ولاية بورنو النيجيرية تحت نيران جماعة «بوكو حرام»

قتلت 20 جندياً في هجمات «درون مفخخة» ضد قواعد عسكرية

للمرة الأولى تتعرض قوات الكاميرون لهجمات بطائرات درون مفخخة (صحافة محلية)
للمرة الأولى تتعرض قوات الكاميرون لهجمات بطائرات درون مفخخة (صحافة محلية)
TT
20

ولاية بورنو النيجيرية تحت نيران جماعة «بوكو حرام»

للمرة الأولى تتعرض قوات الكاميرون لهجمات بطائرات درون مفخخة (صحافة محلية)
للمرة الأولى تتعرض قوات الكاميرون لهجمات بطائرات درون مفخخة (صحافة محلية)

صعَّدت جماعة «بوكو حرام» من هجماتها في ولاية بورنو، شمال شرقي نيجيريا وعلى الحدود مع الكاميرون، وقتلت عشرين جندياً كاميرونياً على الأقل في هجوم إرهابي ضد قاعدة عسكرية، استخدمت فيه طائرات «درون مفخخة».

الهجوم العنيف وقع ليل الاثنين - الثلاثاء، حين هاجم العشرات من مسلحي «بوكو حرام» معسكراً لقوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات في بلدة وولجو النيجيرية، المحاذية للحدود مع دولة الكاميرون.

المسيرات المفخخة خلفت خسائر كبيرة في معسكرات الجيش (أ.ف.ب)
المسيرات المفخخة خلفت خسائر كبيرة في معسكرات الجيش (أ.ف.ب)

«درون مفخخة»

قالت مصادر أمنية كاميرونية إن المسلحين كانوا متنكرين في زي رعاة وتجار حين اختلطوا مع السكان المحليين في سوق أسبوعية، في مدينة جامبورو التجارية، بولاية بورنو النيجيرية.

ومع حلول الظلام تحرك المقاتلون المتخفون نحو قاعدة عسكرية تتمركز فيها قوات كاميرونية، في إطار القوة العسكرية المشتركة التي تحارب الإرهاب، وشكَّلتها دول نيجيريا، والنيجر، وتشاد، والكاميرون وبنين.

واستخدم مقاتلو «بوكو حرام» في الهجوم طائرات درون محملة بالمتفجرات، تسببت في انفجارات ضخمة أثارت الرعب في أوساط السكان المحليين، وألحقت أضراراً كبيرة بالقاعدة العسكرية، ودمرت الكثير من الآليات العسكرية.

وتعدّ هذه المرة الأولى التي تستخدم فيها «بوكو حرام» طائرات درون محملة بالمتفجرات في هجماتها ضد القوات الكاميرونية، حسب ما أكد الكثير من الخبراء والمتابعين.

وخلف الهجوم خسائر بشرية كبيرة، حيث تشير حصيلة غير رسمية إلى مقتل 20 جندياً كاميرونياً على الأقل، من بينهم قائد الفرقة المحمولة جواً، بينما أصيب عشرات الجنود.

في غضون ذلك، قالت مصادر أمنية كاميرونية إن منفذي الهجوم استولوا على أسلحة، منها مدافع مضادة للطائرات وذخائر، قبل أن ينسحبوا من المكان.

مدرَّعة تابعة لقوات الأمن النيجيرية تمر بجانب منازل حديثة البناء قبل احتفال لتدشين ما أعيد بناؤه بعد دمار أحدثه مسلحو جماعة «بوكو حرام» عام 2015 في نغارانام بولاية بورنو 21 أكتوبر 2022 (رويترز)
مدرَّعة تابعة لقوات الأمن النيجيرية تمر بجانب منازل حديثة البناء قبل احتفال لتدشين ما أعيد بناؤه بعد دمار أحدثه مسلحو جماعة «بوكو حرام» عام 2015 في نغارانام بولاية بورنو 21 أكتوبر 2022 (رويترز)

بورنو تحت النار

يمكن القول إن ولاية بورنو الواقعة شمال شرقي نيجيريا، واحدة من أكثر مناطق نيجيريا تضرراً من الإرهاب خلال السنوات العشر الماضية، ولكن وضعيتها تحسنت في السنوات الأخيرة بسبب العمليات العسكرية التي يخوضها الجيش بالتعاون مع دول الجوار.

