ألغام أرضية تودي بحياة 10 أشخاص في أفغانستان

لم يكن السوفيات القوة العسكرية الوحيدة التي زرعت ألغاماً أرضية في البلاد

مزيلو الألغام الأفغان في المناطق الحضرية خارج العاصمة كابل «وسائل إعلام أفغانية»
مزيلو الألغام الأفغان في المناطق الحضرية خارج العاصمة كابل «وسائل إعلام أفغانية»
TT

ألغام أرضية تودي بحياة 10 أشخاص في أفغانستان

مزيلو الألغام الأفغان في المناطق الحضرية خارج العاصمة كابل «وسائل إعلام أفغانية»
مزيلو الألغام الأفغان في المناطق الحضرية خارج العاصمة كابل «وسائل إعلام أفغانية»

يبدو أن أفغانستان ليست مجرد مقبرة للإمبراطوريات، بل هي أيضاً مقبرة للألغام الأرضية روسية الصُّنع ذات الطراز القديم التي زرعها السوفيات حول مدنهم الحامية في أفغانستان التي أقام فيها جنودهم طوال 10 سنوات من الاحتلال للدولة التي مزقتها الحرب في الفترة بين عامي 1979 - 1989.

أول امرأة أفغانية تعمل في مجال إزالة الألغام في مكان ما بوسط أفغانستان (وسائل إعلام أفغانية)

ولم يكن السوفيات القوة العسكرية الوحيدة التي زرعت ألغاماً أرضية في أفغانستان، حيث قام قادة المجاهدين، الذين أرادوا حماية قواتهم بزرع ألغام أرضية أيضاً حول الحامية التي احتلوها.

وتروي التقارير الواردة من مدينتي «غزني» و«هرات» في أفغانستان الأخبار المروعة المتعلقة بمقتل 10 أشخاص أبرياء، وإصابة 5 أطفال آخرين بجروح خطيرة نتيجة انفجارات نجمت عن ألغام أرضية زرعها السوفيات.

إزالة الألغام في مكان ما بوسط أفغانستان «وسائل إعلام أفغانية»

ووفق التقارير، فقد اصطدمت سيارة كانت تقل رحالة بلغم أرضي مدفون على جانب الطريق في قرية «زدران» بمنطقة «غيرو»، وأودى الانفجار الناتج عن ذلك بحياة 9 أشخاص، مخلفاً حصيلة مفجعة.

ضحايا الحادث كن 5 فتيات صغيرات

وتحققت السلطات في مستشفى «غزني» من أن ضحايا هذا الحادث المأساوي كن 5 فتيات صغيرات تتراوح أعمارهن بين 10 و15 عاماً، إلى جانب 4 فتيان تتراوح أعمارهم بين 7 و14 عاماً.

عناصر من طالبان (أ.ف.ب)

كما انفجر لغم أرضي آخر في قرية «خاجه تاختان» بمنطقة «كوشك رباط سانغي» بولاية هرات، ولقي طفل يبلغ من العمر 10 أعوام حتفه في انفجار لغم من بقايا الصراعات الماضية، في حين أُصيب 5 أطفال آخرين بجروح، وتشير المصادر إلى أنه جرى نقل المصابين في هذا الحادث المأساوي على وجه السرعة إلى مستشفى هرات لتلقي الرعاية الطبية العاجلة.

ويثبت هذان الحادثان أن الألغام الأرضية ليست مشكلة معزولة في أفغانستان، بل مشكلة يواجهها المجتمع الأفغاني كله.

وتشير تقارير المنظمات غير الحكومية الدولية العاملة في القضايا العسكرية إلى أن حكومة الرئيس الأفغاني السابق نجيب الله التي كانت مدعومة من الاتحاد السوفياتي، قد زرعت 250 ألف لغم أرضي في البلاد.

