استبعد خبراء، في تصريحات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن يؤدي إبرام اتفاقية دفاعية بين موسكو وبيونغ يانغ، واحتمال نشر نحو 10 آلاف جندي كوري شمالي في أوكرانيا، إلى تصعيد عسكري فوري على المستوى العالمي.
لكن تطبيق هذه «الشراكة الاستراتيجية» قد يؤثر على الاستقرار الإقليمي في منطقة آسيا والمحيط الهادي، مع ظهور مواجهة مفتوحة على نحو زائد مع الغرب.
«ديكتاتورية صغيرة»
ووفق الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، سينخرط جنود كوريون شماليون في مقاتلة قواته بداية من الأحد المقبل، ما يُثير مخاوف من «تصعيد» جديد في الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا منذ 32 شهراً.
من جانبها، أكدت كوريا الشمالية أن أي نشر لقواتها في روسيا سيكون «متوافقاً» مع القانون الدولي، من دون أن تؤكد أو تنفي وجود جنودها، وهو ما نددت به الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية في الأيام الأخيرة.
وقال باسكال دايز-بيرغون، المتخصص في شؤون الكوريتين: «لا أرى كيف يمكن أن يؤدي هذا إلى تصعيد الحرب العالمية».
وأوضح أن «كوريا الشمالية ليست سوى ديكتاتورية صغيرة (...) لا تُمثل أي تهديد حقيقي للسلام العالمي» وميزانيتها العسكرية أقل بكثير «من ميزانية كوريا الجنوبية».
وتقول ماري دومولين، من «المركز الأوروبي للعلاقات الخارجية»: إنه في ساحة المعركة، لن يُحدث إرسال جنود كوريين شماليين ذوي خبرة قليلة إلى أراضٍ أجنبية «فارقاً كبيراً من وجهة نظر عملياتية».
وتشير إيزابيل فاكون، نائبة مدير مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية (FRS)، والمتخصصة في سياسات الأمن والدفاع الروسية، إلى أنه «في الوقت الحالي، ليس من الواضح أعداد القوات الكورية الشمالية التي جرى إرسالها إلى روسيا، كما أن مهمتهم ليست واضحة».
وبعيداً عن انخراط بيونغ يانغ في أوكرانيا، يشكك كثير من الخبراء في قيام قوات عسكرية ذات ثقل، مثل الصين وإيران، بخوض «حرب» مباشرة على هذه الجبهة، وهو احتمال يُثير مخاوف من اندلاع تصعيد عالمي.
لكن بالنسبة لدايز-بيرغون فإنه «لا توجد لعبة تحالف بين قوى عظمى، كما كانت الحال قبل الحرب العالمية الأولى». وتابع: «بالنسبة للصين، فإن الأولوية هي تايوان. هي تدعم الحرب في أوكرانيا، لكنها ليست من أولوياتها (...) وبالنسبة لإيران، الأولوية هو الشرق الأوسط».
«بند التضامن»
في المقابل، تقدر دارسي دراودت فيخاريس، الباحثة في مركز «كارنيغي»، أن الخبرة القتالية التي قد تكتسبها بيونغ يانغ في أوكرانيا، وإمكانية «اختبار منظومات أسلحتها المتقدمة» يمكن أن تؤدي إلى «تعديل جذري في التوازن الأمني في شبه الجزيرة الكورية».
وتقول دومولين، إنه بإمكان روسيا تفعيل «بند التضامن» مع كوريا الشمالية، وهو ما يعني أن بيونغ يانغ «يمكن أن تحظى بدعم روسي في حال زيادة التوترات مع كوريا الجنوبية»، غريمتها التاريخية المدعومة من الولايات المتحدة.
ويشير الخبراء إلى أن هذه الشراكة بين موسكو وبيونغ يانغ وسيلة أيضاً لإظهار أن البلدين ليسا معزولين.
ويعتقد أندرو يو، الباحث في معهد «بروكينغز» أن «موسكو مستعدة لمواصلة سياسة الكتل وقبول فكرة حرب باردة جديدة» تتمثل في «جمع دول عدم الانحياز أو المناهضة للإمبريالية» في مواجهة الغرب. وتضيف إيزابيل فاكون أنه «من الممكن إقامة تعاون ثلاثي في مجال التقنيات العسكرية بين روسيا والصين وإيران».
ويبقى موقف الصين، الداعم الأساسي للنظام في كوريا الشمالية، من تقاربها مع روسيا، موضع تساؤل.
وبينما تبدي بكين موقفاً محايداً حالياً، تقول إيزابيل فاكون: «إن الصين راضية عن هذه التطورات، مع فكرة وجود مركز للاتفاقيات الأمنية العسكرية التي يجري إبرامها في آسيا».
من جهته، يقول أندرو يو: «إن بكين يبدو أنها تخشى أن تؤدي تصرفات كوريا الشمالية إلى إضعاف نفوذها» لدى بيونغ يانغ، و«توفير حجة إضافية للولايات المتحدة لتعزيز التحالفات بين حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية».