بعد 18 عاماً بغوانتانامو... باكستاني يتوفى بكراتشي

الاستخبارات الباكستانية ألقت القبض عليه مع شقيقه عام 2004

عبد الرحيم غلام رباني المعتقل السابق في غوانتانامو  (وسائل الإعلام الباكستانية)
عبد الرحيم غلام رباني المعتقل السابق في غوانتانامو (وسائل الإعلام الباكستانية)
TT

بعد 18 عاماً بغوانتانامو... باكستاني يتوفى بكراتشي

عبد الرحيم غلام رباني المعتقل السابق في غوانتانامو  (وسائل الإعلام الباكستانية)
عبد الرحيم غلام رباني المعتقل السابق في غوانتانامو (وسائل الإعلام الباكستانية)

بعد سنوات طويلة من المرض ونقص الرعاية الصحية المناسبة، تُوفي عبد الرحيم غلام ربان، مواطن باكستاني أمضى 18 عاماً بسجن غوانتانامو، الذي تديره وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، في كراتشي، الجمعة، مسقط رأسه.

كان رباني قد تعرض لتعذيب شديد على أيدي مسؤولي «سي آي إيه». على مدار 18 عاماً من الاعتقال، داخل سجن غوانتانامو.

عبد الرحيم رباني مع أقاربه وقبل الدفن (وسائل الإعلام الباكستانية)

وفي تصريحات لوسائل الإعلام الباكستانية، اتهم شقيقه محمد أحمد غلام رباني، الذي قضى هو الآخر 18 عاماً في السجن الأميركي، حكومة بلاده، بحرمان شقيقه من حقوقه الأساسية، حتى بعد إطلاق سراحه من السجن الأميركي.

يُذكَر أن الحكومة الباكستانية لم تصدر هوية وطنية لرباني، بعد إطلاق سراحه من سجن غوانتانامو، ولذلك لم يتمكن من دخول مستشفى حكومي لتلقي العلاج.

دفن لائق لرباني

قالت عائلته إنها واجهت صعوبة في ترتيب دفن لائق لرباني، بسبب رفض إدارة المقابر دخول موكب الجنازة الذي يحمل جثمانه، في غياب بطاقة هوية له.

في غوانتانامو، قضى رباني 545 يوماً في السجن. وقد ألقت الاستخبارات الباكستانية القبض عليه مع شقيقه، وسلمتهما إلى «سي آي إيه»، عام 2004. قبل أن يقضي نحو 18 شهراً بالسجون الباكستانية.

من جهته، ذكر الرئيس الباكستاني السابق، بيرويز مشرف، في سيرته الذاتية، أن أجهزة الأمن الباكستانية تلقت مبالغ نقدية كبيرة، مقابل تسليم الإرهابيين المشتبه بهم إلى «سي آي إيه». في أعقاب هجمات 11 سبتمبر (أيلول).

وتعرضت الحكومة العسكرية الباكستانية لانتقادات لاذعة، لتسليمها باكستانيين إلى «سي آي إيه»، في إطار ما يُسمى بـ«الحرب ضد الإرهاب».

وعبر السنوات الأولى مما يُسمَّى بـ«الحرب ضد الإرهاب»، ألقت قوات الأمن الباكستانية القبض على العديد من الإرهابيين المعروفين، من مدن مختلفة بأرجاء البلاد، في إطار عمليات مشتركة مع «سي آي إيه».

تحديد الهوية

محمد أحمد رباني (يسار) وشقيقه عبد الرحيم في خليج غوانتانامو قبل الإفراج عنهما (نيويورك تايمز)

وعلى ما يبدو، يمثل رباني وشقيقه حالة من حالات الخطأ في تحديد الهوية، خصوصاً أنه لا يوجد سجل جنائي لهما في باكستان. وأثناء فترة احتجازهما في غوانتانامو، لم توجه «سي آي إيه» أي اتهامات لأي من الأخوين بالتورط في أي جريمة.

وأثار احتجاز الإدارة الأميركية مشتبهاً بهم في قضايا الإرهاب داخل خليج غوانتانامو (منشأة احتجاز عسكرية أميركية أنشئت في كوبا بعد هجمات الـ11 من سبتمبر/ أيلول 2001) دون محاكمات، موجة انتقادات واسعة النطاق.

وانتقدت جماعات حقوق الإنسان الدولية المنشأة لانتهاكها حقوق المعتقلين فيما يخص الإجراءات القانونية الواجبة، مع مزاعم عن استخدام أساليب استجواب متطرفة تصل إلى حد التعذيب، بما في ذلك الإيهام بالغرق وفرض العزلة على المحتجزين لفترات طويلة.