مزارع أفغاني مع أبقاره يحرث حقلاً مقابل الجبال المغطاة بالثلوج في منطقة جورم بمقاطعة بدخشان في 28 مارس 2024 (أ.ف.ب)

وصرَّح غاي ويلوبي، وهو مؤسس مجموعة إزالة الألغام الغربية غير الربحية «ذا هالو ترست»، في مقال صحافي نُشر عام 2004 بأن الألغام الأرضية هي مشكلة دائمة تواجه المجتمع الأفغاني، مضيفاً: «لقد عملنا بشكل وثيق جداً مع وزارة الدفاع الأفغانية في حكومة نجيب الله، والذين كانوا متعاونين جداً، وكان لديهم نسخ من سجلات خرائط حقول الألغام الروسية، إذ سلم المهندسون الروس كثيراً من سجلات حقول الألغام الخاصة بهم إلى الحكومة الأفغانية، وكان من الواضح أن الرقم (عندما غادر السوفيات عام 1989) كان أقرب إلى 260 ألفاً أو 270 ألف لغم أرضي».

إزالة نحو 200 ألف لغم أرضي في أفغانستان

ووفقاً للتقديرات الرسمية للمنظمات الدولية لإزالة الألغام، فقد جرت إزالة نحو 200 ألف لغم أرضي في أفغانستان، «وقد تركز كثير من هذا الجهد على خط الإمداد السوفياتي السابق الذي كان مليئاً بالألغام، والذي كان يمتد من كابل شمالاً إلى حدود الاتحاد السوفياتي السابق، ولكن من غير المرجح أن يجري تطهير المناطق ذات الأولوية الأقل، خصوصاً قمم التلال المليئة بالألغام بشكل كبير حول الحاميات السابقة، قبل سنوات كثيرة مقبلة»، وفق التقرير.

وحتى العقود الماضية، كان هناك 7600 عامل من عمال إزالة الألغام يعملون في أفغانستان تحت رعاية عدد من المنظمات الأفغانية، غالبيتها بتمويل غربي. وتعد أفغانستان واحدة من أكثر الدول التي تنتشر فيها الألغام على مستوى العالم حيث تشكل الألغام الأرضية خطراً دائماً يهدد المدنيين الذين يحاولون الآن الفرار من البلاد أو مناطق الصراع المحتملة، ولم يقم الجيش الأميركي خلال احتلاله أفغانستان الذي دام مدة 20 عاماً بزرع ألغام أرضية في البلاد، ومع ذلك، واجهت قواته باستمرار تهديداً من الألغام الأرضية التي زُرعت خلال الاحتلال السوفياتي لأفغانستان أثناء مشاركتهم في عمليات مكافحة الإرهاب في أجزاء مختلفة من البلاد.

زُرعت الألغام بشكل عشوائي

وجاء في تقرير لمنظمة «هيومان رايتس ووتش» حول مشكلة الألغام الأرضية في أفغانستان: «لقد زُرعت الألغام الأرضية بشكل عشوائي في معظم أنحاء البلاد، وتتلوث مناطق الرعي والأراضي الزراعية وأنظمة الري والمناطق السكنية والطرق وممرات المشي في كل من المناطق الحضرية والريفية بالألغام الأرضية، ولسنوات طويلة، كانت هذه الألغام عائقاً رئيسياً أمام عمليات إعادة الإعمار والإغاثة وإعادة التأهيل والتنمية».

ولم تقدم حركة «طالبان» الأفغانية حتى الآن أي خطة عملية لإزالة الألغام الأرضية في الريف الأفغاني، وذلك لسببين: أولهما أن الحركة لا تملك القوة المالية لتنفيذ برنامج منهجي لإزالة الألغام من الريف الأفغاني، وثانياً، أن هذه المشكلة بالكاد تجذب انتباه «طالبان» أو قيادتها، ما يعني عملياً أن الشعب الأفغاني سيستمر في المعاناة منها.


مقالات ذات صلة

ما وراء سقوط أفغانستان: ميليشيات مدعومة من واشنطن أسوأ من «طالبان»

آسيا ما وراء سقوط أفغانستان: ميليشيات مدعومة من واشنطن أسوأ من «طالبان»

ما وراء سقوط أفغانستان: ميليشيات مدعومة من واشنطن أسوأ من «طالبان»

حذّر ضابط أميركي من أن «طالبان» تقترب ببطء، وتتعدّى على الأراضي التي بدت آمنة ذات يوم. وقال إن 4 من رجاله قتلوا للتو، وكان بحاجة إلى مساندة من الأفغان.

