باكستان: صدمة بعد قتل انفصاليين بلوش 51 من أبناء البنجاب

حدّدوا هويات العمال من بطاقاتهم الوطنية وقتلوهم

سيارة محترقة بعد أن نفَّذ مسلحون انفصاليون هجمات مميتة في إقليم بلوشستان الاثنين (تلفزيون رويترز)
سيارة محترقة بعد أن نفَّذ مسلحون انفصاليون هجمات مميتة في إقليم بلوشستان الاثنين (تلفزيون رويترز)
TT

باكستان: صدمة بعد قتل انفصاليين بلوش 51 من أبناء البنجاب

سيارة محترقة بعد أن نفَّذ مسلحون انفصاليون هجمات مميتة في إقليم بلوشستان الاثنين (تلفزيون رويترز)
سيارة محترقة بعد أن نفَّذ مسلحون انفصاليون هجمات مميتة في إقليم بلوشستان الاثنين (تلفزيون رويترز)

تعمّ مشاعر الصدمة مختلف أرجاء باكستان جراء مقتل 51 عاملاً من عرق البنجاب داخل إقليم بلوشستان، على أيدي جماعة انفصالية مسلحة من البلوش. في أثناء الهجوم، أوقف مقاتلون بلوش حافلة كانت متجهة من إقليم البنجاب الباكستاني إلى منطقة نائية من بلوشستان وقتلوا العمال، مساء الأحد. وطلب الانفصاليون البلوش من ركاب الحافلة النزول في منطقة موسى خيل في بلوشستان، وحدّدوا هويات العمال بصفتهم بنجابيين من بطاقات هويتهم الوطنية وقتلوهم.

مركبات محترقة بعد أن نفَّذ مسلحون انفصاليون هجمات مميتة في إقليم بلوشستان الاثنين (تلفزيون رويترز)

حركة التمرد البلوشي

يذكر أن حركة التمرد البلوشية، بقيادة جماعات انفصالية، تمارس أعمال قتل عرقية منذ عام 2006، عندما قتلت قوات الأمن الباكستانية أحد زعمائها القبليين. وفي مناسبات عدة سابقة، قتل الانفصاليون البلوش مستوطنين وزواراً وعمالاً بنجابيين كانوا يزورون بلوشستان.

من جهته، أعلن «جيش تحرير البلوش»؛ الجماعة الانفصالية المسلحة الأكثر نشاطاً، مسؤوليته عن الهجوم، في بيان أرسله، عبر البريد الإلكتروني، إلى مؤسسات إخبارية رائدة في مختلف أرجاء باكستان.

واليوم، تقود الحركةَ الانفصاليةَ في بلوشستان الطبقةُ المتوسطة الناشئة من الأطباء والمهندسين والمعلمين من أبناء المجتمع البلوشي، بينما في البداية قادها زعماء قبليون من البلوش.

وزير الداخلية: دماء الضحايا لن تذهب سدى

وفي بيان له، أدان وزير الداخلية الباكستاني، محسن نقفي، «حادث القتل المروع»، متعهداً بأن «دماء الضحايا لن تذهب سدى».

وقال مسؤول في الشرطة المحلية إن المسلحين أغلقوا طريق البنجاب - بلوشستان السريعة في منطقة موسى خيل، مساء الأحد، «حيث أوقفوا الحافلة المشؤومة، وطلبوا من الركاب النزول منها وحدّدوا هويتهم على أنهم بنجابيون، وقتلوهم على الفور».

وقالت الشرطة إن شاهد عيان قدّر عدد المسلحين المتورطين في القتل بنحو 40 شخصاً.

يذكر أن الانفصاليين البلوش سبق لهم قتل عمال بنجابيين... مثلاً، في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، قتل الانفصاليون البلوش عمالاً من البنجاب في منطقة توربات. ووفقاً للشرطة، كانت عمليات القتل مستهدفة.

أشخاص ينظرون إلى مركبات أحرقها مسلحون بعد مقتل ركاب على طريق سريعة في موساخيل وهي منطقة في إقليم بلوشستان في جنوب غربي باكستان (أ.ب)

الملاحظ أن جميع الضحايا ينتمون إلى مناطق مختلفة في جنوب البنجاب؛ ما يوحي بأن الاختيار وقع عليهم لخلفيتهم العرقية. عام 2019، أوقف مسلحون حافلة بالقرب من أورمارا، قرب منطقة جوادر، وأطلقوا النار على 14 شخصاً، بينهم أفراد من القوات البحرية والقوات الجوية وخفر السواحل، بعد التحقق من بطاقات الهوية الوطنية الخاصة بهم.

