شبح عودة القرصنة الصومالية يلوح من جديد قبالة القرن الأفريقي

القطع البحرية الأميركية موجودة في المنطقة منذ سنوات لحماية أمن الملاحة من القرصنة وتهريب الأسلحة (البحرية الأميركية)
القطع البحرية الأميركية موجودة في المنطقة منذ سنوات لحماية أمن الملاحة من القرصنة وتهريب الأسلحة (البحرية الأميركية)
TT

شبح عودة القرصنة الصومالية يلوح من جديد قبالة القرن الأفريقي

القطع البحرية الأميركية موجودة في المنطقة منذ سنوات لحماية أمن الملاحة من القرصنة وتهريب الأسلحة (البحرية الأميركية)
القطع البحرية الأميركية موجودة في المنطقة منذ سنوات لحماية أمن الملاحة من القرصنة وتهريب الأسلحة (البحرية الأميركية)

في 14 ديسمبر الماضي احتُجزت سفينة الشحن «إم في روين» وطاقمها ونقلوا إلى الصومال، ومنذ ذلك الحين انقطعت أخبارها. غير أنّ هذه الحادثة أيقظت شبح القرصنة الذي زرع الرعب قبالة سواحل القرن الأفريقي بين عامي 2005 و2012.

يعدّ هذا الهجوم الذي نُفّذ على بعد 380 ميلاً بحرياً (700 كيلومتر) شرق جزيرة سقطرى اليمنية، أول عملية اختطاف ناجحة يقوم بها قراصنة صوماليون منذ اختطاف ناقلة النفط «أريس 13» في عام 2017. وكانت تلك العملية الأولى أيضاً منذ عام 2012، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويقول خبراء أجرت معهم «وكالة الصحافة الفرنسية» مقابلات، إنّ هذا النموذج الأكثر تطرّفاً للتهديد الذي يتزايد على طريق تجاري رئيسي في هذه المنطقة من المحيط الهندي، ولكنّهم يعتبرون أنّ عودة القرصنة على نطاق واسع غير مرجّحة.

منذ منتصف ديسمبر، سجّلت وكالة الأمن البحري البريطانية (UKMTO) 6 حوادث قبالة الساحل الصومالي، تتراوح بين اقتراب رجال مسلّحين واختطاف سفينة.

بدأ هذا الاتجاه في الظهور العام الماضي؛ إذ رصد مركز خبراء الأمن البحري الفرنسي (MICA Center) 9 حوادث قبالة سواحل الصومال، الأمر الذي يعدّ «جديداً» منذ عدّة سنوات.

ويشير إيريك جاسلين، مدير مركز خبراء الأمن البحري الفرنسي، إلى أن أهم الحوادث «تركّزت في نهاية العام، تقريباً بالتزامن مع ما حدث في البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب».

ومنذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني)، يشنّ المتمرّدون اليمنيون الحوثيون هجمات في هذه المنطقة على سفن مرتبطة بإسرائيل، رداً على الحرب التي تقودها الأخيرة ضدّ حركة «حماس» في غزة بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنّته الحركة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) على الأراضي الإسرائيلية.

ويقول إيريك جاسلين: «في الوقت نفسه تقريباً، بدأنا نلاحظ ظاهرة القرصنة التي تطال مراكب شراعية تقليدية قبالة سواحل بونتلاند».

وتعدّ هذه المنطقة الصومالية عند طرف القرن الأفريقي، والتي يقع في شمالها خليج عدن وفي شرقها المحيط الهندي، وكراً تاريخياً للقرصنة.

يقول تيموثي والكر، الباحث في معهد الدراسات الأمنية، إنّ «عمليات خطف عدّة مراكب شراعية، العام الماضي، كانت بمثابة تنبيه بالنسبة إلى المراقبين إلى حقيقة أنّ مجموعات من القراصنة الصوماليين ربّما تكون قيد تجهيز نفسها بوسائل تسمح لها بشنّ هجمات في أماكن بعيدة في البحر».

وفقاً لأسلوب العمل التقليدي للقراصنة، فإنّ الاستيلاء على قوارب الصيد (المراكب الشراعية وسفن الصيد) التي يمكنها السفر لمسافات كبيرة يجعل من الممكن الحصول على «السفينة الأم»، التي تنطلق منها بعد ذلك عمليات بوجود قوارب أكثر قدرة على المناورة.

من جهته، يقول تيموثي والكر إنّه في ظلّ هجمات الحوثيين، فإنّ «الكثير من السفن تتباطأ (مع اقترابها من القرن الأفريقي) في انتظار تعليمات بشأن ما إذا كانت ستمرّ عبر البحر الأحمر أو لا. وهذا يخلق ساحة للصيد».

وقد وُجدت «ساحة الصيد» هذه مع تحرّك بعض القوات البحرية من المحيط الهندي إلى البحر الأحمر.

من جهته، يشير عمر محمود، باحث في مجموعة الأزمات الدولية، إلى أن انتخابات حساسة جرت في ديسمبر ويناير (كانون الثاني) في بونتلاند حوّلت انتباه قوات الأمن المحلية من السواحل إلى الداخل.

وأضاف أن هذا الأمر «أتاح فرصة لهذه الجماعات الإجرامية التي طالما كانت موجودة».

ولم تجب الشرطة البحرية في بونتلاند على أسئلة «وكالة الصحافة الفرنسية» بهذا الشأن.

