يدلي الإندونيسيون (الأربعاء) بأصواتهم في انتخابات رئاسية يتوقع أن يفوز فيها وزير الدفاع، برابوو سوبيانتو، بعد حملة امتزج فيها الخطاب القومي بتعهدات بمواصلة إنجازات الزعيم الشعبي المنتهية ولايته جوكو ويدودو.
وخسر الجنرال السابق، البالغ 72 عاماً، أمام ويدودو في انتخابات 2014 و2019، غير أنه أصبح المرشح الأوفر حظاً لقيادة ثالث أكبر ديمقراطية في العالم بعد تحسين صورته. ويمنع الدستور في إندونيسيا ويدودو من الترشّح لولاية ثالثة، لكن شعبيته بلغت أعلى مستوياتها العام الماضي؛ إذ أظهرت استطلاعات الرأي أنه سيفوز على الأرجح بانتخابات أخرى لو سُمح له بالترشح من جديد. ويدعم ويدودو وزير دفاعه... ونجله الأكبر راكا لمنصب نائب رئيس، اللذين وحّدا قواهما.
تتوقع استطلاعات الرأي فوز سوبيانتو بأغلبية الأصوات في الانتخابات التي دُعي إليها 205 ملايين إندونيسي في أكثر من 800 ألف مركز اقتراع في مختلف أنحاء الأرخبيل. وفي العاصمة جاكرتا، قالت ويلهلمينا (51 عاماً): «ما الذي أحبه فيه؟ إصراره. بالنسبة إلي، إنه شخص يهمّه أمر الناس».
ويتنافس سوبيانتو مع مرشحَين هما حاكم جاكرتا السابق أنيس باسويدان، وحاكم جاوا الوسطى السابق غنجار برانوو. ويُتّهم سوبيانتو من قبل منظمات غير حكومية وقادته العسكريين السابقين بإصدار أوامر بخطف ناشطين مؤيدين للديمقراطية في نهاية حكم الديكتاتور سوهارتو في أواخر التسعينات، لكن شخصيته الجديدة بوصفه «جدّاً محبوباً» تجتذب الناخبين الأصغر سناً. وأشارت ويلهلمينا إلى أنها كانت مشارِكة في المظاهرات حين استهدف سوبيانتو الناشطين، لكنها أكدت أنها سامحته قائلة: «هذه الشخصية باتت من الماضي».
نجل الرئيس مرشحاً نائباً للرئيس
وتعززت جاذبية سوبيانتو، القائد السابق للقوات الخاصة، بفضل صورته الجديدة على وسائل التواصل الاجتماعي، وترشح نجل الرئيس الحالي لمنصب نائب رئيس.
وترتبط شهرة نجل ويدودو بوالده الذي أخرج إندونيسيا من جائحة «كوفيد-19» سالمة نسبياً، مع نمو نسبته 5 في المائة.
ولذلك يرى محللون أن الانتخابات ستكون بمثابة استفتاء على إدارة ويدودو وسوبيانتو. وتعهّد سوبيانتو بمواصلة التنمية الاقتصادية الطموحة التي بدأها ويدودو، وبناء البنية التحتية.
في المقابل، يروّج باسويدان لنفسه معارضاً للحوكمة السيئة في حين قدّم برانوو خدمة الإنترنت بشكل مجاني للطلاب واعتمد في حملته على التذكير بماضيه المتواضع، لكنهما عجزا عن مجاراة صعود نجم سوبيانتو. وقال الزميل الباحث في جامعة أتما جايا الكاثوليكية، يويس كيناواس، «الأمر بهذه البساطة: إمّا أن تستمر سياسات جوكو ويدودو وإمّا لا».
قائد شعبوي يميني جديد
يبدأ التصويت عند السابعة صباح الأربعاء (22.00 بتوقيت غرينتش الثلاثاء) بدءاً بمقاطعة بابوا بأقصى شرق الأرخبيل، وينتهي عند الواحدة بعد الظهر في سومطرة الغربية. ومن المتوقع أن تصدر النتائج الرسمية بحلول مارس (آذار).
وإندونيسيا هي أحد اقتصادات مجموعة العشرين، وعززت موقعها في عهد ويدودو بوصفها قوةً ناشئةً في جنوب شرقي آسيا. ويقول سوبيانتو إنه يريد استكمال ما بدأه ويدودو، وهو تحويل إندونيسيا إلى بلد «متقدّم ومزدهر».
وستكون المهمة الأصعب بالنسبة لخلف ويدودو المحتمل، العمل على تحقيق توازن دقيق في التعامل مع القوى الكبرى المتنافسة، مع ازدياد المنافسة بين الولايات المتحدة والصين.
وألزم سوبيانتو نفسه بسياسة عدم الانحياز الخارجية لإندونيسيا. ورأى كيناواس أن سوبيانتو «ينظر إلى الصين على أنها شريك استراتيجي، لكنه غربيّ التوجّه. سيميل أكثر نحو الغرب». غير أنه انتقد الاتحاد الأوروبي؛ بسبب القيود التي فرضها على المنتجات المرتبطة بإزالة الغابات، متهماً الكتلة بـ«ازدواجية المعايير».
وفي حين يغري الخطاب القومي المنمّق بعض الإندونيسيين، أعربت منظمات غير حكومية عن قلقها إزاء سجل سوبيانتو في مجال حقوق الإنسان. وقال الباحث في شؤون إندونيسيا لدى منظمة «هيومن رايتس ووتش»، أندرياس هارسونو، إنه في حال فوز سوبيانتو «سيحصل العالم على قائد شعبوي يميني جديد له ماضٍ إشكالي».
كذلك، أثار دعم ويدودو لسوبيانتو، ونجله راكا، مخاوف من أنه يحاول تقويض الديمقراطية، وتثبيت سلالته الحاكمة.