أي مقدرات عسكرية لدى «إيكواس» تُمكنها من إزاحة انقلاب النيجر؟

مسؤولون عسكريون في «إيكواس» يبحثون أزمة النيجر في أبوجا (إ.ب.أ)
مسؤولون عسكريون في «إيكواس» يبحثون أزمة النيجر في أبوجا (إ.ب.أ)
TT

أي مقدرات عسكرية لدى «إيكواس» تُمكنها من إزاحة انقلاب النيجر؟

مسؤولون عسكريون في «إيكواس» يبحثون أزمة النيجر في أبوجا (إ.ب.أ)
مسؤولون عسكريون في «إيكواس» يبحثون أزمة النيجر في أبوجا (إ.ب.أ)

قبل أسبوع، أعطى قادة مجموعة دول غرب أفريقيا (إيكواس)، الضوء الأخضر لإمكانية تدخل عسكري في النيجر، إذا ما فشلت الجهود الدبلوماسية في إزاحة الانقلاب واستعادة النظام الدستوري، بينما يجتمع (الخميس) القادة العسكريون للمجموعة، في غانا؛ للبحث في إمكان تنفيذ المخطط، الذي يبدو «عالي التكلفة والمخاطر»، بحسب مراقبين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أشاروا إلى صعوبات تواجه المجموعة، المكونة من 15 دولة، بينها 8 دول تصنف ضمن أضخم 145 جيشاً في العالم.

واتفق كبار مسؤولي الدفاع في دول «إيكواس»، نهاية يوليو (تموز) الماضي، في ختام اجتماعهم بأبوجا، على اتخاذ إجراء عسكري، إذا لم يتم الإفراج عن رئيس النيجر المحتجز، محمد بازوم، وإعادته إلى منصبه. ووفق مفوض الشؤون السياسية والأمن في المنظمة الإقليمية عبد الفتاح موسى «تم تحديد عناصر التدخل، بما في ذلك الموارد اللازمة، وكيف ومتى سننشر القوة»، لكن وفق موسى فإن «إيكواس» لن تبلغ الانقلابيين «متى وأين سنضرب».

ويتوقع مراقبون أن تقود نيجيريا، التي تتولى الرئاسة الدورية للتكتل الإقليمي، أي تدخل عسكري محتمل، اعتماداً على قدراتها العسكرية والاقتصادية، التي تعد الأفضل بين دول «إيكواس». لكن الدكتور حسن كلي ورتي، المستشار بوزارة الشؤون الخارجية والتشاديين بالخارج والتعاون الدولي، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن المجموعة «لا تمتلك إمكانات كافية لهذا التدخل»، فإلى جانب افتقاد القرار لدعم شعبي بين دول المجموعة وجيرانها، ووجود تباين دولي، فإن هناك «إشكاليات لوجيستية» قد تحول دون التنفيذ، «فالأمر ليس مجرد عديد من الجنود» على حد قوله.

ويبلغ تعداد الجيش النيجيري 230 ألفاً، بينهم 135 ألف فرد نشط، وعشرات الآلاف في قوات الاحتياط، أي 22 مرة ضعف قوة النيجر البالغ عددها 10 آلاف، وفقاً لبيانات للبنك الدولي.

وإلى جانب نيجيريا، التي تتشارك حدوداً بطول 1500 كيلومتر مع النيجر، تساند كوت ديفوار، التدخل العسكري، وقال الرئيس الإيفواري الحسن واتارا، إن بلاده ستوفر «كتيبة تضمّ بين 850 و1100 عنصر».

وتشير إحصائيات موقع «غلوبال فاير بور» الأميركي إلى أن أقوى 8 جيوش في «إيكواس»، يتراوح ترتيبها العالمي بين 36 و144، ضمن قائمة تضم 145 جيشاً في 2023.

ويحتل الجيش الإيفواري المرتبة الـ105 بين أقوى 145 جيشاً في العالم، والـ19 أفريقياً، والثاني بين قوات «إيكواس»، بإجمالي قوات يصل إلى 30 ألف فرد. بينما يحتل الجيش الغاني المرتبة رقم 109 عالمياً، والـ20 أفريقياً، بإجمالي عدد جنود يصل إلى 15 ألف فرد.

كما أعلنت السنغال، التي تحتل المرتبة الـ125 عالمياً ضمن تصنيف أقوى جيوش العالم، أنها ستشارك في تدخل عسكري محتمل في النيجر. في حين من المتوقع مشاركة باقي دول المجموعة التي تعارض الانقلاب (بنين وسيراليون والرأس الأخضر وغينيا ليبيريا وتوغو وغامبيا)، التي تقدر قواتها بعشرات الآلاف.

لكن في المقابل، فإنه من المنتظر أن يحظى الانقلابيون بدعم من نظرائهم في مالي وبوركينا فاسو، البلدين العضوين أيضاً في «إيكواس»، اللذين هددا بأن أي تدخل في النيجر سيكون بمثابة «إعلان الحرب» عليهما.

ويحتل جيش مالي، المرتبة رقم 110 عالمياً، وفق ترتيب «غلوبال فاير بور»، والـ3 بين جيوش «إيكواس»، حيث يقدر عدد الجنود بـ20 ألفاً، فيما يحتل جيش بوركينا فاسو المرتبة رقم 121 عالمياً، والـ5 بين جيوش «إيكواس»، ويبلغ عدد جنوده 17 ألفاً.

وعلى الرغم من عدم تكافؤ القوة العسكرية بين قوات «إيكواس» وحلفاء انقلابي النيجر، فإن الخبراء يرون صعوبات في شن العملية عسكرية، فضلاً عن مخاطرها العالية. يقول الدكتور كلي ورتي، دول إيكواس «لا تمتلك الإمكانات الكافية لهذا التدخل، في ظل الأوضاع الاقتصادية والأمنية الصعبة التي تشهدها غالبية تلك الدول إن لم تكن أجمعها، بما فيها نيجيريا، كما أن الأمر ليس مجرد عدد جنود، بل يتطلب تجهيزات لوجيستية ضخمة ومعلومات استخباراتية عالية، لا أعتقد بتوافرها، وقبل ذلك يتطلب الأمر دعماً دولياً يوفر الغطاء والاشتراطات القانونية لهذا التدخل».

وبدا تباين دولي واضح تجاه كيفية التعامل مع الأزمة، فبينما أعربت فرنسا عن «دعمها الكامل» لجميع قرارات «إيكواس» بشأن النيجر، بما في ذلك نشر القوة العسكرية الاحتياطية. شدد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، على ضرورة إيجاد حل سلمي. وقال بلينكن، خلال مؤتمر صحافي قبل أيام، إن «الولايات المتحدة تقدّر تصميم (إيكواس) على استكشاف الخيارات كافة من أجل حل سلمي للأزمة».

ويلفت الخبير التشادي كذلك إلى افتقاد التدخل المحتمل للدعم شعبي حتى إن برلمان «إيكواس» نفسه رفض التدخل، وكذلك برلمانات الدول الأعضاء، وبالتالي «هناك صعوبات كبيرة لتنفيذ الأمر»، على حد قوله.

وفي حال شنّ هجوم بري، ستضطر قوات دول غرب أفريقيا إلى عبور مئات الكيلومترات، وهو أمر يزيد من صعوبة الأمر في ظل رفض عدد من دول الجوار العملية، مثل بوركينا فاسو ومالي.

وتوقع قيادي عسكري كبير في إحدى دول مجموعة «إيكواس»، أن يحتاج أي تدخل عسكري لإنهاء الانقلاب في النيجر إلى تحضير يستغرق 6 أشهر. وأوضح القيادي العسكري، لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، أن قوة الاحتياط التابعة لـ«إيكواس» تحتاج إلى التعبئة بالجنود والعتاد، كما أن التهديدات المضادة من مالي وبوركينا فاسو وغينيا، والقوات التي استولت على السلطة في النيجر قد تردع «إيكواس» عن اتخاذ إجراءات عسكرية.

وسبق أن نشرت «إيكواس» قوات لها بمهمات حفظ سلام، في 4 دول هي سيراليون وليبيريا وغينيا بيساو وغامبيا، لكن يبدو أن هناك الآن تردداً إزاء تنفيذ هذا التدخل في النيجر، وفق حسناء تمام، الباحثة ومتخصصة دراسات السلام والصراع، بمركز «شاف للدراسات المستقبلية»، التي أشارت إلى «عدم تعجلها في اتخاذ قرار نهائي رغم انتهاء المهلة التي حددتها سابقاً»، فضلاً عن تأجيل عقد لقائها على مستوى القادة العسكريين الذي خُطّط له الأسبوع الماضي، وبالتزامن مع ذلك دعم إرسال وفد برلماني تفاوضي إلى النيجر.

وكان من المقرر أن يعقد رؤساء الأركان اجتماعهم في أكرا في 12 أغسطس (آب) الحالي، لكنه أرجئ «لأسباب فنية». ومن المقرر أن تستضيفه العاصمة الغانية الخميس والجمعة، 17 و18 أغسطس.