مسلحو «بوكو حرام» استولوا على مدفعية مضادة للطيران وأحرقوا آليات عسكرية (صحافة محلية)
مسلحو «بوكو حرام» استولوا على مدفعية مضادة للطيران وأحرقوا آليات عسكرية (صحافة محلية)

ولكن في الأيام الأخيرة عادت «بوكو حرام» إلى الضرب بقوة في الولاية، وشن مقاتلوها قبل يومين هجمات على تشكيلتين عسكريتين في الولاية، واستهدفوا قاعدة للجيش في واجيركو، وأخرى في وولغو، حيث قتل جنود الكاميرون.

كما قُتل جنديان على الأقل وأُصيب آخرون بجروح، من بينهم قائد اللواء الجديد لعملية «هيدن كاي»، عندما اصطدم رتل عسكري بلغم أرضي على الطريق الرابطة بين مدينة دامبوا - بيو ومدينة مايدوغوري، عاصمة ولاية بورنو.

وتأتي هذه الموجة الجديدة من الهجمات الإرهابية في وقت تخطط السلطات النيجيرية لإعادة فتح طريق مايدوغوري - دامبوا - بيو الذي يبلغ طوله 185 كيلومتراً، وظل مغلقاً لسنوات بسبب انعدام الأمن.

قلق شعبي

على صعيد آخر، أعرب السيناتور محمد علي ندومي، ممثل بورنو الجنوبية، عن قلقه العميق إزاء تصاعد هجمات «بوكو حرام» في دائرته الانتخابية، وحث الحكومة الفيدرالية على استخدام التكنولوجيا المتقدمة، بما في ذلك الطائرات المسيَّرة، لمكافحة التمرد بفاعلية.

كما دعا إدارة الرئيس بولا أحمد تينوبو إلى تدريب القوات الأمنية وتجهيزهم وتسليحهم وتحفيزهم لمعالجة الإرهاب والاختطاف وأعمال اللصوصية.

وأشار السيناتور ندومي إلى تفاقم الوضع الأمني على طريق مايدوغوري - داماتورو - بوني يادي - بيو، حيث ارتفعت معدلات الاختطاف، ومن بين المختطفين البروفسور أبو بكر الجميعة، عميد كلية الهندسة والتكنولوجيا بجامعة الجيش النيجيري في بيو، الذي لا يزال في قبضة «بوكو حرام».

وأعرب عن أسفه لاستمرار الهجمات على مناطق مثل غوزا، أسكيرا - أوبا، شيبوك، دامبوا، بيو، وهول، محذراً من أن عدم اتخاذ إجراءات حاسمة سيؤدي إلى استمرار هذه الاعتداءات.

منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، تشهد منطقة شمال شرقي نيجيريا، وكذلك المناطق الحدودية في الكاميرون والنيجر وتشاد، تمرداً مسلحاً تقوده «بوكو حرام» و«داعش»، أسفر عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص ونزوح أكثر من مليوني شخص، وفقاً للأمم المتحدة.

وأصبحت المناطق المحيطة ببحيرة تشاد معاقل للجماعات الإرهابية مثل جماعة «بوكو حرام» وتنظيم «داعش في غرب أفريقيا»، ويخوض الطرفان صراعاً مسلحاً عنيفاً أودى بحياة مئات المدنيين.

وتتسبب هذه المجموعات في تعطيل الأنشطة الاقتصادية الأساسية مثل صيد الأسماك والزراعة وتربية الماشية بشكل خطير؛ ما يتسبب في صعوبات متزايدة لـ40 مليون شخص يعيشون في المنطقة.


مقالات ذات صلة

​نيجيريا: مقتل أكثر من 20 شخصاً في هجومين إرهابيين

أفريقيا الجيش يكثف تحركاته ويدعو قواته لرفع مستوى الجاهزية (الجيش النيجيري)

​نيجيريا: مقتل أكثر من 20 شخصاً في هجومين إرهابيين

في تصعيد خطير شنّ مسلحون من جماعة «بوكو حرام» هجوماً إرهابياً على قرية «كوابري» التابعة لمنطقة هونغ بولاية أداماوا شمال نيجيريا ما أسفر عن مقتل عشرة حراس.

الشيخ محمد (نواكشوط )
أفريقيا امرأة تنعى أحد أفراد أسرتها بعد هجوم شنّه مسلحون على مجتمع زيكي الزراعي شمال وسط نيجيريا الثلاثاء 15 أبريل 2025 (أ.ب)

نيجيريا: 7 قتلى في هجمات إرهابية نفّذتها «بوكو حرام»

أكّدت السلطات المحلية في شمال شرقي نيجيريا، الأربعاء، مقتل 7 أشخاص في سلسلة هجمات إرهابية نفّذتها جماعة «بوكو حرام».

