​ذوبان إيفرست يكشف عن جثث مئات المتسلقين لقوا حتفهم أثناء تسلقه

منحدر خومبو الجليدي أسفل جبل إيفرست 1 مايو 2021 (أ.ف.ب)
منحدر خومبو الجليدي أسفل جبل إيفرست 1 مايو 2021 (أ.ف.ب)
TT

​ذوبان إيفرست يكشف عن جثث مئات المتسلقين لقوا حتفهم أثناء تسلقه

منحدر خومبو الجليدي أسفل جبل إيفرست 1 مايو 2021 (أ.ف.ب)
منحدر خومبو الجليدي أسفل جبل إيفرست 1 مايو 2021 (أ.ف.ب)

يؤدي تغيّر المناخ إلى ذوبان طبقات من الثلج والجليد على سفوح جبل إيفرست، وكلّما خلع جزءاً من ردائه الأبيض تكشّفت بين صخوره جثث مئات المتسلقين الذين لقوا مصيرهم الأسود خلال محاولتهم الوصول إلى سطح العالم.

ومن بين مَن تسلّقوا أعلى قمة في سلسلة جبال الهمالايا هذا العام، فريق لم يكن هدفه الوصول إلى القمة البالغ ارتفاعها 8849 متراً، بل البحث عن الجثث المنسية.

الجيش ينقل الجثث المجمدة التي تم انتشالها من جبل إيفرست بسيارة إسعاف لمشرحة بكاتماندو 29 مايو 2024 (أ.ف.ب)

وعلى الرغم من المخاطرة بحياة أعضائها، نجحت المجموعة في انتشال خمس جثث مجمّدة بينها هيكل عظمي، أعيدت إلى العاصمة النيبالية كاتماندو.

وتم التعرف على جثتين في انتظار نتائج «الاختبارات التفصيلية» للتأكد من هويتهما، وفق راكيش غورونغ من وزارة السياحة النيبالية. ومن المحتمل أن تُحرَق الجثث التي لن يُعرَف أصحابها.

وترمي هذه الحملة النيبالية إلى تنظيف جبل إيفرست والقمم المجاورة لوتسي ونوبتسي، في مهمة صعبة وخطرة.

وفي حديث لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول أديتيا كاركي، وهو مسؤول في الجيش النيبالي يترأس فريقاً مؤلفاً من 12 جندياً و18 متسلّق جبال: «بسبب آثار ظاهرة الاحترار المناخي، أصبحت الجثث والنفايات مرئية بصورة متزايدة مع تقلّص الغطاء الثلجي».

وقد لقي أكثر من 300 شخص مصرعهم فوق الجبل منذ بدء مهمّات تسلّقه خلال عشرينات القرن الماضي، ثمانية منهم في الموسم الماضي وحده.

مدخل منحدر خومبو الجليدي أسفل جبل إيفرست 18 أبريل 2014 (أ.ف.ب)

وبقيت جثث كثيرة فوق الجبل، بعضها غمرته الثلوج والبعض الآخر سقط في شقوق عميقة. وقد باتت جثث لم تُزَل عنها ملابس التسلق الملوّنة نقطة مرجعية للمتسلقين، ونُسبت إليها ألقاب مثل «الحذاء الأخضر» أو «الجميلة النائمة».

منطقة الموت

ويقول أديتيا كاركي: «ثمة تأثير نفسي لذلك، فالأشخاص يعتقدون أنهم يدخلون أراضي رائعة عندما يتسلقون الجبال، لكن إذا صادفوا جثثاً خلال مسارهم، فقد يتأثرون سلباً».

وعُثر على جثث كثيرة في «منطقة الموت»، حيث يزيد انخفاض مستويات الأكسجين من خطر الإصابة بمرض الجبال الحاد (أو داء المرتفعات) الذي يصبح قاتلاً بعد فترة معينة.

وقد استغرق انتشال جثة مغمورة بالجليد حتى الصدر 11 ساعة، واستخدام الماء الساخن والفأس في العملية.

ويقول تشيرينغ جانغبو شيربا الذي قاد بعثة استعادة الجثث إنّ «الأمر صعب جداً، فإخراج الجثة مهمة وإنزالها مهمة أخرى».

ويشير إلى أنّ عدداً من الجثث بقي كما كان تماماً وقت وفاة أصحابها، مع كامل ملابسها والأشرطة والأحزمة.

