استخبارات «طالبان» تستهدف المجتمع السلفي في أفغانستان

وسط ملاحقة فاعلة لخلايا «داعش خراسان» النائمة داخل حرم الجامعات

مقاتل داعشي قبل وصول «طالبان» إلى الحكم في كابل (أرشيفية - متداولة)
مقاتل داعشي قبل وصول «طالبان» إلى الحكم في كابل (أرشيفية - متداولة)
TT

استخبارات «طالبان» تستهدف المجتمع السلفي في أفغانستان

مقاتل داعشي قبل وصول «طالبان» إلى الحكم في كابل (أرشيفية - متداولة)
مقاتل داعشي قبل وصول «طالبان» إلى الحكم في كابل (أرشيفية - متداولة)

اختُطف أبو عبيد الله المتوكل؛ أبرز رجل دين سلفي في أفغانستان، في كابل على أيدي مسلحين مجهولين. وبعد أيام قليلة، عُثر على جثته مشوهة ومحروقة ملقاة في ضواحي المدينة. واتهم أتباع المتوكل جماعة «طالبان» بتنفيذ عملية الاختطاف والقتل؛ وهو ما نفته حكومة «طالبان» في كابل.

مقاتل داعشي قبل وصول «طالبان» إلى الحكم في كابل (أرشيفية - متداولة)

وفي العام الذي شهد عودة «طالبان» إلى السلطة، سجنوا المتوكل بزعم ارتباطه بتنظيم «داعش خراسان».

إلا إن مؤيديه ينكرون وجود أي صلة له بالتنظيم، بينما تنفي «طالبان» مسؤوليتها عن قتل المتوكل، وتعهدت بالتحقيق في مقتله.

صبي أفغاني يبيع البيض في حديقة ثلجية بالعاصمة كابل (إ.ب.أ)

ولم تكن هذه جريمة القتل الوحيدة التي استهدفت رجل دين سلفياً في أفغانستان تحت حكم «طالبان»، فقد وقعت المئات من عمليات القتل التي استهدفت السلفيين في أفغانستان منذ سيطرة «طالبان» على كابل في أغسطس (آب) 2021.

وفي حملتها لمناهضة الإرهاب ضد «داعش خراسان» داخل المجتمع الأفغاني، لا تتردد «طالبان» في استهداف أي مدني لديه ميول دينية تجاه المدرسة السلفية.

وقالت جماعات حقوق الإنسان إن مدنيين على صلة بالفكر السلفي وليست لهم روابط بتنظيم «داعش خراسان» قد تعرضوا للاعتقال والتعذيب أو القتل على أيدي «طالبان».

رجال شرطة أفغان خلال حفل تخرجهم في هلمند بأفغانستان يوم 2 يناير 2024 (إ.ب.أ)

ووثق تقرير لمنظمة «هيومان رايتس ووتش» في يوليو (تموز) 2022 عثور سكان منطقتي كونار وننغرهار على نحو 100 جثة ملقاة في الأنهار والقنوات، وكان كثير منهم من السلفيين والمشتبه في انتمائهم إلى تنظيم «داعش خراسان» ممن اعتقلتهم «طالبان».

يذكر أن جهاز استخبارات «طالبان» يلاحق بفاعلية خلايا «داعش خراسان» النائمة داخل حرم الجامعات الأفغانية، ولا يتردد تجاه اعتقال مئات الطلاب العاديين ذوي الميول السلفية.

من جانبهم، بدأ السلفيون يعتقدون أنه إذا فشلوا في توحيد صفوفهم لمقاومة «طالبان»، فإن الحركة الحاكمة ستواصل قتل علمائها الدينيين الواحد تلو الآخر.

وفي الأيام الأخيرة من حكم الرئيس السابق أشرف غني، أثبتت حملة تجنيد تنظيم «داعش خراسان» نجاحاً كبيراً في الجامعات الأفغانية.

وشرعت «طالبان» فور عودتها إلى السلطة في النظر إلى «داعش خراسان» بوصفه تهديداً مباشراً لحكمها ولشرعيتها، مما أدى بها إلى التعامل بوحشية مع «داعش خراسان» والسلفيين بشكل عام.

رجال أفغان يصلون بأحد الحقول في فايز آباد يوم 10 مارس 2024 (إ.ب.أ)

ويعدّ ذلك تحولاً غير متوقع في تفكير قيادة «طالبان»، فقد سبق أن تحالفت «طالبان» الأفغانية مع تنظيم «القاعدة» وجماعات سلفية أخرى في المناطق الحدودية الباكستانية - الأفغانية في الماضي. كما استوعبت «طالبان» جماعات سلفية أصغر في الماضي.

