انفتاح الأزمة الكورية الجنوبية على المزيد من الفصول التصعيدية

يرى مراقبون أن يد الشركتين العملاقتين «هونداي» و«سامسونغ» ليست بعيدة عن هذه التطورات

الشرطة ومحققو مكافحة الفساد يصلون إلى مقر إقامة الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون (أ.ف.ب)
الشرطة ومحققو مكافحة الفساد يصلون إلى مقر إقامة الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون (أ.ف.ب)
TT

انفتاح الأزمة الكورية الجنوبية على المزيد من الفصول التصعيدية

الشرطة ومحققو مكافحة الفساد يصلون إلى مقر إقامة الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون (أ.ف.ب)
الشرطة ومحققو مكافحة الفساد يصلون إلى مقر إقامة الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون (أ.ف.ب)

يوماً بعد يوم تدخل كوريا الجنوبية في سرداب طويل من التطورات المتسارعة التي فجرتها مطلع الشهر الماضي أزمة الأحكام العرفية التي أعلنها الرئيس يون سوك يول، واضطر للعودة عنها بعد 6 ساعات تحت ضغط الاحتجاجات الشعبية، ورفض البرلمان لخطوته غير المسبوقة.

أنصار الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يستلقون على الأرض بينما يواجه يون احتمال التوقيف بعد أن وافقت المحكمة الثلاثاء على مذكرة اعتقاله 2 يناير 2025 (أ.ب)

كل يوم يحمل معه مفاجآته في هذا المسلسل الدرامي الذي بدأ يهزّ دعائم أحد أكثر الأنظمة الديمقراطية رسوخاً في آسيا، ومع مرور الأيام وانفتاح الأزمة على المزيد من الفصول التصعيدية، يزداد القلق في العواصم الغربية من المنحى الذي يمكن أن تذهب فيه، ومن انعكاساتها على الدول التي تحكمها أو تنشط فيها القوى الشعبوية واليمينية المتطرفة.

أعضاء النقابات يسيرون باتجاه مقر الرئيس (إ.ب.أ)

آخر تطورات هذه الأزمة كان قرار مكتب التحقيق في جرائم فساد كبار الموظفين تعليق تنفيذ الأمر القضائي باعتقال الرئيس، بعد أن فشلت محاولات الوصول إليه في المقر الرئاسي الذي تحرسه وحدات أمنية موالية له، رفضت السماح للمحققين وأفراد الشرطة المواكبين لهم بالدخول إلى مكتبه.

رئيس وزراء كوريا الجنوبية هان دوك سو (في الوسط) الذي أصبح زعيماً بالنيابة للبلاد بعد عزل الرئيس يون سوك يول (أ.ب)

وكانت قد دارت بين الطرفين مناوشات أنذرت بمواجهات أوسع على غير صعيد. وما زال يون ينتظر قرار المحكمة الدستورية للبت في عزله النهائي بتهمة التخطيط لإعلان الأحكام العرفية وتعليق الحريات العامة والتمرد وسوء استخدام السلطة والتمرد على المؤسسات الشرعية.

رئيس كوريا الجنوبية المعزول يون سوك يول (أ.ب)

وأفاد أحد أعضاء مكتب التحقيقات في جرائم فساد كبار الموظفين بأن فريق المحققين والحماية المواكبة له اضطروا للتراجع على بُعد 200 متر من المقر الرئاسي الذي كانت تحرسه قوات من الجيش وعربات مصفحة. وبعد مناوشات بين الطرفين سمح جهاز الأمن الرئاسي لثلاثة محققين بالاقتراب من المدخل الرئيسي لمكتب الرئيس، لكن من غير الدخول إليه، بحيث تعذر التأكد من وجوده في مكتبه، واجتمعوا مع بعض أعضاء فريق المحامين الذين يتولون الدفاع عنه، والذين كرروا أمام المحققين بأن الرئيس لا يمكن أن يمتثل لأمر قضائي صادر بصورة غير قانونية عن هيئة غير مخوّلة، حسب تأويلهم، النظر في تهم التمرد.

محققون ورجال شرطة يصلون إلى مقر إقامة الرئيس المعزول يون (أ.ف.ب)

في غضون ذلك كان آلاف المؤيدين للرئيس المخلوع يتظاهرون تضامناً معه أمام مقر إقامته، بينما نشرت الشرطة 3 آلاف من عناصرها في المنطقة تحسباً لمواجهات محتملة مع مظاهرات مضادة.