ستتحوّل الجبال إلى مقابر

وتبقى استعادة الجثث من المرتفعات موضوعاً مثيراً للجدل بين أوساط متسلّقي الجبال، وهي مسعى يكلف آلاف الدولارات ويتطلب ما يصل إلى ثمانية عناصر إنقاذ لكل جثة.

ويصعب على علوّ مرتفع حمل ما هو ثقيل في وقت قد يتخطى وزن الجثة 100 كيلوغرام. ومع ذلك، يرى كاركي أنّ هذا الجهد ضروري.

ويقول: «نحن بحاجة إلى إعادة أكبر عدد ممكن من الجثث. فإذا تركناها خلفنا، فسوف تتحول جبالنا إلى مقابر».

وخلال المهمات، غالباً ما يتم لفّ الجثث في كيس ثم يتم إنزالها بواسطة زلاجة.

وعُثر على جثة قرب قمة لوتسي، رابع أعلى قمة في العالم بارتفاع 8516 متراً، وكان إنزالها إحدى أصعب المهام، وفق تشيرينغ جانغبو شيربا.

ويقول: «كانت الجثة متجمّدة وكانت اليدان والرجلان متباعدة»، مضيفاً: «تعيّن علينا حملها كما هي إلى مجمّع التخييم 3. وهناك استطعنا نقلها عبر زلاجة».

خيم ومعدات وأسطوانات غاز

وتخفي جبال الهمالايا أسراراً كثيرة. فبينما عُثر سنة 1999 على جثة جورج مالوري، وهو متسلق جبال بريطاني اختفى عام 1924، لم يُعثر قط على جثة زميله أندرو إيرفين. ولن تتمكّن سوى الكاميرا الخاصة بهما من توفير دليل على عملية تسلّق ناجحة التي ربما ستعيد كتابة تاريخ تسلق الجبال.

وقد شارك في حملة التنظيف التي بلغت ميزانيتها أكثر من 600 ألف دولار، 171 مرشداً نيبالياً أعادوا 11 طنّاً من النفايات.

وعلى المسار المؤدي إلى القمة، عُثر على خيم ملوّنة ومعدات تسلق مرمية وأسطوانات غاز فارغة وحتى براز بشري.

ويقول تشيرينغ جانغبو شيربا: «لقد منحتنا الجبال فرصاً كثيرة، وعلينا أن نكافئها ونزيل منها النفايات والجثث».

وراهناً، بات يُفرَض على البعثات التخلّص من نفاياتها. ويقول كركي: «على متسّقي الجبال أن يعيدوا نفاياتهم هذا العام. ولكن من سيزيل النفايات القديمة؟».


مقالات ذات صلة

صيف تونس الماضي سجّل رابع أشد حرارة في البلاد منذ عام 1950

شمال افريقيا أشخاص يسيرون في أحد الشوارع خلال موجة حر في العاصمة التونسية تونس 11 أغسطس 2021 (رويترز)

صيف تونس الماضي سجّل رابع أشد حرارة في البلاد منذ عام 1950

سجّل صيف 2024 في تونس رابع أشد حرارة صيف عرفته البلاد منذ عام 1950. وبلغ متوسط الحرارة في صيف هذا العام 29.5 درجة بفارق 1.5 درجة عن المتوسط العادي.

«الشرق الأوسط» (تونس)
يوميات الشرق أملٌ ببطاطا صامدة (أدوب ستوك)

بطاطا ضدَّ ارتفاع الحرارة

يُطوِّر العلماء بطاطا من شأنها تحمُّل موجات الحرّ، وذلك لمساعدة المحاصيل على النمو في مستقبل يتأثّر بالتغيُّر المناخي.

