هل تكذب كوريا الشمالية بشأن تجربتها الصاروخية الأخيرة؟

كيم جونغ أون زعيم كوريا الشمالية خلال وداع الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين في مطار بيونغ يانغ (رويترز - سبوتنيك)
كيم جونغ أون زعيم كوريا الشمالية خلال وداع الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين في مطار بيونغ يانغ (رويترز - سبوتنيك)
TT

هل تكذب كوريا الشمالية بشأن تجربتها الصاروخية الأخيرة؟

كيم جونغ أون زعيم كوريا الشمالية خلال وداع الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين في مطار بيونغ يانغ (رويترز - سبوتنيك)
كيم جونغ أون زعيم كوريا الشمالية خلال وداع الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين في مطار بيونغ يانغ (رويترز - سبوتنيك)

تحول الاختبار الصاروخي الأخير لكوريا الشمالية إلى نقطة خلاف جديدة مع جارتها الجنوبية، فبينما تقول بيونغ يانغ إنها اختبرت صاروخاً متطوراً متعدد الرؤوس الحربية، فإن سيول تتهمها بالكذب.

وبعدما وصفت وسائل الإعلام الرسمية في كوريا الشمالية التجربة بـ«الناجحة»، ونشرت صورة منها، قالت كوريا الجنوبية إن التجربة «خادعة ومبالغ فيها»، ونشرت أدلتها على فشل التجربة.

وما زال المحللون غير متيقنين من صحة ادعاءات كوريا الشمالية، وهو ما يشير إلى صعوبة التأكد من تطور أسلحتها. وإذا صحت الأخبار الكورية الشمالية عن التجربة الأخيرة فإنها ستمثل تطوراً كبيراً في برنامجها الصاروخي.

امتلاك تكنولوجيا تصنيع صاروخ متعدد الرؤوس الحربية يمثل تحدياً، وهي صواريخ يصعب التصدي لها. وإلى جانب الولايات المتحدة - أول من ابتكر هذا النوع من الصواريخ في ستينات القرن الماضي - لا تمتلكها إلا بريطانيا وروسيا وفرنسا والصين.

طرح الخبراء منذ فترة احتمال أن كوريا الشمالية ستتوصل في النهاية لتكنولوجيا تصنيع قدرات «ميرف»، وهذا التعبير يعني صاروخاً يحمل رؤوساً حربية متعددة يمكنها إصابة أهداف مختلفة بعد الانفصال عن الصاروخ. هذه الرؤوس تمتلك محركاتها الصاروخية الخاصة، ويمكنها أن تطير في اتجاهات متعددة وبسرعات مختلفة لإصابة أهداف تبعد عن بعضها مئات الكيلومترات، وهو ما يجعل هذا النوع من الصواريخ فعالاً للغاية.

وتقول كوريا الشمالية إنها أجرت بنجاح تجربة انفصال الرؤوس الحربية عن الصاروخ، وتوجيه كل رأس على حدة، وأضافت أن الصاروخ كان متوسط المدى، ويعمل بالوقود الصلب، واستطاع توصيل 3 رؤوس حربية بالإضافة إلى رأس خادع.

وأشارت إلى أن الصاروخ انطلق إلى مدى 170 – 200 كيلومتر لضمان مدى آمن لطيران الرؤوس الحربية، وأكدت وصول الرؤوس الحربية الثلاثة لأهدافها، وكذلك الرأس الخادع المصمم لتضليل الرادارات.

من جانبه، أصدر جيش كوريا الجنوبية مقطع فيديو لإطلاق الصاروخ موضحاً أنه أظهر عدم استقرار في مرحلة الإطلاق ما أدى لانفجاره في الهواء. وأضاف مسؤولون عسكريون أنهم رصدوا كماً كبيراً من الشظايا لا يتفق مع القول إن التجربة نجحت.

ويقول يانغ أوك الباحث في معهد «أسان» للدراسات السياسية في كوريا الجنوبية لـ«بي بي سي»: «أعتقد أن بعض مراحل الاختبارات نجحت مثل إطلاق الصاروخ وانفصال الرؤوس الحربية عنه، لكن (كوريا الشمالية) لم تقدم دليلاً على وصول الرؤوس الحربية لأهدافها، فلا يمكن أن نقول إن هذا الجزء من التجربة قد نجح».

وقالت وزارة الدفاع في اليابان إن الصاروخ وصل إلى ارتفاع 100 كيلومتر فقط، ما يعني أنه لم يغادر إلى الفضاء الخارجي، وبقي داخل الغلاف الجوي للأرض. ورأى يانغ أن هذا يعني أيضاً أن الرؤوس الحربية لم تختبر ضد الحرارة العالية والضغط الناتجين عن دخول الغلاف الجوي للأرض، لذلك لا يمكن معرفة قدراتها.

ونشرت وسائل إعلام في كوريا الجنوبية مقطع فيديو صوَّره مدنيون، ويظهر ذيلاً من العادم في السماء. وعلق فان ديبن الخبير في أسلحة كوريا الشمالية والموظف السابق في «الخارجية الأميركية» أن «الفيديو لا يشير لانفجار كبير أو كارثي، ويبدو متوافقاً مع الصور التي نشرتها كوريا الشمالية، لكن هذا لا يعني استبعاد فشل أجزاء أخرى من الاختبار».

ويعتقد مراقبون أن بيونغ يانغ قد حصلت على بيانات تقنية مهمة من عملية الاختبار، ستقربها خطوة أخرى من هدف تصنيع صاروخ برؤوس حربية متعددة، كما أعلنت في عام 2021.

وفي رأي فان ديبن فإن التجربة الأخيرة حتى لو كانت ناجحة فهي ليست كافية لتطوير سلاح من هذا النوع، وسيكون أمام كوريا الشمالية سنوات أخرى عدة قبل الوصول لهدفها.


مقالات ذات صلة

بوتين يهدد باستهداف الدول التي تسمح لأوكرانيا باستخدام أسلحتها لقصف روسيا

أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في الكرملين 21 نوفمبر 2024 (أ.ب) play-circle 00:21

بوتين يهدد باستهداف الدول التي تسمح لأوكرانيا باستخدام أسلحتها لقصف روسيا

حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن بلاده يمكن أن تستخدم صواريخها الجديدة ضد الدول التي تسمح لأوكرانيا بإطلاق صواريخها على روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا رجال إنقاذ أوكرانيون يعملون بموقع هجوم صاروخي روسي في دنيبرو بأوكرانيا 21 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

أوكرانيا: روسيا هاجمت مدينة بصاروخ باليستي عابر للقارات للمرة الأولى منذ بدء الحرب

أعلنت أوكرانيا أن روسيا أطلقت، للمرة الأولى منذ بدء الحرب، صاروخاً باليستياً عابراً للقارات استهدف مدينة دنيبرو بوسط شرق البلاد، خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا صاروخ «ستورم شادو» خلال معرض في باريس (أ.ب)

أوكرانيا تطلق صواريخ «ستورم شادو» البريطانية بعيدة المدى على روسيا

أطلقت أوكرانيا صواريخ بريطانية بعيدة المدى من طراز «ستورم شادو» على الأراضي الروسية للمرة الأولى منذ بداية الحرب.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم وفد يضم الرئيس البولندي وضيوف آخرين يغادرون سطح نظام الدفاع الصاروخي «إيجيس آشور» بمناسبة حفل تدشين هذا النظام في بولندا 13 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

تدشين قاعدة دفاعية أميركية مضادة للصواريخ الباليستية في بولندا

افتُتحت رسمياً، اليوم (الأربعاء)، في بولندا، قاعدة تشكّل جزءاً من نظام دفاعي أميركي مضاد للصواريخ الباليستية يثير ريبة موسكو.

«الشرق الأوسط» (وارسو)
المشرق العربي صورة نشرها الجيش الإسرائيلي على موقع "إكس" يقول إنها لموقع إنتاج أسلحة بالضاحية الجنوبية لبيروت (الجيش الإسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير معظم منشآت إنتاج صواريخ «حزب الله»

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم (الثلاثاء)، إنه دمّر أغلب منشآت الأسلحة والصواريخ التابعة لجماعة "حزب الله" في الضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

ميانمار في مقدمة الدول الأكثر تضرراً من الألغام المضادة للأفراد

مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)
مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)
TT

ميانمار في مقدمة الدول الأكثر تضرراً من الألغام المضادة للأفراد

مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)
مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)

تصدرت ميانمار خلال عام 2023 قائمة الدول التي تسببت فيها الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة في أكبر عدد من الوفيات والإصابات، وسط زيادة في عدد الضحايا في شتى أنحاء العالم، على ما كشف مرصد الألغام الأرضية، الأربعاء.

