الفلبين وألمانيا تتعهدان بإبرام اتفاق دفاعي واسع النطاق

وسط احتدام التوتر بين مانيلا وبكين في بحر الصين الجنوبي

وزيرا الدفاع الألماني والفلبيني في ختام مؤتمرهما الصحافي بمانيلا الأحد (أ.ف.ب)
وزيرا الدفاع الألماني والفلبيني في ختام مؤتمرهما الصحافي بمانيلا الأحد (أ.ف.ب)
TT

الفلبين وألمانيا تتعهدان بإبرام اتفاق دفاعي واسع النطاق

وزيرا الدفاع الألماني والفلبيني في ختام مؤتمرهما الصحافي بمانيلا الأحد (أ.ف.ب)
وزيرا الدفاع الألماني والفلبيني في ختام مؤتمرهما الصحافي بمانيلا الأحد (أ.ف.ب)

تعهدت الفلبين وألمانيا، الأحد، بإبرام اتفاق تعاون دفاعي العام الحالي، لتقديم نموذج يحتذى به للنظام الدولي القائم على القواعد في منطقة المحيطين الهندي والهادي.

وقال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس مع نظيره الفلبيني جيلبرتو تيودورو، إنهما ملتزمان بإقامة علاقات طويلة الأمد بين القوات المسلحة للبلدين، لتوسيع نطاق التدريب والتبادلات الثنائية وبحث فرص توسيع التعاون الثنائي بمجال التسلح والعمل في مشروعات مشتركة.

واجتمع الوزيران في مانيلا خلال زيارة هي الأولى لوزير دفاع ألماني إلى العاصمة الفلبينية، وذلك بمناسبة الذكرى 70 لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

وقال تيودورو إن الفلبين، التي تسعى إلى تحديث جيشها لتعزيز الدفاع الخارجي، سوف تتطلع إلى إشراك ألمانيا كمورّد محتمل لهذه القدرات». وأضاف في مؤتمر صحافي مشترك مع بيستوريوس، أن «هذه القدرات تتعلق بالقيادة والسيطرة ومنع الوصول الجوي، وذلك بالمجالين البحري والجوي والمعدات عالية القدرات التكنولوجية».

بحر الصين الجنوبي

وتعمل مانيلا وبرلين على تعزيز العلاقات العسكرية وسط احتدام التوتر في الأشهر القليلة الماضية بين الصين والفلبين، اللتين تبادلتا الاتهامات بشأن مناوشات في مناطق متنازع عليها ببحر الصين الجنوبي، بما في ذلك اتهامات بأن الصين تعمدت حادث الاصطدام بزوارق للبحرية الفلبينية، مما أدى إلى إصابة بحار فلبيني بجروح خطيرة.

وتقول الصين إنها صاحبة السيادة على معظم بحر الصين الجنوبي، بما في ذلك مناطق تقول فيتنام والفلبين وماليزيا وبروناي وإندونيسيا، إنها ضمن المناطق الاقتصادية الخالصة لها. وفي عام 2016، قالت محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي، إن مزاعم بكين ليس لها أساس قانوني. ورفضت الصين هذا الحكم.

وقال وزير الدفاع الألماني إن «هذا الحكم لا يزال سارياً، دون أي استثناءات... من واجبنا تعزيز الحدود البحرية ونحن ملتزمون بهذا».

وبحر الصين الجنوبي من الممرات التجارية الحيوية، حيث تمر عبره تجارة بحرية تزيد قيمتها على 3 تريليونات دولار سنوياً. وقال وزير الدفاع الفلبيني إن بلاده لا تستفز الصين ولا تسعى إلى الحرب، لكنه أكد مجدداً موقف مانيلا بأن السبب الوحيد للصراع في الممر المائي «هو المحاولة غير القانونية أحادية الجانب من الصين للاستيلاء على معظم بحر الصين الجنوبي، إن لم يكن كله».

موقف بكين

وعبّرت الصين عن قلقها إزاء العلاقات المتنامية بين أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) والدول الآسيوية؛ مثل اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين، في حين توسع واشنطن وشركاء لها تحالفات وشراكات يمتد بعضها على مستوى العالم.

