ماكرون في كاليدونيا الجديدة لاحتواء الوضع المتفجر

باريس تبحث عن حل سياسي ولا تريد تمديد حالة الطوارئ أو استمرار الاحتجاجات

رجل يلوّح بعلم الكاناك (السكان الأصليون) الأحد الماضي (أ.ف.ب)
رجل يلوّح بعلم الكاناك (السكان الأصليون) الأحد الماضي (أ.ف.ب)
TT

ماكرون في كاليدونيا الجديدة لاحتواء الوضع المتفجر

رجل يلوّح بعلم الكاناك (السكان الأصليون) الأحد الماضي (أ.ف.ب)
رجل يلوّح بعلم الكاناك (السكان الأصليون) الأحد الماضي (أ.ف.ب)

بعد سياسة «اليد الحديدية» التي لجأت إليها الحكومة الفرنسية، منذ الاثنين ما قبل الماضي؛ للرد على أعمال الشغب التي ضربت أرخبيل كاليدونيا الجديدة، يبدو أن زمن الحوار والتهدئة قد حان. والدليل على ذلك قرار الرئيس إيمانويل ماكرون المفاجئ الذهاب شخصياً إلى المستعمرة الفرنسية السابقة. ووفق المعلومات التي أفصحت عنها الناطقة باسم الحكومة بريسكا ثيفينو ومصادر القصر الرئاسي، عقب اجتماع مجلس الوزراء، الثلاثاء، فإنه كان من المقرر أن يغادر الرئيس الفرنسي باريس، مساء الثلاثاء، ليكون في نوميا «عاصمة الإقليم»، صباح الخميس، وسيمضي هناك يوماً واحداً.

ويرافق ماكرون ثلاثة وزراء، هم: وزير الداخلية جيرالد دارمانان، ووزير الدفاع سيباستيان لوكورنو، ووزيرة شؤون إقليم ما وراء البحار ماري غيفينو. وأفادت ثيفينو بأن رئيس الحكومة غابريال أتال سيذهب بدوره إلى كاليدونيا الجديدة، ولكن من دون الإشارة إلى تاريخ محدد.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارة سابقة له للعاصمة نوميا في يوليو الماضي (أ.ف.ب)

لم تعد المياه إلى مجاريها بشكل تام بعد ستة أيام وليال من العنف، شهدت مقتل ستة أشخاص بينهم رجلا أمن وجرح المئات واعتقال 270 رجلاً من الكاناك (سكان الأرخبيل الأصليين) وفرض الإقامة الجبرية، على العديد منهم بموجب حالة الطوارئ التي فرضت لـ12 يوماً، والتي من المرجح جداً تمديد العمل بها. وسارعت الحكومة إلى إرسال ألف رجل أمن إضافي خصوصاً إلى العاصمة، نوميا، حيث أشعلت الحرائق في مئات المنازل والمحال التجارية، وأقيمت مئات الحواجز على الطرق الرئيسية وداخل الأحياء، وأبرزها الطريق الواصلة بين العاصمة والمطار الذي يبعد عنها 50 كيلومتراً وتقطعت شرايين التواصل، وفقدت المواد الغذائية من المخازن والأدوية من الصيدليات، وألمّ الخوف بـ«الأوروبيين» وجلّهم من الفرنسيين.

وخلال الأيام الماضية، التأم، بطلب من ماكرون، مجلس الأمن والدفاع القومي ثلاث مرات لدراسة الوضع وإقرار التدابير الأمنية الضرورية لتطويق حالة العنف والشغب، التي انطلقت بسبب رفض الكاناك تعديل اللائحة الانتخابية لصالح توسيعها وضم المقيمين على أراضي الأرخبيل منذ عشر سنوات. ويرى الكاناك أن أمراً كهذا سيقضي على حلم الاستقلال أو الانفصال عن فرنسا، بحيث يتحولون إلى أقلية ستخسر كل الاستفتاءات التي قد تحصل كما خسروا الاستفتاءات الثلاثة التي أُجريت منذ عام 2018.

طائرة عسكرية تابعة لسلاح الجو الأسترالي تخلي عشرات المواطنين من مطار نوميا الثلاثاء (أ.ف.ب)

ترى مصادر سياسية في باريس أن ماكرون يسعى، من خلال ذهابه إلى نوميا، إلى إخراج الوضع من عنق الزجاجة وفتح باب جديد للحوار الذي ربط السير نحوه بإعادة الأمن والهدوء إلى الأرخبيل، وهي المهمة التي أنيطت بالقوى الأمنية مدعومة بوحدات من الجيش الذي تولى حماية المطار والمرافئ والمراكز الحساسة. واكتفت الناطقة باسم الحكومة بالقول إن ماكرون يقوم بزيارته «بروح من المسؤولية»، ومن أجل «مهمة» محددة لم تكشف عن تفاصيلها. بيد أن «وكالة الصحافة الفرنسية» نقلت عن مصادر من الوفد المرافق للرئيس أن الغرض من زيارته «التعبير عن التضامن مع الكاليدونيين»، وتقديم الشكر لقوات الأمن الداخلي (الشرطة والدرك)، وأيضاً للقوات المسلحة التي «أتاحت العودة إلى النظام المعمول به في إطار الجمهورية».