الشيخ محمد (نواكشوط )
أفريقيا ضاحي عبد السلام مستشار الأمن الخاص لحاكم ولاية يوبي (صحافة محلية)

​نيجيريا: مقتل ضابطين... و«بوكو حرام» تستخدم «الشائعات» لإثارة الرعب

قُتل على الأقل ضابطان في الجيش النيجيري خلال التصدي لهجوم عنيف شنه مسلحون من جماعة «بوكو حرام» على موقع عسكري بقرية إيزغي التابعة لولاية «بورنو».

الشيخ محمد (نواكشوط )
أفريقيا جنود كاميرونيون في كولوفاتا بالكاميرون 16 مارس 2016 (رويترز)

مقتل 20 جندياً كاميرونياً في هجوم نفّذته «بوكو حرام»

قُتل 20 جندياً كاميرونياً، الثلاثاء، في هجوم نفذه متطرفون من جماعة بوكو حرام في شمال شرقي نيجيريا قرب الحدود مع الكاميرون.

«الشرق الأوسط» (أبوجا)
أفريقيا عسكريون نيجيريون من سلاح الجو قبل عملية عسكرية ضد معاقل الإرهابيين (وزارة الدفاع النيجيرية)

نيجيريا: الجيش يكثِّف ضرباته الجوية ضد «داعش»

كثَّف جيش نيجيريا ضرباته الجوية ضد معاقل تنظيم «داعش في غرب أفريقيا»، في شمال البلاد، وجماعة «بوكو حرام»، ما أسفر خلال أسبوع عن مقتل عشرات من مقاتلي التنظيمين.

الشيخ محمد (نواكشوط )

​نيجيريا: مقتل أكثر من 20 شخصاً في هجومين إرهابيين

الجيش يكثف تحركاته ويدعو قواته لرفع مستوى الجاهزية (الجيش النيجيري)
الجيش يكثف تحركاته ويدعو قواته لرفع مستوى الجاهزية (الجيش النيجيري)
TT
20

​نيجيريا: مقتل أكثر من 20 شخصاً في هجومين إرهابيين

الجيش يكثف تحركاته ويدعو قواته لرفع مستوى الجاهزية (الجيش النيجيري)
الجيش يكثف تحركاته ويدعو قواته لرفع مستوى الجاهزية (الجيش النيجيري)

في تصعيد خطير، شنّ مسلحون من جماعة «بوكو حرام» هجوماً إرهابياً على قرية «كوابري» التابعة لمنطقة هونغ بولاية أداماوا، شمال نيجيريا، ما أسفر عن مقتل عشرة من الحراس الأهليين (الفِرق الأمنية التطوعية)، وإصابة عدد آخر بجروح خطيرة.

ويأتي هذا الهجوم ضمن سلسلة من الهجمات التي تشنها الجماعة الموالية لـ«تنظيم القاعدة»، في إطار تصعيد إرهابي غير مسبوق في منطقة حوض بحيرة تشاد، بالتزامن مع تحركات حكومية من طرف نيجيريا للقضاء على خطر الإرهاب في المنطقة.

جنود نيجيريون على متن دراجات في منطقة حوض بحيرة تشاد حيث تتصاعد الهجمات الإرهابية (الجيش النيجيري)
جنود نيجيريون على متن دراجات في منطقة حوض بحيرة تشاد حيث تتصاعد الهجمات الإرهابية (الجيش النيجيري)

وقال هيلا أنطوني، وهو المستشار المحلي السابق لمنطقة «غارها»، إن أعداداً كبيرة من مسلحي جماعة «بوكو حرام» اقتحموا القرية مساء السبت الماضي، وكانت بحوزتهم أسلحة ثقيلة جعلتهم يتفوقون بسرعة على الميليشيا المحلية التي تتولى حراسة القرية.

وأضاف أنطوني في تصريحات نقلتها الصحافة المحلية في نيجيريا: «فقدنا عشرة من رجالنا الشجعان، وكثير من الجرحى نُقلوا إلى المركز الطبي الفيدرالي بهونغ لتلقي العلاج».

وأشار سيمون ياكوبو، رئيس مقاطعة دوجوابا، إلى أن هذه هي الهجمة الخامسة على القرى المجاورة خلال أسبوعين فقط، مشدداً على أن السكان يواجهون «عدواناً متكرراً بأسلحة متطورة وبعدد هائل من المهاجمين».

