باكستان: لماذا ساد الهدوء أول شهرين؟ ولماذا لن يدوم الحال باقي العام؟

هل تضعف الغارات العسكرية «حركة طالبان»؟

الشرطة تحرس موقع التفجيرات الانتحارية في بانو (باكستان) (متداولة)
الشرطة تحرس موقع التفجيرات الانتحارية في بانو (باكستان) (متداولة)
TT

باكستان: لماذا ساد الهدوء أول شهرين؟ ولماذا لن يدوم الحال باقي العام؟

الشرطة تحرس موقع التفجيرات الانتحارية في بانو (باكستان) (متداولة)
الشرطة تحرس موقع التفجيرات الانتحارية في بانو (باكستان) (متداولة)

تمكنت قوات الأمن الباكستانية، صباح الأحد، من قتل ثلاثة إرهابيين في منطقة كراك بعد تبادل كثيف لإطلاق النار بين الإرهابيين والقوات الباكستانية بالقرب من الحدود الباكستانية - الأفغانية. وكانت هذه الغارة واحدة من مئات الغارات المماثلة التي جرت خلال الأشهر الثلاثة الماضية والتي أضعفت وجود حركة «طالبان» الباكستانية بشكل كبير داخل الأراضي الباكستانية.

قوات الجيش المناوبة في المناطق الحدودية الباكستانية - الأفغانية (متداولة)

وقال مسؤول عسكري كبير: «نفذنا مئات الغارات في مناطق الحدود الباكستانية - الأفغانية، وفي هذه الغارات قتلنا نحو ستة من الانتحاريين واعتقلنا العشرات من مقاتلي (طالبان)».

ويدور نقاش حالياً في دوائر صنع القرار الباكستانية حول ما إذا كانت الحملات العسكرية ضد حركة «طالبان» الباكستانية أم الدبلوماسية الباكستانية هي التي أجبرت «طالبان» الأفغانية على السيطرة على «طالبان» الباكستانية داخل أفغانستان، ما أدى إلى انخفاض وتيرة العنف الذي تقوده «طالبان» في الشهرين الأولين من هذا العام.

الشرطة الباكستانية بعد هجوم انتحاري بالقرب من الشريط القبلي (متداولة)

وقال خرام إقبال، خبير مكافحة الإرهاب وأستاذ في جامعة الدفاع الوطني بإسلام آباد: «يقول البعض إنه بعد زيارة مولانا فضل الرحمن إلى كابل، قامت حركة (طالبان) الأفغانية باعتقال المئات من مقاتلي حركة (طالبان) الباكستانية في أفغانستان. وهناك آخرون يجادلون بأن الحملة العسكرية ضد حركة (طالبان) الباكستانية كانت فعالة للغاية».

مسؤولو الأمن الباكستانيون يقفون على أهبة الاستعداد تحسباً لأي طارئ أمني (إ.ب.أ)

ويقول خبراء الأمن والعسكريون الباكستانيون إنه من غير المحتمل أن يمتد التباطؤ في الهجمات الإرهابية داخل باكستان المستمر خلال الشهرين الماضيين من هذا العام، إلى الأشهر المقبلة.

ولم يشهد الشهران الأولان من هذا العام أي هجوم انتحاري في أي مكان في باكستان. وقد تم إحباط محاولتي تفجير انتحاري من قبل قوات الأمن الباكستانية. وواصلت قوات الأمن الباكستانية الاشتباك مع حركة «طالبان» الباكستانية في مناطق الحدود الباكستانية ـ الأفغانية.

وفي السابع من فبراير (شباط) 2024، وقع انفجاران في إقليم بلوشستان استُهدفت فيهما الأنشطة الانتخابية، لكن هذه الهجمات لم تنفذها حركة «طالبان».

وقال مسؤول عسكري: «بشكل عام، ظل الوضع تحت السيطرة وأجريت الانتخابات دون وقوع أي اعتداء كبير داخل باكستان».

مسؤولو الأمن ليسوا متفائلين

وفي تصريح لصحيفة «الشرق الأوسط»، قال خرام إقبال، الخبير في قضايا الإرهاب والأستاذ في جامعة الدفاع الوطني بإسلام آباد، إنه من غير المرجح أن تكون الأشهر المتبقية من هذا العام سلمية مثل الشهرين الأولين من العام، وقال: «الربع الأول من عام 2024 سلمي نسبياً، لا تفجيرات انتحارية. الانتخابات مرت سلمية نسبياً، لكني لا أعتقد أن هذا الاتجاه سيستمر لبقية عام 2024».

ويفسر إقبال ذلك بأن الناس (مسؤولي الحكومة والخبراء على حد سواء) ليسوا متفائلين بشأن الوضع في أفغانستان، ولا سيما العلاقات بين حكومة «طالبان» الأفغانية وإسلام آباد. وأضاف: «لقد تدهور الوضع إلى درجة من المحتمل أن تجعل حركة (طالبان) الأفغانية من حركة (طالبان) الباكستانية ورقة مساومة في تعاملاتها مع إسلام آباد». وليس من الصعب الحكم على ما سيعنيه ذلك بالنسبة للإرهاب في باكستان.

يُعزى الهدوء النسبي خلال الأشهر الأولى من عام 2024 إلى عاملين رئيسيين: زيارة مولانا فضل الرحمن إلى كابل واجتماعه مع قيادة «طالبان» العليا، حيث زعم أنه حصل على وعد منهم بالسيطرة على حركة «طالبان» الباكستانية.