حرب ضارية مع أنصار «داعش خراسان»

مع ذلك، عارضت «طالبان» تنظيم «داعش خراسان» منذ ظهوره عام 2015، ونشبت حرب ضارية على النفوذ بين الجماعتين منذ أن بدأ «داعش خراسان» عملياته في أفغانستان. ومنذ سيطرة «طالبان» على كابل، تصاعدت هجمات تنظيم «داعش خراسان» ضدها على نحو ملحوظ.

يذكر أن نشاط «داعش خراسان» في أفغانستان بدأ عندما جرى تعيين حافظ سعيد؛ القائد السلفي السابق في شرق أفغانستان والقيادي السلفي البارز، في منصب «خان»؛ أي قائد مخضرم بحركة «طالبان» الباكستانية، عام 2014، رفقة أعضاء بارزين آخرين في الحركة؛ بمن في ذلك المتحدث باسم الجماعة الشيخ مقبول وكثير من قادة المناطق.

رجال أفغان يشترون السكر قبل شهر رمضان المبارك في كابل يوم 10 مارس 2024 (إ.ب.أ)

وبفضل قادة مثل حافظ سعيد، يقول الخبراء إنه لا يوجد خط فاصل واضح بين حركتي «طالبان» الباكستانية والأفغانية. في البداية، ضم تنظيم «داعش خراسان» مجموعة من المسلحين الباكستانيين الذين ظهروا في ولاية ننغرهار الأفغانية في نحو عام 2010، بالقرب من المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية سابقاً في باكستان.

وبعد استيلاء «طالبان» على الحكم بأفغانستان، أصبح الوضع في الجامعات والمؤسسات التعليمية الأفغانية غير مقبول، خصوصاً للطلاب السلفيين والأشخاص العاديين، حيث شاعت للغاية التقارير عن ملاحقات استخبارات «طالبان» واختطاف وتعذيب أشخاص عاديين لديهم ميول سلفية.

ووفقاً لخبراء، فإن حملة استخبارات «طالبان» ضد المواطنين السلفيين العاديين في أفغانستان جعلت مهمة «داعش خراسان» سهلة للغاية. ويتهم السلفيون «طالبان» باحتجاز وقتل أعضاء الجماعة، بالإضافة إلى مداهمة وإغلاق مساجدهم ومدارسهم الدينية.

وتتزامن حملة «طالبان» ضد الجماعة السلفية في أفغانستان مع حملة كابل ضد «داعش خراسان» في أفغانستان. بعبارة أخرى، تحولت حملة مكافحة الإرهاب التي تشنها «طالبان» ضد «داعش خراسان» إلى عملية ملاحقة وحشية ضد الجماعة السلفية في أفغانستان.

يذكر أن «طالبان» نفسها امتداد لحركة الإصلاح الديني التي بدأت في القرن الثامن عشر في شمال الهند البريطانية. وكانت حركة إصلاحية؛ بمعنى أنها شجعت مسلمي الهند على الابتعاد عن عبادة الأولياء والأضرحة، التي كانت شائعة للغاية بين مسلمي شمال الهند ولا تزال منتشرة حتى وقتنا الحاضر.

«خوارج العصر»

وعادة ما تصف وسائل الإعلام التي تسيطر عليها «طالبان» الأفغانية تنظيم «داعش خراسان» بأنهم «خوارج العصر»؛ وهي فرقة ظهرت في عصور الإسلام الأولى.

وينعتهم مسؤولو «طالبان» كذلك بـ«الخوارج». ومنذ وصولهم إلى السلطة، يصف مسؤولو «طالبان» الجماعة السلفية الصغيرة في أفغانستان بأنهم «رفاق داعش خراسان». كما تصف «طالبان» السلفيين بالخوارج أيضاً.

ومن المفارقات إلى حد ما أن يتهم مسؤولو الحكومة والمفكرون في باكستان حركة «طالبان» بأنها أقرب إلى «الخوارج». ومع ذلك، لا يفسر مسؤولو «طالبان» الأفغانية أو المسؤولون الباكستانيون سبب وصفهم خصومهم في عمليات مكافحة الإرهاب بـ«الخوارج».


