الشيخة حسينة تفر من بنغلاديش تحت ضغط الاحتجاجات

الجيش يعتزم تشكيل حكومة انتقالية ويدعو إلى الهدوء

TT

الشيخة حسينة تفر من بنغلاديش تحت ضغط الاحتجاجات

حشود تحتفل في العاصمة البنغلاديشية بعد استقالة رئيسة الوزراء وفرارها إلى الخارج الاثنين (أ.ف.ب)
حشود تحتفل في العاصمة البنغلاديشية بعد استقالة رئيسة الوزراء وفرارها إلى الخارج الاثنين (أ.ف.ب)

​فرّت رئيسة الوزراء الشيخة حسينة من بنغلاديش، الاثنين، لينتهي حكمها الذي استمر 15 عاماً، بعد أكثر من شهر على تظاهرات أوقعت مئات القتلى، بينما أعلن الجيش أنه يعمل على تشكيل حكومة انتقالية.

وسعت حسينة منذ أوائل يوليو (تموز) لإخماد تظاهرات واسعة منددة بحكومتها؛ لكنها فرَّت غداة يوم سجل أكبر عدد من الضحايا، مع مقتل نحو 100 شخص.

وأعلن قائد الجيش الجنرال وقر الزمان، في خطاب على التلفزيون الحكومي، أن حسينة تنحت وقدمت استقالتها، مؤكداً أن الجيش سيشكل حكومة انتقالية. وقال إن «البلد عانى كثيراً، والاقتصاد تضرر، وقُتل عدد كبير من الناس، وحان الوقت لوقف العنف... آمل بعد خطابي أن يتحسن الوضع».

وفرَّت حسينة (76 عاماً) من بنغلاديش على متن مروحية، بعد وقت قصير من اقتحام متظاهرين مقرها في دكا.

 

طائرة الهليكوبتر التي يعتقد أنها أقلت الشيخة حسينة إلى الخارج بعد استقالتها الاثنين (رويترز)

 

ونقلت قناة «سي إن إن نيوز 18» عن مصادر استخباراتية قولها إن الشيخة حسينة وصلت إلى مدينة أجراتالا، في شمال شرقي الهند، الاثنين، بعد فرارها من دكا.

ولوّح محتجون مبتهجون بالأعلام، ورقص بعضهم على ظهر دبابة في الشارع، صباح الاثنين، قبل أن يقتحم مئات بوابات المقر الرسمي لرئيسة الحكومة. وعرضت قناة «بنغلاديش 24» مشاهد لحشود يقتحمون المقر وهم يلوحون للكاميرا ابتهاجاً. وحطّم آخرون تمثالاً لوالدها الشيخ مجيب الرحمن، زعيم الاستقلال.

 

محتجون بنغلاديشيون يحتفلون قرب جامعة دكا بعد تنحي الشيخة حسينة وفرارها إلى الخارج الاثنين (أ.ف.ب)

«فراغ سياسي»

 

وحذر مايكل كوغلمان، مدير معهد جنوب آسيا في مركز ويلسون بواشنطن، من أن رحيل حسينة «سيترك فراغاً كبيراً». وقال: «إذا كان الانتقال سلمياً، مع تشكيل حكومة مؤقتة تتولى السلطة حتى إجراء الانتخابات، فإن مخاطر عدم الاستقرار ستكون متواضعة، والعواقب ستكون محدودة... لكن إذا كان هناك انتقال عنيف أو فترة من عدم اليقين، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من زعزعة الاستقرار والمشكلات في الداخل والخارج».

وقبل مغادرتها المقر، دعا نجل حسينة قوات الأمن إلى منع أي انقلاب على حكمها. وقال سجيب واجد جوي، المقيم في الولايات المتحدة، في منشور على «فيسبوك»: «واجبكم هو الحفاظ على سلامة شعبنا وبلدنا، والحفاظ على الدستور». وأضاف: «هذا يعني عدم السماح لأي حكومة غير منتخبة بالوصول إلى السلطة لدقيقة واحدة، هذا واجبكم».