وانضمت ألمانيا رسمياً يوم الجمعة إلى قيادة قوات الأمم المتحدة التي تقودها الولايات المتحدة في كوريا الجنوبية، لتصبح بذلك من مجموعة الدول التي تحرس الحدود مع كوريا الشمالية، وتعهدت بالمساعدة في الدفاع عن الجنوب في حالة نشوب حرب.

وقال وزير الدفاع الألماني إن هذه الخطوة دليل على اعتقاد برلين القوي بأن الأمن الأوروبي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بأمن منطقة المحيطين الهندي والهادي. وأضاف في مانيلا أن التزامات ألمانيا وارتباطاتها في المنطقة «ليست موجهة ضد أحد... بل نركز على الحفاظ على النظام القائم على القواعد، وضمان حرية الملاحة وحماية طرق التجارة».


مقالات ذات صلة

​الكرملين يتوعد بتدمير مقاتلات «الناتو» في أوكرانيا

أوروبا مقاتلات «إف - 16» خلال عرض عسكري بمناسبة يوم الجيش البولندي في وارسو 15 أغسطس 2023 (أ.ب)

​الكرملين يتوعد بتدمير مقاتلات «الناتو» في أوكرانيا

توعد الكرملين بتدمير مقاتلات غربية بدأت بلدان حلف شمال الأطلسي (ناتو) تسليمها إلى أوكرانيا.

رائد جبر (موسكو)
شؤون إقليمية جندي إسرائيلي يقفز من فوق دبابة على حدود قطاع غزة (أ.ب)

مصادر: تركيا تمنع التعاون بين حلف «الناتو» وإسرائيل بسبب حرب غزة

قالت مصادر مطلعة إن تركيا تمنع التعاون بين حلف شمال الأطلسي وإسرائيل منذ أكتوبر بسبب الحرب في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتز مع زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي المعارض فريدرش ميرز يشاركان في الذكرى 80 لمحاولة الانقلاب على النازيين في 20 يوليو ببرلين (رويترز)

ألمانيا تقلل من تهديدات روسيا وتتمسك بالاتفاقية الأمنية مع واشنطن

قللت ألمانيا من تحذيرات موسكو لها بالسماح للولايات المتحدة بنشر أسلحة بعيدة المدى على أراضيها.

راغدة بهنام (برلين)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (قناة الكرملين عبر «تلغرام»)

بوتين يُحذر الولايات المتحدة من نشر صواريخ بعيدة المدى في ألمانيا

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه إذا نشرت الولايات المتحدة صواريخ بعيدة المدى في ألمانيا، فإن روسيا ستنشر صواريخ في مناطق تُمكِّنها من الوصول إلى الغرب.

أوروبا سفينة تتبع حرس الحدود الفنلندي (صفحته على «فيسبوك»)

فنلندا تشتبه باختراق سفينة روسية مياهها الإقليمية

قالت فنلندا إنها تشتبه باختراق سفينة روسية مياهها الإقليمية، في خضم توترات متصاعدة بين البلدين الجارين على خلفية انضمام هلسنكي إلى حلف شمال الأطلسي.

«الشرق الأوسط» (هلسنكي)

صعود جماعات مسلحة جديدة على الحدود الباكستانية ـ الأفغانية

حركة طالبان الباكستانية تحرس نقطة التفتيش التابعة لها في مكان ما بالمناطق القبلية (وسائل الإعلام الباكستانية والحكومة الباكستانية)
حركة طالبان الباكستانية تحرس نقطة التفتيش التابعة لها في مكان ما بالمناطق القبلية (وسائل الإعلام الباكستانية والحكومة الباكستانية)
TT

صعود جماعات مسلحة جديدة على الحدود الباكستانية ـ الأفغانية

حركة طالبان الباكستانية تحرس نقطة التفتيش التابعة لها في مكان ما بالمناطق القبلية (وسائل الإعلام الباكستانية والحكومة الباكستانية)
حركة طالبان الباكستانية تحرس نقطة التفتيش التابعة لها في مكان ما بالمناطق القبلية (وسائل الإعلام الباكستانية والحكومة الباكستانية)

تشهد المناطق الحدودية الباكستانية ـ الأفغانية ظهور جماعات مسلحة جديدة في الوقت الراهن، ويعتقد خبراء أن هذه الجماعات، في الأغلب، واجهة لجماعة «طالبان» الباكستانية، وغيرها من الجماعات المسلحة الباكستانية القديمة المتمركزة في أفغانستان والشريط القبلي.