وبعد أيام من الصمت عاد يون إلى التأكيد في بيان صدر عن مكتبه، ظهر الجمعة، أن قراره إعلان الأحكام العرفية كان «دفاعاً عن البلاد ضد أنشطة المعارضة التي شلّت عجلة المؤسسات» واتهم بعض أفراده بالتواطؤ مع كوريا الشمالية.

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك يول في سيول (رويترز)

وقال يون في بيانه إنه سيناضل حتى النهاية لدرء الأخطار المحدقة ببلاده بسبب «المؤامرات الداخلية والتدخلات الخارجية ضد السيادة الوطنية». وسارعت المعارضة إلى الرد على هذه الاتهامات، وانتقدت بيانه بشدة، واتهمته بالتحريض على التمرد وتحشيد القوى اليمينية المتطرفة لمنع اعتقاله وإخضاعه للتحقيق والمحاكمة.

وكان لافتاً أن الرئيس المخلوع كان قد واجه في المرحلة الأولى من الأزمة معارضة لقراره من غالبية نواب حزبه، لكن الحزب الحاكم عاد ليرصّ الصفوف وراءه لاحقاً، خشية وقوع الحكم بيد المعارضة التي تملك الأغلبية في البرلمان.

ويعتقد مراقبون أن يد الشركتين الصناعيتين العملاقتين «هونداي» و«سامسونغ»، اللتين تحركان خيوط اللعبة السياسية في كوريا الجنوبية منذ عقود، ليست بعيدة عن هذه التطورات التي كانت قد سبقتها موجة من الاحتجاجات العمالية غير المسبوقة للمطالبة برفع الأجور وتحسين ظروف العمل. ويزيد من غموض المسار الذي دخلت فيه الأزمة، أن الأمر القضائي بتوقيف الرئيس يبطل مفعوله في حال عدم تنفيذه بعد أسبوع من صدوره، أي يوم الاثنين المقبل.

وبعد فشل المحققين في الدخول إلى المقر الرئاسي، وجّه مدير مكتب التحقيقات في جرائم فساد كبار الموظفين تحذيراً إلى جهاز الأمن الرئاسي يدعوه فيه إلى التعاون والامتثال للأمر القضائي تحت طائلة عرقلة التنفيذ التي تعد جنحة بموجب القوانين المرعية. وأكّد على تصميم المكتب إخضاع الرئيس للاستنطاق في مقره جنوبي العاصمة سيول، قبل اقتياده إلى مقر التوقيف التابع له، مشيراً إلى أنه يحق للمكتب، بعد انتهاء التحقيق، أن يصدر أمراً باعتقاله رهن المحاكمة، أو أن يفرج عنه.

الشرطة ومحققو مكافحة الفساد يصلون إلى مقر إقامة الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون (أ.ف.ب)

وتأتي المحاولة الفاشلة لتوقيف الرئيس بعد يومين من موافقة الرئيس المكلّف، شوي سانغ موك، على تعيين اثنين من أعضاء المحكمة الدستورية التي يجب أن تبّت في قرار العزل النهائي الذي اتخذه البرلمان، أحدهما رشحه الحزب الحاكم والآخر رشحته المعارضة، وقال إنه اتخذ هذه الخطوة «بهدف وضع حد للغموض السياسي والأزمة الاجتماعية المتصاعدة والحؤول دون وقوع البلاد في أزمة اقتصادية». وتجدر الإشارة إلى أن تعيين سانغ موك رئيساً مكلفاً جاء في أعقاب إسقاط رئيس الوزراء، هان دوك سون، الذي كان قد تولّى مهام الرئاسة بعد عزل يون، وذلك بعد اتهامه بالتواطؤ مع الرئيس المخلوع


مقالات ذات صلة

كندا «لن تتراجع أبداً» في مواجهة تهديدات ترمب

العالم جزء من مباني البرلمان الكندي في أوتاوا (رويترز)

كندا «لن تتراجع أبداً» في مواجهة تهديدات ترمب

احتجت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي، أمس (الثلاثاء)، على تعليقات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب حول إمكانية استخدام القوة الاقتصادية ضد البلاد.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
أوروبا إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة «تسلا» ومالك منصة «إكس» يحضر مؤتمراً في كراكوف ببولندا 22 يناير 2024 (رويترز) play-circle 01:58

