أول إدانة بموجب قانون الأمن القومي في هونغ كونغ بسبب قميص «مثير للفتنة»

نساء يمررن أمام إعلان ترعاه الحكومة للترويج لقانون الأمن القومي الجديد خلال اجتماع بشأن تشريع الأمن القومي في هونغ كونغ يوم 29 يونيو 2020 (رويترز)
نساء يمررن أمام إعلان ترعاه الحكومة للترويج لقانون الأمن القومي الجديد خلال اجتماع بشأن تشريع الأمن القومي في هونغ كونغ يوم 29 يونيو 2020 (رويترز)
TT

أول إدانة بموجب قانون الأمن القومي في هونغ كونغ بسبب قميص «مثير للفتنة»

نساء يمررن أمام إعلان ترعاه الحكومة للترويج لقانون الأمن القومي الجديد خلال اجتماع بشأن تشريع الأمن القومي في هونغ كونغ يوم 29 يونيو 2020 (رويترز)
نساء يمررن أمام إعلان ترعاه الحكومة للترويج لقانون الأمن القومي الجديد خلال اجتماع بشأن تشريع الأمن القومي في هونغ كونغ يوم 29 يونيو 2020 (رويترز)

أقر رجل من هونغ كونغ اليوم (الاثنين) بالذنب، في تهمة التحريض على الفتنة، لارتدائه قميصاً يحمل شعاراً احتجاجياً، ليصبح أول شخص يُدان بموجب قانون الأمن القومي الجديد في المدينة.

وأقر تشو كاي بونغ (27 عاماً) بالذنب، في تهمة واحدة، وهي: «القيام بعمل بقصد التحريض».

وبدأ تطبيق القانون الجديد في مارس (آذار). وبموجب قانون الأمن الجديد، تم زيادة الحد الأقصى للعقوبة على هذه الجريمة من عامين إلى 7 أعوام في السجن، وقد تصل إلى 10 أعوام إذا ثبتت تهمة «التواطؤ مع قوى أجنبية».

وألقي القبض على تشو في 12 يونيو (حزيران) في محطة لمترو الأنفاق، وهو يرتدي قميصاً يحمل شعار «حرروا هونغ كونغ، ثورة عصرنا» وقناعاً أصفر مطبوعاً عليه اختصار لشعار آخر هو «5 مطالب وليس أقل».

وتردد الهتافان على نحو متكرر في الاحتجاجات الضخمة المؤيدة للديمقراطية، والتي اتسمت بالعنف في بعض الأحيان في عام 2019، وكان يوم 12 يونيو بداية رئيسية للاضطرابات التي استمرت لعدة أشهر.

ووفقاً للمحكمة، قال تشو للشرطة إنه ارتدى القميص لتذكير الناس بالاحتجاجات، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء.

وأرجأ كبير القضاة فيكتور سو الذي اختاره زعيم المدينة جون لي لنظر قضايا الأمن القومي، القضية، إلى يوم الخميس، للنطق بالحكم.

وأعيدت هونغ كونغ من بريطانيا إلى الصين في عام 1997، بموجب وعد من بكين بضمان حرياتها، بما في ذلك حرية التعبير، وحمايتها بموجب صيغة «دولة واحدة ونظامان». وفرضت بكين قانوناً للأمن القومي في عام 2020، يعاقب على الميول الانفصالية أو التخريب أو الإرهاب أو التواطؤ مع قوى أجنبية، بالسجن لمدة تصل إلى مدى الحياة، بعد الاحتجاجات التي استمرت شهوراً في المدينة.

وفي مارس 2024، أقرت هونغ كونغ قانوناً أمنياً ثانياً جديداً.

وعبَّر المنتقدون -بما في ذلك الحكومة الأميركية- عن مخاوفهم بشأن قانون الأمن الجديد، وقالوا إن الأحكام الغامضة المتعلقة «بالفتنة» يمكن استخدامها لكبح المعارضة.

وقال مسؤولون من هونغ كونغ والصين إنه من الضروري سد «الثغرات» في نظام الأمن القومي.