وقال شقيق رباني إنه خلال مرضه، بعد عودته من غوانتانامو، حُرم من العلاج الطبي، بعد أن رفضت حكومة باكستان إصدار بطاقة هوية وطنية له.

وأضاف لوسائل الإعلام المحلية أن «سي آي إيه» أخضعته أثناء الاحتجاز لتعذيب شديد، وقال: «تعرضت ساقاه وذراعاه للكسر. كما أخضعته السلطات في سجن خليج غوانتانامو لحقن أدت إلى مرضه المزمن».

من جهتها، نددت منظمات حقوق الإنسان الباكستانية، على نطاق واسع، بالحكومة العسكرية آنذاك بقيادة الجنرال بيرويز مشرف، لتسليمها مواطنين باكستانيين إلى «سي آي إيه»، مقابل 5000 دولار لكل منهم.

وبعد التعرُّض لانتقادات من منظمات أميركية معنية بحقوق الإنسان، وعد الرئيس جو بايدن، ومن قبله سلفه باراك أوباما، بإغلاق غوانتانامو. ومع ذلك، لم تثمر هذه الوعود شيئاً. ومن المعتقد أن العشرات لا يزالون مسجونين داخل غوانتانامو.


مقالات ذات صلة

انفجار في أكبر مصفاة للنفط في تركيا

شؤون إقليمية انفجار في مصفاة نفط «توبراش» في شمال غربي تركيا (إعلام تركي)

انفجار في أكبر مصفاة للنفط في تركيا

مصفاة «توبراش» أكبر مصفاة للنفط في تركيا، وتقع في ولاية كوجا إيلي شمال غربي البلاد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا شرطي باكستاني يقف عند المدخل الرئيسي لمصنع حيث أصيب مواطنان صينيان بالرصاص في كراتشي بباكستان 5 نوفمبر 2024 (رويترز)

باكستاني يطلق النار على صينيين اثنين يعملان في مصنع للنسيج بكراتشي

قام حارس باكستاني بإطلاق النار على مواطنين صينيين اثنين يعملان في مصنع للنسيج بمدينة كراتشي الساحلية جنوب البلاد

«الشرق الأوسط» (كراتشي )
أوروبا صورة عامة لمحكمة إيل دو لا سيتي في اليوم الأول من محاكمة 8 أشخاص متهمين بالتورط في قطع رأس مدرس التاريخ الفرنسي صامويل باتي بباريس في 4 نوفمبر 2024 (رويترز)

فرنسا تبدأ محاكمة 8 أشخاص في قضية مقتل مدرس بهجوم إرهابي

مثُل والد تلميذة فرنسية أمام القضاء، الاثنين، بتهمة الارتباط بشبكة إرهابية مسؤولة عن قطع رأس مدرِّس بعد اتهامات له بعرض رسوم كاريكاتورية مسيئة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية مصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسة بلدية بطمان جنوب شرقي تركيا (إعلام تركي)

تركيا: احتجاجات واعتقالات بعد عزل رؤساء 3 بلديات موالين للأكراد

شهدت تركيا مصادمات عنيفة بين الشرطة ومحتجين على عزل 3 رؤساء بلديات من حزب موالٍ للأكراد، مع استمرار التوتر على خلفية اعتقال أحد رؤساء البلديات في إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ ريتشارد بينيت المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان (الأمم المتحدة)

الأمم المتحدة تحيل «طالبان» لمحكمة العدل الدولية بسبب التمييز ضد النساء

ألقى ريتشارد بينيت، المقرر الخاص للأمم المتحدة، باللوم على المجتمع الدولي، بسبب الاستجابة غير الموحدة تجاه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في أفغانستان.

عمر فاروق (إسلام آباد )

لاهور تغلق المدارس الابتدائية بسبب مستويات تلوث قياسية

بلغ الضباب الدخاني الملوّث مستويات قياسية في مدينة لاهور الباكستانية (أ.ب)
بلغ الضباب الدخاني الملوّث مستويات قياسية في مدينة لاهور الباكستانية (أ.ب)
TT

لاهور تغلق المدارس الابتدائية بسبب مستويات تلوث قياسية

بلغ الضباب الدخاني الملوّث مستويات قياسية في مدينة لاهور الباكستانية (أ.ب)
بلغ الضباب الدخاني الملوّث مستويات قياسية في مدينة لاهور الباكستانية (أ.ب)

قررت سلطات لاهور، ثانية كبرى مدن باكستان، إغلاق دور الحضانة والمدارس الابتدائية سعياً إلى تجنيب ملايين الأطفال الضباب الدخاني الملوّث الذي بلغ مستويات قياسية.