وبحسب خبراء، فإن هناك دلائل متزايدة على أن «طالبان» الباكستانية تتعرض لضغوط متزايدة من حكومة «طالبان» الأفغانية في كابل، كي تمتنع عن مهاجمة قوات الأمن الباكستانية من قواعدها داخل أفغانستان.

بدوره، دفع هذا «طالبان» باكستان، وغيرها من الجماعات المسلحة، إلى تشكيل جماعات مسلحة جديدة تعلن الآن مسؤوليتها عن الهجمات الإرهابية ضد قوات الأمن الباكستانية بالمناطق القبلية الباكستانية.

وزير الدفاع الباكستاني خواجة آصف مع كبار المسؤولين العسكريين في زيارته لكابل (وسائل الإعلام الباكستانية والحكومة الباكستانية)

وبحسب هؤلاء الخبراء، فإن جماعة «جيش فرسان محمد» ـ جماعة مسلحة جديدة أعلنت مسؤوليتها عن هجوم انتحاري وقع في 15 يوليو (تموز) ضد حامية عسكرية باكستانية في بانو ـ ليست سوى مجرد واجهة لـ«جماعة حافظ غول بهادور»، التي تتبع تنظيم «القاعدة»، ومتورطة بهجمات ضد قوات الأمن والمنشآت الحكومية الباكستانية، لكنها ظلت منفصلة عن «طالبان» الباكستانية.

صورة أرشيفية لنور والي محسود رئيس حركة طالبان الباكستانية (وسائل الإعلام الباكستانية)

 

جماعة «تحريك جهاد باكستان»

قد أعلنت جماعة «جيش فرسان محمد» مهاجمة حامية عسكرية في بانو، في 15 يوليو، ما أسفر عن مقتل 8 جنود باكستانيين.

كما تعتبر جماعة «تحريك جهاد باكستان»، التي بدأت عملياتها قبل عام، منظمة واجهة لـ«طالبان» الباكستانية. وقد شنت هجوماً على قاعدة عسكرية في إقليم البنجاب الباكستاني، العام الماضي.

مقاتلو طالبان الباكستانية في منطقة باغور قرب الشريط الحدودي (وسائل الإعلام الباكستانية)

وتتخذ قيادة كل من «طالبان» الباكستانية وجماعة «حافظ غول بهادور» من أفغانستان مقراً لهما، في حين ترسلان المسلحين إلى الأراضي الباكستانية لشن هجمات على قوات الأمن الباكستانية.

من جهتها، تعمل الحكومة الباكستانية على زيادة الضغوط على حكومة «طالبان» الأفغانية كي تقطع علاقاتها مع «طالبان» الباكستانية.

مقاتل من طالبان داخل طائرة أمريكية تم الاستيلاء عليها (وسائل الإعلام الباكستانية)

ونفذت القوات العسكرية الباكستانية غارات جوية ضد مخابئ «طالبان» الباكستانية على الجانب الأفغاني من الحدود بين البلدين.

كما أرسلت باكستان مراراً مبعوثين إلى كابل، للضغط على «طالبان» الأفغانية لحملها على اتخاذ إجراءات ضد مقاتلي «طالبان» الباكستانية وقادتها.

مقاتل من طالبان يواجه احتجاجات نسائية في العاصمة كابل (وسائل الإعلام الباكستانية)

وعلى نطاق محدود، اعتقلت «طالبان» الأفغانية عدداً ضئيلاً من مقاتلي «طالبان» الباكستانية، ونقلت البعض الآخر بعيداً عن الحدود مع باكستان.

 

هجمات «جيش خراسان»

قال خبراء إن «طالبان» الباكستانية شكلت مجموعات مسلحة جديدة لتفادي الضغوط التي تتعرض لها من «طالبان» الأفغانية. وفي الوقت الحاضر، تزعم هذه المجموعات الجديدة مسؤوليتها عن الهجمات ضد قوات الأمن الباكستانية.

علاوة على ما سبق، تظهر مجموعات أصغر وأقل شهرة في المناطق الحدودية بيت باكستان وأفغانستان، مثل «أنصار خراسان»، و«جيش محمد»، التي تدعي مسؤوليتها عن الهجمات الإرهابية في باكستان حالياً.

اللافت أن «طالبان» الباكستانية نأت بنفسها، حديثاً، عن الهجمات الإرهابية ضد عمال صينيين في بيشام، ما يثير التساؤل عما إذا كانت هذه استراتيجية جديدة تتبعها «طالبان» الباكستانية لتفادي ضغوط «طالبان» الأفغانية التي تحثها على عدم مهاجمة الجيش الباكستاني والمصالح الصينية في المنطقة.

قادة طالبان في مطار كابل (وسائل الإعلام الباكستانية)

وتبدو هذه الجماعات أنها فروع من «طالبان» الباكستانية. وتشير بعض التقارير إلى أن «جيش محمد» و«أنصار المهدي خراسان» يتبعان «جماعة حافظ غول بهادور».

جدير بالذكر أن جماعة «حافظ غول بهادور» كانت متعاطفة مع موقف الحكومة قبل عام 2014، بسبب الخلافات القبلية مع قيادة «طالبان» الباكستانية، لكنها انتقلت إلى أفغانستان بعد العملية العسكرية في أكتوبر (تشرين الأول) 2014 في شمال وزيرستان.

عام 2018، استأنفت «جماعة حافظ غول بهادور» أنشطتها الإرهابية في المناطق الحدودية الباكستانية ـ الأفغانية. في ذلك الوقت، كانت تحاول قيادة «طالبان» الباكستانية تحاول دمج مجموعات أصغر داخل تنظيمها. كما دعت «طالبان» الباكستانية «جماعة حافظ غول بهادور» للانضمام إليها، لكن الأخيرة رفضت، واستمرت في مهاجمة القوات الأمريكية في أفغانستان بشكل مستقل.

 

جيوب راسخة من التشدد

من ناحية أخرى، وتبعاً لتقارير في وسائل الإعلام الباكستانية، تأسست جماعة «أنصار خراسان» في عام 2022، وفي عام 2023 أعلنت مسؤوليتها عن العديد من الهجمات ضد قوات الأمن الباكستانية عبر جناحها الإعلامي، بينما بدأ «جيش خراسان» العمل في باكستان بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان.

كما أن هناك جيوباً راسخة من جماعات متشددة، ومجموعة من المقاتلين المتطرفين الذين ينجذبون إلى جماعات إرهابية أكثر تطرفاً وأكثر فتكاً. وفي خضم ذلك، يحولون ولاءاتهم نحو الأشد تطرفاً وإرهاباً.

وفي المناطق الحدودية الباكستانية ـ الأفغانية، حمل الجيل الثالث من المتطرفين السلاح ضد إحدى الدول والجيوش الإقليمية للمرة الأولى منذ وقت الغزو السوفياتي لأفغانستان. في البداية، قاتل المتطرفون ضد الدولة الشيوعية والجيش السوفياتي بمساعدة من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) وأجهزة الأمن الباكستانية.

بعد ذلك، اشتعلت فترة من الحرب الأهلية، قاتلت في أثنائها الجماعات المسلحة ضد بعضها البعض. بعد ذلك، غيرت هذه الجماعات اتجاهها وحملت السلاح ضد القوات الأمريكية التي غزت أفغانستان عام 2001 وحلفائها، الجيش الباكستاني وأجهزة الاستخبارات التي قدمت الدعم اللوجستي والاستخباراتي للقوات الأمريكية. وبالتالي، فقد تراكم لدى هذا الجيل الثالث من المتشددين خبرة القتال ضد ثلاثة جيوش متطورة، وهي: السوفيات والأميركيون والباكستانيون.