مقالات ذات صلة

الصين تفرج عن قس أميركي مسجون منذ نحو عقدين

الولايات المتحدة​ أشخاص يمرون من أمام محكمة في بكين (أرشيفية - رويترز)

الصين تفرج عن قس أميركي مسجون منذ نحو عقدين

أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، الأحد، أن الصين أفرجت عن قس أميركي كانت قد اعتقلته عام 2006 بتهم احتيال تعتبرها الولايات المتحدة زائفة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد أبراج ضخمة لمقرات شركات في العاصمة الصينية بكين (رويترز)

الصين تعتزم طرح سياسات جديدة للشركات المملوكة للدولة

من المقرر أن تصدر الصين سياسات جديدة بشأن الشركات المملوكة للدولة التي تقوم ببيع أصولها في المؤسسات المالية وفق ما نقلته صحيفة «إيكونوميك أوبزرفر» الصينية

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد عمال على خط إنتاج تصنيع بطاريات في أحد المصانع الصينية (رويترز)

تباطؤ نمو إنتاج المصانع ومبيعات التجزئة بالصين يعزز الحاجة لتحفيز أقوى

تباطأ نمو الإنتاج الصناعي الصيني في أغسطس إلى أقل وتيرة في 5 أشهر، كما واصلت مبيعات التجزئة وأسعار المنازل الجديدة تراجعها، مما عزز من الحاجة إلى تحفيز اقتصادي.

«الشرق الأوسط» (بكين)
آسيا الفرقاطة الألمانية «بادن-فورتمبرغ» (د.ب.أ)

الصين: مرور سفن للبحرية الألمانية عبر مضيق تايوان «يزيد المخاطر الأمنية»

اتهمت الصين اليوم (السبت) برلين بتصعيد المخاطر الأمنية في مضيق تايوان غداة إبحار سفينتين تابعتين للبحرية الألمانية عبر الممر المائي الحساس.

«الشرق الأوسط» (بكين)
آسيا سفينة الإمداد الألمانية «فرنكفورت آم ماين» تغادر ميناءها الرئيسي في فيلهيلمسهافن بشمال غرب ألمانيا (أ.ف.ب)

بيانات تُظهر إبحار فرقاطة ألمانية في مضيق تايوان

دخلت الفرقاطة الألمانية «بادن-فورتمبرغ» المضيق بين الصين وتايوان.

«الشرق الأوسط» (برلين- تايبيه)

أرمينيا... الحلقة الأضعف على مسرح القوقاز المضطرب

حاجز للشرطة في مواجهة متظاهرين أمام مقر الحكومة في يريفان في 26 مايو 2024 (أ.ب)
حاجز للشرطة في مواجهة متظاهرين أمام مقر الحكومة في يريفان في 26 مايو 2024 (أ.ب)
TT

أرمينيا... الحلقة الأضعف على مسرح القوقاز المضطرب

حاجز للشرطة في مواجهة متظاهرين أمام مقر الحكومة في يريفان في 26 مايو 2024 (أ.ب)
حاجز للشرطة في مواجهة متظاهرين أمام مقر الحكومة في يريفان في 26 مايو 2024 (أ.ب)

مَن يعتقد بأن الشرق الأوسط هو الرُّقعة الأكثر تعقيداً على المسرح الدولي، عليه أن يُلقي نظرةً على منطقة القوقاز وما تختزنه من الصراعات العرقية والجغرافية والدينية التي كانت لسنوات قليلة خلت نائمةً تحت عباءة الاتحاد السوفياتي، والتي تنذر التحولات الجيوسياسية الأخيرة بتفجيرها على امتداد آسيا الوسطى ومحيطها.

الحلقة الأضعف حالياً في هذه المنطقة التي تتضارب فيها مصالح القوى الإقليمية وتتشابك تحت العيون الساهرة للدول الكبرى هي أرمينيا، خصوصاً بعد أن سحبت عنها موسكو غطاء الحماية التاريخي، معاقبة لها على ارتمائها في أحضان الغرب، وتركتها لقمةً سائغةً في فم جارتها اللدود، أذربيجان، التي تتنافس القوى الإقليمية والدولية على خطب ودّها طمعاً في ثرواتها النفطية والمعدنية.