هذا التردد «مفهوم ومبرر»، كما تقول تمام لـ«الشرق الأوسط»، في سياق علو أصوات محذرة من هذا التدخل وما قد يسفر عنه من تفاقم للأزمة، قد يصل إلى حرب أهلية. وفي السياق نفسه فإن التأثير الشعبي على مساحات قبول ورفض الفاعلين الخارجيين، الذي دفع برفض فرنسي وقبول روسي، وبدأ يتشكل في النيجر تجاه «إيكواس» متمثلاً في توجيه اتهامات بموالاتها للجانب الفرنسي، بالتأكيد «يدفع إيكواس للتفكير مرتين قبل تنفيذ التدخل»، على حد قول الباحثة المصرية.

ويخشى البعض من أن يؤدي التدخل إلى تعميق الأزمات الأمنية في منطقة الساحل الأفريقي التي تشهد نشاطاً للجماعات المتطرفة.

وبحسابات الربح والخسارة، لا يبدو التدخل العسكري الكامل خياراً يعزز ويسرع من تهدئة الأوضاع في النيجر، كما تؤكد تمام التي تتوقع أن تستبدل «إيكواس» به «تدخلاً جزئياً محدوداً» عبر تنفيذ تدخل خاطف هدفه فك احتجاز محمد بازوم، أو ربما تنفيذ ضربات جوية بهدف الضغط نحو تنفيذ أهدافها، أو الاكتفاء بالتلويح بالجاهزية والاستعداد للتدخل لحين تحقيق أهم مطالبها، لكن هذه السيناريوهات كلها، كما تقول تمام «أفضلها مربك لـ(إيكواس) بوجه خاص، والمشهد في النيجر بشكل عام».


مقالات ذات صلة

أزمة شرق الكونغو... «اتفاق سلام» في واشنطن «لا يخلو من عثرات»

تحليل إخباري الرئيس الأميركي يشارك في حفل توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن (أ.ف.ب)

أزمة شرق الكونغو... «اتفاق سلام» في واشنطن «لا يخلو من عثرات»

وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيسا رواندا بول كاغامي، والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، في واشنطن، الخميس، اتفاقاً يعزز فرص السلام

محمد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)

تصاعد التوتر المصري - الإثيوبي في النزاع المائي

صعّدت إثيوبيا لهجتها ضد مصر على خلفية نزاع «سد النهضة» متهمة إياها بالسعي إلى «احتكار نهر النيل» استناداً لاتفاقيات أُبرمت خلال «حقبة استعمارية».

أحمد جمال (القاهرة)
أفريقيا وزير الدفاع الجديد في نيجيريا الفريق كريستوفر موسى (الوكالة الرسمية)

نيجيريا تعين وزير دفاع جديداً وتعيد هيكلة منظومتها الأمنية «المتعثرة»

 اتخذت نيجيريا خطوات لإعادة هيكلة منظومتها الأمنية وعينت وزير دفاع جديداً أملاً في التصدي لخطر «الإرهاب» كما اتخذت قرارات تشدد الرقابة على حيازة السلاح.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا الفريق المتقاعد كريستوفر موسى المرشح لتولي منصب وزير الدفاع الجديد في نيجيريا (إعلام محلي)

نيجيريا: مَن وزير الدفاع الجديد الذي اقترحه الرئيس على مجلس الشيوخ؟

اقترح الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو تعيين رئيس هيئة الأركان السابق، الفريق المتقاعد كريستوفر موسى، لتولي منصب وزير الدفاع الجديد، وسط تحديات أمنية جسام.

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا جانب من أشغال الاجتماع الأفريقي رفيع المستوى في وهران بغرب الجزائر الاثنين (الخارجية الجزائرية)

قلق أفريقي متزايد من تصاعد الانقلابات وتهديدات الإرهاب

عبّر وزراء خارجية عدد من الدول الأفريقية، ومسؤولون في الاتحاد الأفريقي، خلال اجتماع في الجزائر، عن قلق من تزايد الانقلابات في القارة وتهديدات الإرهاب.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
TT

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

احتدم القتال في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية اليوم (الجمعة)، بعد يوم واحد من استضافة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لزعيمي الكونغو ورواندا في واشنطن لتوقيع اتفاقات جديدة تهدف إلى إنهاء سنوات من الصراع في منطقة غنية بالمعادن، حسب ما نشرت «رويترز».

وأكد الرئيس الرواندي بول كاغامي، ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، أمس الخميس، التزامهما باتفاق السلام الذي توسطت فيه الولايات المتحدة في يونيو (حزيران) لتوطيد الاستقرار، وفتح الباب أيضاً أمام المزيد من الاستثمارات الغربية في مجال التعدين.

