رئيس الإكوادور يحل البرلمان قبل عزله

انتشار كثيف لقوات الأمن والجيش في كيتو... ومخاوف من تجدد العنف والاشتباكات

متظاهرون ضد الرئيس غيّرمو لاسّو بساحة الاستقلال في كيتو الأربعاء الماضي (أ.ف.ب)
متظاهرون ضد الرئيس غيّرمو لاسّو بساحة الاستقلال في كيتو الأربعاء الماضي (أ.ف.ب)
TT

رئيس الإكوادور يحل البرلمان قبل عزله

متظاهرون ضد الرئيس غيّرمو لاسّو بساحة الاستقلال في كيتو الأربعاء الماضي (أ.ف.ب)
متظاهرون ضد الرئيس غيّرمو لاسّو بساحة الاستقلال في كيتو الأربعاء الماضي (أ.ف.ب)

تسود الإكوادور، منذ الأربعاء الماضي، حالة من التوتر الشديد، بعد إعلان رئيس الجمهورية، غيّيرمو لاسّو، حلّ البرلمان، عشية الجلسة التي كان من المقرر أن يُناقش فيها اقتراح تقدمت به الأحزاب المعارضة لعزله من منصبه، بتهمة تسهيله الفساد، وغضّ الطرف عن مخالفات جسيمة ارتكبتها شركات تربطه بها مصالح مالية.

وبينما أفاقت العاصمة كيتو على انتشار كثيف لقوات الأمن ووحدات خاصة من الجيش في شوارعها، ازدادت المخاوف من تجدد أعمال العنف والاشتباكات التي شهدتها طوال أشهر، مطالع العام الماضي، وأسفرت عن وقوع ضحايا وأضرار مادية جسيمة. لكن ردود الفعل السياسية الأولى على قرار حل البرلمان، بما فيها تلك التي صدرت عن خصوم لاسّو التقليديين، اتسّمت بفتور نسبي ودعوات متكررة إلى المواطنين لعدم الانجراف للاحتجاجات العنيفة؛ ما يوحي بأن الجميع قد وجدوا ضالّتهم في هذا القرار الذي يستدعي إجراء انتخابات عامة، في مهلة لا تتجاوز نهاية الصيف المقبل، يُرجّح أنها ستفتح الباب لعودة اليسار إلى السلطة، ويسمح للرئيس بإنقاذ ماء الوجه وتحاشي القرار البرلماني بعزله.

الرئيس غيّيرمو لاسّو يدلي بشهادته في البرلمان الثلاثاء الماضي (رويترز)

وتعيش الإكوادور منذ سنوات حالة من انعدام الثقة العميق بالمؤسسات الديموقراطية، وفي طليعتها البرلمان الذي أظهر استطلاع مؤخراً أن 9 في المائة من المواطنين فقط يرضون عن أدائه. وبإمكان رئيس الجمهورية، بعد حل البرلمان وحتى انتخاب برلمان جديد، الحكم بموجب مراسيم تنفيذية، أصدر أولها أمس، بخفض الضرائب على رواتب موظفي القطاع العام والأسر الفقيرة والمتوسطة. ولا شك في أن الخطوة التي أقدم عليها لاسّو قد أنقذته من العزل الذي كان شبه مؤكد، كما أنقذت ولايته المتعثرة في مواجهة أخطر موجة عنف تشهدها الإكوادور منذ عقود جعلت من انعدام الأمن حالة طوارئ وطنية شبه دائمة، بعد أن تمكنّت منظمات الاتجار بالمخدرات التي لها ارتباطات وثيقة في المكسيك وكولومبيا، من بسط نفوذها على مساحات واسعة من البلاد.

وكانت الانتخابات المحلية التي أُجريت في فبراير (شباط) الماضي أسفرت عن هزيمة قاسية للرئيس، حيث فاز اليسار في معظم المدن الكبرى، بما فيها غواياكيل، العاصمة الاقتصادية للبلاد التي يحكمها اليمين منذ 4 عقود، وتعيش فيها جالية متحدرة من أصول لبنانية يزيد تعدادها عن نصف مليون نسمة.

وفي الأسابيع الأخيرة، حاول لاسّو استمالة بعض نواب المعارضة لضمان أغلبية في البرلمان تحول دون عزله، لكن المخاوف من الخيانة والمفاجآت دفعته إلى اتخاذ قرار حل البرلمان، متهماً أعضاءه بالعمل على «زعزعة الحكومة والنظام الديموقراطي ومؤسسات الدولة». وقد سارعت القيادات العسكرية إلى تأييد خطوته، محذرة من أي إخلال بالوضع الأمني الهشّ منذ سنوات.