الحكومة الألمانية: إيلون ماسك لا يمكنه التأثير على بلد عدد سكانه 84 مليون نسمة

قال متحدث باسم الحكومة الألمانية، اليوم، إن تأثير إيلون ماسك على الشعب الألماني محدود، مقللاً من شأن الملياردير الأميركي بعد انتقاده المستشار أولاف شولتس

«الشرق الأوسط» (برلين)
آسيا مواطنون يشاركون في احتجاج ضد الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول بالقرب من مقر إقامته الرسمي في سيول (رويترز)

الأزمة الكورية الجنوبية إلى أين... بعد فشل توقيف الرئيس المعزول؟

وصول وزير الخارجية الأميركي، الاثنين، إلى سيول مع تفاقم الأزمة والسيناريوهات المحتملة للدولة الحليفة الأساسية بالنسبة إلى الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (سيول)
آسيا محققون من كوريا الجنوبية ومسؤولون من «NTSB» وشركة «بوينغ» يتفقدون مكان تحطم الطائرة في مطار موان على بعد 288 كيلومتراً جنوب غربي سيول (أ.ف.ب)

«المعجزات» الاقتصادية والسياسية في آسيا على محك الاستدامة والاستقرار

تختتم سيول أسوأ سنة مرّت عليها منذ عقود، حيث تهديدات جارتها بيونغيانغ، وأزمة الحكم التي ما زالت مفتوحة على احتمالات تصعيدية يصعب جداً التكهن بخواتيمها.

شوقي الريّس (مدريد)
العالم ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)

من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

هناك الكثير من الأحداث المهمة المنتظر حدوثها في 2025، بدءاً من تنصيب دونالد ترمب ومروراً بالانتخابات في أوروبا واضطراب المناخ والتوقعات بانتهاء حرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«الصحة العالمية»: فيروس «إتش إم بي في» في الصين شائع ولا يشكل تهديداً

طفل يضع كمامة وينتظر دوره مع أسرته داخل مستشفى في شرق الصين (أ.ف.ب)
طفل يضع كمامة وينتظر دوره مع أسرته داخل مستشفى في شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

«الصحة العالمية»: فيروس «إتش إم بي في» في الصين شائع ولا يشكل تهديداً

طفل يضع كمامة وينتظر دوره مع أسرته داخل مستشفى في شرق الصين (أ.ف.ب)
طفل يضع كمامة وينتظر دوره مع أسرته داخل مستشفى في شرق الصين (أ.ف.ب)

قدمت منظمة الصحة العالمية، اليوم (الثلاثاء)، تطمينات بشأن فيروس «إتش إم بي في»، وهو عدوى تنفسية تنتشر في الصين، مؤكدةً أن الفيروس ليس جديداً أو خطيراً بشكل خاص.

وقالت متحدثة باسم منظمة الصحة العالمية إن المنظمة على اتصال بالمركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها. وأشارت إلى أنه تم إبلاغ منظمة الصحة العالمية بأن العديد من التهابات الجهاز التنفسي تنتشر في الصين، كما هو معتاد في فصل الشتاء، بما في ذلك «الإنفلونزا و(آر إس في) و(كوفيد - 19) و(إتش إم بي في)».

وبدأت وسائل الإعلام الصينية في أوائل ديسمبر (كانون الأول) تتناول ارتفاع حالات الإصابة بفيروس الالتهاب الرئوي البشري «إتش إم بي في»، وهو ما أثار مخاوف صحية عالمية بعد 5 أعوام على اندلاع جائحة «كوفيد - 19» في الصين.

إلا أن بكين ومنظمة الصحة العالمية كانتا تحاولان تهدئة المخاوف في الأيام الأخيرة.

وقالت مارغريت هاريس، المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية في جنيف، إن فيروس «إتش إم بي في» يجذب الكثير من الاهتمام لأنه ليس اسماً مألوفاً، ولكن تم اكتشافه في عام 2001.

وأوضحت أن «إتش إم بي في» هو فيروس شائع ينتشر في الشتاء والربيع.

وأضافت هاريس أن «مستويات التهابات الجهاز التنفسي التي تم الإبلاغ عنها في الصين تقع ضمن المستوى المعتاد لموسم الشتاء... وأفادت السلطات بأن استخدام المستشفيات أقل حالياً مما كان عليه في مثل هذا الوقت من العام الماضي، ولم تكن هناك إعلانات أو استجابات طارئة».