«جوكوي» رتّب انتخابات إندونيسيا لتأسيس «سلالة حاكمة»

الرئيس الحالي جوكو ويدودو «جوكوي»... (أرشيفية - أ.ب)
الرئيس الحالي جوكو ويدودو «جوكوي»... (أرشيفية - أ.ب)
TT

«جوكوي» رتّب انتخابات إندونيسيا لتأسيس «سلالة حاكمة»

الرئيس الحالي جوكو ويدودو «جوكوي»... (أرشيفية - أ.ب)
الرئيس الحالي جوكو ويدودو «جوكوي»... (أرشيفية - أ.ب)

تمثل الانتخابات المقرر إجراؤها في إندونيسيا، الأربعاء، 14 فبراير (شباط)، نقطة تحول محتملة في أقوى دولة بمنطقة جنوب شرقي آسيا، ومن المرجح أن تلعب دوراً رئيسياً في تحديد مسار علاقات جاكرتا مع الصين وأميركا مستقبلاً، إضافةً إلى مصير الديمقراطية في البلاد.

ويتوجه ناخبو إندونيسيا إلى صناديق الاقتراع (الأربعاء) لاختيار رئيس جديد ونائب رئيس، وبرلمان مركزي، وبرلمانات على مستوى الأقاليم والمحافظات، بواقع انتخاب 20 ألف نائب وممثل لهذه البرلمانات. وتعد هذه الانتخابات الأكبر التي تجرى في العالم في يوم واحد فقط.

إنزال صناديق الاقتراع من زورق في قرية نائية جنوب سومطرة الثلاثاء (أ.ب)

وحسب وكالة الأنباء الألمانية، فإن دستور إندوينسيا لا يسمح للرئيس الحالي جوكو ويدودو (جوكوي)، بالترشح لخوض الانتخابات من أجل ولاية ثالثة، ولكنه تدخل على نطاق واسع في الفترة السابقة على الانتخابات. فكيف كانت نتائج تدخله؟

يقول جوشوا كورلانتزيك، الخبير بمجلس العلاقات الخارجية الأميركي، في تقرير نشره المجلس، إنه يبدو من المرجح أن أفعال «جوكوي» قد غيَّرت مسار السباق إلى حد كبير، بل ربما حسمته، على حساب الديمقراطية في إندونيسيا.

وعندما جرى انتخاب «جوكوي» رئيساً، للمرة الأولى عام 2014، كان يُروَّج له على أنه مصلح ديمقراطي.

وكان «جوكوي» رجل أعمال صغيراً سابقاً ينتمي للطبقة المتوسطة، كما كان أول رئيس للبلاد في العهد الديمقراطي لا ينتمي للنخبة في جاكرتا، ولم تكن له علاقات بفترة القمع تحت حكم الرئيس الراحل سوهارتو.

المرشج الرئاسي برابوو سوبيانتو وإلى يساره المرشح لنيابة الرئيس جبران راكابومينغ راكا ابن الرئيس الحالي (أ.ب)

وتعهد «جوكوي» بتوسيع الحقوق، ومكافحة الفساد، وتعزيز الاقتصاد، والإحجام عن السعي لإقامة سلالة حاكمة، إذ ألقت مثل هذه الأسر الحاكمة، ولا تزال، بظلالها على مسار السياسة في البلاد.

وعلى الرغم من نجاح «جوكوي» في الفوز بولاية ثانية عام 2019، وهو ما كان إلى حد كبير بفضل سياسته الاقتصادية الناجحة، فقد أخفق، عملياً، في جميع المجالات السياسية الأخرى تقريباً، إذ تراجعت إندونيسيا عن دعم الحقوق الديمقراطية، كما سمح الرئيس للجيش، الذي ذاعت سمعته السيئة في عهد سوهارتو بوحشيته وتورطه في السياسة الوطنية، بالتدخل على نحو موسّع في شؤون البلاد، وكذلك بمزيد من السيطرة على كثير من الوزارات المهمة.

وإلى جانب ذلك، قوَّض «جوكوي» هيئة مكافحة الفساد، كما عقد تحالفات مع بعض أكبر الساسة الفاسدين، القدامى، في البلاد.

ومن أبرز الأعمال التي قام بها الرئيس «جوكوي»، تعيين برابوو سوبيانتو لتولي حقيبة وزارة الدفاع، على الرغم من اتهام جماعات رقابية كثيرة له بأنه يملك سجلاً سيئاً في مجال حقوق الإنسان. وعلى مدار سنوات، لم يتمكن سوبيانتو من الحصول على تأشيرة دخول لأميركا لهذا السبب.

عامل يجهّز صناديق اقتراع لتوزيعها على المراكز في جاكرتا الثلاثاء (رويترز)

كما يدعم الرئيس «جوكوي» حالياً، بحكم الواقع، برابوو الذي يبلغ من العمر 72 عاماً، وهو الآن ضمن النخبة القديمة التي تحكم البلاد منذ فترة طويلة، في السباق الرئاسي 2024، وليس مرشح حزب الرئيس. وبذلك، ليس من قبيل المصادفة أن يختار برابوو نجل «جوكوي»، جبران راكابومينغ راكا، الذي يبلغ من العمر 36 عاماً، مرشحاً على تذكرته لمنصب نائب الرئيس في الانتخابات.

وجبران هو العمدة الحالي لمدينة سولو، التي تمثل القاعدة الانتخابية لـ«جوكوي».

وباستثناء صلته بالرئيس الأب، يعد الابن جبران عديم الخبرة لحد لا يسمح له بالترشح لمنصب نائب الرئيس، وقد ارتكب بالفعل الكثير من الهفوات.

وقد تطلب الأمر من المحكمة العليا في إندونيسيا، برئاسة صهر «جوكوي»، إصدار حكم خاص للسماح لشخص في سنّ جبران بخوض الانتخابات على منصب نائب الرئيس.

وخلص الخبير بمركز العلاقات الخارجية الأميركي، جوشوا كورلانتزيك، في ختام تحليله إلى أن «جوكوي» قد مزّق التعهد الذي كان قد قطعه على نفسه بعدم إقامة «سلالة حاكمة»، عندما قرر الدفع بنجله جبران، وبنجل آخر، أصغر سناً، للترشح لمنصب عمدة مدينة.


مقالات ذات صلة

«معركة بغداد»... أبرز ساحات الانتخابات العراقية المقبلة

المشرق العربي صورة جوية لجانب من بغداد (متداولة)

«معركة بغداد»... أبرز ساحات الانتخابات العراقية المقبلة

بعد 5 انتخابات برلمانية متباينة النتائج والأوزان، يستعد العراقيون لإجراء الانتخابات السادسة نهاية عام 2025، بعنوان بارز اسمه «معركة بغداد» الحزبية.

حمزة مصطفى (بغداد)
الولايات المتحدة​ ترمب يوقّع مشروع الموازنة في 4 يوليو 2025 (أ.ف.ب)

هل سيقلب «المشروع الكبير والجميل» موازين القوى في الكونغرس؟

بعد نشوة النصر، وإقرار الكونغرس بمجلسَيْه مشروع ترمب «الكبير والجميل» ينظر الجمهوريون اليوم بقلق إلى المرحلة المقبلة، تحديداً الانتخابات النصفية المقبلة.

رنا أبتر (واشنطن)
المشرق العربي جانب من اجتماع لتحالف «الإطار التنسيقي» في بغداد (إكس)

مقاطعة انتخابات العراق تربك التحالف الحاكم

دعا رئيس الحكومة الأسبق حيدر العبادي، إلى «إصلاح النظام الانتخابي» بالعراق، بينما يُنتظَر من «الإطار التنسيقي» اتخاذ موقف من قرار مقتدى الصدر مقاطعة الانتخابات.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر (إعلام التيار)

الصدر يقاطع انتخابات العراق «بوجود الميليشيات»

حسم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الجدل بشأن مشاركته في الانتخابات البرلمانية المقبلة المقرّر إجراؤها خلال شهر نوفمبر المقبل.

حمزة مصطفى (بغداد)
أوروبا شباب من جيل «زد»

استطلاع: الشباب الأوروبيون يفقدون ثقتهم بالديمقراطية

أظهرت نتائج استطلاع للرأي أن نصف الشباب فقط في فرنسا وإسبانيا يعتقدون أن الديمقراطية هي أفضل أشكال الحكم، مع انخفاض هذا الموقف بين نظرائهم البولنديين.

«الشرق الأوسط» (لندن )

واشنطن وسيول وطوكيو تبحث تعزيز التعاون في وجه «التهديد الكوري الشمالي»

جانب من اجتماع قادة دفاع اليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة في سيول يوم 11 يوليو (رويترز)
جانب من اجتماع قادة دفاع اليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة في سيول يوم 11 يوليو (رويترز)
TT

واشنطن وسيول وطوكيو تبحث تعزيز التعاون في وجه «التهديد الكوري الشمالي»

جانب من اجتماع قادة دفاع اليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة في سيول يوم 11 يوليو (رويترز)
جانب من اجتماع قادة دفاع اليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة في سيول يوم 11 يوليو (رويترز)

أجرت قوات من سيول وطوكيو وواشنطن تدريبات جوية مشتركة، الجمعة، شاركت فيها قاذفة استراتيجية أميركية من طراز «بي 52» وطائرات مقاتلة من كوريا الجنوبية واليابان فوق المياه الدولية. وأوضحت وزارة دفاع كوريا الجنوبية أن هذه هي المرة الأولى هذا العام التي يتم فيها نشر قاذفة استراتيجية أميركية من طراز «بي 52 إتش» في شبه الجزيرة الكورية لإجراء تدريبات تهدف إلى تحسين الرّدع، في مواجهة تهديدات نووية وصاروخية متزايدة من كوريا الشمالية، كما نقلت «وكالة رويترز». وتزامنت التدريبات مع عقد قادة دفاع الدول الثلاث اجتماعاً سنوياً في سيول، الجمعة، حيث أكدوا على أهمية التعاون الثلاثي الوثيق في مواجهة التحديات الأمنية التي تشكلها كوريا الشمالية، في منطقة المحيطين الهندي والهادي وما وراءها.

