البيرو: تفشي حمى الضنك يهدد بسيناريو «كوفيد - 19»

عيادات ومقابر تكتظ بضحايا الفيروس وأطباء يخشون ارتفاع الوفيات

عامل صحة يعقم مقبرة في ليما بعد انتشار حمى الضنك في يونيو 2022 (رويترز)
عامل صحة يعقم مقبرة في ليما بعد انتشار حمى الضنك في يونيو 2022 (رويترز)
TT

البيرو: تفشي حمى الضنك يهدد بسيناريو «كوفيد - 19»

عامل صحة يعقم مقبرة في ليما بعد انتشار حمى الضنك في يونيو 2022 (رويترز)
عامل صحة يعقم مقبرة في ليما بعد انتشار حمى الضنك في يونيو 2022 (رويترز)

بعد شهرين من أمطار غزيرة إعصارية غمرت بلدة كاتاكاوس في شمال البيرو، يموت عشرات السكان بسبب إصابتهم بحمى الضنك وهو مرض فيروسي ينتقل من طريق البعوض الذي يجذبه ركود المياه، وفق تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية. تعاني منطقة بيورا القريبة من الحدود مع الإكوادور، أزمة صحية جديدة رغم أن البيرو الواقعة في أميركا اللاتينية لم تتعافَ بعد بشكل كامل من أعلى معدل وفيات بـ«كوفيد - 19» مسجّل في العالم. وتتمثل أعراض الإصابة بحمى الضنك الفيروسية في حمى شديدة وصداع وآلام جسم ونزف وفشل الأعضاء، وأحيانا الموت. وتحمل «بعوض الزاعجة المصرية» عدوى الفيروس إلى الإنسان، وتضع بيضها في المياه الراكدة المنتشرة كثيرا في بيورا منذ ضرب الإعصار «ياكو» شمال البيرو في مارس (آذار). وقُتل عشرات الأشخاص وتضرر الآلاف عندما فاضت الأنهار على ضفافها ودمرت منازل وبنى تحتية. وتضررت نحو 50 في المائة من العيادات الطبية البالغ عددها 416 في بيورا جرّاء الإعصار الذي شلّ الاقتصاد المحلي، إذ خسر آلاف الأشخاص وظائفهم غير الرسمية. ماريا فرانسيسكا سوسا (45 عاما) واحدة من كثيرين يعتنون بأقاربهم المرضى في المنزل، وسط تفشي الإصابات واكتظاظ المستشفيات، في مشاهد تذكر بجائحة «كوفيد - 19». ويعاني والدها خوسيه لوسيانو (93 عاماً) حمى الضنك. وقالت سوسا، لوكالة الصحافة الفرنسية، وهي تمسح جبين والدها المتعرق في خيمة الحديد التي يتقاسمانها مع خمسة أشخاص آخرين: «ضربته (الحمى) بشدة لدرجة أنه لم يعد قادرا على الوقوف بعد الآن». مع اكتظاظ المرافق الصحية العامة، أُجبرت العائلة على الاقتراض لدفع تكاليف طبيب خاص وأدوية لعلاج أعراض الرجل، إذ لا علاج لحمى الضنك.

وبحلول 13 يونيو (حزيران)، سجّلت بيورا 82 حالة وفاة بحمى الضنك، بينها لأحد عشر طفلا وأكثر من 44 ألف إصابة منذ بداية عام 2023، وفق أمين المظالم المعني بحقوق الإنسان في المنطقة سيسار أوريغو. وقالت الخبيرة في الأمراض المنقولة، فاليري باث - سولدان في جامعة كايتانو هيريديا في ليما: «فقدنا السيطرة» على الوباء. واستقالت وزيرة الصحة في البيرو، الخميس، على خلفية تعاملها مع هذه الأزمة الصحية.

ويعيش معظم سكان بيورا البالغ عددهم 1.8 مليون شخص على طول الساحل. وفي منطقة كاتاكاوس الزراعية، حوّل الإعصار ياكو الطرق إلى أنهار ودمّر أنظمة مياه الشرب والصرف الصحي، وأتى على محاصيل المانغا والعنب والأرز. وتراكمت المياه في الخزانات والحاويات المكشوفة، ما أدّى إلى ازدياد مناطق تكاثر البعوض. وفي قلب كاتاكاوس، لا يزال ملعب كرة القدم مغمورا بالمياه. وفشلت جهود التبخير المتعددة في وقف انتشار الوباء في المنازل المتهالكة في البلدة. وتعتني تيوليندا سيلفا (45 عاما) بابنها المصاب غابرييل (27 عاما). وقالت سيلفا التي تعمل في صيد السمك: «ليس لدي المال لأخذه إلى عيادة لفحصه. حاليا، أمرّ بأوقات صعبة، لا عمل، لا شيء». وقال لويس ألفريدو إسبينوسا بينيغاس (44 عاما)، الذي ينسّق مراقبة مرضى حمى الضنك في مستشفى سويانا، إن المنطقة تتعامل مع أسوأ تفش فيروسي في التاريخ الحديث. وأضاف: «لدينا فجوة هائلة في الموارد البشرية، انهار مستوى الرعاية الصحية الأول لدينا ونفتقر إلى الإمدادات والأدوية». ويخشى الأطباء من أن عدد الإصابات والوفيات قد يكون أعلى بكثير مما تم الإبلاغ عنه، لأن العديد من المرضى لا يتم تشخيصهم على الإطلاق.