محاربو القبائل البلوشية (وسائل الإعلام الباكستانية)

تجدر الإشارة إلى أن شرارة حركة التمرد في بلوشستان انطلقت سبعينات القرن الماضي، في عهد رئيس الوزراء آنذاك ذو الفقار علي بوتو، لكنها توقفت بعد أن أقدم الدكتاتور العسكري ضياء الحق على شنق ذو الفقار علي بوتو، بعد صدور حكم بإدانته من المحكمة العليا، في قضية تتعلق بقتل خصم سياسي.

وبدأت المرحلة الثانية من التمرد عام 2006، عندما كان الجنرال برفيز مشرّف يحكم باكستان. في ذلك الوقت، قتلت قوات الأمن الباكستانية زعيماً قبلياً شهيراً، أكبر بوجتي؛ ما أشعل أعمال تمرد واسعة النطاق.

(الانفصاليون البلوش في مخابئهم (وسائل الإعلام الباكستانية

ونظراً لانتماء أفراد قوات الأمن الباكستانية، في الغالب، إلى عرق البنجاب، فإن كراهية البلوش تجاههم غالباً ما تنصبّ على العمال البنجابيين العزل والأبرياء الذين يذهبون إلى بلوشستان للمشاركة في جهود التنمية الكبيرة التي بدأتها باكستان في السنوات الأخيرة.

ويرى خبراء عسكريون أن استيلاء جماعة «طالبان» على السلطة في كابل، بثّ حياة جديدة في أوصال حركة التمرد البلوشي، الذي سحقته قوات الأمن الباكستانية في وقت سابق. والآن، طوَّر الانفصاليون البلوشيون، الذين هم في الأساس علمانيون من الناحية الآيديولوجية، علاقات مع جماعة «طالبان» الباكستانية ذات التوجه الديني.

الانفصاليون البلوش في مخابئهم (وسائل الإعلام الباكستانية)

وظهرت إحدى علامات هذا التقارب، عندما نفذ الانفصاليون البلوش هجمات انتحارية عدة بعد اتصالهم بحركة «طالبان» الباكستانية. جدير بالذكر أنه على امتداد أكثر عن 40 عاماً من التمرد، لم ينفذ الانفصاليون البلوش قط أي هجمات انتحارية حتى عام 2022.

في سياق متصل، أفاد بيان صحافي بأن رئيس الوزراء شهباز شريف، وجّه الإدارة المحلية بالتعاون الكامل مع أسر الضحايا، وتقديم المساعدة الطبية للمصابين. كما وجّه وكالات إنفاذ القانون للتحقيق الفوري في الحادث. وتعهد رئيس الوزراء معاقبة الإرهابيين المسؤولين عن الحادث بشدة، مشدداً على أن أي صورة من صور الإرهاب غير مقبولة في البلاد.


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)
صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)
TT

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)
صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية «وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة. وأوضح الناطق عبد المتين قاني: «أطلق رجل النار على أتباع من المذهب الصوفي كانوا يشاركون في طقوس أسبوعية في مزار يقع بمنطقة نائية في إقليم ناهرين، ما أسفر عن سقوط 10 قتلى». وقال أحد المقيمين في ناهرين، الذي يعرف بعض ضحايا الهجوم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن المصلين تجمعوا في مزار السيد باشا آغا، مساء الخميس. وأوضح طالباً عدم الكشف عن هويته أنهم كانوا بدأوا أناشيد صوفية «عندما أطلق رجل النار على نحو 10 مصلين». وأضاف: «عندما وصل أفراد للصلاة صباحاً اكتشفوا الجثث».

وغالباً ما تستهدف هجمات أتباع المذهب الصوفي خلال إقامتهم طقوساً وتجمعات في أفغانستان. في أبريل (نيسان) 2022، قُتل 33 شخصاً بينهم أطفال في انفجار استهدف مسجداً صوفياً خلال صلاة الجمعة في ولاية قندوز. وتراجع عدد التفجيرات مذ عادت حركة طالبان إلى السلطة في أغسطس (آب) 2021، إلا أن جماعات متطرفة وتنظيم «داعش - ولاية خراسان» لا تزال تشن هجمات واعتداءات من وقت لآخر، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية». في سبتمبر (أيلول)، أعلن «داعش - ولاية خراسان» مسؤوليته عن هجوم في وسط أفغانستان أوقع 14 قتيلاً تجمعوا لاستقبال زوار عائدين من مدينة كربلاء في العراق.