عزام أحمد (كابل - إسلام آباد )
آسيا المبعوث الباكستاني محمد صادق (متداولة)

وفد باكستاني رفيع المستوى يجري محادثات في كابل

أجرى وفد رفيع المستوى بقيادة المبعوث الباكستاني الخاص إلى أفغانستان، محمد صادق، محادثات حاسمة في كابل

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
المشرق العربي إردوغان تعهد بدفن مسلحي الوحدات الكردية أحياء (الرئاسة التركية)

أنقرة لفتح قنصلية في حلب... ورفض يوناني للاتفاق البحري

كشف الرئيس رجب طيب إردوغان عن استعدادات بلاده لفتح قنصلية لها في مدينة حلب قريباً، لتسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا سفينة الشحن الروسية «أورسا ميجر» (أرشيفية - رويترز)

غرق سفينة الشحن الروسية قبالة إسبانيا «عمل إرهابي»

نقلت وكالة الإعلام الروسية اليوم الأربعاء عن الشركة المالكة لسفينة الشحن الروسية «أورسا ميجر» التي غرقت بالبحر المتوسط قولها إن السفينة غرقت بسبب «عمل إرهابي».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا محكمة روسية تقضي بسجن رجل أُدين بتخريب سكك حديد بتوجيه من أوكرانيا عام 2023 (رويترز)

روسيا: السجن 22 عاما لرجل أدين بتخريب سكك حديد بتوجيه من أوكرانيا

أعلنت محكمة عسكرية روسية، اليوم، إدانة رجل بتخريب سكك حديد، بتوجيه من أوكرانيا عام 2023 في شبه جزيرة القرم، التي ضمّتها روسيا قبل عقد، وقضت بسجنه 22 عاماً.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

ما وراء سقوط أفغانستان: ميليشيات مدعومة من واشنطن أسوأ من «طالبان»

ما وراء سقوط أفغانستان: ميليشيات مدعومة من واشنطن أسوأ من «طالبان»
TT

ما وراء سقوط أفغانستان: ميليشيات مدعومة من واشنطن أسوأ من «طالبان»

ما وراء سقوط أفغانستان: ميليشيات مدعومة من واشنطن أسوأ من «طالبان»

حذّر ضابط أميركي من أن مقاتلي حركة «طالبان» يقتربون ببطء، ويتعدّون على الأراضي التي بدت آمنة ذات يوم. وقال إن 4 من رجاله قتلوا للتو، وكان بحاجة إلى أفغان على استعداد للقتال.

وتوسل الضابط أمام حشد من 150 من شيوخ الأفغان، متسائلاً: «مَن سيقف؟».

أحد أفراد الشرطة المحلية الأفغانية -وهي منظمة ميليشيات تم تشكيلها لمحاربة «طالبان»- خارج قاعدة الوحدة على قمة التل عام 2012 أفغانستان (نيويورك تايمز)

كانت غالبية الناس في ولاية قندوز داعمين للأميركيين ومعارضين لـ«طالبان». ومع ذلك، كانت جهود تجنيد ضباط الشرطة بطيئة، وبحلول صيف عام 2009، قرر مسؤولون محليون، من بينهم الضابط الأميركي -وهو مقدم من الحرس الوطني في ولاية جورجيا- اتخاذ نهج محفوف بالمخاطر: توظيف ميليشيات خاصة، فتعالت همهمات الاستياء بين الحشد.

«ميليشيات خاصة»

ووقف رجل عجوز، قائلاً: «لا أعتقد أن هذه فكرة جيدة»، وفقاً لأربعة أشخاص كانوا حاضرين. وأضاف: «لقد رأينا هذا من قبل. ستصبح الميليشيات مشكلة أكبر من (طالبان)».

ووسط التذمر، برز أمير حرب سابق يدعى محمد عمر، وندد بالآخرين ووصفهم بالجبناء، وصاح: «سأقاتل (طالبان)»!

الساحة التي تطوّع فيها محمد عمر لقتال «طالبان» بناءً على حث القادة العسكريين الأميركيين في ولاية قندوز بأفغانستان (نيويورك تايمز)

لم يجرَ تسجيل فعاليات التجمع في قندوز، شمال أفغانستان، في أي تاريخ رسمي للحرب، لكن الناس في جميع أنحاء المقاطعة يقولون إن هذه اللحظة التي تبدو عادية أعادت تشكيل الصراع على نحو لم تستوعبه واشنطن حقاً مطلقاً.