وخلال مؤتمر صحافي، اليوم (الأحد)، قالت مريم أورنجزيب، الوزيرة في حكومة ولاية البنجاب، إنه «في ظلّ الرياح المتأتية من الهند باتجاه لاهور والمستويات القياسية (من التلوّث)... ستبقى دور الحضانة والمدارس الابتدائية مغلقة لمدّة أسبوع».

واطلعت وكالة الصحافة الفرنسية على قرار للحكومة المحلية ينص على إبقاء «جميع الصفوف للأطفال حتى سن العاشرة»، في «التعليم الحكومي والخاص وللاحتياجات الخاصة... مغلقة لمدة أسبوع»؛ من الاثنين حتى السبت.

وأوضح القرار أنه سيتم إجراء تقييم للوضع مرة أخرى السبت المقبل لتحديد ما إذا كان سيتم تمديد إغلاق المدارس.

وقال المسؤول في وكالة حماية البيئة في لاهور، جهانغير أنور، لوكالة الصحافة الفرنسية: «تُظهر توقعات الطقس للأيام الستة المقبلة أن أنماط الرياح ستظل كما هي. لذلك، نغلق جميع المدارس الابتدائية الحكومية والخاصة في لاهور لمدة أسبوع».

وغالباً ما تتبادل الهند وباكستان، وهما دولتان متجاورتان تربطهما علاقات متوترة، الاتهامات بالتسبب بمستويات قياسية من التلوّث في كل من أراضي البلدين.

وعلى مدى أيام، بقيت مدينة لاهور مغطاة بالضباب الدخاني، وهو مزيج من الضباب والملوثات الناجمة عن انبعاثات الديزل المنخفض النوعية والدخان الناتج من الحرائق الزراعية الموسمية وبرودة الطقس في الشتاء. وقد يتسبّب التعرّض للضباب الدخاني لفترات طويلة في جلطات دماغية نزفية وأمراض قلب وسرطان رئة وأمراض تنفسية، لا سيّما في أوساط الأطفال.

وأكّدت الوزيرة أورنجزيب أن «هذا الضباب الدخاني ضار للغاية بالأطفال. يجب أن تكون الأقنعة إلزامية في المدارس. نراقب صحة الطلاب في الصفوف الدراسية العليا». وكشفت عن إنشاء «أقسام خاصة بالضباب الدخاني في المستشفيات، إذ إن هذه الظاهرة أخطر من كوفيد».

«مستويات غير مسبوقة»

والسبت، تخطّى مستوى الجسيمات الدقيقة من الفئة 2.5 في الهواء في لاهور أربعين مرّة المستوى الذي تصنفه منظمة الصحة العالمية مقبولاً. والأحد، تمّ تخطّي هذا المستوى صباحاً قبل أن تتراجع كثافة الجسيمات الدقيقة بشكل طفيف.

وحظرت السلطات في لاهور سير عربات التوك-توك الملوّثة في وسط المدينة وإقامة مآدب شواء، فضلاً عن العمل في بعض ورش البناء. واعتباراً من الاثنين، يُفترض أن يعمل نصف الموظّفين في القطاعين العام والخاص من منازلهم وتُمنع المدارس من تنظيم أنشطة رياضية في الهواء الطلق حتّى أواخر يناير (كانون الثاني).

والسبت، تخطّى مؤشّر نوعية الهواء 1000 في هذه المدينة التي تضمّ 14 مليون نسمة. وحسب هذا المؤشّر، تعد نوعية الهواء «سيئة» ابتداءً من 180 و«خطرة» اعتباراً من 300. وبلغ المؤشّر «مستويات غير مسبوقة»، الأحد، تخطّت الألف، حسب حكومة البنجاب.

والشتاء الماضي، خُفّضت مدّة الحصص التعليمية في البنجاب بسبب الضباب الدخاني ومُدّدت الإجازات وفُرض وضع الكمّامات. ويكون الضباب الدخاني واضحاً خصوصاً في الشتاء، عندما يحبس الهواء البارد الأكثر كثافة الانبعاثات الناتجة من الوقود ذي النوعية الرديئة والمستخدم لتشغيل مركبات المدينة ومصانعها.

وباتت باكستان، وهي خامس بلدان العالم من حيث عدد السكان، أكثر عرضةً للظواهر المناخية القصوى التي ينسبها العلماء إلى التغيّر المناخي.