بيد أن أهم ما نقلته «الوكالة الفرنسية» أن ماكرون ذاهب إلى هناك «لإرساء هيئة في إطار خطة (حل) شاملة». ويعني ذلك عملياً أن الرئيس الفرنسي يريد أن يطلق مجموعة حوارية بين منظمات وأحزاب الكاناك من جهة، ومن يطلق عليهم «الأوروبيون» من جهة أخرى. والفرق بين المجموعتين أن سكان البلاد الأصليين يتوقون إلى الاستقلال، بينما الأوروبيون يتمسكون للبقاء في إطار الجمهورية الفرنسية.

النواب الفرنسيون يقفون دقيقة صمت على أرواح القتلى في اضطرابات كاليدونيا الثلاثاء (أ.ف.ب)

وكان ممثل الدولة الفرنسية في الأرخبيل قد حذر من اندلاع حرب أهلية بين الطرفين، وأكد أول من أمس أنه «سيتم اللجوء إلى كافة الوسائل من أجل إعادة فرض النظام والقانون»، ما عكس تشدد الدولة في التعامل مع الحركة الاحتجاجية.

ورغم بادرة الانفتاح الرئاسية الدافعة باتجاه استعادة الحوار، فإن ذلك لا يعني التساهل مع العنف أو الشغب، وقد حرصت ثيفينو على التأكيد مجدداً أنه «في مواجهة اندلاع أعمال العنف، فإن الأولوية هي عودة النظام للسماح باستئناف الحوار في كاليدونيا الجديدة». وأضافت: «نحن واضحون: لا يزال هناك الكثير مما يجب القيام به قبل العودة إلى الوضع الطبيعي».

صورة لطريق مغلقة بسبب حواجز من سيارات محترقة لمنع السير في إطار احتجاجات الكاناك سكان البلاد الأصليين (رويترز)

الحكومة معبأة

حتى اليوم، وضعت الدولة الكاناك أمام خيارين لا ثالث لهما؛ إما التزام الهدوء من أجل التسليم بإعادة النظر في الأسباب التي تدفع بعضهم إلى العنف والشغب، وإما قمع الاحتجاجات ودعوة مجلس الشيوخ والنواب إلى اجتماع مشترك قبل نهاية الشهر المقبل للتصويت النهائي على تعديل اللوائح الانتخابية.

وخلال الأيام القليلة الماضية، أعربت دول الجوار الكاليدوني عن قلقها مما يجري في الأرخبيل، وصعوبة إجلاء رعاياها. كما أنها حثت باريس على العودة إلى الحوار مع الكاناك. وبدأت أستراليا بإجلاء رعاياها وكذلك نيوزيلندا. بيد أن طريق المطار لم تصبح بعد آمنة، وأعلنت السلطات المحلية أنها ستُفتح تماماً يوم السبت المقبل.

هل سينجح ماكرون في مهمته؟ السؤال مطروح والحاجة إليه ملحة. ولا تريد الحكومة أن تكون مضطرة إلى تمديد العمل بحالة الطوارئ، أو أن تتواصل الاحتجاجات حتى حلول الألعاب الأولمبية في أواخر شهر يوليو (تموز) المقبل.



سيول: قوات كورية شمالية انضمت لروسيا في معاركها ضد أوكرانيا

قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)
قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)
TT

سيول: قوات كورية شمالية انضمت لروسيا في معاركها ضد أوكرانيا

قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)
قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

قال نائب كوري جنوبي اليوم (الأربعاء) نقلاً عن وكالة المخابرات في كوريا الجنوبية، إن نحو 10900 جندي كوري شمالي تم نشرهم في منطقة كورسك الروسية، بوصفهم جزءاً من وحدة محمولة جواً، ومن مشاة البحرية الروسية، مضيفاً أن بعضهم يشارك بالفعل في معارك بحرب أوكرانيا.

وأبلغ عضو لجنة المخابرات بالبرلمان، بارك سون وون، صحافيين، نقلاً عن وكالة المخابرات الوطنية، أن كوريا الشمالية أرسلت مزيداً من الأسلحة للحرب، من ضمنها مدافع «هاوتزر» ذاتية الدفع، وقاذفات صواريخ متعددة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وأضاف النائب نقلاً عن وكالة المخابرات، أن اجتماع وزيرة الخارجية الكورية الشمالية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال زيارتها لموسكو هذا الشهر، كانت غير عادية من حيث الأعراف الدبلوماسية. ومن المرجح أنها ذهبت أبعد من تبادل التحية لتشمل قضايا أكثر أهمية، بما في ذلك الزيارة المحتملة للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إلى روسيا.

وذكر أيضاً أن وكالة المخابرات الكورية الجنوبية لا تزال تحاول معرفة العدد الدقيق للقتلى من القوات الكورية الشمالية، وما إذا كان أي منهم استسلم، وسط معلومات متضاربة.