تسببت الألغام ومخلفات الحرب من المتفجرات في مقتل أو إصابة ما لا يقل عن 5.757 شخصاً في العام الفائت (مقارنة بـ4.710 ضحايا في عام 2022)، 84 في المائة من بينهم من المدنيين، في نحو خمسين دولة، وفقاً للتقرير السنوي للمنظمة.

وتشمل الحصيلة التي ارتفعت بنسبة 20 في المائة خلال عام واحد، 1983 قتيلاً و3663 جريحاً، يضاف إليهم 111 ضحية أخرى، لا تشير إحصائيات التقرير إلى ما إذا كانوا قد نجوا أم لا.

كما تسببت الألغام المضادة للأفراد وحدها في سقوط 833 ضحية، مقارنة بـ628 في عام 2022.

وتأتي ميانمار في المركز الأول من حيث ضحايا الألغام والقنابل غير المنفجرة (1003)، متقدمة على سوريا (933) التي تصدرت الترتيب خلال السنوات الثلاث الماضية، ثم أفغانستان (651) وأوكرانيا (580)، بحسب ما جاء في التقرير.

وتم زرع العبوات الناسفة في كامل الأراضي في ميانمار التي شهدت عقوداً من الاشتباكات بين الجيش والجماعات المتمردة العرقية.

وازدادت أعمال العنف إثر الانقلاب العسكري في فبراير (شباط) 2021 ضد حكومة أونغ سان سو تشي، ما تسبب في ظهور عشرات الجماعات الجديدة المعادية للمجلس العسكري العائد إلى السلطة.

لم توقّع ميانمار على اتفاقية أوتاوا بشأن حظر وإزالة الألغام المضادة للأفراد، والتي انضمت إليها 164 دولة ومنطقة.

ويشير يشوا موسر بوانغسوان، الذي عمل على إعداد التقرير، إلى أن العدد الإجمالي للضحايا قد يكون أعلى بكثير مما تم الإعلان عنه؛ لأن جمع البيانات الميدانية يعد أمراً مستحيلاً؛ بسبب الاشتباكات، فضلاً عن وجود قيود أخرى.

وأوضح خلال مؤتمر صحافي في بانكوك: «لا يوجد نظام مراقبة طبي في البلاد يمكنه تقديم بيانات رسمية بأي شكل من الأشكال».

وأضاف: «نحن نعلم استناداً إلى الأدلة التي لم يتم التحقق منها أنها هائلة».

ويشير التقرير إلى «زيادة كبيرة» في استخدام الألغام المضادة للأفراد من قبل الجيش في ميانمار، لا سيما بالقرب من أعمدة الهواتف المحمولة وخطوط الأنابيب، والبنية التحتية».

وتقول المجموعة التي أعدت التقرير إنها عثرت على أدلة تثبت أن قوات المجلس العسكري واصلت استخدام المدنيين «لإرشاد» الجنود إلى المناطق الملغومة، على الرغم من أن القانون الدولي يجرّم هذا السلوك.

ويُتهم الجيش في ميانمار بانتظام من قبل القنصليات الغربية والمدافعين عن حقوق الإنسان بارتكاب فظائع وجرائم حرب.

وصادر معارضو المجلس العسكري الألغام «في كل شهر بين يناير (كانون الثاني) 2022 وسبتمبر (أيلول) 2024، في جميع أنحاء البلاد تقريباً»، بحسب التقرير الذي يستند إلى دراسة للصور الفوتوغرافية.

وقالت منظمة «اليونيسيف» في أبريل (نيسان) إن «كل الأطراف» استخدمت الألغام الأرضية «دون تمييز».

وأكدت جماعات متمردة أيضاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنها تزرع ألغاماً.

ومرصد الألغام الأرضية هو القسم البحثي للحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية (ICBL)، وهي شبكة من المنظمات غير الحكومية.

والألغام المضادة للأفراد هي أجهزة متفجرة تستمر في قتل وتشويه الناس بعد فترة طويلة من انتهاء الصراعات والحروب.

وهي مدفونة أو مخبأة في الأرض، وتنفجر عندما يقترب منها شخص ما أو يلامسها.

وعدّت الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية، الأربعاء، قرار الولايات المتحدة بتزويد أوكرانيا «بالألغام المضادة للأفراد غير الدائمة» المجهزة بجهاز تدمير ذاتي أو إبطال ذاتي، لتعزيز دفاعات كييف ضد الغزو الروسي، «كارثياً».

وأوضحت المنظمة، في بيان: «يجب على أوكرانيا أن تعلن بوضوح أنها لا تستطيع قبول هذه الأسلحة ولن تقبلها».