وقال ترمب، الذي تدخلت إدارته في سلسلة من النزاعات حول العالم لتعزيز صورته صانعاً للسلام، وكذلك لتعزيز المصالح التجارية الأميركية: «إننا نضع حلاً لحرب دائرة منذ عقود».

ولكن على أرض الواقع، استمر القتال العنيف مع تبادل الاتهامات بين الأطراف المتحاربة.

وقالت حركة «23 مارس» المدعومة من رواندا، التي استولت على أكبر مدينتين في شرق الكونغو في وقت سابق من هذا العام، وغير ملزمة باتفاق واشنطن، إن القوات الموالية للحكومة تشن هجمات واسعة النطاق.

ومن ناحيته، قال متحدث باسم جيش الكونغو الديمقراطية إن الاشتباكات مستمرة، وإن القوات الرواندية تشن هجمات قصف.

ويقول محللون إن الجهود الدبلوماسية الأميركية أوقفت تصعيد القتال في شرق الكونغو لكنها فشلت في حل القضايا الجوهرية، مشيرين إلى عدم وفاء الكونغو ورواندا بالتعهدات التي قطعها الجانبان في اتفاق يونيو (حزيران).

وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على الإنترنت الجمعة عشرات العائلات النازحة وهي تفر سيراً على الأقدام مع أخذ الأمتعة والماشية في إقليم جنوب كيفو بشرق الكونغو.

اقرأ أيضاً


بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
TT

بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

قررت السلطات العسكرية في بوركينا فاسو، الخميس، إعادة العمل بعقوبة الإعدام التي أُلغيت عام 2018، خصوصاً فيما يتعلق بتهمة الإرهاب والخيانة العظمى والتجسس، في وقت يعيش فيه البلد تصاعداً في الهجمات الإرهابية التي تنفذها مجموعة مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش».

وأُعلن القرار في بيان صادر عقب اجتماع مجلس الوزراء، وقالت الحكومة إنها صدّقت على «مشروع قانون العقوبات»، الذي يحدد عقوبات صارمة تجاه عدد كبير من الجرائم والجنايات، ذات الطابع الأمني والاقتصادي والسياسي.

وأضافت الحكومة موضحة أن مشروع القانون «يُعيد العمل بعقوبة الإعدام لعدد من الجرائم، من بينها الخيانة العظمى، والأعمال الإرهابية، وأعمال التجسس، وغيرها».

وقال وزير العدل وحقوق الإنسان، إداسو رودريغ بايالا، في بيان الحكومة، إن اعتماد هذا المشروع «يندرج ضمن الإصلاحات الواسعة التي يشهدها القطاع، بهدف تحقيق عدالة تلبي التطلعات العميقة للشعب».

كما يتضمن مشروع القانون الجديد تجريم «الترويج والممارسات المثلية والأفعال المرتبطة بها»، وفق ما أعلنته الحكومة، علماً بأنه سبق أن اعتمدت بوركينا فاسو في سبتمبر (أيلول) الماضي قانوناً يستهدف «مرتكبي الممارسات المثلية» بعقوبات تصل إلى خمس سنوات سجناً.

غرامات وأعمال مفيدة

أوضح الوزير رودريغ بايالا أن مشروع القانون اعتمد «العمل للمصلحة العامة» بوصفه عقوبة رئيسية، وهو ما يعني إحلال عقوبة تقوم على إلزام الشخص المحكوم عليه بأداء أعمال مفيدة للمجتمع، تحت إشراف السلطات، ووفق ضوابط قانونية محددة، محل بعض العقوبات التقليدية، مثل السجن أو الغرامة.

في غضون ذلك، شهدت الغرامات المالية المرتبطة بجميع المخالفات، سواء الجنح أو الجرائم، زيادة ملحوظة في مشروع القانون الجديد؛ إذ ارتفع الحد الأدنى للغرامة من 250 ألف فرنك أفريقي (450 دولاراً أميركياً) إلى 500 ألف فرنك أفريقي (900 دولار أميركي).

لقطة من فيديو لمعسكر تدريب لمقاتلي «القاعدة» في بوركينا فاسو (تواصل اجتماعي)

وأشار الوزير إلى أن العقوبات المتعلقة بسلامة المرور «رُفعت بشكل خاص، لأننا لاحظنا أن 90 إلى 95 في المائة من حوادث السير التي تفجع الأسر البوركينابية سببها المستخدمون أنفسهم»، على حد تعبيره.