بعد الهزيمة العسكرية التي أنزلتها أذربيجان بجارتها، واستعادة سيطرتها كاملة على إقليم ناغورنو كاراباخ، وطردها ما يزيد على 100 ألف من سكانها الأرمن، كثّفت أرمينيا جهودها لتنويع تحالفاتها، والحد من اعتمادها الاقتصادي والعسكري على روسيا التي تبدو مستعدة للتضحية بها ضمن مساعيها لاجتذاب أذربيجان إلى محورها، وإبعادها عن المحور الغربي.

دائرة النفوذ الروسية

صورة لإطلاق سراح جنود أرمينيين بعد إبرام صفقة تبادل بين باكو ويريفان في 13 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

في مارس (آذار) الماضي، طلب مجلس الأمن الأرمني من موسكو سحب قواتها التابعة لجهاز الأمن الفيدرالي من مطار يريفان، الذي كانت تتمركز فيه منذ 3 عقود. وجاء هذا الطلب بعد سلسلة من التدابير التي اتخذتها الحكومة الأرمنية في الأشهر الأخيرة وأثارت غضب موسكو، مثل المصادقة على دستور روما الذي يعترف باختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي يُلزم أرمينيا بإلقاء القبض على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حال قام بزيارة الأراضي الأرمينية، أو تجميد مشاركتها في منظمة «معاهدة الأمن الجماعي»، التي تُعرف باسم «الناتو الروسي».

كل هذه الخطوات تندرج في سياق السعي إلى الخروج من دائرة النفوذ الروسية، لكنها تنطوي على قدر كبير من المجازفة لعدم وجود تحالفات بديلة يمكن لأرمينيا أن تعتمد عليها في القريب المنظور.

عندما وصل رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان إلى السلطة عام 2018 على أكتاف انتفاضة شعبية واسعة ضد النظام الفاسد الذي كان يحكم البلاد منذ عقود، حرص على عدم إغضاب موسكو، وطلب من أنصاره عدم رفع الرايات الأوروبية والأميركية في الساحات العامة، كما حصل في الانتفاضات الأخرى التي شهدتها جمهوريات سابقة في الاتحاد السوفياتي بعد نيلها الاستقلال.

وقام باشينيان بزيارات عديدة إلى موسكو، وكان يتحادث هاتفياً باستمرار مع بوتين. لكن بعد امتناع روسيا عن التدخل في المواجهة العسكرية الأخيرة مع أذربيجان، عدّت الحكومة الأرمنية أن شريكتها في منظمة «معاهدة الأمن الجماعي»، التي لا تنتمي إليها أذربيجان، قد تخلّت عنها، ولم تُحرّك ساكناً لمنع التطهير العرقي في ناغورنو كاراباخ.

التقارب مع الاتحاد الأوروبي

متظاهر ضد حكومة باشينيان يهتف من داخل حافلة للشرطة بعد اعتقاله في يريفان في 27 مايو 2024 (رويترز)

في موازاة ذلك، كثّفت أرمينيا اتصالاتها مع الاتحاد الأوروبي الذي وقّعت معه اتفاقات عدة للتعاون، وقبلت بنشر بعثة مراقبة أوروبية على الحدود مع أذربيجان اعترضت عليها موسكو وباكو، في حين يُردّد كبار المسؤولين الأرمن منذ أشهر أن الحكومة تدرس إمكانية تقديم طلب انضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

وكان البرلمان الأوروبي الجديد، الذي بدأت ولايته مطلع هذا الصيف، قد وافق بأغلبية ساحقة على قرار يدعو الاتحاد إلى توطيد علاقاته مع أرمينيا، تمهيداً لبدء مفاوضات انضمامها إلى «النادي الأوروبي».