مقالات ذات صلة

إردوغان يقاضي أوزال وإمام أوغلو لـ«إهانتهما» له... ووقفات احتجاجية يومية للمعارضة

شؤون إقليمية قوات الأمن التركية تفرض طوقاً حول مبنى بلدية أسنيورت منذ اعتقال رئيسها أحمد أوزار الأربعاء الماضي (أ.ف.ب)

إردوغان يقاضي أوزال وإمام أوغلو لـ«إهانتهما» له... ووقفات احتجاجية يومية للمعارضة

تتواصل تداعيات اعتقال رئيس بلدية أسنيورت أحمد أوزار، بعدما قرر إردوغان مقاضاة رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزال، ورئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية احتجاجات في إسطنبول على اعتقال رئيس بلدية أسنيورت المعارض أحمد أوزار (أ.ب)

صدام جديد بين تركيا والاتحاد الأوروبي... وأوزال يطالب إردوغان بانتخابات فورية

وقع صدام جديد بين تركيا والاتحاد الأوروبي، على خلفية التقرير السنوي لتقدمها في مفاوضات الانضمام، في وقت تتصاعد فيه أزمة اعتقال رئيس بلدية أسنيورت بإسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان خلال استقبال رئيس الوزراء العراقي في قصر وحيد الدين في إسطنبول الجمعة (الرئاسة التركية)

مباحثات تركية - عراقية حول مستجدات المنطقة

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني التطورات في منطقة الشرق الأوسط، ومجابهة «العمال الكردستاني».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا وحدة من جيش بوركينا فاسو خلال عملية عسكرية (صحافة محلية)

دول الساحل تكثف عملياتها ضد معاقل الإرهاب

كثفت جيوش دول الساحل الثلاث؛ النيجر وبوركينا فاسو ومالي، خلال اليومين الماضيين من عملياتها العسكرية ضد معاقل الجماعات الإرهابية.

الشيخ محمد (نواكشوط)
تحليل إخباري مقاتلو «داعش» في شمال أفغانستان (وسائل الإعلام الأفغانية)

تحليل إخباري لماذا ينتج تنظيم «داعش - خراسان» محتوى إعلامياً باللغة الطاجيكية؟

لماذا تصدر خلية «داعش» الإعلامية نشرة جديدة باللغة الطاجيكية للمواطنين في طاجيكستان والعرقيات الطاجيكية في أفغانستان؟ هل لها تأثير ناجح على الرأي العام؟

عمر فاروق (إسلام آباد)

الجيش الهندي يقتل «إرهابيين» مشتبهاً بهما في كشمير

عناصر من قوات الأمن الهندية (إ.ب.أ)
عناصر من قوات الأمن الهندية (إ.ب.أ)
TT

الجيش الهندي يقتل «إرهابيين» مشتبهاً بهما في كشمير

عناصر من قوات الأمن الهندية (إ.ب.أ)
عناصر من قوات الأمن الهندية (إ.ب.أ)

قتل جنود هنود رجلين مشتبهاً بهما خلال اشتباك وقع في إقليم كشمير المتنازع عليه، وبدأ عندما تعرّضت فرقة تفتيش لإطلاق نار، وفق ما أفاد الجيش، اليوم السبت، بحسب ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وما زالت كشمير ذات الغالبية المسلمة منقسمة بين الهند وباكستان منذ أن استقلتا عن الحكم البريطاني عام 1947، وتشهد تمرّداً متواصلاً منذ مدة طويلة.

ووقع تبادل إطلاق النار عندما تحرّك الجنود الهنود للتحري بعد «تحرّك مثير للشبهات» قرب هالكان غالي في أنانتناغ، ما أسفر عن مقتل مسلحين.

وذكّرت قوة «تشينار»، التابعة للجيش الهندي على منصة «إكس»، بأنه تم إطلاق عملية مشتركة في المنطقة. وقالت في بيان: «فتح الإرهابيون ناراً عشوائية... فرد الجنود بشكل فعال، ما أدى إلى القضاء على إرهابيين اثنين».

وينتشر 500 ألف جندي هندي في كشمير، حيث يكافحون تمرّداً أودى بحياة عشرات آلاف المدنيين والجنود والمتمرّدين منذ عام 1989.

ونصب مسلحون الأسبوع الماضي كميناً لمركبة تابعة للجيش، وقتلوا خمسة أشخاص بينهم ثلاثة جنود.

وقبل أسبوع من ذلك، قتل مسلحون سبعة أشخاص قرب موقع بناء باتّجاه نفق استراتيجي إلى منطقة لداخ في الهملايا تقع على حدود الصين.

ويفيد الجيش بأن أكثر من 720 متمرّداً قتلوا منذ ألغت حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي في 2019 الحكم الذاتي المحدود الذي كانت تتمتع المنطقة به.

ومطلع أكتوبر (تشرين الأول)، نظّمت كشمير أول انتخابات لديها منذ عام 2014 لاختيار أعضاء مجلس إقليمي، يمثّل سكان المنطقة التي تبلغ نحو 12 مليون نسمة.