وقال إقبال إن عمليات الاغتيال التي تستهدف قادة حركة «طالبان» الباكستانية في أفغانستان قد ازدادت بشكل كبير. وقد تم اغتيال بعض القادة البارزين للحركة في أفغانستان. لذلك، من المحتمل أن تكون عمليات «طالبان» الباكستانية قد شُلت. لا تتحمل «طالبان» الأفغانية مسؤولية عمليات القتل المستهدف، لذلك يسهل افتراض من يمكن أن يكون مسؤولاً. وبدلاً من ذلك، يشير الخبراء أيضاً إلى صراعات داخلية بين صفوف حركة «طالبان» الباكستانية وراء عمليات القتل المستهدف.

أفراد من الشرطة الباكستانية خلال حفلة تخرج في حيدر آباد (إ.ب.أ)

يؤكد بعض الخبراء العسكريين على أن حركة «طالبان» الباكستانية وتنظيم «داعش - خراسان» قد نشبت بينهما خلافات كبيرة قبل شهرين، وأنهما الآن يتقاتلان بشدة.

ويقول الخبراء إن الغارات العسكرية المستمرة على الإرهاب ومخابئ المسلحين في المناطق الحدودية الأفغانية - الباكستانية ليست ناجحة للغاية بوصفها خياراً سياسياً. ومنذ ذلك الحين، نجحت «طالبان» نجاحاً باهراً في تعطيل الحياة المدنية من خلال هجماتها الإرهابية المتقطعة في المراكز الحضرية.

قتال ثلاثي الأطراف

وعلى هذا النحو، يدور حالياً في أفغانستان وباكستان قتال ثلاثي الأطراف: من ناحية، تشارك «طالبان» الأفغانية في عملية مكافحة التمرد ضد «داعش - خراسان» وإجراءات أمنية بسيطة ضد حركة «طالبان» الباكستانية، التي اعتقلت شرطة «طالبان» منها المئات. ثانياً، هناك مواجهة مباشرة بين حركة «طالبان» الباكستانية وتنظيم «داعش - خراسان» في المناطق الحدودية الباكستانية ـ الأفغانية. تشارك قوات الأمن الباكستانية في حملة عسكرية واسعة النطاق ضد مقاتلي حركة «طالبان» الباكستانية والتي تشمل مئات المداهمات الصغيرة على مخابئ المسلحين والإرهابيين في المناطق الحدودية الباكستانية - الأفغانية.

ويشك الخبراء الباكستانيون في استمرار هذا السلام النسبي في الأشهر المقبلة من هذا العام. ويقولون إن العامل الرئيسي في هذا الصدد سيكون موقف «طالبان» الأفغانية تجاه مشاكل الإرهاب على الأراضي الباكستانية.

اختتم إقبال قائلاً: «(طالبان) الأفغانية ليست مستعدة للتخلي عن حركة (طالبان) الباكستانية، وستستخدمها في تعاملاتها مع الحكومة الباكستانية، وهذا قد يثبت أنه أمر بالغ الضرر لباكستان».


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)

43 قتيلًا في هجوم شمال باكستان

خلال تشييع شخص قُتل بالهجمات في باكستان الخميس... في باراشينار شمال غربي باكستان في 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)
خلال تشييع شخص قُتل بالهجمات في باكستان الخميس... في باراشينار شمال غربي باكستان في 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)
TT

43 قتيلًا في هجوم شمال باكستان

خلال تشييع شخص قُتل بالهجمات في باكستان الخميس... في باراشينار شمال غربي باكستان في 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)
خلال تشييع شخص قُتل بالهجمات في باكستان الخميس... في باراشينار شمال غربي باكستان في 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)

ارتفعت حصيلة هجومين استهدفا، أمس (الخميس)، موكبين لعائلات شيعية في شمال غربي باكستان، الذي يشهد عنفاً طائفياً، إلى 43 شخصاً من بينهم 7 نساء و3 أطفال.

وقال جاويد الله محسود، المسؤول المحلي في كورام؛ حيث وقع الهجومان، إنه بالإضافة إلى القتلى «أُصيب 16 شخصاً، منهم 11 في حالة حرجة».

وأكد شرطي في الموقع هذه الحصيلة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طالباً عدم الكشف عن هويته، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال مسؤول محلي آخر في باراشينار، معقل الشيعة في كورام، إن «السكان أقاموا اعتصاماً في أثناء الليل في السوق المركزية يتواصل حتى الآن».

ورداً على ذلك «قُطعت شبكة الهاتف الجوال، وفُرض حظر تجول على الطريق الرئيس» و«عُلّقت» حركة المرور.

من جهته، أشار محسود إلى أن مجلساً قبلياً «عُقد من أجل إعادة فرض السلام والنظام».

منذ يوليو (تموز)، خلّفت أعمال العنف بين القبائل الشيعية والسُّنِّية في هذه المنطقة الجبلية أكثر من 70 قتيلاً، بحسب اللجنة الباكستانية لحقوق الإنسان، وهي منظمة غير حكومية مدافعة عن الحريات في البلاد.

وتندلع بشكل دوري اشتباكات قبلية وطائفية، ثم تتوقف حين يتم التوصل إلى هدنة من قبل مجلس قبلي (الجيرغا). وبعد أسابيع أو أشهر تتجدد أعمال العنف.

وشهدت كورام في يوليو، وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) حوادث سقط فيها قتلى.

منذ ذلك الحين تواكب الشرطة العائلات التي تنتقل إلى المناطق التي يسكنها أتباع الديانة الأخرى.

وتتعلق النزاعات بين القبائل ذات المعتقدات المختلفة، خصوصاً بمسألة الأراضي في المنطقة؛ حيث تكون قواعد الشرف القبلية قوية، وغالباً ما تسود على النظام الذي تكافح قوات الأمن للحفاظ عليه.