مجرمة» و«فاشية»، نشرت كورينا منذ يومين مقالة في صحيفة «وول ستريت جورنال» قالت فيها إنها تخشى على حياتها وحريتها وحياة رفاقها من دكتاتورية مادورو، وهي مضطرة للاختباء.

مرشح المعارضة للرئاسة الفنزويلية إدموندو غونزاليس يقود مظاهرة ضد نتائج الانتخابات الرسمية في كاراكاس، 30 يوليو (أ.ب)

كانت كورينا قد شُوهدت للمرة الأخيرة برفقة غونزاليس يوم الثلاثاء الماضي في مظاهرة حاشدة جابت شوارع كاراكاس احتجاجاً على نتائج الانتخابات، ومنذ ذلك الحين لم يظهر أي منهما أمام العلن.

وقال بلينكن إن الادعاءات الصادرة عن نظام مادورو ضد زعيمة المعارضة ومرشحها، والتهديد باعتقالهما، هي محاولة لقمع المشاركة السياسية والتمسك بالسلطة، فيما طالب بيان صدر عن وزراء خارجية الدول الصناعية السبع النظام الفنزويلي بالكشف عن جميع وثائق الفرز، ودعا إلى أقصى درجات ضبط النفس في مواجهة الاحتجاجات الشعبية السلمية.

ومع تصاعد وتيرة الإدانات الإقليمية والدولية، واتّساع دائرتها لتشمل عدداً من الحكومات التقدمية في المنطقة؛ مثل البرازيل وكولومبيا والمكسيك، أعلن مادورو أنه على استعداد للمثول أمام الهيئة الانتخابية والإجابة عن كل ما يتعلق بسير الانتخابات وعملية الفرز، لكنه لم يُشر إلى كشوفات مراكز الاقتراع التي تطالبه المعارضة ودول عديدة بالكشف عنها.


مقالات ذات صلة

هاريس تقترب من انتزاع ترشيح الحزب الديمقراطي

الولايات المتحدة​ 
نائبة الرئيس الأميركي المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس مع حاكم بنسلفانيا جوش شابيرو خلال مناسبة في فيلادلفيا (رويترز)

هاريس تقترب من انتزاع ترشيح الحزب الديمقراطي

تسلمت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس التقرير النهائي من مكتب المحاماة الذي كلفته حملتها بفحص المرشحين المحتملين لمنصب نائب الرئيس على بطاقة حزبها.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس (أ.ف.ب)

الانتخابات الأميركية: هاريس «تكتسح» ترمب في سباق التبرعات

أعلن فريق حملة كامالا هاريس جمع 310 ملايين دولار في يوليو، أي أكثر من ضِعف المبالغ التي جمعها دونالد ترمب، منذ أن حلت نائبة الرئيس محل جو بايدن مرشّحة رئاسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري للإنتخابات دونالد ترمب (رويترز)

منذ دخول هاريس السباق الرئاسي... ترمب يخسر 900 مليون دولار

تقلصت ثروة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب مؤخراً، حيث انخفضت قيمة حصته في الشركة المالكة لمنصته للتواصل الاجتماعي (تروث سوشيال)، بمقدار 900 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مرشح المعارضة للرئاسة الفنزويلية إدموندو غونزاليس يقود مظاهرة ضد نتائج الانتخابات الرسمية التي أعلنت فوز الرئيس نيكولاس مادورو بولاية رئاسية جديدة... الصورة في كاراكاس - الثلاثاء 30 يوليو 2024 (أ.ب)

أميركا تعترف بمنافس مادورو فائزاً في انتخابات فنزويلا

اعترفت الولايات المتحدة، اليوم الخميس، بمنافس الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو ومرشح المعارضة إدموندو غونزاليس فائزاً في الانتخابات الرئاسية بفنزويلا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ بايدن وهاريس يستقبلان السجناء الذين أفرجت عنهم روسيا بموجب صفقة تبادل تاريخية (رويترز)

بايدن وهاريس يستقبلان السجناء المفرج عنهم في صفقة تبادل مع روسيا

استقبل الرئيس الأميركي جو بايدن، ونائبته كامالا هاريس، في قاعدة أندروز الجوية قرب واشنطن، السجناء الذين أفرجت عنهم روسيا بموجب صفقة تبادل تاريخية مع الغرب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

12 قتيلاً في فنزويلا... ومادورو يُحمّل المعارضة مسؤولية العنف

ضابط شرطة يطلق الغاز المسيل للدموع خلال احتجاج ضد حكومة الرئيس مادورو في كاراكاس الاثنين (أ.ف.ب)
ضابط شرطة يطلق الغاز المسيل للدموع خلال احتجاج ضد حكومة الرئيس مادورو في كاراكاس الاثنين (أ.ف.ب)
TT

12 قتيلاً في فنزويلا... ومادورو يُحمّل المعارضة مسؤولية العنف

ضابط شرطة يطلق الغاز المسيل للدموع خلال احتجاج ضد حكومة الرئيس مادورو في كاراكاس الاثنين (أ.ف.ب)
ضابط شرطة يطلق الغاز المسيل للدموع خلال احتجاج ضد حكومة الرئيس مادورو في كاراكاس الاثنين (أ.ف.ب)

اتّهم الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو -الذي أثارت إعادة انتخابه اضطرابات أسفرت حتّى الآن عن مقتل 12 شخصاً- المعارضة، الثلاثاء، بأنّها «مسؤولة عن العنف»، وذلك في اجتماع أزمة مشترك لمجلس الدولة ومجلس الدفاع جَمع كل السلطات في البلاد.