وحول الجرائم الاقتصادية، مثل الاختلاس وأعمال الفساد، يمكن أن تصل العقوبات إلى السجن المؤبد عندما تتجاوز قيمة الأموال المختلسة، أو موضوع الجريمة، 5 مليارات فرنك أفريقي (نحو 9 ملايين دولار أميركي)، حسب الوزير.

في انتظار قرار البرلمان

من أجل أن يصبح مشروع القانون الجديد ساري المفعول، لا بد من موافقة الجمعية التشريعية الانتقالية التي أنشأتها السلطة العسكرية، بوصفها بديلاً للبرلمان الذي تم حله في أعقاب الانقلاب العسكري.

ويتوقع المراقبون أن مشروع القانون الجديد لن يجد أي مشكلة أمام الجمعية التشريعية الانتقالية، حيث تتماهى هذه الجمعية مع سياسات الحكومة، ولم يسبق أن رفضت أي قانون مقترح من طرف السلطة التنفيذية.

وحسب منظمة العفو الدولية، فإن آخر تنفيذ لعقوبة الإعدام في بوركينا فاسو كان عام 1988، خلال حكم الرئيس الأسبق توماس سانكارا، وهو أيقونة التحرر الأفريقي، ويتخذ منه الرئيس الحالي إبراهيم تراوري نموذجاً.

لكن عقوبة الإعدام أُلغيت في بوركينا فاسو منذ عام 2018، في عهد الحكومة المدنية برئاسة روش مارك كريستيان كابوري الذي أُطيح به في انقلاب عسكري عام 2021، ويحكم البلاد منذ 2022 الكابتن إبراهيم تراوري، ومنذ وصوله إلى السلطة، انتهج تراوري سياسات مناهضة للغرب، وابتعد عن فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، في الوقت الذي عزز فيه علاقاته مع روسيا.

توسع الإرهاب

رغم التحالف مع روسيا وإعادة هيكلة الجيش في بوركينا فاسو، لا يزال الإرهاب يتوسع في البلاد، حيث تشير تقارير إلى أن الجماعات الإرهابية تسيطر على أكثر من 40 في المائة من مساحة البلد الواقع في غرب أفريقيا.

وكثفت «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، التابعة لتنظيم «القاعدة»، هجماتها في شمال وشرق بوركينا فاسو خلال الأسابيع الأخيرة، وأعلنت، الخميس، أنها سيطرت على ثكنة عسكرية في قرية باكاسولوغو، في ولاية كايا، الواقعة في الوسط الشرقي من بوركينا فاسو.

كما نشرت الجماعة الإرهابية مقطع فيديو دعائياً، الجمعة، يظهر معسكر تدريب لمقاتليه في بوركينا فاسو، ويكشف الفيديو عن وجود مئات المقاتلين في المعسكر، يرتدون ملابس شبه عسكرية، ويقومون بحركات قتالية.


النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
TT

النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)

اتهمت النيجر شركة «أورانو» الفرنسية للوقود النووي بـ«السلوك الاستغلالي» وارتكاب جرائم بيئية، في تصعيد جديد لنزاع محتدم حول السيطرة على مناجم اليورانيوم في الدولة الواقعة بغرب أفريقيا.

وذكرت الحكومة التي يقودها الجيش أن شركة «أورانو» يمكن أن تواجه إجراءات جنائية بتهمة ارتكاب «جرائم جماعية» بعد أن أفادت السلطات بالعثور على 400 برميل من المواد الأساسية المشعة في منطقة ماداويلة بالقرب من منطقة أرليت.

وقالت شركة «أورانو»، المملوكة بنسبة 90 بالمائة للدولة الفرنسية، إنها لم تتلقَّ أي إشعار رسمي بالإجراءات القانونية، ونفت العمل في منطقة ماداويلة.

وأضافت الشركة، في رد مكتوب على أسئلة وكالة «رويترز»، «(أورانو) لا تملك رخصة تشغيل لموقع ماداويلة، ولم تقم بأي عمليات هناك».

وقال وزير العدل أليو داوودا إن الإشعاع في المنطقة تجاوز المعدلات الطبيعية بشكل كبير؛ إذ بلغ نحو سبعة إلى عشرة ميكروسيفرت في الساعة، مقارنة بالمعدل المعتاد البالغ 0.5 ميكروسيفرت. ووجدت الفحوص مادتين مرتبطتين بمشاكل تنفسية يمكن أن تشكل ضرراً على صحة الناس.

يأتي هذا الخلاف عقب تأميم النيجر منجم «سومير» في يونيو (حزيران)، مما أدى إلى تجريد «أورانو» من حصتها البالغة 63.4 بالمائة.