ومن المنتظَر أن يحدد المجلس الانتخابي الوطني موعد الانتخابات العامة والرئاسية المقبلة الذي يرجّح أن يكون أواخر أغسطس (آب). وليس معروفاً بعد إذا كان الرئيس الأسبق رافايل كورّيا، الذي ما زال الشخصية السياسية الأوسع تأثيراً في البلاد على الرغم من أنه يقيم في بلجيكا، فارّاً من العدالة، سيتمكن من العودة إلى الإكوادور للمشاركة في الحملة الانتخابية، كما يطالب أنصاره.

وكان كورّيا صرّح بأن قرار حل البرلمان هو السبيل الأفضل لطي صفحة الأزمات المتلاحقة التي أسفرت عن تغيير 3 رؤساء للجمهورية في أقل من 7 سنوات، وإفساح المجال أمام المواطنين لحسم مستقبل البلاد.

وتجدر الإشارة إلى أن الطرفين الرئيسيين اللذين يحرّكان الاحتجاجات الشعبية في البلاد هما مجموعات السكان الأصليين والتيّار السياسي والشعبي الذي يقوده كورّيا، والذي لم تظهر منه حتى الآن سوى دعوات للتهدئة وعدم الانجرار إلى الاحتجاجات العنيفة.

وكانت رابطة مجموعات السكان الأصليين أعلنت أنها ستدعو إلى التظاهر في حال أقدم الرئيس على حل البرلمان، لكنها عادت لتصرّح أمس بأنها ستراقب الوضع عن كثب وتبقى جاهزة للتحرك إذا أفرط في ممارسة صلاحياته.



«مجموعة العشرين» تعقد قمتها وسط أوضاع عالمية غير مستقرة

TT

«مجموعة العشرين» تعقد قمتها وسط أوضاع عالمية غير مستقرة

الجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)
الجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

افتتح الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، قمة «مجموعة العشرين»، الاثنين، بإطلاق تحالف عالمي ضد الجوع والفقر «للقضاء على هذه الآفة التي تمثل عاراً على الإنسانية».

وانطلقت القمة وسط أوضاع عالمية صعبة تخيم عليها صعوبات التوصل إلى تسوية حول المناخ والخلافات الكبيرة في وجهات النظر حول أوكرانيا والشرق الأوسط، وترقب عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وقال الرئيس البرازيلي وهو عامل سابق نشأ في الفقر بشمال شرقي البلاد، إن هذا التحالف الذي يضم 81 دولة «ينشأ في قمة مجموعة العشرين، لكنه عالمي. فلتكن لدى هذه القمة الشجاعة للتحرك». ورأت منظمة «أوكسفام» الخيرية أن هذا التحالف العالمي «يمكن أن يكون نقطة تحول في المعركة ضد الجوع والفقر المدقع، لكنها حضت المبادرة على الذهاب إلى أبعد من ذلك من خلال إدخال تغييرات في الزراعة ودعم حقوق الأراضي» ومواجهة «استخدام الجوع سلاحاً».

ويحظى التحالف العالمي ضد الجوع والفقر بدعم منظمات دولية مثل الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي ـ وكلاهما عضو في مجموعة العشرين ـ وكذلك من مؤسسات مالية ومنظمات غير حكومية، ما يرفع العدد الإجمالي للموقعين على التحالف إلى 147. وهدف المبادرة طموح؛ وهو الحد من الجوع في العالم الذي أثر على 733 مليون شخص في العام الماضي ـ أي ما يعادل 9 في المائة من سكان العالم، بحسب الأمم المتحدة.

تحدي التغير المناخي

ويسعى رؤساء دول وحكومات القوى الاقتصادية الكبرى المتطورة والناشئة، وفي طليعتهم الرئيس الأميركي جو بايدن في أواخر ولايته ونظيره الصيني شي جينبينغ، لإحراز تقدم حول مسألة تمويل سبل التصدي للتغير المناخي.

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الأحد، قادة الدول العشرين إلى الاضطلاع بدورهم «القيادي» والقيام بـ«تسويات» تسمح بتحقيق «نتيجة إيجابية في مؤتمر (كوب 29)» حول المناخ المنعقد في باكو وحيث المفاوضات حول هذه المسألة متعثرة منذ أسبوع.

 

المستشار الألماني أولاف شولتس لدى وصوله للمشاركة في قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

انقسامات

تنعقد القمة في وقت تشهد فيه الأسرة الدولية انقسامات حول مسألتي الغزو الروسي لأوكرانيا وحرب إسرائيل مع حركة «حماس» في قطاع غزة و«حزب الله» في لبنان. وأقر مصدر حكومي ألماني قبل القمة بأن «المفاوضات حول أوكرانيا والشرق الأوسط... هي الأكثر صعوبة. سنرى إلى أين يمكننا المضي في البيان، سيكون هذا تحدياً». وأوضح مسؤول آخر أنه بينما تقف الصين في صف روسيا فيما يتعلق بالأزمة في أوكرانيا، تعتقد ألمانيا أن بكين ستجد صعوبة أكبر في البقاء على هذا الموقف مع تحول الصراع إلى «عالمي» مع نشر روسيا قوات كورية شمالية.