ومخاطباً زعيمة المعارضة، ماريا كورينا ماتشادو، ومرشّح المعارضة لانتخابات الرئاسة إدموندو غونزاليس أوروتيا، قال مادورو: «إنّني أحمّلكُما المسؤوليّة (...) عن كلّ ما يحدث في فنزويلا، عن العنف الإجرامي، والجرحى، والقتلى، والدمار. غونزاليس أوروتيا وماريا كورينا ماتشادو، أنتما ستكونان مسؤولين بشكل مباشر»، كما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية».

مظاهرات حاشدة

اشتبك معارضو حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو مع شرطة مكافحة الشغب خلال احتجاج في حي كاتيا بكاراكاس (أ.ف.ب)

وخرج إلى الشوارع في فنزويلا، الثلاثاء، آلاف من أنصار المعارضة التي تُطالب بالشفافيّة في فرز الأصوات في الانتخابات الرئاسيّة، وهو الأمر الذي يُطالب به أيضاً المجتمع الدولي بإصرار متزايد. وتجمّع أنصار لغونزاليس أوروتيا وماريا كورينا ماتشادو في كراكاس ومدن أخرى في كلّ أنحاء البلاد، هاتفين «حرّية، حرّية!».

وارتفعت إلى 12 حصيلة القتلى المدنيّين في الاحتجاجات التي تشهدها فنزويلا ضدّ فوز مادورو بولاية ثالثة، وفق ما أفادت منظّمة «فورو بينال» غير الحكوميّة الثلاثاء. وقال ألفريدو روميرو، مدير منظّمة «فورو بينال» غير الحكوميّة، في تصريح لصحافيّين في كراكاس «في يوم واحد فقط، لدينا 11 وفاة»، معرباً عن قلقه إزاء «استخدام أسلحة ناريّة» في الاحتجاجات التي شهدت استخدام أفراد من قوّات الأمن الغاز المسيل للدموع والأعيرة المطاطية، الاثنين، ضدّ محتجين. كما أفادت المنظّمة غير الحكوميّة باعتقال 177 شخصاً في مختلف أنحاء البلاد. وأعلن النائب العام، طارق وليم صعب، لاحقاً سقوط ضحيّة إضافية، هو جندي قُتل بالرصاص، لترتفع بذلك الحصيلة الإجماليّة لضحايا الاضطرابات إلى 12 قتيلاً.

دعوة أميركية إلى الشفافية

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو عقب إعلان فوزه بولاية ثالثة في كاراكاس (أ.ف.ب)

واتّفق الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا ونظيره الأميركي جو بايدن، خلال محادثة هاتفيّة الثلاثاء، على ضرورة نشر النتائج الكاملة للانتخابات الرئاسيّة في فنزويلا. وشدّد بايدن ولولا على «ضرورة النشر الفوري لبيانات الانتخابات، الكاملة والشفّافة والمفصّلة» من جانب السلطات الانتخابية الفنزويلية، وفق بيان صادر عن البيت الأبيض.

وتوافق لولا وبايدن أيضاً على أنّ «نتيجة الانتخابات في فنزويلا تُمثّل لحظة أساسيّة للديمقراطيّة»، وتعهّدا «الإبقاء على تنسيق وثيق» بشأن فنزويلا، وفق البيت الأبيض. من جهتها، قالت الرئاسة البرازيليّة إنّ «لولا شدّد على أنّ نشر محاضر (نتائج) انتخابات، الأحد الماضي، أمر أساسي. وقد وافق بايدن على أهمية نشر المحاضر».

من جانبه، قال مسؤول السياسة الخارجيّة في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الثلاثاء، إنّه يجب على وكالات إنفاذ القانون في فنزويلا ضمان قدرة المتظاهرين على التجمّع السلمي بعد الاشتباكات الدامية التي وقعت خلال الاحتجاجات ضدّ فوز مادورو. وقال بوريل في بيان إنّه «في هذه الأوقات الصعبة، من المهمّ أن تكون المظاهرات والاحتجاجات سلميّة. ويجب على قوّات الأمن ضمان الاحترام الكامل لحقوق الإنسان، لا سيّما الحق في المظاهرات وحرّية التجمّع».