لسنوات، دعم الأميركيون الميليشيات في الشمال لمحاربة «طالبان»، لكن الجهود جاءت بنتائج عكسية؛ حيث سحقت هذه الجماعات السكان بقسوة، لدرجة أنهم حولوا معقلاً سابقاً للولايات المتحدة إلى معقل للتمرد. وأصبح الناس ينظرون إلى الميليشيات، ومن ثم للأميركيين، بوصفهم مصدراً للعذاب، وليس الخلاص.

«محطم الجدران»

على سبيل المثال، أصبح عمر، المعروف باسم «محطم الجدران»، الطفل المدلل لقائد ميليشيات مسيء، يشق طريقه عبر أعمال السرقة والخطف وقتل المنافسين والجيران، بذريعة رعاية الحفاظ عليهم في مأمن من «طالبان».

ولم يكن عمر سوى واحد من آلاف المقاتلين الميليشياويين، الذين أطلقهم الأميركيون وحلفاؤهم في شمال أفغانستان، علانية وسراً، وأحياناً عن غير قصد.

فوضى خلال الانسحاب الأميركي من كابل عام 2021 (متداولة)

وبلغت العواقب ذروتها في أثناء الانسحاب الأميركي الفوضوي عام 2021. وكان من المتوقع أن يعمل الشمال بمثابة الحرس الخلفي لواشنطن، والمكان الذي قد تترسخ فيه قيم مثل الديمقراطية وحقوق المرأة. إلا أنه بدلاً عن ذلك، استسلم الشمال في غضون أيام، ليصبح بذلك أول منطقة تسقط بيد «طالبان».

من جهته، ألقى الرئيس المنتخب دونالد ترمب باللوم على الرئيس الحالي بايدن في النهاية الفوضوية لأطول حرب أميركية، وتعهّد بطرد «كل مسؤول كبير» شارك في الانسحاب الكارثي من أفغانستان. في المقابل، يلقي بايدن باللوم على الأفغان لاستسلامهم أمام «طالبان» بهذه السرعة.

فوضى الانسحاب الأميركي عام 2021 من أفغانستان خلقت عدداً من المشاكل لاحقاً (غيتي)

ومع ذلك، فإنه في كل الأحوال، يتجاهل هذا التفسير سبباً أكثر جوهرية وراء السقوط السريع: ففي أماكن مثل قندوز، خلص تحقيق أجرته «نيويورك تايمز» إلى أن الولايات المتحدة هيأت الظروف لهزيمتها قبل وقت طويل من إلقاء الجنود الأفغان أسلحتهم.

عصابات خارجة عن القانون

على مدى سنوات، ساعد الأميركيون في تجنيد وتدريب ودفع رواتب عصابات خارجة عن القانون من الميليشيات، التي نهبت المنازل ودمرت مجتمعات بأكملها. وتورطت الميليشيات في تعذيب المدنيين، بجانب ارتكابها جرائم اختطاف من أجل الحصول على فدية، وذبحت العشرات في عمليات قتل انتقامية، ودمرت قرى بأكملها، وزرعت أكثر من عقد من الكراهية تجاه الحكومة الأفغانية وحلفائها الأميركيين.

وأدرك الجيش الأفغاني، الذي كان منهكاً بالفعل، أنه يدافع عن حكومة لا تحظى إلا بدعم ضئيل للغاية؛ لذا، عندما عرضت «طالبان»، التي كانت تتقدم على الأرض، على الجنود الأفغان خياراً -حياتهم مقابل أسلحتهم- سارعوا إلى إلقاء أسلحتهم.

وكانت المناطق التي نهبها عمر وغيره من أمراء الحرب ساحات معارك نشطة في أثناء الحرب، وكانت في الغالب محظورة على الغرباء. وأظهرت أكثر من 50 مقابلة أجريت في قندوز على مدى 18 شهراً، كيف أن الدعم الأميركي للميليشيات كان سبباً في كارثة، ليس فقط داخل هذا الإقليم، بل كذلك في بقية شمال أفغانستان. وكان هذا البؤس الذي ترعاه الدولة سبباً أساسياً في خسارة واشنطن وشركائها الأفغان للشمال، وسقوط أفغانستان بأكملها، رغم عقدين وتريليوني دولار من الأموال الأميركية.