على الصّعيد العسكري، وقّعت أرمينيا أخيراً اتفاقاً لشراء أسلحة من فرنسا والهند، وأبرمت اتفاقاً للتعاون والتدريب العسكري مع اليونان، في حين تراجعت مشترياتها العسكرية من روسيا من 96 في المائة إلى 9 في المائة. ولم تتردّد موسكو في الإعراب عن استيائها من هذا التوجه، إذ صرّح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بأن بلاده ستعيد النظر في مستقبل علاقاتها مع أرمينيا إذا واصلت جنوحها نحو الغرب، مُحذّراً من أن ذلك «يتسبب بضرر لا يعوّض، ويشكّل خطراً على سيادة أرمينيا».

ويخشى مراقبون دبلوماسيون في العاصمة الأرمينية أن «غضب موسكو» يمكن أن يؤدّي إلى مقاطعة اقتصادية تُلحق ضرراً كبيراً بمصالح أرمينيا، أو حتى إلى إعطاء ضوء أخضر لهجوم أذربيجاني جديد، يُشكّل هاجساً دائماً في المجتمع الأرمني، خصوصاً بعد التقارب الأخير الذي شهدته العلاقات بين موسكو وباكو، وتكرّس في الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس فلاديمير بوتين إلى أذربيجان.

مغامرة استراتيجية

مظاهرة ضد رئيس الوزراء نيكول باشينيان في يريفان في 24 سبتمبر 2023 (أ.ب)

ويقول أوليغ إيغناتوف، أستاذ العلوم السياسية في جامعة يريفان، إن هذه السياسة التي تنتهجها الحكومة الأرمنية، ربما تحت وطأة فقدانها نهائياً السيطرة على إقليم ناغورنو كاراباخ واشتداد ضغط المعارضة، محفوفة بمخاطر كثيرة، لا سيما أن أرمينيا لم توقّع بعد اتفاقية سلام مع أذربيجان، وما زالت علاقاتها مضطربة مع تركيا والحدود معها مقفلة، وتريد الابتعاد عن روسيا قبل ضمان حليف بديل يمكن أن يُؤمّن لها الحماية.

ويستبعد إيغناتوف أن يقدّم الأوروبيون أي دعم عسكري لأرمينيا، خصوصاً في الظروف الراهنة مع استمرار الحرب في أوكرانيا، وبعد أن أصبحت أذربيجان مصدراً رئيسياً للطاقة إلى الاتحاد الأوروبي. ويرى أن مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي لا زالت مُجرّد سراب في الوقت الحاضر، وأن بروكسل ليس في وارد فتحها، حتى كخطوةٍ رمزيةٍ ودعم سياسي كما فعلت مع أوكرانيا وجورجيا ومولدوفيا.

ويضيف: «مهما بدا الأمر غريباً، الجهة الوحيدة التي يمكن أن تمُدّ يد المساعدة العسكرية لأرمينيا في حال تعرضت لعدوان من أذربيجان، هي إيران. لكن حتى ذلك يبدو مستبعَداً في الوقت الراهن؛ بسبب العلاقات الوثيقة التي أقامتها أرمينيا مع الغرب أخيراً». يُضاف إلى ذلك، أن جميع القوى الإقليمية الوازنة، من روسيا إلى تركيا وأذربيجان وإيران، تُعارض استدعاء قوى خارجية لتعزيز وجودها في المنطقة.

لكن اعتماد أرمينيا على روسيا لا يقتصر على الجانب العسكري، إذ بلغت المبادلات التجارية بين البلدين رقماً قياسياً العام الماضي. كما أن عشرات الآلاف من الروس الذين هربوا من التعبئة العسكرية الإلزامية التي فرضها بوتين لمواجهة احتياجات الحرب في أوكرانيا، استقروا في يريفان التي أصبحت أيضاً منصّة رئيسية للالتفاف على العقوبات الغربية عن طريق إعادة تصدير المواد الخاضعة للعقوبات من أرمينيا إلى روسيا. لذلك، من المستبعد أن تلجأ موسكو إلى الانتقام من أرمينيا، لأن ذلك سيضرّ مباشرة بمصالحها.