في إيل، التي تعدّ معقلاً للقراصنة في بونتلاند، يُعتقد أن هناك تضخيماً للهجمات. ويشير السكان إلى حوادث مرتبطة بالصيد غير القانوني، والذي يعدّ مشكلة متكرّرة في المحيط الهندي. وتأتي العديد من القوارب من جنوب شرقي آسيا وإيران وحتى أوروبا للصيد من دون ترخيص في هذه المياه، ما يؤدي إلى استنزاف مصادر الدخل القليلة للسكان.

ويقول أحمد عبدي نوح، وهو زعيم قبلي، إنّ «السبب في عودة القراصنة إلى الظهور هو الصيد غير القانوني على نطاق واسع على الساحل».

ووفق تعريف الأمم المتحدة، فإنّ الهجمات على قوارب الصيد يمكن أن تدخل في إطار القرصنة، حتى لو لم تستهدف هذه الأخيرة السفن التجارية.

بين 29 يناير والثاني من فبراير (شباط)، حرّرت القوات البحرية في السيشيل والهند أربعة قوارب صيد بعد تحويل مسارها، على بعد أكثر من 800 ميل بحري (1500 كيلومتر) من الساحل في بعض الأحيان.

ويقول هانز تينو هانسن، الرئيس التنفيذي لشركة الاستخبارات والأمن البحري الدنماركية «ريسك إنتليجنس»، «كلّما ابتعدت عن الصومال، قلّ احتمال وجود صلة بسيناريو الصيد».

مع ذلك، يؤكد الخبراء الذين قابلتهم «وكالة الصحافة الفرنسية» أنّ هذه الهجمات لا تعني عودة القراصنة الصوماليين، مشدّدين على أهمية القوات الدولية لردع أيّ اتساع لنطاق هذه الظاهرة.

بعد ذروتها في عام 2011، انخفضت أعمال القرصنة بشكل كبير مع نشر سفن حربية دولية (عملية الاتحاد الأوروبي «أتالانتا» والقوة الدولية CTF - 151، والبحرية الهندية)، أو إنشاء قوة الشرطة البحرية في بونتلاند أو وضع حراس مسلّحين على متن السفن التجارية.

لا تزال هذه العمليات العسكرية جارية، وعلى عكس ما حدث بداية العقد القرن الحالي، فإنّ السفن التجارية باتت تُدرك المخاطر، كما أنّها على دراية بالإجراءات الأمنية.

بالنسبة إلى عمر محمود، فإنّ ما يحصل «من المرجّح أن تكون هجمات مركزة أكثر من مؤشر على عودة ظهور القرصنة على نطاق واسع».

في إيل، لا يؤمن الناس بالعودة إلى «العصر الذهبي» للقرصنة.

ويقول الصياد أحمد سياد: «هناك سفن حربية تجري دوريات في البحر. لا أعتقد أنّ قرصاناً عاقلاً سيخوض هذه المخاطرة».



إطلاق نار كثيف في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق بجنوب السودان

جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
TT

إطلاق نار كثيف في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق بجنوب السودان

جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)

وقع إطلاق نار كثيف، الخميس، في جوبا عاصمة جنوب السودان بمقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق، أكول كور، الذي أقيل الشهر الماضي، حسبما أكد مصدر عسكري، فيما تحدّثت الأمم المتحدة عن محاولة لتوقيفه.

وبدأ إطلاق النار نحو الساعة السابعة مساء (17.00 ت.غ) قرب مطار جوبا واستمر زهاء ساعة، بحسب مراسلي «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأبلغت الأمم المتحدة في تنبيه لموظفيها في الموقع، عن إطلاق نار «مرتبط بتوقيف الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات»، ناصحة بالبقاء في أماكن آمنة.

وقال نول رواي كونغ، المتحدث العسكري باسم قوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان، لإذاعة بعثة الأمم المتحدة في البلاد (مينوس) إنه «حصل إطلاق نار في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق».

وأضاف: «شمل ذلك قواتنا الأمنية التي تم نشرها هناك لتوفير مزيد من الأمن».

وتابع: «لا نعرف ماذا حدث، وتحول سوء التفاهم هذا إلى إطلاق نار»، و«أصيب جنديان بالرصاص». وأضاف: «بعد ذلك هرعنا إلى مكان الحادث... وتمكنا من احتواء الموقف عبر إصدار أمر لهم بالتوقف».

وقال: «مصدر عسكري مشارك في العملية» لصحيفة «سودانز بوست» اليومية، إن أكول كور أوقف بعد قتال عنيف خلف «عشرات القتلى والجرحى من عناصره»، لكن التوقيف لم يتأكد رسمياً حتى الآن.

وأظهرت صور انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وأخرى نشرتها الصحيفة شبه توقف لحركة المرور بالقرب من مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق، حيث فر سائقون خائفون بعد سماع إطلاق النار تاركين سياراتهم، وفقاً لصحيفة «سودانز بوست».

وأقال رئيس جنوب السودان سلفاكير في أكتوبر (تشرين الأول) رئيس جهاز الاستخبارات الوطنية أكول كور الذي تولى منصبه منذ استقلال البلاد عام 2011، وكلّفه تولي منصب حاكم ولاية واراب التي تشهد اضطرابات.

ولم تُحدّد أسباب هذه الخطوة. ويأتي هذا القرار بعد أسابيع من إعلان الحكومة تأجيلاً جديداً لعامين، لأول انتخابات في تاريخ البلاد، كان إجراؤها مقرراً في ديسمبر (كانون الأول).

بعد عامين على استقلاله، انزلق جنوب السودان إلى حرب أهلية دامية عام 2013 بين الخصمين سلفاكير (الرئيس) ورياك مشار (النائب الأول للرئيس)، ما أسفر عن مقتل 400 ألف شخص وتهجير الملايين.