أعلن الجيش الكوري الجنوبي أن كوريا الشمالية أطلقت وابلاً من الصواريخ الباليستية القصيرة المدى في وقت مبكر الخميس، بعد ساعات على إرسال بيونغ يانغ مئات البالونات المحمّلة بالقمامة عبر الحدود «عقاباً لسيول». وجاءت عملية إطلاق الصواريخ بعد محاولة فاشلة قامت بها كوريا الشمالية لوضع قمر ثانٍ يُستخدم لأغراض التجسس في المدار الاثنين، بعد وقت قصير على عقد سيول وبكين وطوكيو قمة نادرة من نوعها، ودعوتها لبيونغ يانغ للتخلي عن أسلحتها النووية.
«هدية من القلب»
أشارت كيم يو جونغ، شقيقة زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، النافذة، إلى أن البالونات التي تم إرسالها وذكرت تقارير بأنها تحمل فضلات حيوانات، كانت عبارة عن «هدايا مقدّمة من القلب» للشطر الجنوبي، مؤكدة في بيان بأنها رد مبرر على الدعاية المناهضة لكيم التي يرسلها ناشطون نحو الشمال.
وانتقدت كوريا الشمالية أيضاً مجلس الأمن الدولي، الذي سيعقد اجتماعاً الجمعة لمناقشة عملية إطلاق القمر الاصطناعي الفاشلة، والتي شكّلت انتهاكاً لمجموعة عقوبات تفرضها الأمم المتحدة على بيونغ يانغ ترتبط بتكنولوجيا الصواريخ الباليستية. وصباح الخميس، أعلنت هيئة الأركان المشتركة الكورية الجنوبية رصد إطلاق «ما يشتبه بأنها نحو عشرة صواريخ باليستية قصيرة المدى» باتجاه المياه في شرق شبه الجزيرة الكورية. وأوضحت أن الصواريخ حلّقت مسافة 350 كيلومتراً تقريباً، مضيفة أنها تعمل على تحليل المعلومات بالتعاون مع الولايات المتحدة واليابان. ورأت أن إطلاق الصواريخ يشكل «استفزازاً يهدد بشكل خطير السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية».
احتجاج شديد
أكّدت اليابان أيضاً إطلاق الصواريخ؛ إذ أفاد رئيس الوزراء فوميو كيشيدا، الصحافيين بأن الصواريخ «سقطت على ما يبدو خارج المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة لليابان». وشدّد على أن طوكيو «تدين بشدّة» العملية، مضيفاً أنه تم تقديم احتجاج رسمي عليها. وزار كيشيدا سيول الاثنين للقاء الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول ورئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ في أول قمة ثلاثية منذ العام 2019، أكدوا خلالها التزامهم «نزع الأسلحة النووية في شبه الجزيرة الكورية».
ورأت كوريا الشمالية بدورها أن مجرّد مناقشة نزع الأسلحة النووية يعد «استفزازاً خطيراً» ينتهك دستور البلاد، الذي تم تعديله في 2023 لتكريس وضعها كدولة نووية. وأجرت تجربتها الفاشلة لإطلاق قمر اصطناعي بعد ساعات على ذلك، لتقابَل الخطوة بتنديدات واسعة من عواصم بينها واشنطن وسيول وطوكيو. وأطلقت بعد ذلك البالونات عبر الحدود في وقت متأخر الثلاثاء، قبل إطلاق وابل من الصواريخ الباليستية الخميس. وقال المحلل الكبير لدى «معهد كوريا للتوحيد الوطني في سيول»، هونغ مين، لوكالة الصحافة الفرنسية: «إنه أمر غير مسبوق أن يتم إطلاق هذا العدد الكبير من الصواريخ القصيرة المدى بشكل متزامن». وأضاف: «يبدو أنه احتجاج الشمال على تعهّد نزع الأسلحة النووية التي اتُّفق عليه في القمة الثلاثية، والدعوة إلى اجتماع لمجلس الأمن الدولي لمناقشة عملية إطلاق القمر الاصطناعي»، مشيراً إلى أن بيونغ يانغ تتبع «نهج العين بالعين». وأوضح بأن جميع المؤشرات تدلّ على أن «هذا القرار اتُّخذ على أعلى مستويات منظومة صناعة القرارات».
اجتماع الأمم المتحدة
يشير محللون إلى وجود ارتباط تكنولوجي وثيق بين إمكانيات إطلاق الأقمار الاصطناعية إلى الفضاء وتطوير الصواريخ الباليستية. ولطالما كان وضع قمر اصطناعي في المدار على رأس أولويات نظام كيم، وأعلن نجاحه في ذلك في نوفمبر (تشرين الثاني) بعد محاولتين فاشلتين العام الماضي. لكن بيونغ يانغ قالت إن الصاروخ الذي كان يحمل قمر «ماليغيونغ-1-1» الاصطناعي للاستطلاع انفجر بعد دقائق على إطلاقه؛ بسبب ما يشتبه بأنها مشكلة في المحرّك. وفي خطاب نشرته وكالة الأنباء الكورية المركزية في وقت متأخر الأربعاء، أكد كيم جونغ أون أن بلاده ستواصل مساعيها. وقال: «رغم فشلنا في تحقيق النتائج المرجوّة من عملية إطلاق القمر الاصطناعي الاستطلاعي الأخيرة، علينا ألا نشعر إطلاقاً بالخوف أو الإحباط، بل أن نبذل جهوداً أكبر». وأفاد، وفق نص الخطاب الذي ألقاه في أكاديمية علوم الدفاع: «من الطبيعي بأن يتعلم المرء أكثر ويحقق تقدّماً أكبر بعد اختبار الفشل».
والخميس أيضاً، أصدرت كوريا الشمالية بياناً وصفت فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأنه «الأمين العام الأكثر جبناً والأضعف إرادة في تاريخ الأمم المتحدة»، وذلك قبل اجتماع مجلس الأمن الدولي لبحث عملية الإطلاق. وأفادت بيونغ يانغ بأنها اضطرت إلى التعبير عن «قلقها العميق لحقيقة أن مجلس الأمن الدولي سيعقد اجتماعاً مفتوحاً مجدداً للتشكيك في عملية إطلاق القمر الاصطناعي الشرعية لجمهورية كوريا الديموقراطية الشعبية»، وفق ما جاء في بيان صادر عن المسؤول في وزارة الخارجية كيم سون غيونغ. وأضاف أنه بالنسبة للشطر الشمالي، فإن «إطلاق قمر اصطناعي عسكري استطلاعي خطوة لا مفر منها لتعزيز قوة الدفاع الذاتي». وتفيد سيول بأن كيم حصل على مساعدات تقنية روسية من أجل عملية إطلاق القمر الناجحة في نوفمبر، مقابل إرسال حاويات من الأسلحة إلى موسكو لاستخدامها في أوكرانيا.