وكشفت تحقيقات «نيويورك تايمز» الأخرى خلال العام، كيف دعمت واشنطن الفظائع التي ارتكبتها القوات الأفغانية، وقتلت حلفاءها بتهور، ما أسفر عن هزيمتها داخل أفغانستان.

وجاء سقوط قندوز عام 2021 بمثابة الكلمة الأخيرة في خطأ أميركي لم يكن له داعٍ؛ وهو الاستعانة بمجرمين لتنفيذ عمليات ضد «طالبان».

الأخطاء الأميركية

في هذا الإطار، قال رحيم جان، الذي قُتل والده ووالدته وشقيقاه على يد عمر، وهو ما أكده قرويون آخرون: «أطلقت الميليشيات النار على المدنيين وقتلت الأبرياء»، مضيفاً أنه لم يكن لديه خيار آخر، وقال: «لقد دعمنا (طالبان)، لأنهم قاتلوا الميليشيات».

اللافت أنه حتى «طالبان»، التي عادة ما تكون حريصة على التباهي بمغامراتها في ساحة المعركة، تنسب انتصارها داخل هذه المقاطعة إلى الأخطاء الأميركية.

وقال مطيع الله روحاني، القائد السابق في «طالبان» ووزير الإعلام والثقافة الحالي في قندوز: «مكّنت واشنطن قطاع الطرق والقتلة باسم مكافحة التمرد، لكنها لم تفعل في الواقع سوى دفع مزيد من الناس إلى أحضان (طالبان)».

فظائع ارتكبتها الميليشيات: التمكين السريع لـ«طالبان»

من جهتها، نشر أكاديميون وصحافيون وجماعات حقوق الإنسان عدداً من الروايات عن فظائع ارتكبتها الميليشيات. لكن حجم الانتهاكات، وكيف ساعدت في تمكين «طالبان» من الاستيلاء السريع على أفغانستان، قصص تركها الأميركيون وراءهم عندما تخلوا عن البلاد قبل 3 سنوات.

عناصر من حركة «طالبان» قبل سيطرتهم على العاصمة الأفغانية عام 2021 (متداولة)

اليوم، ومع رحيل الميليشيات، أصبح حجم أفعالهم -من حيث التكاليف البشرية والسياسية- جلياً أمام الجميع.

لقد ألقت الروايات السابقة باللوم على المسؤولين الأفغان في الشمال لتكوين ميليشياتهم الخاصة، لكن الصحيفة وجدت أن الولايات المتحدة جندت الميليشيات في قندوز، قبل فترة طويلة مما كان معروفاً. كما أن عواقب ذلك جاءت أسوأ بكثير مما اعترف به المسؤولون الأميركيون.

وخلال حربها التي استمرت 20 عاماً في أفغانستان، دفعت الولايات المتحدة بسلسلة متطورة باستمرار من البرامج لتجنيد وتدريب ودعم المقاومة المحلية ضد «طالبان». وشكّل البعض، بصورة رسمية، مجموعات مسلحة تحت رعاية الشرطة. في كثير من الحالات، وزعت الحكومة الأفغانية الأموال الأميركية، ما أتاح للميليشيات دعماً من واشنطن.

وانطوت جميع الجهود تقريباً على إشكاليات، وسرعان ما أصبحت الميليشيات أقوى من أن ينزع سلاحها، ورغم أنها قاتلت «طالبان»، فإنها تورطت كذلك في قتل بعضها بشكل أكبر، الأمر الذي خلق نوعاً من الاضطرابات أشبه بالحرب الأهلية التي ساعدت في دفع «طالبان» إلى السلطة في تسعينيات القرن العشرين.

وشعر بعض الأفغان بالاشمئزاز الشديد تجاه الميليشيات المتوحشة، إلى الحد الذي جعلهم ينظرون إلى «طالبان»، باعتبارها المدافع عنهم، ما شجعهم على الانضمام إليها.

ووُلدت إحدى الميليشيات الأولى في منطقة قندوز في خان آباد، وكانت واحدة من بنات أفكار ضابط الحرس الوطني الأميركي، في محاولة يائسة لصد «طالبان».

* «نيويورك تايمز»