الأسبوع الماضي، نُقلت فيرماريا أنثاخيما إلى مقبرة في كاتاكاوس بعدما أردتها حمى الضنك التي أُصيبت بها عندما كانت في العاشرة. واضطرت عائلتها إلى اقتراض المال لإعادة جثتها من ليما؛ حيث نقلتها لطلب الرعاية الطبية. وقال عمها خوليو موراليس (52 عاما): «فعلنا كل ما بوسعنا». وتقول منظمة الصحة العالمية إن حمى الضنك وأمراضا أخرى مثل الشيكونغونيا التي ينقلها بعوض الزاعجة المصرية آخذة بالانتشار أكثر فأكثر في ظلّ التغير المناخي. وتتأثر دول أخرى في أميركا اللاتينية بانتشار حمى الضنك، لكن البيرو سجّلت ثاني أكبر نسبة وفيات هذا العام بعد البرازيل. وفي فبراير (شباط)، أعلنت البيرو حالة طوارئ صحية في عدة مناطق بعد تسجيل زيادة نسبتها 72 في المائة في حالات حمى الضنك مقارنة بالفترة نفسها في عام 2022.


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

ريو دي جانيرو تحت تدابير أمنية مشددة بمناسبة «قمة العشرين»

جنود برازيليون يقفون أمام مدرعة قرب مكان انعقاد قمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (رويترز)
جنود برازيليون يقفون أمام مدرعة قرب مكان انعقاد قمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (رويترز)
TT

ريو دي جانيرو تحت تدابير أمنية مشددة بمناسبة «قمة العشرين»

جنود برازيليون يقفون أمام مدرعة قرب مكان انعقاد قمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (رويترز)
جنود برازيليون يقفون أمام مدرعة قرب مكان انعقاد قمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (رويترز)

بمناسبة انعقاد قمّة «مجموعة العشرين»، تحوّلت ريو دي جانيرو القلب النابض بالسياحة وعذوبة الحياة في البرازيل إلى حصن خاضع لحماية مشدّدة في ظلّ انتشار الشرطيين والعسكريين بكثرة وكاميرات المراقبة بالآلاف.

وتستقبل «المدينة الرائعة» قادة العالم الذين يجتمعون الاثنين والثلاثاء في مقرّ متحف الفنون الحديثة في قلب واحة خضراء تطلّ على جبل باو دي أسوكار الشهير. لكن ريو المعروفة بشواطئها ومناظرها الطبيعية الخلّابة بين المحيط والجبل، لم تسلم من شرّ أعمال العنف. وخلال النصف الأوّل من العام، شهدت ثاني المدن البرازيلية الأكثر تعداداً للسكان 1790 جريمة قتل على الأقلّ، أي ما يعادل جريمة واحدة كلّ ساعتين ونصف الساعة، بحسب معطيات مجموعة «مونيتور دا فيولنسيا».

ويعدّ تنظيم حدث من هذا القبيل في قلب ريو «تحدّيا بالفعل»، حسبما أقرّ رئيس اللجنة البلدية المنظمة لقمّة العشرين لوكاس باديليا.

واستند الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا إلى مرسوم حول ضمان إنفاذ القانون والنظام الذي يسمح بحشد الجيش في ظروف أمنية استثنائية. ونشر نحو 25 ألف جندي وشرطي في أنحاء المدينة كافة، بما في ذلك في الموانئ والمطارات. وتمركزت مركبات عسكرية مدرّعة في محيط متحف الفنون الحديثة على مقربة من وسط المدينة. ويقع المتحف بالقرب من مطار سانتوس دومونت المستخدم عادة للرحلات الداخلية الذي أغلق خلال القمّة الممتدّة على يومين.

ونُشر أكثر من 5 آلاف كاميرا لمراقبة الشوارع، فضلاً عن مسيرّات ومروحيات. وتبرز هذه الآلية الأمنية بشدّة بالقرب من الفنادق، حيث تقيم الوفود المقدّر عددها بنحو خمسين، التي تنطلق منها المواكب الرسمية. ويتألّف موكب الوفد الصيني الذي نزل في فندق عند سفح تلّة مطلّة على المحيط من 25 مركبة على الأقلّ. وتتولّى سفن تابعة للقوّات البحرية مراقبة الشاطئين الأكثر شهرة في ريو؛ كوباكابانا وإيبانيما، اللذين قُيّد النفاذ إليهما.

وبغية تيسير حركة السير في المدينة التي تضمّ 6 ملايين نسمة، أعلنت البلدية يومي انعقاد القمّة، الاثنين والثلاثاء، عطلة رسمية.

وبات للسكان ستة أيام عطلة على التوالي، إذ إن الجمعة 15 والأربعاء 20 نوفمبر (تشرين الثاني) هما أصلاً من العطل الرسمية. وأغلقت المؤسسات الإدارية والمصارف والمدارس أبوابها، في حين تبقى الحانات والمطاعم مفتوحة بمناسبة الحدث. وحذّر رئيس البلدية إدواردو باييس من أن «ريو لن تشهد فترة طبيعية»، داعياً السكان إلى «التعاون».