 

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لدى وصوله للمشاركة في قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

ووجهت الرئاسة الفرنسية تحذيراً بشأن أوكرانيا التي تعرضت للتو لواحدة من أضخم الهجمات الروسية منذ أشهر، قائلة: «سنعارض بحزم أي تراجع في الخطاب».

وسيكون الرئيس فلاديمير بوتين الغائب الأكبر عن القمة، بعدما تَغَيَّبَ عن الاجتماعات الأخيرة، غير أن الحرب في أوكرانيا وصلت إلى لحظة استراتيجية؛ إذ أعلنت واشنطن الأحد أنها أجازت لكييف استخدام صواريخ بعيدة المدى سلمتها إياها لضرب عمق الأراضي الروسية.

غموض بشأن موقف ميلي

فهل تتوصل مجموعة العشرين إلى التفاهم على بيان ختامي بحلول نهاية القمة، الثلاثاء؟

واقترنت الخلافات حول النزاعات الكبرى الجارية خلال الأيام الأخيرة بغموض حول الموقف الذي سيعتمده الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي الليبرالي المتطرف والمشكك في حقيقة التغير المناخي. وقال رئيس الوفد الأرجنتيني إلى القمة فيديريكو بينييدو إن بوينوس أيريس قدمت بعض الاعتراضات، ولن توقع «بالضرورة» النص، دون الخوض في التفاصيل.

ويأمل الرئيس البرازيلي اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الذي يستضيف القمة أن يسجل نقاطاً في الملفات الاجتماعية، وهو المروج لمفهوم «الجنوب الشامل» والمدافع عن الطبقات الأكثر فقراً. وحذر لولا مساء الأحد في مقابلة أجرتها معه شبكة «غلوبو نيوز» البرازيلية بأنه يعتزم طرح النزاعات جانباً «وإلا فلن نناقش المسائل الأخرى التي تهم... الفقراء المنسيين في العالم».

والرئيس البرازيلي، وهو نفسه عامل سابق ومتحدر من عائلة فقيرة، مصمِّم على تحقيق إنجاز كبير مع إطلاق «تحالف عالمي ضد الجوع والفقر»، صباح الاثنين.

وسيجمع هذا التحالف دولاً من العالم بأسره ومؤسسات دولية سعياً لإيجاد وسائل مالية ودعم المبادرات التي تحقق نتائج محلياً. كما يدفع لولا باتجاه فرض ضرائب على الأكثر ثراءً، بعدما تعهد وزراء مالية «مجموعة العشرين» بـ«التعاون» في هذه المسألة خلال اجتماعاتهم في ريو دي جانيرو في يوليو (تموز) وفي واشنطن في أكتوبر (تشرين الأول).

شرذمة

يخيم ظل ترمب الذي يعود إلى البيت الأبيض، مطلع العام المقبل، على اجتماع ريو، لا سيما بعدما زاره ميلي في مقره في فلوريدا قبل بضعة أيام. ووجه بايدن رسالة إلى خلفه خلال زيارة قام بها لمنطقة الأمازون البرازيلية، إذ أكد أنه «لا أحد يمكنه إعادة عقارب الساعة إلى الوراء» في ما يتعلق بـ»ثورة الطاقة النظيفة». ودافع في قلب الغابة الاستوائية في ماناوس عن حصيلته في مكافحة الاحتباس الحراري، مؤكدا أن هذه الظاهرة «ربما تكون التهديد الوجودي الوحيد لكل دولنا وللبشرية جمعاء».

وعند أبواب الولاية الجديدة للرئيس الأميركي الجمهوري المؤيد للطاقات الأحفورية والمعارض للنهج التعددي، تتصاعد المخاوف من تراجع مكافحة الاحتباس الحراري، وازدياد شرذمة الأسرة الدولية.

وقال أوليفر ستونكل أستاذ العلاقات الدولية في مؤسسة «جيتوليو فارغاس» في ساو باولو: «ندخل بالتأكيد سيناريو عالمياً تزداد صعوبة التكهن بالمنحى الذي سيتخذه، غير أنه يترك هامشاً أكبر بكثير لدول الجنوب، للصين وسواها... لوضع رؤيتها الخاصة؛ لأن النظام القديم على وشك الانهيار».

 

الرئيس الصيني شي جينبينغ يصافح رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر قبل اجتماعهما على هامش اجتماعات قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

في هذا السياق، يعتزم شي جينبينغ الذي وصل، الأحد، إلى ريو دي جانيرو قادماً من ليما؛ حيث شارك في قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (آبيك)، عقد لقاءات ثنائية مع كثير من القادة. وأفادت وسائل إعلام صينية بأن من المقرر أن يجري الرئيس شي محادثات شاملة مع نظيره البرازيلي، تتطرق إلى «تعزيز العلاقات بين البلدين بشكل أكبر».