 

قوات الجيش تحرس بعض الشوارع في دكا الاثنين (أ.ب)

 

ودعمت قوات الأمن حكومة حسينة خلال فترة الاضطرابات التي بدأت الشهر الماضي احتجاجاً على تخصيص أكثر من نصف الوظائف الحكومية لشرائح معينة، قبل أن تتصاعد الدعوات المطالبة باستقالتها. وقُتل 94 شخصاً على الأقل، الأحد، بينهم 14 شرطياً، في أكثر الأيام دموية خلال الاحتجاجات.

واندلعت مواجهات بين آلاف المتظاهرين المناهضين للحكومة وأنصارها، استخدموا فيها العصي والسكاكين، بينما أطلقت قوات الأمن النار. وارتفعت بذلك الحصيلة الإجمالية للمواجهات منذ بدء التظاهرات في مطلع يوليو إلى 300 قتيل على الأقل، وفق تعداد صحافي استناداً لتقارير الشرطة ومسؤولين حكوميين وأطباء في مستشفيات.

الشيخة حسينة تتحدث إلى الصحافة ومراقبي الانتخابات غداة فوزها في انتخابات 8 يناير 2024 (أرشيفية- أ.ف.ب)

التظاهرة النهائية

يذكر أن الجيش أعلن حالة طوارئ في يناير 2007، عقب اضطرابات سياسية واسعة، وشكَّل حكومة تصريف أعمال مدعومة من الجيش لعامين. ثم حكمت حسينة بنغلاديش منذ 2009، وفازت بولاية رابعة في انتخابات يناير التي لم تشهد منافسة حقيقية.

وتتهم منظمات حقوق الإنسان حكومتها بإساءة استخدام مؤسسات الدولة لترسيخ إمساكها بالسلطة والقضاء على المعارضة، بما في ذلك عبر القتل خارج نطاق القضاء.

وبدأت التظاهرات إثر إعادة العمل بنظام حصص خصص أكثر من نصف الوظائف الحكومية لفئات معينة من المواطنين.

وتصاعدت التظاهرات رغم إلغاء المحكمة العليا قرار تفعيل النظام.

وكان عناصر من الجيش والشرطة على متن آليات مدرعة في دكا، قد قطعوا الطرق المؤدية إلى مقر حسينة بالأسلاك الشائكة، صباح الاثنين. لكن حشود المتظاهرين نزلت إلى الشارع وأزالت الحواجز. وقدّرت صحيفة «بيزنس ستاندرد» أن 400 ألف متظاهر نزلوا إلى الشوارع؛ لكن لم يتسنَّ التأكد من العدد.

وقال آصف محمود، أحد قادة الاحتجاج الرئيسيين في حملة العصيان المدني على مستوى البلاد: «حان الوقت للتظاهرة النهائية».

وخلافاً للشهر الماضي، لم يتدخل رجال الشرطة والجيش في أوقات كثيرة، الأحد، لقمع الاحتجاجات، واكتفوا بالمراقبة.

وفي توبيخ بالغ الدلالة للشيخة حسينة، طالب قائد سابق للجيش يحظى باحترام البنغلاديشيين، الحكومة، بسحب قواتها من الشوارع والسماح بالتظاهرات. وقال إقبال كريم بويان لصحافيين، الأحد: «هؤلاء المسؤولون عن دفع شعب هذا البلد إلى حالة من البؤس الشديد يجب تقديمهم إلى العدالة». وجذبت الحركة الاحتجاجية أشخاصاً من كل أطياف المجتمع البنغلاديشي، بينهم نجوم سينما وموسيقيون ومغنُّون.