على صعيد آخر، وقع هجوم مماثل في منطقة «بوكّو غيديه»، التابعة لمقاطعة «غوزا» بولاية «بورنو»، شمال شرقي نيجيريا، حيث قُتل اثنان من أفراد الدفاع المدني الشعبي، بالإضافة إلى عشرة من سكان القرية كانوا قد خرجوا لجمع الحطب.

وأكدت هذه المعلومات من طرف الأمير محمد شيخو تيمتا، أمير غوزا، موضحاً أن الضحايا وقعوا في كمين نصبه المسلحون قرب طريق «كيراوا»، ضمن مقاطعة «بولكا»، وقال الأمير للصحافيين: «الشبان الذين خرجوا للبحث عن الحطب تعرضوا لهجوم غادر أسفر عن مقتل عشرة منهم، فيما نُقل اثنان مصابان بجروح خطيرة إلى مدينة مايدوغوري لتلقي العلاج».

وأوضح أمير غوزا أن الضحايا قد دُفنوا، ودعا الله أن يتقبل تضحياتهم في الفردوس الأعلى، مقدماً الشكر للحكومة والجيش على جهودهم المستمرة في محاربة الجماعات الإرهابية التي تنشط في المنطقة، لكنه طالب باستخدام التقنيات الحديثة، مثل الطائرات المسيّرة، والأسلحة الذكية لتعزيز القدرة القتالية، وإنهاء الأزمة.

وأشار إلى أن موسم الأمطار على وشك البدء، مما يزيد من مخاوف السكان، الذين يعتمدون على الزراعة بوصفها مصدراً رئيساً للعيش.

وتأتي هذه الهجمات الدامية بعد أقل من 48 ساعة من زيارة وزير الدفاع بادارو أبو بكر، ورئيس أركان الدفاع الجنرال كريستوفر موسى، وعدد من كبار القادة العسكريين إلى ولاية بورنو لتقييم الوضع الأمني.

وأكد وزير الدفاع خلال الزيارة أن الحكومة الفيدرالية ستزيد الدعم العسكري للقضاء على التهديدات الأمنية في منطقة الشمال الشرقي، الواقعة ضمن حوض بحيرة تشاد، حيث تنشط جماعة «بوكو حرام» الموالية للقاعدة، بالإضافة إلى «تنظيم داعش» في غرب أفريقيا.

في سياق متصل، اتهم الشيخ عبد الفتاح إينابوليل، كبير أئمة بولاية «إيدو» النيجيرية، إحدى الوكالات الأمنية (لم يذكر اسمها) بالتقصير، إثر قيامها بإطلاق سراح مشتبه بانتمائه لجماعة «بوكو حرام»، كان قد أُلقي القبض عليه داخل المسجد المركزي.

وجاء تصريح الإمام خلال منتدى للجهات المعنية أُقيم في «بنين سيتي»، بالتزامن مع إطلاق وحدة حماية المدارس التابعة للشرطة، وقال الإمام: «قبل سنوات قليلة، كنت مع بعض الإخوة المسلمين داخل المسجد، ورأينا وجهاً غريباً. بعد استجوابه، اكتشفنا أنه فرّ من منطقة غوزا في ولاية بورنو، وجلب معه حقيبة مملوءة بأدوات لصناعة القنابل والأسلحة الخطيرة».

وأضاف كبير الأئمة في حديثه أمام القادة الأمنيين: «قمنا بإبلاغ الجهات الأمنية، وجاء رجالهم واعتقلوه. ولكن بعد أسبوعين، تفاجأنا برؤيته يتجول بحرية حول المسجد بثقة زائدة، وكأنه يتحدى الجميع».

وأوضح الإمام أن مثل هذه التصرفات تزيد من فقدان الثقة في المؤسسات الأمنية، وقد تدفع بعض المواطنين إلى تطبيق العدالة بأنفسهم، محذراً من الانزلاق إلى «عدالة الغاب».

وفي ختام حديثه، دعا الإمام إلى معاملة المجرمين بناءً على أفعالهم دون النظر إلى قبائلهم أو دياناتهم، مطالباً الساسة والزعماء التقليديين بعدم التدخل في عمل الشرطة، مؤكداً أن ترك الشرطة تؤدي واجبها دون ضغوط سيعزز الأمن ويقوي المجتمع.

وتواجه نيجيريا تمرداً مسلحا تقوده «بوكو حرام» منذ 2009، راح ضحيتها عشرات الآلاف من المواطنين، وتسبب في نزوح الملايين من قراهم في شمال نيجيريا.