رحّبت الحكومة الانتقالية في بوركينا فاسو، بطلب جارتها مالي من بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام (مينوسما) الانسحاب «دون تأخير»، وهو القرار الذي وصفته بوركينا فاسو بأنه «شجاع».
ويعاني البلَدان الواقعان في غرب القارة الأفريقية عدم الاستقرار إثر انتشار جماعات إرهابية تتبع لتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، بدأت في مالي عام 2012 حين سيطرت «القاعدة» على شمال البلاد؛ ما أسفر عن تدخل عسكري دولي ونشر قوات أممية لحفظ السلام.
وبعد عشر سنوات من وجود هذه البعثة، توترت العلاقة بين البعثة الأممية والحكومة الانتقالية في مالي، وهو خلاف يتمحور بشكل أساسي حول «ملف حقوق الإنسان»؛ إذ تصدر البعثة تقارير دورية تتهم الجيش المالي بارتكاب انتهاكات، بعضها كان بمشاركة قوات من «فاغنر»، حسب البعثة.
وبعد أشهر من الشد والجذب، طلب وزير الخارجية المالي عبدولاي ديوب، الجمعة الماضي، أمام مجلس الأمن الدولي «انسحاباً بلا تأخير» لبعثة الأمم المتحدة في بلاده، في حين عدّ رئيس البعثة أن عملها من دون موافقة الحكومة يصبح «شبه مستحيل».
وفي أول تعليق من بوركينا فاسو على الطلب المالي، قال المتحدث باسم الحكومة الانتقالية ريمتالبا جان إيمانويل ويدراوغو: إنَّ «حكومة بوركينا فاسو (...) ترحّب بهذا القرار الشجاع الذي اتخذته السلطات الانتقالية الماليّة».
وأضاف في بيان وزّع على الصحافة، أنَّ «حكومة بوركينا فاسو تهنئ مالي على هذا الاختيار الذي يتماشى مع الرؤية الاستراتيجية للدولة الماليّة في مكافحة الإرهاب، واستعادة السلام والأمن في منطقة الساحل».
وتابع أن بوركينا فاسو «تشجع حكومة مالي الشقيقة وشعبها على تأكيد سيادة دولة مالي، والتعبير عن إرادة الماليين في أن يكونوا وحدهم أسياد مصيرهم»، داعياً المجتمع الدولي إلى «الاحترام الصارم لخيارات مالي».
ولكن بوركينا فاسو لم تكتفِ فقط بالترحيب بالقرار، بل إنها شرعت في سحب جنودها من البعثة الأممية، وذلك عبر طلب وجّهته إلى الأمين العام للأمم المتحدة من أجل «اتخاذ الإجراءات اللازمة لسحب القوات البوركينية المشاركة في مالي في إطار (مينوسما)».
وختم المتحدث باسم الحكومة في بوركينا فاسو بالتأكيد على تضامن بلاده مع «الحكومة المالية وجميع شعوب منطقة الساحل في الحرب ضد الإرهاب»، وسبق لحكومتَي البلدين أن أعلنتا عن «التحالف» من أجل مواجهة خطر الإرهاب العابر للحدود.
وشهدت مالي انقلابين عسكريين عام 2020، كما شهدت بوركينا فاسو انقلابين آخرين عام 2022، ومنذ ذلك الوقت توجه البلدان نحو التقرب أكثر من روسيا، والتخلي عن حلف امتد لعقود عديدة مع الغرب، وخاصة فرنسا التي سحبت قواتها من مستعمرتيها السابقتين.
ورغم انسحاب الفرنسيين من مالي، فإن البعثة الأممية (15 ألف جندي) بقيت في البلد من أجل حفظ السلام، ولكن وزير خارجية مالي قال خلال جلسة لمجلس الأمن من أجل تجديد تفويض البعثة: إن «الواقعية تقتضي الاستنتاج بإخفاق (مينوسما) التي لا يستجيب تفويضها للتحدي الأمني».
في المقابل، تحظى البعثة الأممية بدعم من دول غربية وازنة، من أبرزها فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا، ولكن من دون تعاون السلطات المحلية سيكون لزاماً على البعثة أن تنسحب، حسب العديد من المراقبين.