«الشرق الأوسط» (إلينوي (الولايات المتحدة))
يوميات الشرق أشجار متجمدة في أوبر رايفنبرج بالقرب من فرنكفورت بألمانيا (أ.ب)

أوروبا تشهد عدداً أقل من الأيام شديدة البرد... ماذا يعني ذلك؟

دراسة أشارت إلى أن التغير المناخي تسبب بتسجيل فصول شتاء أكثر حرّاً في أوروبا تحديداً، مع ارتفاع عدد الأيام التي تكون فيها الحرارة أعلى من صفر درجة مئوية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
بيئة درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية (أرشيفية - رويترز)

صعوبة في تفسير الارتفاع القياسي في درجات الحرارة العالمية

يُعدّ الاحترار الذي يواجهه العالم منذ عقود بسبب غازات الدفيئة المنبعثة من الأنشطة البشرية مسألة معروفة، لكنّ درجات الحرارة العالمية التي حطّمت الأرقام القياسية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق ارتفاع درجة الحرارة ومستويات البحار يهدّد الطبيعة (غيتي)

التّغير المُناخي يُهدّد وجهات سياحية عالمية بحلول 2034

يُهدّد ارتفاع درجة الحرارة وتصاعد مستويات البحار والأحداث الجوية المتطرفة سكان تلك المناطق والبنية التحتية السياحية والجمال الطبيعي.

«الشرق الأوسط» (برلين)

أوكرانيا تأسر جنديا كوريا شماليا أصيب خلال قتاله إلى جانب الروس

جنود كوريون شماليون خلال مناورات عسكرية (أرشيفية - رويترز)
جنود كوريون شماليون خلال مناورات عسكرية (أرشيفية - رويترز)
TT

أوكرانيا تأسر جنديا كوريا شماليا أصيب خلال قتاله إلى جانب الروس

جنود كوريون شماليون خلال مناورات عسكرية (أرشيفية - رويترز)
جنود كوريون شماليون خلال مناورات عسكرية (أرشيفية - رويترز)

أعلنت وكالة الاستخبارات الكورية الجنوبية الجمعة أنّ الجيش الأوكراني أسر جنديا كوريا شماليا أصيب بجروح خلال قتاله إلى جانب القوات الروسية في الحرب الدائرة بين موسكو وكييف.

وقالت الوكالة في بيان إنّه «من خلال تبادل المعلومات في الوقت الفعلي مع وكالة استخبارات دولة حليفة، تمّ التأكّد من أسر جندي كوري شمالي جريح». وهذه أول حالة معروفة لعسكري كوري شمالي يأسره الجيش الأوكراني على قيد الحياة من أن أعلنت كييف وحلفاؤها الغربيون أنّ بيونغ يانغ أرسلت قوات عسكرية لدعم حليفتها موسكو في الحرب التي يخوضها الكرملين ضدّ أوكرانيا.

ولم يتضمّن بيان وكالة الاستخبارات الوطنية الكورية الجنوبية أيّ تفاصيل إضافية، لكنّه أتى بعدما نشرت حسابات أوكرانية على مواقع التواصل الاجتماعي صورا لجندي قالت إنه أسير حرب كوري شمالي. وتقول كييف إنّ 12 ألف عسكري كوري شمالي، من بينهم «حوالي 500 ضابط وثلاثة جنرالات»، منخرطون في القتال في كورسك، المنطقة الروسية التي يحتلّ الجيش الأوكراني أجزاء منها منذ أغسطس (آب).

ولم يصدر عن موسكو ولا عن بيونغ يانغ أيّ تأكيد لوجود هؤلاء العسكريين الكوريين الشماليين في ميدان القتال. والإثنين، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنّ ما يقرب من ثلاثة آلاف عسكري كوري شمالي «قتلوا أو أصيبوا» منذ انخراطهم في القتال إلى جانب روسيا.من جهتها قالت سيول الإثنين إنّ حوالى 1100 عسكري كوري شمالي سقطوا بين قتيل وجريح منذ بدأت كوريا الشمالية إسناد حليفتها روسيا بالعديد. وبحسب هيئة الأركان الكورية الجنوبية فإنّ كوريا الشمالية تستعدّ لإرسال مزيد من العديد والعتاد لإسناد القوات الروسية.

والثلاثاء، قال المتحدث باسم الاستخبارات العسكرية الأوكرانية إيفغين إيرين لوكالة الصحافة الفرنسية إنّ «مشاركة الكوريين الشماليين في القتال لم يكن لها تأثير كبير على الوضع». وأضاف أنّ القوات الكورية الشمالية لا تتمتع بخبرة قتالية حديثة، بخاصة في مواجهة الطائرات المسيّرة التي أصبح استخدامها شائعا في ساحة المعركة، مشيرا إلى أنّ العسكريين الكوريين الشماليين يستخدمون «تكتيكات بدائية تعود إلى حقبة الحرب العالمية الثانية أو ما بعدها».