تعزيز الرّدع المشترك

وقال رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، الجنرال دان كين، في كلمته الافتتاحية قبل الاجتماع: «نحن نضيء طريقاً مستقبلياً معاً، وهو طريق يمكن أن تتطور فيه الشراكات من خلال المشاركة المستمرة والمنتظمة، من بناء القدرات إلى تقاسم المسؤولية فعلياً». وتابع أن كوريا الشمالية والصين «تنفذان تعزيزاً عسكرياً غير مسبوق، مع نية واضحة لا لبس فيها للمضي قدماً في تنفيذ أجنداتهما الخاصة. علينا أن نأخذ ذلك في الاعتبار».

رؤساء أركان اليابان (يمين) وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة خلال اجتماع في سيول، يوم 11 يوليو (أ.ف.ب)

بدوره، التقى وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أيضاً بوزير الخارجية الياباني تاكيشي إيوايا، ونائب وزير الخارجية الكوري الجنوبي بارك يون جو، في ماليزيا، اليوم (الجمعة). وقالت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية، في بيان، إن الوزراء اتفقوا على الحفاظ على «ردع قوي» ضد كوريا الشمالية، بالإضافة إلى تعزيز التعاون في مجالات، مثل الطاقة، وبناء السفن، والمعادن الحيوية، وغيرها من الأمور المتعلقة بأمن سلاسل التوريد، بالإضافة إلى الذكاء الاصطناعي. والتقى الثلاثة على هامش اجتماعات كبار الدبلوماسيين من رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان)، المكونة من 10 دول، بالإضافة إلى دول أخرى، في كوالالمبور.

«لقاء إيجابي»

جانب من مشاركة روبيو في اجتماعات «آسيان» بكوالالمبور، يوم 11 يوليو (أ.ف.ب)

إلى ذلك، قالت وزارة الخارجية الأميركية، الجمعة، إن وزير الخارجية ماركو روبيو أجرى نقاشاً «بناءّ وعملياً» مع نظيره الصيني وانغ يي، على هامش قمة إقليمية في ماليزيا، مؤكداً على أهمية إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة. كما أكّد متحدث باسم الوزارة أن الوزيرين «اتفقا على استكشاف مجالات التعاون المحتملة، مع السعي إلى معالجة الخلافات».

بدورها، وصفت بكين اللقاء بأنه «إيجابي». وقالت وزارة الخارجية إن «الجانبين اتفقا على أن اللقاء كان إيجابياً وبراغماتياً وبنّاء»، مضيفة أن البلدين اتفقا على «تعزيز التواصل والحوار».

لافروف في بيونغ يانغ

يأتي تعزيز سيول وطوكيو وواشنطن التعاون الأمني المشترك ردّاً على تزايد التوتر الناجم عن التطورات العسكرية في كوريا الشمالية، وتوطيد العلاقات العسكرية بين بيونغ يانغ وموسكو.

محادثة بين روبيو ولافروف على هامش اجتماعات «آسيان» بكوالالمبور، يوم 11 يوليو (د.ب.أ)

وتُعدّ زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف المقررة إلى كوريا الشمالية، التي بدأت الجمعة، أحدث اجتماع رفيع المستوى بين البلدين، في ظل تطوير كبير لتعاونهما الاستراتيجي الذي أصبح يشمل اتفاقية دفاع مشترك. وذكرت وكالة الإعلام الروسية الرسمية أن وزارة الخارجية الروسية تدرس تحديد موعد لزيارة زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون إلى روسيا، رغم أن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف نفى وجود خطط في الوقت الراهن لزيارة أي من زعيمي البلدين. وذكر بيان مشترك أن كين، ورئيس هيئة الأركان الكورية الجنوبية المشتركة كيم ميونج سو، ورئيس الأركان الياباني يوشيهيدي يوشيدا، «ناقشوا نشر» قوات كورية شمالية في روسيا. وقال جهاز المخابرات في كوريا الجنوبية إن بيونغ يانغ قد تكون تستعد لنشر قوات إضافية في يوليو (تموز) أو أغسطس (آب)، بعد إرسالها أكثر من 10 آلاف جندي للقتال إلى جانب روسيا في الحرب ضد أوكرانيا. ووافقت كوريا الشمالية على إرسال 6 آلاف مهندس، وبنّاء عسكري، لـ«إعادة إعمار» منطقة كورسك الروسية المتضررة من النزاع.