باكستان: مقتل 4 من أفراد الأمن على يد متظاهرين مؤيدين لعمران خان

TT

باكستان: مقتل 4 من أفراد الأمن على يد متظاهرين مؤيدين لعمران خان

مناوشات بين رجال الشرطة الباكستانية وأنصار عمران خان في إسلام آباد (أ.ف.ب)
مناوشات بين رجال الشرطة الباكستانية وأنصار عمران خان في إسلام آباد (أ.ف.ب)

أفادت الحكومة الباكستانية بأن متظاهرين مؤيدين لرئيس الوزراء السابق عمران خان، قتلوا 4 من أفراد القوى الأمنية اليوم (الثلاثاء)، خلال مظاهرات في العاصمة إسلام آباد.

وقال وزير الداخلية محسن نقوي في بيان، إن العناصر الأربعة في قوة رينجزر الرديفة «قتلوا في هجوم» شنه متظاهرون في وسط إسلام آباد، بينما قال رئيس الوزراء شهباز شريف، إن «سيارة صدمتهم خلال هجوم» شنه «متظاهرون»، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ودارت مواجهات في إسلام آباد، اليوم، بين آلاف المتظاهرين المؤيدين لرئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان، وقوات الأمن التي استخدمت القوة لتفريقهم بعدما اخترقوا حواجزها ودخلوا العاصمة في الصباح الباكر، للمطالبة بإطلاق سراح زعيمهم، بحسب ما أفاد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية».

وشاهد المراسلون المتظاهرين من جهة، وعناصر الشرطة والقوات شبه العسكرية من جهة أخرى، وهم يتبادلون قنابل الغاز المسيل للدموع، في حين أطلقت الشرطة باتجاه المتظاهرين الرصاص المطاطي، بينما انقطعت خدمة الإنترنت عن مناطق عدة.

وهاجم متظاهرون مسلّحون بهراوات ومقلاعات عناصر الشرطة في غرب إسلام آباد، على بُعد أقلّ من 10 كيلومترات من الموقع الذي يريدون الوصول إليه، وهو مجمّع مبانٍ حكومية يريدون احتلاله.

أنصار عمران خان خلال مناوشات مع رجال الشرطة الباكستانية في إسلام آباد (أ.ف.ب)

وأفادت السلطات بمقتل شرطي وإصابة 9 آخرين بجروح خطرة، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل.

وكان آلاف من مناصري خان شاركوا، فجر الثلاثاء، في مسيرات إلى مداخل إسلام آباد، حيث نشرت السلطات منذ الأحد، أكثر من 20 ألفاً من أفراد قوات الأمن لمنعهم من دخول العاصمة.

وفي مطلع الأسبوع، فعّلت السلطات في إسلام آباد لمدة شهرين «المادة 144» التي تحظر أيّ تجمّع يزيد عدد المشاركين فيه على 4 أشخاص.

ولبّى المتظاهرون دعوة أطلقت، الأحد، وانطلقوا من الإقليمين المتاخمين للعاصمة: البنجاب في الشرق وخيبر بختونخوا، معقل حركة إنصاف، حزب خان المعارض، في الغرب.

رجال الشرطة الباكستانية يطلقون قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق أنصار عمران خان (أ.ف.ب)

واستغرق المتظاهرون أكثر من 48 ساعة للوصول إلى مداخل إسلام آباد، العاصمة الإدارية لخامس أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، وحيث مقار كل المؤسسات السياسية والسجن الذي يقبع فيه خان البالغ 72 عاماً.

وكان محسن نقوي وزير الداخلية زار، ليل الاثنين - الثلاثاء، دي - تشوك، الموقع الذي يريد مناصرو بطل الكريكيت السابق الوصول إليه بقصد احتلاله، وقال: «سيتم اعتقال أولئك الذين يأتون إلى هنا».

ومنذ أن صوت البرلمان على إقصاء خان عن السلطة في عام 2022، يواجه عدداً من التهم بينها الفساد والتحريض على العنف. لكن خان وحزبه ينفيان كل الاتهامات.